بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

بينما تمضي الأيام في العراق بثقلها المعتاد، وتبدو الحكومات وكأنها تسابق الزمن لا لإنقاذ المواطن بل للهروب من مسؤولياتها .يراودنا سؤال وجودي عميق هل بلغ بنا اليأس حداً يدفعنا للبحث عن حلول في معابد سومر المهجورة؟ هل حقاً صرنا بحاجة إلى رقصة طقسية على أنغام الطبول القديمة لاستدعاء الأرواح الشريرة، لعلها تكون أكثر فاعلية من نداءات الإصلاح والمؤتمرات الصحفية؟

لنعترف، ولو على مضض، أن المشهد العراقي يبدو وكأنه مقتبس من ملحمة عبثية أكثر منه من سجل دولة حديثة.

بينما تتعثر الحكومات في تكرار الأخطاء ذاتها، وتتحول البرامج السياسية إلى نسخ باهتة من خطب عقيمة، يصعب على المواطن ألا يتساءل: ماذا لو جربنا شيئاً مختلفاً؟ ماذا لو كان الحل في العودة إلى بدايات الحضارة، حيث كان الكهنة السومريون يمتلكون، على الأقل، خطة واضحة لطقوسهم بغض النظر عن نتائجها؟

مفارقة مؤلمة تفرض نفسها هنا في حين أن الأرواح الشريرة، بحسب الأساطير، تعمل وفق منطق تبادل الخدمات تقدم لها القرابين فتنفذ المطلوب نجد أن حكوماتنا تطلب منا القرابين تلو القرابين، ثم تقدم لنا في المقابل المزيد من الأعذار. لا تنمية تُنجز، ولا إصلاح يُرى، ولا حتى خراب يُدار بكفاءة.

في تلك الأزمنة الغابرة، كان التواصل مع الأرواح مظلة لطلب الحماية أو المطر أو الخصب. أما اليوم، فنحن نطلب من حكوماتنا ذات الطلبات البسيطة، لكنها تكتفي بتوزيع الوعود كما يُوزع الماء في السراب. لعل الأرواح الشريرة، بكل شرورها، أكثر صدقاً في تعاملاتها من كثير من الساسة الذين لا يجدون حرجاً في تبديل أقنعتهم كلما لاحت لهم مصلحة.

إن سؤالنا هذا، وإن كان مفعماً بالسخرية السوداء، يحمل في طياته مرارة حقيقية إلى أي مدى تدهور الإيمان بقدرة الدولة على أداء أبسط وظائفها حتى بتنا نبحث عن حلول في الخرافة؟

لا نحتاج حقاً إلى استدعاء الأرواح فالواقع يؤكد أن الأرواح الشريرة قد تسللت إلى دهاليز السياسة منذ زمن بعيد، وهي تمارس طقوسها في وضح النهار وعلى موائد الصفقات المشبوهة. ما نحتاجه هو استدعاء روح المواطنة الحقيقية، واستنهاض إرادة شعب أنهكته خيبات الأمل لكنه لم يفقد قدرته على الحلم بوطن يستحق الحياة.

ختاماً، لنعفِ معابد سومر من رقصة اليأس هذه، فقد قدّمت للحضارة ما يكفي من المجد. ولنلتفت إلى معابد الديمقراطية الحقيقية التي لم نؤسسها بعد. فالأرواح الشريرة، مهما بلغت قوتها، لن تصمد أمام شعب قرر أخيراً أن يكتب تاريخه بيده لا بتعاويذ الكهنة ولا بصفقات الفاسدين.

انوار داود الخفاجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الأرواح الشریرة

إقرأ أيضاً:

العلاقي: مشكلة ليبيا مزمنة وعصية على الحل

أكد الكاتب والمحلل السياسي الليبي، محمد العلاقي، أن مشكلة ليبيا صارت مشكلة مزمنة وعصية على الحل.

وقال العلاقي، عبر حسابه على “فيسبوك”:” اليوم فقط أقتنعت أن مشكلة ليبيا صارت مشكلة مزمنة وعصية على الحل”.

وأضاف العلاقي، أن مشكلة ليبيا مزمنة لسبب واحد فقط، هو أن كل المتصدرين للمشهد السياسي يعتقدون اعتقادا جازما أنه لا مكان للإرادة الوطنية أي دور في حل أزمة ليبيا، وأن الأوراق كلها بيد الآخر بما يعني أنه لا مكان للإرادة الوطنية في أية محاولة”.

وتابع:” للأسف هذه قناعة الأجسام الواقعيه جميعها تقريبا بما يعني أنه حتى مقترحات اللجنة الاستشارية أصبحت في خبر كان”.

مقالات مشابهة

  • بيتكوفيتش عن مشواره مع الخُضر: “الهزيمة أمام غينيا كانت نقطة الانطلاق الحقيقية”
  • علماء يبتكرون لاصقا ذكيا يقرأ المشاعر الحقيقية حتى لو تعمدت إخفاءها
  • أكثر من (5) ملايين برميل نفط الصادرات العراقية لأمريكا خلال شباط 2025
  • وزارة النفط: أكثر من (6) مليارات دولار إيرادات بيع النفط للشهر الماضي
  • العلاقي: مشكلة ليبيا مزمنة وعصية على الحل
  • حريق هائل في حوش مواشى بقرية المطاعية بالبياضيه في الأقصر دون خسائر في الأرواح
  • السيطرة على حريق نشب بمزرعة مواشي بإحدى قرى الدقهلية
  • الدوي: مصر حريصة على تقديم النصح للتوافق حول الحل في ليبيا  
  • الطبيبة النجار آخر المآسي الـ1000.. إسرائيل تفتك بمن ينقذ الأرواح
  • "إجادة".. هل هي الطريق إلى الإجادة الحقيقية؟