تستمر السلطات البريطانية في التحقيق بحادث اصطدام سفينة الشحن "سولونغ" بناقلة النفط الأميركية "إستينا إيماكيوليت" في بحر الشمال يوم الاثنين فيما يبقى قبطان السفينة الروسي قيد الاحتجاز لدى الشرطة البريطانية بعد أن تبين أن السفينة فشلت في اجتياز العديد من فحوصات السلامة العام الماضي.

وحسب مالك سفينة الشحن فإن القبطان المحتجز هو مواطن روسي يبلغ من العمر 59 عاما، فيما ذكرت شركة الشحن "إيرنست روس"، التي تملك سولونغ أن القبطان الروسي كان يقود أفراد طاقم السفينة البالغ عددهم 14 شخصا وهم مزيج من المواطنين الروس والفلبينيين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل أخطأ العلماء في حساب معدل الاحترار العالمي؟list 2 of 2هل هناك علاقة بين التغير المناخي والزلازل؟end of list

وأكد جون كريغ مساعد رئيس خفر السواحل البريطاني أن هناك استجابة شاملة لمكافحة التلوث، وأن خفر السواحل البريطاني يواصل الاستعداد لأي تلوث قد يحدث بسبب الأضرار التي تلحق بالسفن، مشيرا إلى أن المخاوف من المواد الخطرة التي تم تحديدها سابقا على متن السفينة قد انخفضت بشكل ملحوظ. ولم تُظهر عينات جودة الهواء البرية أي سموم، وتشير نماذج مكتب الأرصاد الجوية إلى عدم وجود أي تهديد للعامة.

وحسب تايمز البريطانية، التي روت تفاصيل الاصطدام، حصل الحادث صباح يوم الاثنين الماضي، عندما كان الضباب كثيفا فوق بحر الشمال وسفينة الحاويات "سولونغ" التي ترفع العلم البرتغالي تبحر بمحاذاة الساحل الشرقي للمملكة المتحدة، متجهة إلى ميناء روتردام الهولندي.

إعلان

وأبحرت سفينة الحاويات التي يبلغ ارتفاعها 140 مترا، والتي كانت قد غادرت ميناء غرانغماوث الأسكتلندي مساء الأحد 9 مارس/آذار، بسرعة 16عقدة واتجهت جنوبا، وهو طريق أبحرته من قبل.

كانت السفينة "سولونغ" لا تزال تسير بسرعة عندما لاحت في الأفق صباح الاثنين، ناقلة نفط محملة بوقود الطائرات. ومع أقل من كيلومتر واحد لتجنب الاصطدام، اصطدمت سولونغ بقوة بناقلة النفط "إستينا إيماكيوليت".

بدا الاصطدام قويا لدرجة أنه دفع إستينا إيماكيوليت مسافة 200 متر تقريبا، كما تظهر بيانات الشحن. وفي غضون دقائق اشتعلت النيران في كلتا السفينتين.
وكافح رجال الإنقاذ لتجنب ما يمكن أن يكون واحدا من أسوأ الكوارث البيئية في السنوات الأخيرة. هل يجب أن تتسرب 18 ألف طن من وقود الطائرات كانت تحملها ستينا إيماكيوليت في بحر الشمال؟

كان أحد أفراد طاقم "سولونغ" لا يزال مفقودا عندما أعلن خفر السواحل في وقت متأخر يوم الاثنين أنه تم إلغاء البحث. كان على متن سولونغ 14 طاقما، بينما كان طاقم إستينا إيماكيوليت مكونا من 23 فردا.

أبحرت الناقلة من ميناء كورينث في اليونان. وقد استأجرها الجيش الأميركي لنقل وقود الطائرات كجزء من برنامج أمن الناقلات التابع للحكومة الأميركية، والذي يزود وزارة الدفاع بـ10 ناقلات مسجلة في الولايات المتحدة لنقل الوقود "في أوقات النزاع المسلح أو الطوارئ الوطنية".

كان من المقرر أن تسلم الناقلة حمولتها إلى منشأة في إمينغهام بشمال إنجلترا على مصب نهر هامبر، في وقت لاحق من هذا الأسبوع وكانت تنتظر في منطقة رسو مخصصة.

أبحرت سفينة الحاويات سولونغ التي يبلغ ارتفاعها 140 من ميناء غرانغماوث الأسكتلندي (أسوشيتد برس) تفادي كارثة بيئية

وقالت شركة كراولي التي تمتلك إستينا إيماكيوليت، كانت النيران قد شبت في الوقود الذي بدأ الانسكاب، وإذا فُقدت الـ 18 ألف طن كلها، فستحتل المرتبة الأولى بين أكبر انسكابات الوقود في بريطانيا.

إعلان

وأوضحت كراولي أن السفينة "إستينا إيماكيوليت" أصيبت بتمزق في خزان شحن يحتوي على "وقود جيت-إيه 1″، وأن الطاقم غادر السفينة "بعد انفجارات متعددة على متنها". وأظهرت بيانات من منصة تتبع السفن "مارينترافيك" أن رفع الإنذار تم بعد 3 دقائق من وقوع الاصطدام.

واستدعى خفر السواحل مروحية وطائرة ثابتة الجناحين و4 قوارب نجاة وما يصل إلى 21 قاطرة وسفينة إطفاء. وتظهر عمليات البث الإذاعي أن وحدة التحكم في المروحية حذرت الطيار من أن السفينة كانت تحمل شحنة من السائل القابل للاشتعال.

وفي رسالة منفصلة عبر بالراديو أرسلت إلى السفن في المنطقة، دعا خفر السواحل السفن المزودة بمعدات مكافحة الحرائق أو قدرات البحث والإنقاذ للتوجه إلى مكان الحادث، مضيفة: "السفينة إستينا إيماكيوليت تحمل وقود الطائرات المشتعل في الماء".

وأرسلت المؤسسة الملكية الوطنية لقوارب النجاة 4 طواقم وقالت: "كانت هناك تقارير تفيد بأن عددا من الأشخاص قد غادروا السفن بعد تصادم واندلاع حرائق في كلتا السفينتين".

لكن أحد أفراد طواقم المؤسسة قال إنه لم يكن هناك الكثير مما يمكنهم فعله بعد عملية البحث والإنقاذ الأولي، مضيفا: "كان ضبابا كثيفا ولم نتمكن من رؤية شيء. نحن غير مجهزين بمعدات مكافحة الحرائق لهذا النوع من الحوادث". وأضاف أن الطقس في البحر كان "باردا لدرجة التجمد". من المفهوم أن عملية المؤسسة الملكية تم تقليصها مساء الاثنين إلى قارب واحد فقط.

وبقي أكثر من 20 زورقا للإنقاذ ومكافحة الحرائق في الموقع لكن خفر السواحل أمرهم بالابتعاد عن السفن المحترقة على بعد 3.2 كيلومترات.

وقال مايكل باترسون العضو المنتدب لشركة سفيتزر البريطانية إن 7 من سفن الشركة كانت في الموقع مع معدات إطفاء قادرة على ضخ 2400 لتر في الدقيقة.
ووصف الحادث بأنه "واحد من أخطر ما رأيته في حياتي في البحر". في البداية، أرسلت الشركة 4 قوارب، وزادتها لاحقا إلى 7، ستتناوب طوال الليل.

سفينة الشحن سولونغ كانت تحمل 15 حاوية من سيانيد الصوديوم (أسوشيتد برس)

ومع عودة زوارق الجر وسفن مكافحة الحرائق، ذكرت "لويدز ليست إنتليجنس"، التي توفر البيانات البحرية، أن سولونغ كانت تحمل 15 حاوية من سيانيد الصوديوم.

إعلان

ويعد سيانيد الصوديوم غير قابل للاشتعال، ولكن عند تسخينه، يمكن أن يطلق غاز سيانيد الهيدروجين، وهو قابل للاشتعال وسام. وعند استنشاقه فإنه يعطل قدرة الجسم على استخدام الأكسجين ويمكن أن يسبب الصداع والمرض، وفي الحالات القصوى، فقدان الوعي أو الموت.

ومع ذلك، تم التأكيد يوم الثلاثاء على عدم وجود سيانيد الصوديوم على متن سولونغ.

وقال باترسون: "لا نعرف إلى متى سيستمر هذا، لكن مراحل هذا عادة ما تكون البحث والإنقاذ واحتواء الحرائق، ثم ينتقل إلى التحكم البيئي والتلوث وإنقاذ السفن".

وأضافت "نحن نفهم أن البحث والإنقاذ قد اكتملا الآن، لكن من الواضح أن مكافحة الحرائق ستستمر بمجرد أن نتمكن من العودة لمساعدة السفن. وبعد ذلك سنحتاج إلى نوع من التحكم البيئي والإنقاذ".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان بيئي سیانید الصودیوم مکافحة الحرائق البحث والإنقاذ وقود الطائرات خفر السواحل کانت تحمل

إقرأ أيضاً:

كوارث بيئية لا تنسى.. تجفيف بحر آرال

في ستينيات القرن الماضي، نفذ الاتحاد السوفياتي مشروعا ضخما لتحويل المياه إلى السهول القاحلة في كازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان، من نهري "سير داريا" و"أمو داريا" لإنشاء مزارع قطن ضخمة، فتحول المشروع إلى كارثة بيئية أدت إلى تجفيف بحر آرال.

استُخدم النهران الرئيسيان في المنطقة، واللذان يتغذيان من الثلوج الذائبة وهطول الأمطار على الجبال البعيدة، لتحويل الصحراء إلى مزارع شاسعة لزراعة القطن ومحاصيل أخرى، في زمن الصراع.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كيف تتعافى النظم البيئية بعد الحرائق؟list 2 of 4التطرف المناخي يهدد شبه الجزيرة العربيةlist 3 of 4إسبانيا مهددة بتحول مساحات واسعة إلى صحراء بحلول 2050list 4 of 4لماذا صار التصحر أزمة تتجاوز البيئة وتمس البشر؟end of list

كان نهرا "سير داريا" و"أمو داريا" يتدفقان من الجبال، ويشقان طريقهما عبر صحراء "كيزيلكوم"، ليجتمعا أخيرا في أدنى جزء من الحوض. فكونا البحيرة الضخمة التي عرفت ببحر آرال، والذي كان يعد أكبر مسطح مائي في المنطقة ورابع أكبر بحيرة في العالم.

ويقع بحر آرال على الحدود بين كازاخستان شمالا وأوزبكستان جنوبا، وهو بحر داخلي مغلق، شكل في يوم ما امتدادا أزرق في قلب آسيا الوسطى، وكانت مساحته تبلغ 68 ألف كيلومتر مربع، وهو ما يساوي تقريبا مساحة بحيرة فيكتوريا في أفريقيا وضعف مساحة دولة مثل بلجيكا.

وبعد أن فقدت 90% من مساحتها الأصلية، تحولت منطقة بحر آرال من واحة مزدهرة إلى صحراء قاحلة، مع ما رافق ذلك من كوارث اقتصادية واجتماعية وصحية جعلت العلماء يصفونها بـ"تشرنوبل الصامت". ولم يبق من البحيرة سوى بعض البرك المائية المتفرقة، بينما يتحول قاعها الجاف إلى مصدر للعواصف الرملية الملحية السامة.

إعلان

"التنمية المدمرة"
عندما كانت جمهوريات آسيا الوسطى ضمن اتحاد الجمهوريات السوفياتية، قرر الزعيم السوفياتي آنذاك، جوزف ستالين، تحويل صحاريها الشاسعة إلى مزارع ضخمة للقطن، دون الالتفات إلى التوازنات البيئية والمناخية الهشة.

وشق تبعا لذلك آلاف الكيلومترات من قنوات الري لسحب مياه نهري "أمو داريا" و"سير داريا" وتوجيهها لاستصلاح الأراضي الزراعية في تركمانستان وأوزبكستان ومناطق أخرى في جنوب كازاخستان، فحصلت الكارثة تدريجيا.

منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، بدأت مياه بحر آرال في الانحسار بحدة، وانقسم لاحقا إلى مسطحين مائيين، أحدهما شمالا في كازاخستان، والثاني جنوبا بمساحة أوسع نسبيا في أوزبكستان. وتظهر صور الأقمار الصناعية لوكالة ناسا، أن المسطح المائي الجنوبي انكمش كثيرا منذ عام 2002 وانقسم إلى مسطحين، شرقي وغربي. ثم جفت مياه الجزء الشرقي تماما عام 2014.

وعبر عقود من الزمن وبفعل التبخر وانقطاع مياه النهرين اللذين يغذيانه، تراجعت شواطئ بحر آرال تدريجيا وتقلصت مساحته بنسبة 90%، وتعرضت مساحات شاسعة منه لعوامل التعرية وخاصة قاعه الذي صار مكشوفا ومغطى بالأملاح البحرية التي زادت نسبة ملوحتها.

كان بحر آرال شريانا اقتصاديا مهما للبلدان المتاخمة له، وغذت مياهه العذبة السكان، كما ساهم في ازدهار الزراعة والصيد والرعي والتجارة حتى على طول طريق الحرير الرابط بين الصين وأوروبا، لكنه اليوم أصبح معضلة بيئية تكشف عن المآلات الخطِرة لاستنزاف الطبيعة.

ومثل البحر نموذجا للتنوع البيئي أيضا، إذ تزخر مياهه بنحو 24 نوعا من الأسماك، توفر نحو 500 ألف طن سنويا، وبعد جفافه اختفى تماما نحو 20 نوعا بفعل انحسار المياه وزيادة الملوحة، ومن ثم فقد البحر قيمته الاقتصادية والتجارية وخسرت آلاف العائلات مصدر رزقها.

سفن صدئة على الرمال بعد أن جفت مياه بحر آرال (غيتي)

كارثة بيئية
مع جفاف بحر آرال، انهارت مصايد الأسماك والمجتمعات التي تعتمد عليها. وتلوثت المياه الملحة زيادة بالأسمدة والمبيدات الحشرية. وأصبح الغبار المتطاير من قاع البحيرة والملوث بالمواد الكيميائية الزراعية يشكل مخاطر جمة على السكان.

إعلان

وتشير الدراسات إلى أن نحو 75 مليون طن من غبار الأملاح السامة تحملها الرياح كل عام من القعر الجاف لبحر آرال، فتنتشر مسافات بعيدة مشكلة غيوما من الغبار الملحي السام.

كما انتشر الغبار المالح من قاع البحيرة في الحقول، مما أدى إلى تدهور التربة وتسممها أحيانا، وفقد أيضا التأثير الملطف لبرودة الشتاء وحرارة الصيف بجفاف هذا المسطح المائي الضخم.

ويقدر الخبراء أيضا، أن تجفيف بحر آرال جلب عواقب صحية خطِرة على السكان، إذ إن نحو 5 ملايين نسمة يعانون مشاكل صحية بسبب الغبار الملحي الذي تنقله الرياح والمعبأ بتركيزات قوية وسامة من كلوريد الصوديوم، والمبيدات الحشرية المسرطنة التي تغلغلت في السلسلة الغذائية بالمنطقة.

وقدرت بعض الأبحاث أن حالات الإصابة بالسرطان ارتفعت بـ25 ضعفا في المنطقة، كما انتشرت أمراض أخرى مرتبطة بالغبار الملحي والتأثيرات البيئية لتجفيف البحر.

كما رصد العلماء أيضا تأثيرات أخرى تمثلت في تشوهات دقيقة في مساحة تبلغ 500 كيلومتر حول مركز البحيرة القديمة. حيث خشن سمك القشرة الأرضية بمعدل 4 سنتيمترات خلال أربع سنوات فقط (2016-2020).

ويعود ذلك لاختفاء وزن هائل يقدر بـ1.1 مليار طن من المياه، وهو ما يعادل وزن 150 هرما بحجم هرم خوفو الأكبر.

وكان هذا الوزن الضخم يضغط على طبقات الأرض العميقة، وعند زواله، بدأ الوشاح الأرضي الساخن يتدفق لتعويض الفراغ، مسببا هذا الانتفاخ التدريجي الذي من المتوقع أن يستمر عقودا قادمة حسب العلماء.

ورغم أن بحر آرال بدأ يستعيد كميات كبيرة من مياهه، واتسعت مساحته خصوصا في كازاخستان، تبقى آثار الكارثة البيئية التي تسببت فيها محاولة إعادة هندسة الطبيعة لتحقيق أهداف اقتصادية آنية، ماثلة ومستمرة.

مقالات مشابهة

  • المتحدث الرسمي باسم الحوثيين يكشف تفاصيل وحيثيات الاتفاق مع واشنطن
  • كوارث بيئية لا تنسى.. تجفيف بحر آرال
  • الهند تكشف: جيش محمد وجماعة أخرى كانت هدف الضربة وتكشف تفاصيل
  • عُمان تعلن تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين
  • البطولة الوطنية.. الصراع يشتعل على الوصافة وتفادي النزول قبل جولتين من النهاية
  • وزارة الخارجية والهجرة تتابع موقف السفينة التي تقل بحارة مصريين قبالة السواحل الإماراتية
  • وفاة شيخ إثر اصطدام شاحنتين وسيارة بسيدي بلعباس
  • ما قصة “بهار أكسو” التي أصبحت حديث الشارع التركي؟ تفاصيل محزنة جدًا
  • ميناء الجزائر: كل الإمكانيات متوفرة لاستقبال سفينتين محملتين بالأغنام اليوم
  • هل أنقذت بريطانيا نفسها من كارثة؟ تفاصيل العملية الأمنية الكبرى