صرخة غزّة… في وجه "حماس" ونتانياهو
تاريخ النشر: 31st, March 2025 GMT
ما تشهده غزّة حالياً هو صرخة في وجه "حماس" وبنيامين نتانياهو. إنّه اعتراض لمواطني القطاع على ممارسات "حماس"، رغبة في طي صفحة حكم الإخوان المسلمين للقطاع منذ منتصف العام 2007. يمثل ذلك تحدياً كبيراً أمام الشعب الفلسطيني الساعي إلى وقف الحرب فعلاً واستعادة حريته وتقديم نفسه كصاحب مشروع قابل للحياة لا يمكن تجاهله في ضوء وجوده على الخارطة السياسية للشرق الأوسط.
يتصدّى أهل غزّة بصدورهم العارية لممارسات "حماس" بعدما أدّت طوال ثمانية عشر عاماً، الدور المطلوب منها تأديته. أي دور تدمير المشروع الوطني الفلسطيني خدمة لمشروع اليمين الإسرائيلي الذي يستهدف القضاء على أي تسوية معقولة ومقبولة تقوم على خيار الدولتين. إنّه الدور الذي أنشئت الحركة من أجله في أواخر العام 1987 عشية "انتفاضة الحجارة". إلى يومنا هذا، لا تزال "حماس" متمسكة بدورها المبني على تكريس الانقسام الفلسطيني والقضاء نهائياً على خيار الدولتين عن طريق فصل غزّة عن الضفّة الغربية. يبدو أنّها نجحت في ذلك إلى حدّ كبير إذا أخذنا في الاعتبار الكارثة الناجمة عن "طوفان الأقصى" التي توجت بوقوف العالم موقف المتفرّج من الوحشية الإسرائيلية التي مورست منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 رداً على الهجوم الذي شنته حماس قبل ذلك بيوم واحد.
في الوقت الراهن يملأ أهل غزّة، الذين عانوا الأمرّين منذ استولت "حماس" على القطاع وحولته إلى "إمارة إسلاميّة" على الطريقة الطالبانية، الفراغ الذي كان مفترضا بالسلطة الوطنيّة ملؤه منذ الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزّة في أغسطس (آب) 2005.
تخلت السلطة الوطنية الفلسطينية باكرا عن دورها ومسؤولياتها في غزّة، خصوصا بعدما خلف محمود عباس ياسر عرفات الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني الذي توفّى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2004. تجاهل "أبومازن" كلّيا خطورة ممارسات "حماس"، مباشرة بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزّة. تجاهل غزّة بدل ذهابه شخصياً إليها لمواجهة "حماس" ومشروعها. بكلام أوضح، غابت غزّة عن أجندة "أبومازن" الذي حصر همّه وطموحاته في كيفية البقاء رئيساً مدى الحياة للسلطة الوطنية.
ليس سرّاً أنّ "حماس" استُخدمت إيرانياً قبل العام 2007 في لعب دور مكمل لدور اليمين الإسرائيلي في القضاء على اتفاق أوسلو، ذي الحسنات الكثيرة والعيوب الكثيرة في الوقت ذاته. لا يمكن تجاهل أنّه لولا اتفاق أوسلو الذي وُقّع في خريف العام 1993، في ظروف صعبة ومعقدة خلّفها الاحتلال العراقي للكويت وحرب التحرير التي تلته، لما عاد ياسر عرفات يوماً إلى أرض فلسطين ولما وجد مكاناً يدفن فيه على مرمى حجر من القدس.
كلّ ما يطالب به أهل غزّة، عبر الانتفاضة التي يشهدها القطاع، وقف الحرب. ليسوا على استعداد للذهاب ضحية طرفين لا مصلحة لأيّ منهما في هدنة حقيقية. المفارقة أن طلب الغزيين يشكل اعتراضاً على إصرار "حماس" على متابعة الحرب التي تخدم بنيامين نتانياهو.
لا شكّ أن مهمة أهل غزّة صعبة، خصوصا في ضوء التواطؤ الواضح بين "حماس" ونتانياهو من جهة والعجز الذي تعاني منه السلطة الوطنية من جهة أخرى. يزداد وضع غزّة صعوبة في ظلّ موقف أمريكي منحاز كلّياً لليمين الإسرائيلي الذي يعتبر "طوفان الأقصى" فرصة لا تعوّض من أجل تصفية القضية الفلسطينية. لا تزال الإدارة الأمريكيّة مصرة على أن لا خيار آخر غير تهجير أهل غزّة في انتظار إعادة بناء ما تهدم، وهو أمر يستغرق ما بين 15 و 20 عاماً!
تبقى المشكلة الأهمّ في رفض "حماس" القيام بمراجعة شاملة لمواقفها مع ما يعنيه ذلك من اعتراف بفشلها في كل ما قامت به منذ وجودها في العام 1987. لم تكن الحركة سوى أداة في خدمة "الجمهوريّة الإسلاميّة" في إيران، أي "جبهة الممانعة" وإسرائيل في الوقت ذاته. فعلت ذلك عبر العمليات الانتحارية التي لجأت إليها بعد توقيع اتفاق أوسلو… وعبر الانقلاب الذي نفذته في غزّة. استغلت انسحاب الاحتلال في 2005 لتباشر إطلاق الصواريخ في اتجاه الأراضي الإسرائيلية. لم يكن اليمين الإسرائيلي معترضاً على الصواريخ مقدار ما وجد فيها فرصة ليقول إن "لا شريك فلسطينياً يمكن التفاوض معه".
فتح الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزّة، وهو انسحاب شمل المستوطنات التي بنيت في القطاع، الباب أمام إثبات الشعب الفلسطيني قدرته على بناء دولة. كان يمكن لغزّة تشكيل نواة لدولة فلسطينية قابلة للحياة. لكن "حماس" فضلت على ذلك وضع نفسها في خدمة المشروع اليميني الإسرائيلي. استفادت "حماس" من الحصار الإسرائيلي الظالم لغزّة كي تحكم سيطرتها على القطاع تمهيدا لطرد "فتح" والسلطة الوطنية منه.
لم يكن لدى "حماس" من همّ سوى ممارسة السلطة وعزل غزّة عن الضفّة الغربية. انحصر طموح الحركة في إضعاف السلطة الوطنية تمهيداً للسيطرة على الضفة أيضا. انتقلت من فشل إلى آخر وصولاً إلى الفشل الأكبر المتمثل في "طوفان الأقصى". بعد ما يزيد على سنة ونصف السنة على "طوفان الأقصى"، لم تعد "حماس" تمتلك غير ورقة الرهائن الإسرائيلية. لا تدرك الحركة أن هذه الورقة ورقة لدى حكومة نتانياهو أيضاً. يستغل "بيبي" الورقة لمتابعة حربه على غزّة. يتلذذ رئيس الحكومة الإسرائيلية بالمزيد من القتلى والدمار. لا حدود لشهواته ما دام الشعب الفلسطيني ضحية ما يقوم به… وما دامت الوحشية تصبّ في خدمة مشروع تصفية القضيّة الفلسطينية.
هل تعي "حماس" هذا الواقع؟ الأمل كبير في أن تؤدي انتفاضة أهل غزّة إلى تغيير في سلوك الحركة العاجزة عن مواجهة حقيقة وحيدة. تختزل هذه الحقيقة بعبارة واحدة هي الآتية: لم تكن "حماس" في يوم من الأيام سوى في خدمة اليمين الإسرائيلي ومشروعه الهادف إلى تحقيق هدف مستحيل، هدف إلغاء شعب من الوجود!
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل عيد الفطر غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل الیمین الإسرائیلی السلطة الوطنیة طوفان الأقصى فی خدمة
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يجري تقييماً شاملاً لجاهزيته على جميع الجبهات
أجرى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أيال زامير، اليوم الاثنين، تقييماً ميدانياً على مستوى هيئة الأركان العامة لبحث مدى جاهزية القوات للتعامل مع التحديات على مختلف الساحات، في ظل استمرار العمليات القتالية.
ويعد هذا الاجتماع الثاني في سلسلة تقييمات ميدانية يجريها الجيش ضمن عملية تشخيص تهدف إلى وضع قاعدة معرفية لبرنامج عمل متعدد السنوات، بالتزامن مع استمرار المواجهات على جبهات عدة.
ووفق بيان الجيش، شارك في الاجتماع قادة الفرق وضباط الأسلحة في ذراع البرية، إضافة إلى عدد من الضباط المهنيين من مختلف الوحدات، حيث تمت مناقشة جاهزية الجيش لسيناريوهات متعددة الجبهات، وخطط بناء القوة، والتدريبات، والمعايير العملياتية.
ويأتي التقييم في إطار توجه يقوده رئيس الأركان لإعادة صياغة أسس وخطوط التخطيط العسكري، مع استمرار العمليات في ميادين القتال.
كما أشار البيان إلى أن التمرين المفاجئ الذي ينفذه الجيش يدخل في إطار سياسة تقييم الجاهزية العملياتية على جميع المستويات، بهدف اختبار قدرة الوحدات والقيادات على التعامل مع سيناريوهات متعددة الجبهات، خاصة في ضوء الدروس المستخلصة من أحداث 7 أكتوبر.
وفد من حماس يصل القاهرة لبحث تهديدات إسرائيل واستئناف مفاوضات تبادل الأسرى
تستمر التحركات الإقليمية والدولية بهدف إحياء المفاوضات بين حركة حماس وإسرائيل، وسط تصاعد التوتر في قطاع غزة وازدياد التهديدات الإسرائيلية بشن عمليات عسكرية واسعة.
وقالت مصادر مقربة من حماس لموقع “واينت” إن وفد الحركة سيصل اليوم إلى القاهرة لمناقشة تهديدات إسرائيل باحتلال مدينة غزة وتنفيذ عملية عسكرية كبيرة، بالإضافة إلى استئناف مفاوضات تبادل الأسرى.
وتشمل المحادثات مراجعة تداعيات اللقاء الذي جمع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف برئيس الوزراء القطري في جزيرة إيبيزا الإسبانية مؤخراً.
وفي وقت سابق، نقلت قناة “العربي” القطرية عن مصادرها أن الوفد برئاسة خليل الحية، رئيس حركة حماس في قطاع غزة، سيغادر إلى القاهرة، فيما أشارت صحيفة “العربي الجديد” إلى أن استئناف التواصل بين الأطراف تم بوساطة تركية عقب زيارة وفد حماس إلى أنقرة الأسبوع الماضي.