قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن  النفس البشرية جبلت على التطلع للمستقبل‏,‏ والطموح إلى المراتب الأعلى دائما‏,‏ وهو ما حدا بالبعض إلى الجموح لتحقيق أهدافه وأحلامه‏,‏ مستندا إلى مبدأ‏:‏ "الغاية تبرر الوسيلة" دون نظر إلى ما تمثله تلك الوسيلة من خير أو شر‏,‏ وهو أمر شديد الخطورة‏,‏ يؤثر بالسلب على الفرد والمجتمع.

ونوه ان الطموح هو السعي باتجاه الوصول إلى أعلى الأهداف, وحتى يصل الإنسان إلى ما تطمح إليه نفسه في ظل الالتزام بالمبادئ التي قررها الإسلام ؛يجب أن يكون لديه الدافع المحاط بالأخلاق التي حددها القرآن الكريم والسنة النبوية، وإلا أصبح الطموح جموحا يوشك أن يودي بصاحبه ويدمره

هل يجوز الجمع بين نية صيام الست من شوال والأيام البيض؟علي جمعة: التمكين الدنيوي للظالمين لا يعني رضا الله عنهمماذا يحدث عند قراءة يس 7 مرات يوميا؟.. علي جمعة: اغتنموها لهذا السبب

الطموح الصحيح
وأشار الى ان  رسول الله ﷺ أوضح لنا الطموح الصحيح في أسمى صوره، وزرع فينا حب التميز والتفوق والحصول على أسمى المراتب في كل مكان نعمل فيه.

ولفت إلى أن التواضع والزهد في الدنيا لا يعنيان أبدا أن يقبل المسلم الحد الأدنى ، أو ينزوي وراء الآخرين ويكون في ذيلهم، ولذلك حثنا رسول الله ﷺ على العمل لبلوغ الغاية والهدف الأسمى لكل مسلم فقال: «إذا سألتم الله فسلوه الفردوس الأعلى, فإنه سر الجنة» [الكبير للطبراني], كذلك علمنا أن نعظم من رغباتنا عند الدعاء, فقال ﷺ : «إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت, ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة, فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه» [مسلم]

واضاف:الإسلام -كما دعا إلى الطموح لنيل المنزلة العليا في ظل مبادئه السامية- جاء أيضا ليهذب النفس البشرية عن جموحها ويقوم سلوكها ويهديها سبيل الرشاد, فالنفس مائلة بطبعها إلى التوجه إلى السيئ, كما أكد القرآن الكريم في قوله تعالى: (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي), وهي غالبا ما تتبع الهوى بغية إشباع رغباته, ومن هنا جاء الإسلام ليعلمنا كيف نكبح جماح تلك النفس حتى تستكين وتعود إلى جادة الصراط المستقيم, وسبيل ذلك تربية النفس على طاعة الله ورسوله في كل شيء.

وبين ان الاسلام وازن بين الواجبات التي فرضها على المسلم وبين ما تطمح إليه نفسه البشرية, فعمل على ألا تكون فروض الدين شاغله أمره كله وداعية لترك دنياه, بل أمره بالجد والسعي في طلب الرزق وإعمار الأرض, قال تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) .

فالاستغراق في المأمول بلا حدود هو الطموح الزائد الذي ينقلب إلى جموح، وهو أمر مرفوض في الإسلام, قال الله عز وجل: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا), أما إذا أعاد الإنسان ضبط هذا المأمول في إطار المشروع, وفي إطار ما أحله الله وأباحه ودون الخروج عن الهدي النبوي الكريم, وبما لا يخالف النظام العام, فسوف يصل إلى هدفه ويحقق طموحه الذي يأمله ،ويكون بهذا قد حقق التوازن والاتساق بين ما تطمح إليه نفسه وبين ما يأمره به ربه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة الطموح الجموح الغاية تبرر الوسيلة المزيد علی جمعة

إقرأ أيضاً:

الحج لبيت الله الحرام.. لماذا سمي «العتيق».. علي جمعة يجيب

أوضح الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، لماذا سمي بيت الله الحرام بالبيت العتيق، وذلك لأنه لم يملكه أحد من العالمين في وقت ما، فهذه البقعة المباركة لم تكن في ملك أحد ثم خرجت من ملكه إلى ملك الله، كمن يوقف قطعة من الأرض في ملكه لمسجد يبنيه لله، بل هذه القطعة من الأرض لم تدخل في ملك أحد منذ أن خلق الله السموات والأرض، أو سمي عتيقاً لأن الله يعتق من زاره وشرفه وعظمة وحج إليه وطاف به، أو إنه سمي عتيقا لأنه قديم بدأت العبادة منه.

لماذا لا يستجيب الله دعائي؟.. الإفتاء تحذر من 3 أفعال شائعةأدعية الحج من مغادرة المنزل إلى الوصول للأماكن المقدسة.. احفظها الآن

وقال جمعة عبر “فيسبوك”: “ورضي الله عن هذه البقعة وجعلها محل نظره، يحج إليه المسلمون من كل مكان استجابة لآذان أبيهم وسيدهم إبراهيم (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ)، (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ) وهي العشر الاوائل من ذي الحجة بخلاف المعدودات التي في سورة البقرة وهي أيام التشريق الثلاثة {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}”.

وتابع: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً) أي يسيرون علي أرجلهم, (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ) وهذه المنافع التي يشهدها المسلمون في الحج متصلة بذكر الله وبالتوحيد وبالتبري من الشريك له سبحانه وتعالي، إنها منافع ينبغي أن يجتمع المسلمون ليرسموا خطة لهم في سائر عامهم المقبل، ولا يتأتى هذا إلا إذا ذهب الحجيج إلى ربهم وقد تخلصوا من ذنوبهم بنفقه حلال، وأنهوا الخصومات التي بينهم وبين الأخرين، واخرجوا الدنيا من قلوبهم وتوكلوا على ربهم الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.

طباعة شارك الحج لبيت الله الحرام لماذا سمي الكعبة بالبيت العتيق بيت الله الحرام بالبيت العتيق

مقالات مشابهة

  • العمرة حكمها وفضلها وشروط وجوبها.. علي جمعة يوضح
  • هل يغفر الله لمن أكل حقوق الناس قبل الحج؟.. علي جمعة: بشرط
  • من أين أتى الحجر الأسود؟ .. علي جمعة: هذا الرجل أخذ جزءًا منه
  • علي جمعة: الإسلام ليس دين حرب ولم ينتشر بالسيف
  • علي جمعة: الإسلام علّم الإنسانية مبادئ الحرب الرحيمة
  • دينا أبو الخير تحذر من ظلم النفس بالشرك بالله.. فيديو
  • الحج لبيت الله الحرام.. لماذا سمي «العتيق».. علي جمعة يجيب
  • كيف نظم الإسلام سلوك المسلم في مجلسه مع الآخرين؟.. علي جمعة يوضح
  • كيف نمتثل لأمر الله ورسوله ونبتعد عن التشدد؟ علي جمعة يجيب
  • مفتي الجمهورية: الأزهر الشّريف مصدر رائد في صناعة المجدّدين والمصلحين