أكد السيد القائد – عليه السلام – في محاضرته الرمضانية السابعة للعام الهجري 1446 هـ ، ان قرار سيدنا إبراهيم – عليه السلام – في تبيلغ رسالته كانت متدرجه لفهم الحقيقة باتجاه عملي في صورة البحث عن الحقيقة متجها باستعراض تأملي متسلسل في درجة الكمال بدأ مع الكوكب ثم مع القمر ثم مع الشمس، وكل هذه الأمور من المخلوقات ولم يرتض بها ربا لانها تختفي وتأفل، وكانت فئات الشرك كلها تختلف في أنواع آلهتها الا انهم استمعوا لسيدنا إبراهيم ولم يستفزهم ، وكان يستخدم مسألة ظهور الضوء وغيابه لتوضيح ما هو أكبر من ذلك، وفي هذا الاستعراض التأملي أمام قومه كان يستخدم الهداية لله، وسيدنا إبراهيم أكد الحقيقة الذي نحتاجها كبشر وهي هداية الله، وبدون هداية الله لا يمكن أن نتقدم في شيء وسيضل الإنسان مهما كان إنتاجه الفكري والثقافي ، ولا يمكن للإنسان أن يستغني عن هداية الله، الإنسان لا يصيب الحقيقة عندما لا يرتبط بهدى الله، وعلمنا الله في كل صلاة إلى طلب الهداية.

.
يؤكد نبي الله إبراهيم عليه السلام انه إذا لم يهده ربه ليكون من الضالين، وعندما استعرض الشمس استعرضها في حجم ضوئها وحجمها، وعندما أفلت انكر على قومه عبادتهم وإشراكهم بالله وأكد لهم ان الشمس مسيرة من الله وتأفل وتختفي بأمره، وبعد عرضه لدرجات التسلسل في درجات الكمال اعلن الإعلان الصريح والكبير وقال لقومه (اني بريء مما تشركون) وهذا الإعلان هو عبارة (البراءة) وهي عبارة توضح موقفه الحازم، لأن الشرك أساس الباطل والضلال الكبير والخطير، واتخذ موقف التوحيد لله وموقفاً من الشرك نفسه، ونبينا إبراهيم كان موحدا من الأساس، ولذلك اعلن موقفه من الشرك نفسه وهو موقف البراءة، ولهذا نجد في حركة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطاهرين كان موقفه حازماً مع قومه عندما حاولوا استمالته، والإنسان اذا اعتبر نفسه عبدا لغيره يحط من نفسه..
إن الأمور الواضحة في مسألة الاستعراض التأملي للكوكب والقمر والشمس لها دور صنعها الله لها لتقوم بمهمتها، ولو كانت تضر أو تنفع لاتخذت هي موقفا منه، ولكنها مسيرة لله، وسيدنا إبراهيم بعد ذلك وجه وجهه لله ولعبادة الله الذي فطر السموات والأرض، وهذا تعبير عن اتجاه نبينا إبراهيم بالعبادة بمفهومها الكامل والشامل لله وحده، واختياره لهذا التعبير يعني ان الله سبحانه له الكمال المطلق وهو سبحانه الجدير العبودية وهو مالك ما في السموات والأرض، وكان ملك عصره قد منع الحديث عن الله مثله مثل فرعون، وكان قد ذكرت كلمة (حنيفا) لسيدنا إبراهيم عدة مرات في القرآن وهو تعبير عن الاتجاه لله وحده بثبات وصدق وإخلاص وخشوع خضوع ومحبة لله ، وهي عنوان مهم لمفهوم عظيم، وهي مسألة مهمة للاتجاه الإيماني، وسيدنا إبراهيم نموذج عظيم للخضوع لله والانقياد التام، وهذا درس عظيم للمؤمنين..

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد الإسلام* (11-1)

 

تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي
*الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد الإسلام*
(11-1)

بقلم الدكتور عبد الله الفكي البشير
[email protected]

ختمت البروفيسور آمال قرامي تقديمها للطبعة الثانية التي ستصدر قريباً من كتاب: *الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والمواقف*، قائلة:
“يصدر المُؤلَف في فترة حرجة من تاريخ السودان استشرى فيها العنف وتفتت فيه النسيج الاجتماعي، وكثرت فيها الخيبات والمآسي وبرزت فيها علامات التراجع عن أهداف الثورة السودانية. فهل يكون هذا المُؤلَف ملاذ الحائرين/ات والباحثين عن فهم أسباب ما يجري؟”
البروفيسور آمال قرامي
أستاذة الفكر الإسلامي والدراسات الجندرية بالجامعة التونسية، تونس

بتخطيط وتنسيق مسبق وبمؤامرة شارك فيها قطاع واسع ممن يسمون برجال الدين في الفضاء الإسلامي، والقضاة الشرعيين، وهيئة علماء السودان، وجماعة الإخوان المسلمين، وبعض رجال الطائفية والقادة السياسيين في السودان، ومشايخ جامعة أم درمان الإسلامية (السودان)، ومشايخ الأزهر (مصر)، كان انعقاد المحكمة المهزلة، محكمة الردة في مثل هذا اليوم، 18 نوفمبر من العام 1968. مثَّل انعقاد المحكمة وصدور حكمها الباطل، بداية المواجهة بين الفهم القديم للإسلام، و *الفهم الجديد للإسلام* كما طرحه المفكر محمود محمد طه. أتبع الأزهر شراكة مشايخه في مؤامرة المحكمة، بإصدار فتوى بكفر المفكر محمود محمد طه “الكفر الصراح”. كما لحق بالأزهر رابطة العالم الإسلامي حيث أفتى مجلسها التأسيسي وبالإجماع بردة محمود محمد طه عن الإسلام. يتكون المجلس التأسيسي للرابطة من ستين عضواً يمثلون مختلف دول العالم الإسلامي، وتتخذ الرابطة من المملكة العربية السعودية مقراً لها.
كانت محكمة الردة مؤامرة كبيرة، وراءها لحد كبير مصر الرسمية، ورجال الدين المصريين. وقد تحدث محمود محمد طه في مارس 1969، قائلاً: “نحن واثقون إنو مسألة محكمة الردة، مسألة سياسية وليست مسألة دينية. والمسألة السياسية وراها إلى حد كبير مصر. ونحن الحزب الجمهوري مواجهتنا لمصر بدأت مع الثورة المصرية، يعني سنة 1952 في 23 يوليو”. وفي رده على أحد السائلين في نفس المحاضرة عن دور مصر في محكمة الردة، أجاب محمود محمد طه، قائلاً: “بإيجاز الإجابة على الأخ عبدالله إنو طرف من كتاب الشرق الأوسط، رأينا في مشكلة الشرق الأوسط فيما يخص زعامة جمال للعرب هو السبب في محكمة الردة”. لقد فصلنا عن دور مصر الرسمية، ورجال الدين المصريين، ومشايخ الأزهر في محكمة الردة 1968، ضمن كتبنا المنشورة، ويمكن الرجوع لها. ولكن في هذه المساحة سنقف على قصة مؤامرة محكمة الردة، وكيف نُسجت خيوط المؤامرة؟ وقصة تشكيل المحكمة وانعقادها، في ظل نظام ديمقراطي تعددي. وسنقف كذلك على المسرحية الهزلية والهزيلة لسير المحاكمة، مع تسليط الضوء على تورط أعضاء مجلس السيادة السوداني، أوانئذ، في مؤامرة محكمة الردة. وسنقدم كذلك بعض النماذج التي تُعبر عن موقف الأكاديميا السودانية من محكمة الردة.

*قصة المحاضرة التي تصاعدت إلى مهزلة محكمة الردة*

“عنوان المحاضرة: (الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين)، عنوان مقصود بالذات، ولا يغني غيره غناءه.. وهو لم يقصد لغرابته، ولم يقصد ليثير الاهتمام، وإنما لأنه هو العنوان الدال على المحتوى الذي قيل تحته ونحن نعلم أن المحتوي الذي أنبنت عليه المحاضرة غريب.. غريب على الشريعة الاسلامية، ولكنه ليس غريبا على الاسلام وهو إنما لم يقل من قبل لأن وقته لم يجيء.. وإنما جاء الآن”.
محمود محمد طه، يناير 1969

يرجع سبب الأزمة التي تصاعدت إلى محكمة الردة التي عُقدت يوم 18 نوفمبر 1968، إلى عنوان محاضرة كان قد قدمها محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري. جاءت المحاضرة بعنوان: “الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين”، وقدمها في ثمانية أماكن، كان أولها جامعة الخرطوم يوم 7 سبتمبر 1968. ثم بعد بشهرين، وبالتحديد يوم 11 نوفمبر 1968، أُقيمت المحاضرة في معهد المعلمين العالي. ثم في دار الحزب الجمهوري، بالموردة يوم 14 نوفمبر 1968 ثم اقيمت بمعهد شمبات الزراعي، ثم بالكلية المهنية، ثم بالمعهد الفني (الداخليات(. ثم، في خلال أيام عقد الحزب الجمهوري لمؤتمره العام، الذي أنطلق يوم 23 ديسمبر 1968 واستمر لمدة اسبوع، تحت شعار “مهرجان الفكر السياسي”، بمناسبة عيد الفطر المبارك بمدني، أقيمت المحاضرة بدار الحزب الجمهوري، وأقيمت بنادي موظفي الأبحاث الزراعية بمدني. ثم نشر نص المحاضرة في كتاب بنفس عنوان المحاضرة وصدر في يناير 1969.
واجهت المحاضرة حملة تشويه واسعة من رجال الدين، فقد استغلوا عنوان المحاضرة في استعداء السلطات وحشد المعارضين وتنظيم حملة التشويه. أكتفوا بالعنوان الذي أساءوا فهمه، ثم أنهم لم يهتموا بمتن المحاضرة. فقد ورد في متن المحاضرة أن بعض الناس فهموا من عنوان المحاضرة أن الحزب الجمهوري يعتقد أن الدين لا يصلح لإنسانية القرن العشرين، وهذا غير صحيح. وقد أوضح محمود محمد طه، قائلاً: ليس هناك موجب أو عذر ليفهم الناس مثل هذا الفهم من هذا العنوان وإلا لكان العنوان مباشرة: “الإسلام لا يصلح لإنسانية القرن العشرين”، لكن عندما يقول الإنسان: “الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين”، فهذا يعني أن عنده اعتماد على الإسلام لكن لديه فهم خاص للإسلام. كما أن مجرد الكلمات تدل على أن الاسلام هو العمدة في هذه المحاضرة.
كذلك قامت بعض الصحف بحملة مثيرة ضد المحاضرة. وقد تحدث ذو النون جبارة الطيب (1918- 1974)، عضو الحزب الجمهوري، عن تلك الحملة، قائلاً: “انجرفت بعض الصحف مع التيار وراحت تعلق على عنوان المحاضرة تعليقات مثيرة ملهبة للمشاعر”. وتساءل ذو النون، قائلاً: كيف يستطيع أحد أن يزن عملاً ادبياً أو سياسياً أو دينياً من العنوان؟! وهل العنوان الذي أسيء فهم مدلوله يعطي ذلك التفسير الذي ذهبوا إليه؟ هل يمكن أن يفهم منه أن الإسلام لا يصلح لإنسانية القرن العشرين؟ وهل يمكن أن يقول به رجل أنفق أعوام شبابه في تجويد الفكرة الإسلامية وتمحيصها وتبويبها؟ كانت صحيفة الرأى العام، من أكثر الصحف التي أساءت فهم المحاضرة مع سوء نية.
نلتقي في الحلقة الثانية والتي ستتناول المحاور الآتية:
صحيفة الرأي العام وسوء الفهم وسوء النية
قاضي القضاة يخاطب رئيس وأعضاء مجلس السيادة بشأن إقامة المحاضرة
المحكمة الشرعية وديوان النائب العام
نسخ المؤامرة في ساحة مجلس السيادة السوداني
مجلس السيادة ونداء الأمين داود “إلى ولاة الأمر في السودان”، 1 أكتوبر 1968

الوسومالبروفيسور آمال قرامي الدكتور عبد الله الفكي البشير الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه الطبعة الثانية الوقائع والمؤامرات والمواقف كتاب يصدر قريباً مؤامرة شارك فيها قطاع واسع ممن يسمون برجال الدين

مقالات مشابهة

  • حقيقة إلتحاق نجل إبراهيم شيكا بالأهلي.. تفاصيل
  • فرصة عمل.. سعد الصغير يعود للدراما الرمضانية بعد غياب طويل
  • إبراهيم نور الدين: حكم مباراة الأهلي والجيش الملكي ظهر عليه التوتر
  • دعاء لمن تراكمت عليه ديون.. 7 كلمات تقضي عنك ولو كانت مثل جبل
  • وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان يهنئان المقاتلين في الجبهات بعيد الاستقلال المجيد
  • بيان مرتقب للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة ذكرى الـ 30 من نوفمبر
  • الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد الإسلام* (11-1)
  • دار الإفتاء: التوسل عبادة مشروعة ولا يجوز الخلط بينها وبين الشرك
  • “درب زبيدة” محاضرة في مركز حمد الجاسر الثقافي
  • الدلالات العميقة في قراءة الشهيد القائد لآيات التقوى والاعتصام والنجاة