عربي21:
2025-07-31@04:55:04 GMT

نووي إيران.. بين الجد والهزل

تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT

في رواية "حفلة التفاهة" يصف لنا الراحل ميلان كونديرا (ت: 2023م) تصوراته عن العالم من حوله قائلا: "هذه التفاهة التي تحيط بنا، إنها مفتاح العقل، مفتاح المزاج الجيد والرضا".. ويمتد بالوصف قائلا: "يجب ألا نأخذ ما يجرى حولنا على محمل الجد!".. قد تكون نوايا كونديرا في روايته الأخيرة تتجه فكريا وفلسفيا في اتجاه آخر غير ما نقصده هنا، لكننا سنعمل بما يقول به الأصوليون من خصوص اللفظ وعموم المعنى.

. وعذرا للروائي الراحل على أي حال..

لكن لماذا ورد على الخاطر الآن هذه الرواية بعنوانها الزاخر بالسخرية، ولماذا في هذا الوقت بالذات؟

لقد أطل علينا رأس ويتكوف، المبعوث الترامبي المختار، لحل أزمات العالم التي تدور مع دوران كوكب الأرض. في أوكرانيا ستجد ويتكوف يذهب ويجيء، في غزة ستجد ويتكوف يذهب ويجيء، وأخيرا ها هو الآن في عُمان جاء ليفاوض إيران بشكل غير مباشر، حول برنامجها النووي، الذي يجب عليها أن تتفاوض عليه وإلا "فسيكون هناك قصف.. سيكون قصفا لم يشهدوا مثله من قبل" كما قال ترامب في وعوده وتوعداته المهددة والمرعبة، التي سنسمعها أيضا عن غزة والصين، وبعض رذاذها سيصل إلى أوروبا وكندا، ولا زال العرض مفتوحا..

اختيار التوقيت له علاقة بأزمة إسرائيل في غزة، والتي لا يبدو أن لها حلا يناسب الزهو والغطرسة الغربية وإسرائيل (التي هي في حالة احتضار)، فها نحن نقترب من اليوم الثلاثين من بدء الجحيم الذي توعد به ترامب (18 آذار/ مارس) وغلمانه هنا وهناك، ولم يحدث شيء مما يتوقعون ويأملون
* * *

لكن في حالة إيران سنجدنا في دهشة بعض الشيء، لأن الموضوع له تاريخ غير قصير من الجدل المثير، الغرب كله وفي القلب منه إسرائيل، لهم اهتمامهم قديم بهذا الموضوع، وشاركوا فيه بدرجة أو بأخرى، لكننا في هذه المرة لن نجد إلا ويتكوف، المبعوث الترامبي المختار العابر للإدارات والوزارات والتخصصات، ذاك الذي يفاوض أي أحد، في أي أزمة!

وسنجد أن الموضوع كله مشحون بأجواء من الإثارة والدراما والمفاجآت، تلك الأجواء التي يفضلها كثيرا مستشارو ترامب، ناهيك عن تفضيل ترامب نفسه لها.

السيارات المسرعة، والرجال الذين يمشون حولها في سرعة وتحفز، والوجوه كلها يرتسم عليها الجدية البالغة والترقب، والاستعداد الدائم للحركة والانقضاض على الخصوم. وكما ذكّرنا كونديرا بـ"التفاهة"، سيذكرنا الروائي الإسباني الشهير سرفانتس بـ"الأوهام"!

* * *

وفورا سيأتي في خاطرنا المشهد الشهير لـ"دون كيشوت" أمام طواحين الهواء: "فلم يعد يحتمل الانتظار أكثر مما انتظر، فكلما تأخر في خروجه كلما ازدادت المظالم، وتراكم عناء البشرية وشقاؤها، طبقات بعضها فوق بعض، وهو ما كان يثقل كاهله، ويشعره بتأنيب ضمير، أوَلم يكن بمقدوره أن ينهي عذابات البشرية، ويضع حدا للمظالم، لولا تراخيه وتكاسله" (وفي الحالة الترامبية سيقول: لولا عدم انتخابه)..

* * *

في توقيت غريب بدأت المفاوضات (الأمريكية الإيرانية) غير المباشرة، توقيت أبعد ما يكون عن أولويات الأزمات إقليميا (الشرق الأوسط/ غزة) ودوليا (أوكرانيا والصين..).

فمن اختار لها هذا التوقيت؟ ولما كانت بالذات في هذا التوقيت..؟ ومن باب التوقع والاحتمال: إلى أين ستسير؟ وفي أدنى الأحوال وأقصاها: إلى ما ستنتهي؟

* * *
هذا ملف يراد منه وله: الاستمرار والتوظيف، لا التوقف والإتمام. لقد انتهى السلاح النووي كسلاح، بالمعنى الحرفي لكلمة سلاح في الحرب العالمية الثانية.. تمتلكه أو لا تمتلكه، لم يعد ذلك هو ما يرجح كفة الميزان، لحساب طرف على طرف
أتصور أن اختيار التوقيت له علاقة بأزمة إسرائيل في غزة، والتي لا يبدو أن لها حلا يناسب الزهو والغطرسة الغربية وإسرائيل (التي هي في حالة احتضار)، فها نحن نقترب من اليوم الثلاثين من بدء الجحيم الذي توعد به ترامب (18 آذار/ مارس) وغلمانه هنا وهناك، ولم يحدث شيء مما يتوقعون ويأملون، لم تستسلم المقاومة، لم يثر أهل غزة على المقاومة، وبدأت تتصاعد هجمات المقاومة!!

سيكون ملف سوريا قريبا من هذه الأجواء أيضا، فضربات إسرائيل في سوريا لن تمنع ما بدأ يوم 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024م، اليوم الذي تحررت فيه دمشق من الحكم القديم، وجاء حكم جديد لا ينتمى إلى النظام الإقليمي العربي الذي ولدت فيه "دولة إسرائيل"، ويبدو أنه وثيق الصلة بالنظريات والتصورات والطموحات التي قدمتها التجربة التركية الحديثة (العدالة والتنمية)، وترامب تحدث عن ذلك بتعرية لا سابق لها في دنيا السياسة..

وهذا تطور تاريخي كبير يطرق أبواب الشرق الأوسط المنشود، الذي اختفى طويلا في دهاليز النظام العربي الرسمي بتفاهمات تامة مع النظام الدولي وقتها (نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية).. ومهما فعلت إسرائيل مدعومة من الغرب لتعطيل هذا التطور، فلن تستطيع أبدا إيقافه، فقد جاء في أكثر الأوقات ملائمة (ما بعد طوفان الأقصى).

* * *

لن يحدث أي شيء مفاجئ ولا غريب، يدفع بالمفاوضات الإيرانية/الأمريكية في أي اتجاه يسير بها إلى إتمام الموضوع نهائيا، هذا ليس مطلوبا أبدا، وفي الاستراتيجية الغربية كلها على فكرة لا أمريكا فقط.

المطلوب أن يظل الملف مفتوحا، ويتم تناوله بدرجات متفاوتة من التصعيد والتخفيض، وأتصور أن الوعي الإيراني، موصول بالوعي الغربي في إدراك هذا المفهوم..

هذا ملف يراد منه وله: الاستمرار والتوظيف، لا التوقف والإتمام. لقد انتهى السلاح النووي كسلاح، بالمعنى الحرفي لكلمة سلاح في الحرب العالمية الثانية.. تمتلكه أو لا تمتلكه، لم يعد ذلك هو ما يرجح كفة الميزان، لحساب طرف على طرف..

أول وآخر (قتبلة نووية) في التاريخ هي التي ألقيت فوق هيروشيما. هذا "فهم" يدركه الأعمى بعكازه، قبل أن يدركه السياسى في أبحاثه.

x.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء إيران النووي المفاوضات إيران امريكا مفاوضات نووي قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة أفكار سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

عبد العاطي يبحث مع ويتكوف سبل وقف إطلاق النار في غزة واستئناف مفاوضات إيران

 تواصل د. بدر عبد العاطى مع "ستيف ويتكوف" مبعوث الرئيس الأمريكى الخاص للشرق الأوسط يوم الاربعاء ٣٠ يوليو ٢٠٢٥، وذلك قبل توجه ويتكوف إلى المنطقة.

تناول الاتصال الجهود الرامية للتوصل لاتفاق لوقف اطلاق النار فى غزة، ونفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع بدون مشروطيات وإطلاق عدد من الرهائن والاسرى، حيث تم تبادل الرؤى بالنسبة الجهود المشتركة من الأطراف الضامنة الثلاث - مصر والولايات المتحدة وقطر - فى تأمين وقف إطلاق النار من خلال تكثيف الضغوط، بما يسمح بالتوصل إلى الاتفاق فى اقرب وقت ممكن.

 واستعرض الوزير عبد العاطى بإسهاب الكارثة الإنسانية في قطاع غزة نتيجة الانتهاكات الإسرائيلية الصارخة واستخدام التجويع كسلاح ضد الفلسطينيين فى غزة.

كما تناول الوزير عبد العاطى الجهود التى تبذلها مصر للعمل على سرعة استئناف المفاوضات حول البرنامج النووى الإيراني بين الولايات المتحدة وإيران وبين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

طباعة شارك ويتكوف بدر عبدالعاطي البرنامج النووى الإيراني غزة

مقالات مشابهة

  • عبد العاطي يبحث مع ويتكوف سبل وقف إطلاق النار في غزة واستئناف مفاوضات إيران
  • ترامب يُمهل بوتين 12 يومًا لإنهاء الحرب .. فهل ترد روسيا العظمى بقصف واشنطن؟ مدفيديف: لسنا (إسرائيل أو إيران)
  • ترامب: إسرائيل ترفض حصول حماس على المساعدات التي يتم توزيعها في غزة
  • إيران تتحدث عن إنجاز نووي: دواء يكشف مرض الزهايمر قبل 20 عاماً
  • ميدفيديف يرد على”مهلة ترامب”: لسنا إيران أو إسرائيل
  • مدفيديف يحذر ترامب: روسيا ليست إسرائيل أو إيران ولغة الإنذارات تقود إلى الحرب
  • ميدفيديف لترامب: لسنا إسرائيل ولا إيران والإنذارات خطوة نحو حرب بيننا
  • ميدفيديف مخاطبا ترامب: لسنا إسرائيل ولا إيران والإنذارات خطوة نحو حرب بيننا
  • مدفيديف يحذر ترامب: روسيا ليست إسرائيل أو إيران والإنذارات خطوة نحو الحرب
  • «لسنا إسرائيل أو إيران».. روسيا لـ ترامب: نهجك يؤدي لحرب تشمل أمريكا