الهوتو عرقية تشكّل أغلبية السكان في رواندا وبوروندي إضافة إلى شرق الكونغو الديمقراطية، كما توجد في بعض الدول المجاورة بمنطقة البحيرات العظمى الأفريقية، وتنتمي لما يُعرَف بشعوب البانتو.

خضع الهوتو لحكم عرقية التوتسي التي سيطرت على المنطقة لعدة قرون، وتكرس نفوذها في عهد الاستعمار الألماني ثم البلجيكي، مقابل المرتبة الدونية لعرقية الهوتو، التي دخلت في سلسلة ثورات ابتداء من أواخر الخمسينيات من القرن العشرين.

ونتيجة لهذه الثورات سقطت مملكة التوتسي في رواندا، ووصل الهوتو إلى الحكم في المنطقة لأول مرة منذ عدة قرون، كما ظلت العرقيتان طرفي حروب أهلية شهدتها البلدان المذكورة في عقود ما بعد الاستقلال، وظلت تتجدد رغم اتفاقيات السلام العديدة.

العرق والأصول

ينتمي الهوتو لما تُعرف بشعوب البانتو، التي تسكن المنطقة الواقعة ما بين أفريقيا الجنوبية وأفريقيا الوسطى.

الدين

تاريخيا كان الهوتو يعتنقون ديانات تقليدية، بينما انتشرت المسيحية مع قدوم الاستعمار، كما توجد أقلية تعتنق الدين الإسلامي.

اللغة

يتحدث الهوتو اللغة الكينيارواندوية، وهي لغة مشتركة مع التوتسي، وتصنف ضمن لغات البانتو المنتشرة في المنطقة.

النظام الاجتماعي

تقوم البنية الاجتماعية لعرقية الهوتو على نظام العشيرة، ويحكمها ملوك يطلق عليهم الباهينزا، ويستمدون مكانتهم من الاعتقاد بقدرتهم على جلب الأمطار وحماية المحاصيل الزراعية.

التاريخ

تشير بعض الروايات التاريخية إلى أن الهوتو وصلوا إلى منطقة البحيرات العظمى الأفريقية خلال القرن الحادي عشر الميلادي، قادمين من أراضي تشاد الحالية.

إعلان

وسرعان ما أصبح الهوتو سادة أراضي رواندا وبوروندي الحاليتين، وبسطوا سيطرتهم على السكان الأصليين (التوا الأقزام سكان الغابات)، كما شكلوا ممالك صغيرة أقرب إلى حكم العشيرة.

واستمرت سيطرة الهوتو 4 قرون، قبل أن يصل التوتسي في القرن الخامس عشر ويصبحوا سادة على الجميع، وأصحاب النفوذ السياسي والاجتماعي والاقتصادي في المنطقة.

بينما تشير رواية أخرى إلى أن الهوتو والتوتسي عرقية واحدة، وأنهم أصبحوا سادة على التوا ابتداء من القرن الحادي عشر الميلادي، إلا أن التمايز الاجتماعي فرقهما إلى طبقتين، ثم تكرس التمايز مع مرور الزمن.

العهد الاستعماري

منذ بداية القرن الثامن عشر، وضمن الرحلات الاستكشافية بحثا عن منابع نهر النيل، وصل العديد من المستكشفين إلى مشارف منطقة وجود الهوتو الحالية، ثم بموجب مؤتمر برلين عام 1885 أصبحت من نصيب ألمانيا.

ولأنها تقع في تقاطع إمبراطوريات بريطانيا وبلجيكا وألمانيا، فقد كانت هذه المنطقة محطة صراع، قبل أن تتوصل الأطراف إلى اتفاق أصبحت بموجبه أراضي رواندا وبوروندي تحت سيطرة الألمان، ثم سيطر عليها البلجيكيون عام 1916.

ويشكل الهوتو أغلبية السكان في مملكتي رواندا وبوروندي، اللتين دمجهما الألمان في مملكة واحدة عام 1890، بينما يشكل التوتسي أقلية لكنها تمتلك المال وتسيطر على الحكم.

وتعرض الهوتو على أيدي الألمان ثم البلجيكيين للقمع والتنكيل، واستغلوا التوتسي لهذا الغرض، ثم تفاقم التوتر الاجتماعي بين العرقيتين بسبب الإحصاء السكاني الذي حدد الهوية العرقية انطلاقا من الحالة المادية وشكل الجسم، وهو ما أدى إلى تكريس المرتبة الدونية للهوتو.

حكم رواندا

ابتداء من أواخر خمسينيات القرن العشرين ثار الهوتو ضد التوتسي في رواندا، رفضا لتكريس التراتبية الاجتماعية من قِبل الاستعمار، الذي اعتمد سياسات تهمش أغلبية السكان.

إعلان

وابتداء من مطلع الستينيات سقط النظام الملكي الذي ظل على مدى قرون رمزا لسيطرة التوتسي، وأصبحت السلطة بيد الهوتو في رواندا طيلة نحو 4 عقود.

إلا أن عقود حكم الهوتو شهدت علميات انتقام وتحريض ضد التوتسي، خصوصا بعد تولي الرئيس جوفينال هابياريمانا الحكم عبر انقلاب عسكري عام 1973.

وأثناء ثورة نهاية الخمسينيات قُتل أكثر من 20 ألفا من التوتسي على أيدي الهوتو، كما استهدفوا مواشيهم وبيوتهم بالإحراق والتدمير، ما تسبب في نزوح واسع إلى البلدان المجاورة مثل تنزانيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية.

كما يُعَد نظام الهوتو مسؤولا عن الإبادة الجماعية التي جرت عام 1994 وقتل فيها نحو 800 ألف شخص معظمهم من التوتسي، إضافة إلى بعض الهوتو المعتدلين.

عمال سجناء من عرقية الهوتو أثناء حرب الإبادة في روندا عام 1994 (غيتي) ثورات بوروندي

فاز الهوتو بالانتخابات البرلمانية في بوروندي عام 1965، لكن الملك موامبوتسا عيّن رئيس وزراء من التوتسي، ما أدى إلى اضطرابات قتل فيها نحو 5000 شخص.

كما شهدت البلاد ثورة قادها الهوتو عام 1972، وأدت إلى اضطرابات يقدر عدد ضحاياها بما بين 80 ألفا و210 آلاف، كما أدت إلى نزوح واسع للهوتو نحو الكونغو ورواندا وتنزانيا.

وتجددت الاضطرابات مع هجوم قادم من رواندا عام 1988 يقوده مسلحو الهوتو، فتعرضوا من جديد لمذابح بلغ عدد ضحاياها ما بين 5 آلاف و20 ألف شخص.

وفي عام 1993 فاز ميلشيور نداداي، الذي ينتمي لعرقية الهوتو، بأول انتخابات ديمقراطية، وأصبح أول رئيس من الهوتو، لكنه اغتيل بعد 3 أشهر، فاندلعت حرب أهلية دامت أكثر من 10 سنوات انتهت باتفاق سلام عام 2005 يقضي بتقاسم السلطة ودمج المتمردين الهوتو في الجيش.

لكن صراع الهوتو والتوتسي لم يتوقف، وظل اتفاق السلام هشا، فقد تعرض لهزات عديدة كادت تعصف باستقرار البلاد وتعيدها إلى المربع الأول.

نازحون من الهوتو في شرق الكونغو عام 2009 (رويترز) الهوتو في الشتات

ظل الهوتو طرفا في الصراعات العديدة ببعض الدول المجاورة لرواندا وبوروندي، فقد شهدت هذه الدول موجات نزوح إثر الحروب الأهلية في البلدين، بما في ذلك الكونغو الديمقراطية وأوغندا وتنزانيا.

إعلان

وعلى وجه التحديد كانت المنطقة الشرقية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وخصوصا إقليم كيفو الشمالي، وجهة للنازحين الهوتو من رواندا الذين يقدر عددهم بنحو مليوني شخص.

فبعد أن كانوا موجودين في هذه المنطقة في القرون السابقة، وصلوا إليها مجددا على مراحل نتيجة الصراع الذي شهدته رواندا وبوروندي ابتداء من أواخر خمسينيات القرن العشرين.

وبعد الإطاحة بنظام الرئيس الكونغولي موبوتو سيسي سيكو، أصبح شرق الكونغو ساحة لتصدير النزاعات والاضطرابات، خصوصا مع تعاظم نفوذ التوتسي في إقليم كيفو الشمالي وموجات النزوح الكبيرة للهوتو من رواندا.

وفي حين تتهم الكونغو رواندا بدعم حركة "إم 23"، التي تُعَد الجناح المسلح للتوتسي في كيفو، تقول رواندا إن الكونغو تدعم مليشيا من الهوتو لتنفيذ هجمات على أراضيها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الکونغو الدیمقراطیة التوتسی فی فی رواندا ابتداء من

إقرأ أيضاً:

عولمية الحرب…واقليمية المعركة الإسرائيلية الايرانية … رؤيا تحليلية

#عولمية_الحرب…واقليمية #المعركة #الإسرائيلية_الايرانية المفتوحة على الغموض المعرفي للآن….رؤيا تحليلية..
ا.د #حسين_طه_محادين*
(1)
منذ وضعت الحرب العالمية الثانية في منتصف اربعينيات القرن الماضي أوزرها ..بقيت القطبية الثنائية بين النظامين الراسمالي الغربي بقيادة اميركا والاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي قائمة حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي الى ان تمكن النظام الراسمالي الامريكي الى دحر الاتحاد السوفيتي وتطوير نفسه فأصبح؛ قائدا للعولمة في الارض والفضاء وللقطب الواحد معاً وبشكل لم يشهد التاريخ البشري استفرادا يشبه هذه الحالة.
(2)
لقد شهدت وما زالت الحقبة الواقعة من منتصف تسعينيات القرن الماضي اي منذ تبلور”سيادة القطب العولمي الواحد في الارض والفضاء في آن” الى الوقت الحالي 2025 الذي يشهد اندلاع المعركة الحالية المهولة بين اسرائيل وايران.
اقول شهدت العقود السابقة، عمليات تسابق قوية وواضحة للمتابعين محاولات متنامية نحو إعادة نحو الثنائية القطبية السابقة من قِبل كل من:- روسيا، الصين، كوريا الشمالية وحلفاؤهم الاخرين في مناطق عديدة المعارك وابرزها الصراع الحضاري العربي الصهيوني المستمر والذي كانت وما زالت فيه اسرائيل رأس الحربة والتجزئة لامتنا العربية وبدعم من امريكا ودول الغرب المعولم.
(3)
صحيح ان عنوان الحرب التكنولوجية الهائلة الدائرة حاليا بين إسرائيل وايران هو المشروع النووي لايران، الا أن واقع العلاقة التنافسية/الصراعية لدعم طرفي المعركة بين دول العولمة الغربية بقيادة إسرائيل عسكريا في الاقليم تاريخا وموارد هائلة نيابة عن حلفائها الغربيين من جهة، وكل من روسيا والصين والباكستان كداعمين لإيران عبر تصريحاتهم في الاقل من الجهة الأخرى.
(3)
وبناء على ماسبق ؛ظهر لدينا كمحللين ومواطنيين ما اسميه بالغموض المعرفي لمستقبل هذه المعركة من حيث التساؤلات المقلقة الاتية:-
ـ امكانية مشاركة القطبين المتنافسين على إعادة القطبية الثنائية لقيادة العالم الجديد ..؟.
ـ احتمالية وقوع حرب عالمية ثالثة نتيجة للصراع العولمي القائم وعنوانه الحالي الحرب الدائرة حاليا..؟.
ـ ماهي امكانية تغيير النظام السياسي الايراني او تدمير اسرائيل كأحتمالات عسكرية عابرة للجغرافيا تبقى قائمة بناءً على حجم ونوعية الحشود الغربية الساعية لحماية إسرائيل اولا؛ وثانيا واقع التهديدات لاسرائيل وتنامي حجوم الدعم اللوجستي التحالف الروسي الصيني المقابل في الاقليم دعما لإيران سعيا للحفاظ على استمراريتها كجزء من خشيتهم من النتائج الهائلة لخسراتها اقليميا وعالميا اثناء وبعيد انتهاء هذه الحرب بما في ذلك احتمالية تقسيم ايران الى دويلات عرقية..
اخير..
هذه محاولة للتفكر وفقا لثنائية الأسوأ والافضل ربما في معركة ستبقى مفتوحة على كل الاحتمالات …وشروع على لقاء.
حمى الله اردننا الحبيب واهلنا الطيبون فيه..يارب العالمين.
*قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن.

مقالات مشابهة

  • أمير هشام: الزمالك تفاوض مع جوليس أهواكا لاعب منتخب الكونغو
  • مؤتمر صحفي يتحول إلى ساحة مشادة قبل نزال القرن بين كانيلو وكروفورد
  • 6 من 10.. هيمنة أفريقية على عمالقة منتجي الألماس
  • الكونغو الديمقراطية تمدد حظر تصدير الكوبالت
  • رواندا.. اعتقال المعارِضة البارزة فيكتوار إنغابير بتهم التآمر
  • عولمية الحرب…واقليمية المعركة الإسرائيلية الايرانية … رؤيا تحليلية
  • جهود أفريقية لإقامة مدفوعات بالعملات المحلية تصطدم بهيمنة الدولار وضغوط ترامب
  • دير سانت كاترين.. أزمة تراث عالمى بين قدسية المكان وضغوط الحاضر
  • وصول 200 مهاجرا من القرن الأفريقي إلى سواحل شبوة
  • دوافع اقتصادية وراء تمدد أوغندا العسكري شرقي الكونغو الديمقراطية