الثورة نت:
2025-05-21@00:34:56 GMT

اللدّد في الخصوم

تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT

اللدّد في الخصوم

 

 

رحم الله الشيخ الجليل محمد حسين مخلوف شيخ الأزهر الأسبق في عقد الثلاثينيات من القرن الماضي، عندما زاره الملك فيصل بن عبدالعزيز وكان يومها وزيراً للخارجية، استنكر عليه عندما شاهد أعلام كل الدول الإسلامية إلا السعودية، فأجابه بثقة العالم ورؤية المُفكر بلدكم ليست دولة يكفي أنها تعتنق المذهب الوهابي، وهذا المذهب يُكفر عامة المسلمين، وقبل أن يجيب فيصل شاهد علم اليمن آنذاك، خاطب الشيخ قائلاً: حتى علم اليمن موجود، قال نعم، اليمن دولة إسلامية عربية وأهلها يعتنقون مذهباً عادلاً وهو مذهب الإمام زيد بن علي، فاشتد غضب فيصل وغادر المكان، قال الشيخ مخلوف لمن حوله دعوه يغادر فالسعودية الآن تعتنق نبتة شيطانية ستحاول أن تدمر كل المسلمين وتنشر الضغائن والأحقاد بينهم، إنها في حالة لدد واللدّد صفة مذمومة خاصة إذا خالطت الدين أو كانت باسمه فإنها تتحول إلى نقمة، تذكرت هذا الكلام وأنا أستمع إلى رد أحد المواطنين أنا أعرفه أنه على خلق ويرتاد المساجد دائماً، استغربت عندما رأيته يتقهقر إلى الخلف ويغادر المسجد، سألته لماذا؟ قال أنا لا أصلي خلف الحوثة المنافقين حسب وصفه، استغربت كثيراً واستفزني الكلام وكدت أدخل في مشادة قوية معه لأن الرجل مدفوع من أشخاص حاقدين موتورين لا يدري ماذا يقول مع أنه يسيء إلى أعظم صفة تحلى بها اليمنيون على مر الدهور، وهي صفة التسامح والخلق القويم التي نالت إعجاب الكثيرين.


قال الشيخ أمير الدين الأميري – وهو من مؤسسي حركة الإخوان المسلمين، أثناء لقائه بمفتي الجمهورية الأسبق العلامة أحمد محمد زبارة «طيب الله ثراه» – لقد أعجبني كثيراً هذا التسامح والتآلف الموجود بينكم في المساجد خلافاً لما سمعته من إخواني في مصر والسعودية، ضحك المفتي زبارة وأجاب : إخوانك هؤلاء تأثروا بالوهابية التي تنفث الأحقاد والسموم في كل مكان ولا تتورع في توزيع التهم، وكذلك أشاد بالتآلف بين اليمنيين الشيخ راشد الغنوشي زعيم الإخوان المسلمين في تونس إلى حد أن أصحابه إخوان اليمن ضاقوا ذرعاً بأقواله وتركوه دون أن يودعوه، وهذا هو حالهم دائماً يكرهون الحق وينصرون الباطل، وليتني كنت أعرف ذلك الرجل الذي رفض الصلاة في المسجد المجاور لكي أفهمه أنه إنما حاول الإساءة إلى أعظم صفة تحلى بها اليمنيين وعرفوا بها منذ زمن مبكر، وهذا كان ناتجاً عن سماحة وقوة المذهب الزيدي الذي أجاز الصلاة خلف أي إمام يأتم به الناس دون البحث عن المذهب الذي ينتمي إليه .
وكما قال فقهاء المذهب إن هذه القاعدة جاءت من الإمام زيد عليه السلام حفاظاً على وحدة المسلمين وعدم التفريق بينهم، وكم أتمنى لو أن الكثير من المسلمين تخلوا عن التعصب المذهبي وانحازوا إلى الإسلام بصفاته العظيمة ومنهجه القويم الذي لا يفرق بين أحد، حتى أن الإمام علي لم يفرق بين المسلم وغير المسلم في اعتناق الدين، فقال عليه السلام ( الناس جميعاً سواسية أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ) أو كما قال .
فعلاً لقد كان الإمام علي إمام المتقين ويعسوب الموحدين نبراس الحقيقة ومنبع الإيمان الصادق، فهو الذي منه اغترف الكثير من الأئمة ومنه تعلم أئمة المذاهب، أقول المذاهب الإسلامية كما أسسها من ابتدأها بأن تكون مصدر إلهام وإثراء للفكر الإسلامي، لكن من جاءوا في الأخير حولوها إلى متارس وطلبوا من المصلين أن يحملوا البنادق كلما دخلوا المساجد، إنها مرحلة تدل على الخزي والعار الذي بلغنا إليه في ظل الفكر المتطرف، ومن أراد أن يعرف أكثر في هذا الجانب فعليه أن يتابع مسلسل معاوية بن أبي سفيان «عليه اللعنة»، أقول عليه اللعنة استناداً إلى ما ثبت عن الإمام العظيم الحسن البصري رضي الله عنه، حيث قال «لقد استحق معاوية لعن المسلمين لو لم يكن إلا أنه أمّرَ ابنه يزيد على رقاب الناس وهو يعلم ما هو عليه من الفسق والفجور وهذه صفة تكفي لأن يستحق اللعنة إلى يوم الدين» .
وفي الأخير أطلب من الجميع أن يعودوا إلى رُشدهم وأن يتركوا التعصب المذهبي والمناطقي وأن يكونوا فعلاً مسلمين كما أرادهم الله سبحانه وتعالى، أسأل الله الهداية لعامة المسلمين إنه على ما يشاء قدير.. والله من وراء القصد …

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الكوكب الذي غاب عن السماء.. زاهر البوسعيدي في ذمة الله

 

 

 

حمود بن علي الطوقي

 

 

لم يكن رحيل الأخ والصديق زاهر بن سالم البوسعيدي مجرد غياب جسد، بل كان لحظة فارقة، حملت معها الكثير من المعاني، وأيقظت فينا الحنين إلى زمن الطفولة وصفاء البدايات.

كان رحيله في يوم غير عادي، يوم جمعة مُبارك، اجتمعت فيه الأسرة كما اعتادت، على مائدة الغداء، في مشهد يفيض بأريج المحبة ودفء الأخوة. تبادلوا أطراف الحديث، تدارسوا القرآن الكريم، كما كانوا يفعلون في عهد والدهم، الشيخ الجليل سالم بن خليفة البوسعيدي، رحمه الله. كأن الرحيل أراد أن يكون تذكرة بما كانت عليه الأسرة، وأن يختم حياة زاهر بجلسة عامرة بالألفة، بين اثني عشر كوكبًا، كان هو كوكبهم الأوسط.

ولعل من أعمق ما يربطني بزاهر، رحمه الله، أن علاقتنا لم تكن وليدة يوم أو صدفة، بل جذورها تمتد إلى جيل الآباء. فقد كان والدي، الشيخ الجليل علي بن محمد الطوقي الحارثي، يرتبط بصداقة متينة بوالد زاهر، الشيخ الجليل سالم بن خليفة البوسعيدي، رحمهما الله جميعًا. ومن تلك العلاقة الأبوية المُباركة نبتت علاقة الصداقة بيني وبين زاهر، فترسخت، واتسعت لتشمل إخوانه الكرام، أحبّتي أحمد وسعيد ومحمد وبقية الإخوة، علي وسليمان وحافظ وخلفان وخليفة حتى صرنا نعد أنفسنا أسرة واحدة، تربطنا محبة صادقة ووئام دائم، قَلَّ أن نجد له نظيرًا.

أكتب هذه الكلمات لا لأرثي زاهر فحسب، بل لأحيي ذكراه، وأخلّد أثره. فهو لم يكن صديق الطفولة فقط، بل رفيق الدراسة في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، وزميل حلقات تحفيظ القرآن الكريم في جامع السلطان قابوس بروي. عرفته رفيق درب ذكيًا، وشابًا طموحًا، ورجلًا لا يعرف الكلل ولا الملل.

تميّز زاهر منذ صغره بحب الرياضة وروح القيادة، فأسس فريق كرة اليد في نادي فنجا، وبذل فيه من الجهد ما جعله فريقًا منافسًا على الساحة الرياضية، فكانت النتيجة أن أُسندت إليه مهمة تدريب المنتخب الوطني لكرة اليد، وهو إنجاز لم يأتِ من فراغ، بل من عزيمة صادقة وإيمان راسخ بقدراته.

لكن زاهر، رحمه الله، لم يكن رياضيًا فقط، بل كان إنسانًا واسع القلب، له قاعدة عريضة من الأصدقاء الذين ظلوا أوفياء له حتى اللحظة الأخيرة، وقد لمسنا ذلك في مجلس العزاء، حيث توافد الأحبة من كل حدب وصوب لتقديم التعازي، واستحضار ذكراه الطيبة.

رغم أن لقاءاتنا تباعدت في السنوات الأخيرة، بسبب مشاغل الدنيا التي لا تنتهي. إلا أن زاهر ظل حاضرًا في القلب. والوجدان، أذكر أنني التقيته ذات مرة، فقلت له ممازحًا: "مختفي يا كابتن زاهر!" فكنت أحب أناديه بالكابتن فضحك وقال: "بعد التقاعد من مستشفى السلطاني، اشتريت مزرعة صغيرة في مدينة المصنعة.. فبعد التقاعد وجدت ضالتي في الزراعة أحب الزراعة، وأدعوك لتناول الخضروات الطازجة من مزرعتي." وما زال صدى تلك الدعوة يتردد في أذني، وقد حالت مشاغل الدنيا بيني وبين تلبيتها.

رحل زاهر، ولكنه ترك خلفه سيرة عطرة، وعلاقات طيبة، وإنجازات باقية. رحل بعد حياة حافلة بالعطاء، والطاعة، والعمل، تاركًا قلوبًا مُحبة، وذكريات لا تُنسى.

نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجزيه عنّا وعن وطنه وأسرته خير الجزاء.

وداعًا يا أبا سالم.. إلى جنات الخلد بإذن الله.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • محسن الدين.. قصة مؤثرة لبنجلاديشي يحج نيابة عن والدته الراحلة
  • الشوبكي يتساءل: من أين مصدر الغاز الذي ستعمل عليه سيارات الأردنيين؟
  • الكوكب الذي غاب عن السماء.. زاهر البوسعيدي في ذمة الله
  • الغيبيات في الدين
  • أنوار الصلاة والسلام على سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم
  • بيروت... تنسيق لافت بين الخصوم
  • دعاء المذاكرة مكتوب للحفظ والفهم .. احرص عليه قبل الامتحان
  • دعاء ردده النبي بعد كل صلاة.. واظب عليه
  • عمرو أديب يسخر من تجسس منشد لبناني على حزب الله: كان عليه أقساط
  • القوات المسلحة تعلن استهداف مطار اللد في يافا المحتلة بصاروخين أحدهما فرط صوتي