«سقوط الهيبة الأمريكية في سماء اليمن».. أربع طائرات MQ-9 خلال أسبوع يفتح بوابة تحول استراتيجي في موازين الردع الجوي
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
يمانيون../
في مشهد يعكس تحولًا نوعيًا في قواعد الاشتباك ومسار الصراع المفتوح بين اليمن وقوى العدوان، تلقّت الولايات المتحدة الأمريكية صفعة موجعة جديدة في اليمن تمثلت بإسقاط أربع طائرات مسيّرة من طراز MQ-9 Reaper خلال أقل من أسبوعين. ليس الحدث عابرًا في توقيته ولا في رمزيته، بل يحمل بين طياته دلالات استراتيجية عميقة تكشف حجم الانهيار في منظومة الردع الأمريكية التقليدية، خاصة في الفضاء الجوي للمنطقة الذي كان حتى الأمس القريب يُوصف بأنه ساحة حصرية للهيمنة الأمريكية.
نقلاً عن تقرير تحليلي نشرته صحيفة «تسارغراد» الروسية للكاتب ألكسندر أرتامونوف، فإن هذه العمليات اليمنية الناجحة لا تعد فقط تطورًا تكتيكيًا على المستوى الميداني، بل تمثل نقطة انعطاف مفصلية في توازنات القوة، وسابقة عسكرية تضع الإدارة الأمريكية أمام معادلات جديدة في التعامل مع الملف اليمني، ومع قدرات أنصار الله المتسارعة.
الطائرة MQ-9 Reaper.. العمود الفقري للهيمنة الجوية الأمريكية
الطائرة التي طالتها صواريخ الدفاعات اليمنية أربع مرات خلال أيام، ليست مجرد طائرة تجسس أو استطلاع عادية. بل هي إحدى أخطر أدوات الحرب الأمريكية الحديثة، يُطلق عليها اسم “الحاصدة” Reaper لأنها مخصصة للقتل عن بعد، والتجسس طويل الأمد، ومزودة بأحدث الأنظمة في مجال الذكاء الصناعي والطيران دون طيار.
تكلفة الطائرة الواحدة تتجاوز 30 مليون دولار، ويمكنها أن تحمل ما يصل إلى 14 صاروخًا موجهًا من نوع Hellfire، وتطير على مدى أكثر من 14 ساعة متواصلة على ارتفاع شاهق يصل إلى 50 ألف قدم. وهي في العادة تُدار من قواعد أمريكية عبر الأقمار الصناعية، وتُعتبر جزءاً من منظومة “الحرب الذكية” التي تعتمدها الولايات المتحدة في عملياتها حول العالم.
لكن ما لم تُدرجه البنتاغون في حساباته، أن هذه الطائرات المتطورة قد تسقط على يد رجال في اليمن لا يملكون تقنيات غربية، بل عقولًا يمنية وأيديًا صاغتها سنوات الحصار والتجربة.
أربع عمليات إسقاط في أقل من أسبوعين: تصعيد مدروس أم تحول استراتيجي؟
يرى الكاتب الروسي أرتامونوف أن العدد وحده يحمل رسائل تتجاوز الحسابات الرقمية. فخسارة أربع طائرات بهذا المستوى خلال فترة وجيزة يكشف عن تطور هندسي واستخباراتي يمني دقيق، ناهيك عن أن عمليات الإسقاط لم تكن مجرد ضربة حظ أو استهداف استعراضي، بل عمليات محسوبة تمّت بدقة عالية، ما يعكس امتلاك الدفاعات اليمنية تقنيات قادرة على كشف، تتبع، ثم إسقاط هذه الطائرات.
هذا ما دفع الكاتب إلى القول إن “أنصار الله لا يسقطون آلات فقط، بل يسقطون منظومة أمنية جوية كاملة، ويُحدثون خللاً بنيوياً في العقيدة القتالية الأمريكية”، وهي عبارة لا تأتي من فراغ، بل تستند إلى إدراكٍ متزايد داخل الدوائر الغربية بأن الفضاء الجوي في اليمن لم يعد متاحًا كما كان في السابق.
التكنولوجيا اليمنية الصاعدة.. من سرية الظل إلى فعالية العلن
يؤكد أرتامونوف أن هذه الإنجازات اليمنية ليست مفاجئة لمن تابع تطور الأداء الدفاعي على مدى السنوات الماضية. فما بدأ كحرب تقليدية دخل اليوم مرحلة الحرب التقنية، حيث أظهرت منظومات الدفاع الجوي اليمنية قدرتها على اصطياد أهداف عالية التحليق، مجهزة بأنظمة تشويش وتخفي متقدمة.
ما جرى – بحسب التقرير – هو نتاج عمل دؤوب استمر لسنوات، بعيدًا عن أعين العالم، من قبل مهندسين يمنيين طوروا تقنيات محلية الصنع، واستفادوا من دعم تحالفات إقليمية تركز على بناء بنية تحتية عسكرية مستدامة، تقوم على الاكتفاء الذاتي والابتكار الدفاعي الذكي، بعيدًا عن النمطية الغربية.
سقوط الطائرة.. سقوط للهيبة
الرمزية هنا ليست في سقوط الطائرة بحد ذاتها، بل في منطق الردع الذي كانت تمثله. إذ لطالما اعتمدت الولايات المتحدة على ما يُعرف بـ”الهيبة الجوية”، باعتبارها سلاحاً نفسياً قبل أن يكون ميدانياً. الطائرات المسيّرة كانت جزءًا من رسائل الترهيب والردع الاستباقي. ومع كل إسقاط جديد، يتآكل هذا الرصيد، وتُكسر تلك الهالة تدريجيًا.
من وجهة نظر أرتامونوف، فإن واشنطن لا تخسر فقط طائرات، بل تخسر معها القدرة على التخويف، وهي خسارة باهظة الثمن على مستوى السياسة الدولية.
انعكاسات إقليمية وعالمية.. من اليمن إلى البنتاغون
لم تعد خسائر MQ-9 مجرد مسألة محلية، بل تحوّلت إلى موضوع حيوي داخل أروقة القرار العسكري الأمريكي. ويُشار إلى أن تقارير استخباراتية داخل البنتاغون بدأت تُعبّر عن قلق متزايد إزاء فعالية تلك الطائرات في بيئة عمليات مثل اليمن، حيث لا تتطابق المعايير الأمريكية التقليدية للسيطرة الجوية.
هذا الانكشاف العسكري قد يفتح الباب على مرحلة جديدة في استراتيجية المواجهة، وقد يدفع واشنطن إلى إعادة تقييم دور الطائرات المسيّرة في مثل هذه الساحات، أو حتى إلى تطوير جيل جديد من الطائرات أكثر حصانة من أنظمة الدفاع المحلي.
منطقة حظر أمريكية.. أم منطقة ردع يمني؟
يذهب التقرير الروسي إلى أبعد من ذلك في استنتاجاته، حيث يرى أن سماء صنعاء وشمال غرب اليمن باتت – فعلياً – منطقة حظر غير معلنة للطائرات الأمريكية، ليس بحكم إعلان قانوني دولي، بل بحكم الردع الفعلي الذي فرضته الدفاعات اليمنية.
وبحسب التقرير، فإن كل طائرة تُسقط في سماء اليمن، ترسم “خطًا أحمرًا” جديدًا في معادلة الاشتباك، وتؤكد أن الزمن الذي كانت فيه واشنطن تطير دون حساب أو مقاومة، قد ولى إلى غير رجعة.
ختامًا: طائرات MQ-9 ليست نهاية السقوط الأمريكي
ربما لا تكون MQ-9 آخر ما ستخسره أمريكا في هذا المسار، لكن المؤكد أن اليمن اليوم يخطّ معادلة جديدة تقول للعالم: إن التفوق لا يُقاس بما تملكه من أدوات، بل بما تملكه من إرادة وفكر وكرامة.
وإذا كانت أمريكا تُحارب بطائرات بلا طيار، فاليمنيون يواجهونها بأرواح عامرة بالإيمان، وبعقول تصنع سلاحها من ركام الحصار والنسيان.
ولعلّ الرسالة الأهم التي أوصلتها الدفاعات اليمنية للعالم أجمع، أن السماء لم تعد حكراً على أحد، وأن زمن الاستفراد الأمريكي بسماء الشعوب الضعيفة قد بدأ في الأفول.. من سماء اليمن.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الدفاعات الیمنیة
إقرأ أيضاً:
من ماكرون إلى يلتسين.. كيف تحوّلت سلالم الطائرات إلى فخ لرؤساء الدول؟
لم يكن الموقف المحرج الذي تعرّض له الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع زوجته بريجيت، والذي وثّقته الكاميرات خلال استعدادهما للنزول من الطائرة في زيارة رسمية إلى فيتنام، ظاهرة جديدة تمامًا. اعلان
فقد ارتبطت لحظات صعود قادة العالم إلى الطائرات أو نزولهم منها بمواقف موثقة على مرأى الكاميرات، تحوّلت إلى مشاهد خالدة في ذاكرة الشعوب، أثارت السخرية والتهكم. وفيما يلي أبرز هذه الأمثلة:
سقوط جيرالد فوردفي حزيران/ يونيو 1975، انزلق الرئيس الأمريكي جيرالد فورد وسقط أثناء نزوله من سلم الطائرة الرئاسية في مدينة سالزبورغ النمساوية. وقد وثّقت الكاميرات الحادثة التي تحوّلت سريعًا إلى مادة للسخرية.
عزا فورد سبب انزلاقه إلى إصابة قديمة في الركبة، إلا أن الحادثة ألصقت به صورة "الرجل المتعثر"، وهي صورة استغلها الممثل الكوميدي الشهير تشيفي تشيس في عروضه الساخرة.
تحوّلت هذه الحادثة إلى "قضية" أثّرت على حملة فورد لإعادة انتخابه في العام التالي، وأسهمت في ترسيخ صورة "الحماقة" التي ارتبطت بفترة رئاسته. وفي نهاية المطاف، خسر فورد الانتخابات أمام جيمي كارتر.
من بين الرؤساء الأمريكيين الآخرين الذين واجهوا صعوبة مع السلالم، كان جو بايدن الذي تعثّر عدة مرات أثناء صعوده إلى الطائرة الرئاسية.
في آذار/ مارس 2021، تعثر بايدن أثناء صعوده سلم الطائرة في قاعدة أندروز، وهي الحوادث التي عزتها المتحدثة باسم البيت الأبيض إلى ظروف الرياح. وقد بدا أن بايدن توقف للحظة ليمسح الغبار عن ركبته قبل أن يواصل صعوده إلى الطائرة.
ووقعت حادثة مشابهة في عام 2023، الأمر الذي أثار تساؤلات جديدة حول حالته البدنية وقدرته على التحمل.
واجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو الآخر بعض اللحظات المحرجة أثناء صعوده أو نزوله من السلالم.
في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، رُصد ترامب وهو يتخلّص من مظلته في السلم العلوي للطائرة الرئاسية "إير فورس وان"، ثمّ تركها تتدحرج بعيدًا بينما كان يواصل صعوده إلى الطائرة.
وفي مناسبة أخرى، التُقطت لترامب صورة أثناء صعوده إلى الطائرة الرئاسية المتجهة إلى مينيسوتا، وقطعة من ورق التواليت ملتصقة بنعل حذائه، في مشهد أثار موجة من التعليقات الساخرة.
وفي حزيران/ يونيو 2020، شوهد ترامب وهو ينزل بحذر من منحدر في أكاديمية ويست بوينت العسكرية، ما أثار جدلًا واسعًا بشأن حالته الصحية. وقد برر لاحقًا الأمر بالقول إن المنحدر كان "طويلًا جدًا وشديد الانحدار".
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، تعثّرت السيدة الأولى الإندونيسية آنذاك، إريانا، أثناء نزولها من سلم الطائرة الرئاسية، مستندة إلى ذراع زوجها، الرئيس جوكو ويدودو.
وصل الزوجان إلى مطار آي غوستي نغوراه راي في بالي، للمشاركة في قمة مجموعة العشرين.
سارع فريق الأمن الرئاسي إلى مساعدة إريانا، التي تمكنت من متابعة جدول ارتباطاتها المقررة دون أن تتعرض لأي إصابة.
غياب بوريس يلتسينفي بعض الحالات، يكمن التحدي في مجرّد العثور على السلالم، كما حدث مع الرئيس الروسي بوريس يلتسين الذي وصل إلى أيرلندا عام 1994 في زيارة رسمية، لكنه لم يخرج من الطائرة مطلقًا.
آنذاك، ترك رئيس الوزراء الأيرلندي ألبرت رينولدز وعدد من وزرائه في حيرة من أمرهم بمطار شانون، بانتظار وصول يلتسين الذي لم يخرج من الطائرة.
قُدّمت تبريرات متعددة لغياب يلتسين، منها أنه كان يشعر بالإرهاق، أو بحاجة إلى الراحة بعد رحلة شاقّة، كما قيل إن حراسه الشخصيين ترددوا في إيقاظه. ومع ذلك، اتفقت معظم الروايات على أنه كان مخمورًا بشدة، إلى درجة أنه لم يتمكن من الصعود إلى السلالم.
وحينها، وجّه يلتسين رسالة اعتذار إلى رينولدز أعرب فيها عن أسفه على الحادث الذي حال دون لقائهما، ودعاه في المقابل إلى زيارة روسيا في العام التالي.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة