استعاد الجيش السوداني خلال الأيام الماضية مناطق استراتيجية في الخرطوم، كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، من بينها القصر الجمهوري وسفارات ومقار حكومية وجامعات.
على

وطرح هذا التقدم تساؤلات بشأن إمكانية عودة الحياة الطبيعية، ولو بشكل نسبي، للعاصمة التي تعاني من الحرب الدائرة منذ أكثر من عامين.

وتدير الحكومة السودانية شؤونها من مدينة بورتسودان الساحلية، وربما تقرر حال تمكنت قوات الجيش من تأمين العاصمة، الحكم مجددا من الخرطوم.

قال محللون سودانيون للحرة إن خطوة استعادة الجيش لتلك المناطق والمباني الاستراتيجية، تمثل إشارة قوية على إمكانية عودة الحياة مجددا إلى العاصمة، لتصبح الخرطوم العاصمة الفعلية بدلا من بورتسودان.
ما تبعات تقدم الجيش؟

الكاتب والصحفي السوداني، عثمان ميرغني، قال إن تقدم الجيش في الخرطوم له تأثير كبير على الأوضاع العسكرية وعلى إمكانية عودة المواطنين لمنازلهم، بجانب تأثيره الكبير سياسيا ودوليا.

شرح ميرغني لموقع الحرة قائلا إن “استعادة مدينة الخرطوم والمقار الرئيسية مثل القصر الجمهوري. وقدرة الجيش على إكمال تحرير ولاية الخرطوم بما فيها من جيوب قليلة للدعم السريع في جنوب وشرق الخرطوم وأقصى غرب أم درمان، يعني عمليا انتهاء التمرد بصورة كاملة في 3 ولايات هي سنار والجزيرة والخرطوم”.

يُذكر أن الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اندلعت في أبريل 2023، بعد خلافات بشأن عملية الانتقال الديمقراطي.

ورغم توقيع اتفاقيات عدة لوقف إطلاق النار، إلا أن القتال استمر، مما أدى إلى سقوط آلاف القتلى ونزوح الملايين.​

المحلل السوداني، محمد تورشين، أوضح لموقع الحرة، أن الجيش استعاد مقار البعثات الدبلوماسية للدول وللاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي.

وقال: “يعني ذلك أنها بداية لاستكمال السيطرة على الخرطوم في الأيام المقبلة. وسيكون تأثير ذلك بلا شك كبيرا جدا على الحياة العامة باعتبار أن هذا التقدم سوف يسمح بعودة أجهزة الدولة من العاصمة، بعدما عملت الحكومة بشكل مؤقت من بورتسودان”.
هل تعود الحياة إلى العاصمة؟

في الأيام العادية، تكتظ الخرطوم ومناطق المال والأعمال والمقار الحكومية التي سيطر عليها الجيش مؤخرا، بالمواطنين الذين يصلون من مناطق في الخرطوم ومن مدن أخرى، للعمل والجامعات.

ويقول ميرغني للحرة إن الجيش استعاد السيطرة على مناطق وسط الخرطوم، حيث توجد عدة جامعات تضم نحو مئتي ألف طالب، مضيفا أن “إعادة الجامعات لوضعها الطبيعي يتطلب إعداد المقار واستعادة طواقم التدريس، ويحتاج ذلك لعدة أشهر”.

تورشين أشار إلى وجود مقار جامعات مثل النيلين والخرطوم توقفت منذ أكثر من عامين بسبب الحرب.

وقال إن سيطرة الجيش على تلك المناطق يعني أن الحرب مع قوات الدعم السريع “ستنتقل إلى أطراف العاصمة ثم أطراف السودان بشكل عام”.
وداعا بورتسودان؟

الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، ألحقت أضرارا جسيمة بالبنية التحتية وأجبرت أكثر من 12 مليون شخص على النزوح سواء داخل البلاد أو خارجها، بجانب إعلان خبراء في أغسطس 2024 وقوع المجاعة في منطقة واحدة من إقليم دارفور وزاد العدد في ديسمبر إلى 5 مناطق، مع توقعات بتفشيها في مزيد من المناطق.

وقُتل عشرات الآلاف على الرغم من أن تقديرات القتلى غير مؤكدة.

وفر مئات الألوف إلى مصر وتشاد وجنوب السودان، وعبرت أعداد أقل إلى إثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى.

“عودة المواطنين إلى منازلهم أحد أهم ما يدور بذهن النازحين الذين يعانون في مناطق داخل أو خارج السودان. يستعجلون العودة سريعا بمجرد سماع أنباء عن استعادة الجيش للخرطوم”، وفق حديث ميرغني للحرة.

ويوضح الكاتب السوداني أن فكرة “وجود عاصمة بديلة يؤثر بشكل كبير على الصورة الذهنية للدولة في الخارج وعلى قدرتها على التعاطي دبلوماسيا، ومع مغادرة أغلب السفارات إلى دول الجوار وبقاء القليل جدا في بورتسودان، تعني عودة الخرطوم عودة تلك السفارات واستعادة المسار الدبلوماسي الطبيعي”.

وكان قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي) توعد قبل أيام من توسيع الجيش سيطرته في الخرطوم، باستمرار القتال في العاصمة والقصر الجمهوري، لكن الخبير في الشؤون الأمنية والعلاقات الدولية، إبراهيم مطر، قال لقناة الحرة إن خطاب “حميدتي كان لرفع معنويات جنوده لا أكثر”.
الحرب.. إلى أين؟

قوات الدعم السريع تمركزت خلال الأيام الأولى من الحرب في أحياء بأنحاء العاصمة، وأحرزت تقدما سريعا بحلول نهاية عام 2023 لتحكم قبضتها على دارفور وتسيطر على ولاية الجزيرة جنوبي الخرطوم، وهي منطقة زراعية مهمة.

بحلول مارس الجاري، استعاد الجيش بعض السيطرة بتقدمه في أم درمان، إحدى المدن الثلاث التي تشكل العاصمة الكبرى، لكن قوات الدعم السريع تقدمت مرة أخرى لاحقا في ولايات سنار والنيل الأبيض والقضارف.

واندلعت معارك ضارية حول مدينة الفاشر، معقل الجيش في شمال دارفور.

وقال ميرغني للحرة إن الولايات مثل كردفان ودارفور التي يسيطر عليها الدعم السريع حاليا “أمرها أسهل كثيرا جدا من ولايات الوسط التي استعادها الجيش”.

فيما قال مطر أيضًا إن المسار في دارفور “أسهل مما واجهه الجيش في ولايات الوسط مع وجود سكان ومباني عالية، هناك قوات مدربة حاربت الدعم السريع من قبل”.

ولفت إلى أن تلك القوات التابعة للجيش تحركت بالفعل وأغلقت نحو “90 بالمئة من خطوط الإمداد من ليبيا وتشاد أمام الدعم السريع، وبذلك تم تطويق قواته”.

وأضاف أنه في معركة مثل دارفور “سيبتعد الجيش عن استخدام الطيران، إلا نادرا، ستكون عمليات مشاة ومسيرات ولديه القوات والتقنية في معركة لن تأخذ كثيرا من الوقت، ولكن لن تكون سهلة”.

محمد الصباغ – الحرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی الخرطوم أکثر من

إقرأ أيضاً:

“الدعم السريع” يصدر منتجات زراعية وحيوانية إلى دولة خليجية عبر مطار نيالا

متابعات- تاق برس- كشفت مصادر محلية وشهود عيان عن نشاط متزايد في عمليات تصدير المنتجات الزراعية واللحوم المجففة من مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، إلى خارج السودان عبر مطار نيالا الدولي، في ظل سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة منذ اندلاع الحرب في البلاد.

وبحسب ما نقلته صحيفة “دارفور24″، فإن ضباطًا من قوات الدعم السريع، بينهم العقيد “م، ر”، ينشطون في تنظيم عمليات شحن ليلي لمنتجات مثل البصل والطماطم والبطاطس، إضافة إلى اللحوم المجففة المعروفة محليًا بـ”الشرموط”، إلى إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، عبر رحلات جوية تهبط وتقلع من مطار نيالا الدولي.

وأفاد تجار محليون بأن أفرادًا يرتدون زيًا عسكريًا وآخرين بزي مدني يترددون أسبوعيًا على أسواق موقف الجنينة والسوق الشعبي لشراء كميات كبيرة من المنتجات الزراعية، بعد اختيار الأصناف عالية الجودة، ليتم شحنها لاحقًا في سيارات دفع رباعي دون الإفصاح عن وجهتها النهائية.
وأشاروا إلى أن بعض الموردين توقفوا عن بيع بضائعهم للتجار المحليين، مفضلين التعامل الحصري مع عناصر الدعم السريع.

وفي السياق ذاته، أشار التاجر الطيب محمد إلى ارتفاع مفاجئ في أسعار البصل، حيث بلغ سعر الجوال زنة 50 كلجم نحو 100 ألف جنيه سوداني، مقارنة بـ 95 ألفًا في الأيام السابقة، مرجحًا أن يكون دخول مشترين جدد وراء زيادة الطلب وارتفاع الأسعار، رغم أن موسم ارتفاع الأسعار المعتاد يأتي في شهري سبتمبر وأكتوبر.

وأكد شهود عيان من أحياء الجبل ودريج أنهم رصدوا خلال الأسابيع الماضية ما بين خمس إلى سبع سيارات دفع رباعي محملة ببضائع مغطاة بمشمعات، تتجه بشكل متكرر إلى مطار نيالا، في مؤشر على استمرار عمليات الشحن الجوي.

وكانت قوات الدعم السريع قد أعادت تشغيل مطار نيالا الدولي في 24 سبتمبر من العام الماضي، بعد توقف دام أكثر من عام بسبب الحرب، حيث هبطت أول طائرة شحن في المطار، تبعتها رحلات منتظمة لاحقًا، ما عزز من مكانة نيالا كمركز لوجستي رئيسي للقوات، التي تسعى لترسيخ وجودها السياسي والإداري في الإقليم.

وتأتي هذه التحركات في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية وإنسانية متفاقمة، وسط تساؤلات حول طبيعة هذه الصادرات، وجهاتها، ومدى قانونيتها في ظل غياب سلطة مركزية موحدة.

الإماراتالدعم السريعمطار نيالا

مقالات مشابهة

  • مفاجأة.. عناصر من الدعم السريع تسرب إحداثيات إلى الجيش السوداني
  • اختفاء “2826” عربة حكومية في الخرطوم.. السبب “الدعم السريع”
  • نيران متبادلة تهز الفاشر.. الجيش السوداني يتصدى لهجوم عنيف والدعم السريع يرد بالقصف
  • الجيش السوداني والدعم السريع يتبادلان القصف في الفاشر
  • “شل شل شل كب لي جالون”.. تعود من جديد إلى الخرطوم
  • بعد تحريرها من التمرد.. الخرطوم بانتظار سكانها المهجرين
  • “الدعم السريع” يصدر منتجات زراعية وحيوانية إلى دولة خليجية عبر مطار نيالا
  • السجن سبعة سنوات لمؤيد لمليشيا الدعم السريع المتمردة
  • تقدم الجيش ومعاناة المواطنين.. آخر تطورات الأوضاع في السودان
  • طيران الجيش السوداني يتسيد سماء نيالا.. والغارات تستهدف تمركزات “الدعم السريع