#السقوط العربي
المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
لقد حلمت الشعوب العربية وخاصة بعد نهاية الحرب العالمية الأولى بآمال وطموحات كبيرة ، وقد كان لهذه الامال أن تتحقق لو وفرت لها البيئة السياسية الديمقراطية ، لكن قوى الإستعمار الغربي التي زرعت الكيان الصهيوني ليفصل الشرق العربي عن مغربه صنعت واقعًا عربيا مشوهًا وخرائط جديدة مرسومة ومحددة بخطوط سايكس – بيكو، ليستمر الاستعمار – وإن رحل بجيوشه بعد منتصف القرن التاسع عشر عن معظم الجغرافيا العربية – وبكل أسف فإن أنظمة الحكم الوظيفية التي تمثل المصالح الغربية وأطماعها في المنطقة هي التي ترعى وتحمي هذا الاستعمار، وهذه الانظمة لم تحقق لشعوبها غير الجوع والجهل والتخلف والتشرد ، لقد غاب عن عالمنا العربي كل معاني الحرية والعلم والتنمية والالفة والوحدة والابداع، وبدلاً من الولاء والانتماء للأوطان ساد ويسود الولاء للحاكم الذي ندعو له بعد صلاة الجمعة بطول العمر والبطانة الصالحة ، تلك البطانة من الوصوليين والانتهازيين والسماسرة واللصوص يتحكموا ويحكموا اليوم عالمنا العربي بإملاءات واجندة صهيو- استعمارية .
وهناك عامل آخر ساهم بشكل كبير جداً في تحطيم الحلم العربي وهو ان كل التضحيات التي قدمتها قوى الحرية والرموز الوطنية على مدى عقودٍ من زمن النضال ضد القوى الامبريالية ووكلائهم في عالمنا العربي ذهبت ادراج الرياح نتيجة للانقسامات الفكرية والعقائدية والمذهبية والطائفية ، إذ لا زلنا حتى يومنا هذا نبحث وننبش في بذور فنائنا وشقائنا على جميع الصُعد؛ على الصعيد الإسلامي مثلاً: بدلاً من ان نكون خير امة أخرجت للناس وابناء دين واحد اصبحنا مذاهب وشيع وفرق شتى يكفر ويذبح احدنا الآخر، وعلى الصعيد القومي: بدلاً من بناء الوحدة والحرية والاشتراكية التي كانت الفرصة الذهبية في ستينيات القرن الماضي دب الصراع والانقسام وكُبتت الحريات وساد القمع ودُفنت الديمقراطية قبل ولادتها على يد دعاتها ، ماركسيًا: لا زال اليسار حتى يومنا هذا متخاصمين ” لينين – تروتسكي” وغير متفقين على برنامج عمل سياسي يجمعهم ، للأسف نتصارع فيما بيننا وتضيع اوطاننا الواحد تلو الآخر ونحن نستصرخ ثارات كليب !
ضاعت الاجيال وضاع الوقت ! قرن كامل من عمرنا بشؤونه وشجونه ، دول غير عربية لا تملك اية موارد طبيعية كانت متخلفة وغارقة في الفساد والفقر وخلال الربع قرن الأخير أصبحت اليوم تنافس كبريات الدول الصناعية ودخل مواطنها أصبح الأعلى عالميًا؛ ليس بمعجزة الهية وإنما بالمواطنة الحقّة لقادتها وحكامها وثبات دساتيرها وسيادة قوانينها .
من كان يصدق أن شعباً عربيًا يباد منذ عام ونصف ويرتكب بحقه أبشع ما لم يعرفه التاريخ من مذابح ومجازر وتجويع وبطش و
(400) مليون عربي لا يحركون ساكنًا ، من كان يتصور أن الحكام العرب بجيوشهم واجهزتهم الامنية واجتماعاتهم وقممهم وثرواتهم عجزوا وعاجزين عن ادخال ربطة خبز او كرتونة حليب لأطفال غزة، بالرغم من ودهم وتعاونهم وتطبيعهم مع الكيان الصهيوني .
لقد اصبحنا يهود التاريخ ! واليهودي المقصود هو ليس المتدين باليهودية ، فهناك شعوب وقوميات كثيرة إن ما ارادت احتقار واهانة شخص ما فإنهم ينعتونه باليهودي وذلك لما هو متجذر بأذهانهم من السلوكيات البذيئة لليهودي من الجشع والطمع والغدر والخيانة والبذاءة والخسة والاستكانة والذل ، أنا متيقن لو أن ما يحدث في غزة يحدث في افريقيا أو أوروبا وغيرهما لما سكتت شعوبها مهما كلفهم ذلك من تضحيات ، أما نحن فكل ما ننصر به اشقاءنا هو دعاؤنا لهم بعد صلاة ايام الجُمع بالثبات والصبر والنصر ! لذلك لن يتحقق لنا اي حلم ما دمنا على هذا الحال وما دام حكامنا هم الدول ودولنا هي الحكام ، لن ننهض وسنبقى مشردين وجياع ما لم تبنى دولنا على أُسس المؤسسات الدستورية التي يثبت فيها الدستور وتتسيد بها القوانين على الراعي والحاكم بعدل، وهذا لن تحققه اجيالنا التي رضيت بهوانها وضعفها وخنوعها !!! ومن يتابع وسائل التواصل الاجتماعي يتيقن الى اي حضيض وصلنا بفكرنا وفهمنا .
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
غدعون ليفي: مصدومون من ضرب سائق عربي فلم لا تصدمكم الإبادة بغزة؟
كتب غدعون ليفي أن الاعتداء الوحشي على سائقي حافلتين عربيين في القدس ليلة الخميس لا يختلف عن الاعتداء الذي ترتكبه إسرائيل في قطاع غزة منذ 20 شهرا، لأن ديناميكيات القوة متشابهة.
وذكر الكاتب -في عموده بصحيفة هآرتس- أن عشرات الأشخاص اجتمعوا على سائق واحد وركلوه وضربوه، وألقوا عليه بعض الأشياء، ونطحوه وهو ملقى على أرضية الحافلة، ثم وقف حشد من الناس حوله، بعضهم يهتف وبعضهم صامت، والبعض الآخر مصعوق.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عامل إغاثة إيطالي: فقدت الثقة في الإنسانية بسبب أوضاع غزةlist 2 of 2صحيفة روسية: هذا الرجل يتقلب في قبره بسبب ترامبend of listولكن هذا النموذج المصغر لما يحدث في قطاع غزة أثار في إسرائيل معارضة كبرى من النموذج الأصلي، رغم أن الحرب في القطاع أشد وحشيةً بكثير من هجوم القدس، كما يقول الكاتب.
وذكر ليفي أن مشجعي فريق بيتار القدس لكرة القدم المشاغبين لا يحتاجون إلى سبب لضرب سائق حافلة عربي يقدم لهم الخدمة، ولكنهم هذه المرة وجدوا السبب، فقد تجرأ اللاعب العربي زاهي أحمد على تسجيل هدف في مرمى بيتار، وساعد فريقه هبوعيل بئر السبع على الفوز بكأس دولة إسرائيل في النهائي.
ولا شك بأن هدفا من لاعب عربي في نهائي الكأس قريب جدا بالنسبة لمشجعي بيتار من السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولا بد أن يكون الرد عليه فوريا لأن جرأة لاعب عربي يسجل ضد الفريق الأكثر يهودية في نهائي الكأس لا يمكن أن تمر دون عقاب.
إعلان لا رادع قانونيا ولا أخلاقياولأننا لا يمكن أن نقارن أهوال السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بهدف كرة قدم، فلا يجوز أن نقارن أيضا بين سائقي حافلتين مصابين وألف رضيع مقتول، مع أن التشابه قائم، إذ إن الرد في كلتا الحالتين غير قانوني وغير شرعي وغير متناسب، حسب ليفي.
ونبّه ليفي إلى أن وصف الحرب في قطاع غزة بالحرب العادلة أو "أكثر الحروب عدلا في تاريخنا" ضرب من الجنون، وهو يشبه القول إن مشجعي بيتار لديهم سبب لضرب السائقيْن لصلتهما بخسارة بيتار، كما أن لأطفال غزة صلة بالسابع من أكتوبر.
يظن المشاغبون أن ردع اللاعبين يكون بالاعتداء، كما تعتقد إسرائيل أن ردع غزة يكون بالإبادة الجماعية
والقول إن هدف الحرب هو تحرير المحتجزين وهزيمة (حركة المقاومة الإسلامية) حماس قول سخيف تماما -حسب ليفي- وهو يشبه القول بأن الاعتداء على سائق حافلة سيمنع اللاعبين العرب من تسجيل الأهداف، حيث يظن المشاغبون أن ردع اللاعبين يكون بالاعتداء، كما تعتقد إسرائيل أن ردع غزة يكون بالإبادة الجماعية.
وتابع ليفي تبيان أوجه التشابه بين الحالتين، حيث لا رادع قانونيا ولا أخلاقيا، وحيث الضرب والقصف بلا رحمة، كما أن معظم الضحايا أبرياء، وحيث آليات القوة متشابهة، لأن عشرات الأشخاص ضد سائق واحد، كأفضل جيش في العالم ضد شعب أعزل، كما أن قصف غزة وهي ملقاة على الأرض جائعة تنزف لا يختلف عن ركل السائق وهو ملقى على الأرض ينزف.
وكما أن الاعتداء في القدس لم يكن الأول، حيث يسجل هجومان يوميا من نوعه حسب نقابة سائقي الحافلات، ولن يكون الأخير، فإن الهجوم الحالي على غزة ليس الأول بالطبع ولن يكون الأخير.
وختم ليفي بأن الحشد الذي يصرخ "يا إلهي. يا إلهي"، سواء كان ذلك صدمة أو حماسا، لم يدافع أحد منه عن السائقين اللذين لن يتعافيا سريعا، كما لم يدافع أحد عن غزة التي لن تتعافى أيضا وستبقى مذهولة إلى الأبد مما فعلته بها إسرائيل.