ماذا يكون بعد أن حكم القضاء في تونس؟
تاريخ النشر: 25th, April 2025 GMT
لن يكون شيء، فاذهب أيها القارئ العابر إلى مقال آخر قد تجد فائدة، فهذا الموقع غني بالأقلام الجادة. تونس لم تعد مصدرا لأي حدث جميل، عجبا أهذه تونس نبع الربيع العربي ومصدر الإلهام الديمقراطي؟ نعم، لقد وصلت تونس إلى حالة من عدم التأثير في ما حولها، بل هي تأكل نفسها مثل نار نفد حطبها. ذلك الحلم الجميل أغلق، لكن لماذا تطرح السؤال في العنوان؟ إن ذلك العنوان هو الجملة التي يطرحها على نفسه كل تونسي حمل ذلك الحلم ثم رآه يتلاشى، وقد يصل الأمر ببعض الناس إلى السير في الشوارع يكلمون أنفسهم كالزومبي.
تحميل المسؤوليات
الجميع يبرئ نفسه ويتهم الآخرين، هذه رياضة وطنية في تونس.. الآخرون هم السبب. من هنا بدأت الأزمة التي توجتها الأحكام الجائرة في حق النخبة السياسية باختلاف الأسماء والتوجهات السياسية. انقسم الشارع الافتراضي الذي لا يزال مفتوحا؛ إلى مواقف متضادة يمكن تلخيصها في ما يلي:
- موقف الشامتين في المحكوم عليهم، يكتبه وينشره قوم من المعارضة يعيشون خيبة أمل كبيرة في النخب، ويرون أن المحكومين كانوا سببا في ما حصل وليسوا أبرياء مما أصابهم. فقد ساهموا بدرجات في ترذيل الوضع السياسي قبل الانقلاب ولم يبنوا عملهم السياسي ضمن مشروع ديمقراطي جامع، بل تحركوا بمنطق التكايد السياسي خاصة ضد حزب النهضة منذ الثورة، بل كان بعضهم مساندا ومبررا للانقلاب حتى انقلب على الجميع. وهذا الموقف ينتهي عند الشماتة المُرة ولا يبلغ مبلغ التفكير في ما بعدها، وغالبا يختم قوله بجملة محبطة "خليها تخرب على الجميع". هذا الموقف هو قمة اليأس السياسي وهو موقف واسع، ويضم كل مساكين حزب النهضة وكثير من الحالمين الذين أعادت لهم الثورة أرواحهم بعد موات وخيبت النخب آمالهم.
- موقف الحائرين الذين لا يختلفون في تحليل الوضع عن الشامتين، لكنهم يبحثون عن حل فيه ربع أمل في أن تتحول الأحكام الجائرة إلى محرض على اجتماع سياسي يمهد لوضع بديل. وهذا ما يُسمع في صفوف جبهة الخلاص أو ما تبقى منها يقف في الشارع وقفات خجولة ومترددة أو غير مؤمنة إيمانا كاملا بالمستقبل، ولكنها تقترب من رفع العتب ولا تنتج خطة فعالة للتجميع.
- موقف المتشفين من المحكوم عليهم، وهذا موقف أنصار النظام ويضم فصائل يسارية وقومية يرون في ما يجري فتح طريق لتملك السلطة زمنا طويلا ويرون في المرحلة مرحلة تنظيف. وهم غير مهتمين بالسؤال: ماذا بعد؟ فما يجري هو خطتهم، فهم السلطة. وتصدر عن هذا الموقف تهديدات بالسحل لمن يشكك في القضاء الشامخ.
وينتشر حول هذه المواقف خطاب التخلي الشامل عن كل طموح. ففئة واسعة من التونسيين ودّعت أحلامها وقالت ننتظر حكم الطبيعة، فالطبيعة لا تنسى مهماتها. ويعقبون حتى بعد حكم الطبيعة: سنجد أنفسنا في نفس الوضع القديم، فالنخب لم تقرأ درس الديمقراطية عند معلم جاد.
ألا يوجد حل؟
بلى يوجد لكنه حل روائي لنقل يوجد حل مثالي، يقوم على مراجعات جادة من قبل الجميع باستثناء المتشفين من أنصار السلطة، لكن هذه الرواية تقوم على شجاعة استثنائية لذلك فهي غير واقعية.
تحديد قائمة الأخطاء في حق المسار الديمقراطي الذي راكم تراثا لم يندثر من النفوس ومن الورق، فهناك دستور يمكن البدء منه. لم يكن "دستور الخوانجية" بل دستورا تونسيا بُذل فيه جهد واجتهاد كبير. هذه خطوة مؤسسة ومنها يستعاد العمل السياسي الجماعي بهدف واضح اسمه استعادة الديمقراطية.
هناك باب للعمل الفعلي (الميداني)، أن تؤجل الأسئلة المتعلقة بمن أخطأ أكثر من الآخرين في حق المسار، وهذا يعني أن يوقف نزيف الاتهامات بين فرقاء كثر. فكثير من الأخطاء سيردمها الفعل البنّاء إذا انطلق، وسيكون من العيب العودة إليها إذا فتح صندوق الانتخابات. فالمحاسبات تتم في وضع ديمقراطي، حينها يكون لها تأثير إيجابي، أما الآن فهي مواصلة لعملية التخريب التي تصب في مصلحة الانقلاب. من سيتجاوز أولا إلى مبدأ العمل الجماعي؟ بعد أسبوع من صدور الأحكام لم نسمع من يقول بالتجاوز وبدء العمل من الصفر.
هنا تظهر مهمة أخرى نضالية بامتياز، قطع الأمل من وصول نجدة خارجية متعاطفة مع الديمقراطية في تونس، هذه النجدة لن تأتي أبدا. "حك جلدك بظفرك"، هذا عنوان رئيسي في كل جهد قادم للخروج من الوضع البائس. لقد تخلى العالم (الديمقراطي) عن تونس، والحقيقة أنه لم يكن أبدا مع الديمقراطية في تونس أو في غيرها. فالتونسيون الذين لهم عقول يذكرون جيدا وزيرة خارجية فرنسا تعرض المساعدة العسكرية على نظام بن علي حتى الدقيقة الأخيرة قبل ركوبه الطائرة هاربا.
التونسيون عاشوا حرب الطوفان ورأوا الغرب (المُنْجِد) يدمر شعبا في غزة ويجد اللغة الكافية لتبرير فعله. وإذا صحت الأخبار عن بدء حملة دولية لتدمير الحواضن الشعبية العربية للمقاومة، فإن مرحلة جديدة من التدمير السياسي توشك أن تحل على الرؤوس. وعندنا علم بتونسيين تحسسوا الموقف الأمريكي من الانقلاب منذ عهد بايدن، فقيل لهم "حلوا مشاكلكم بأنفسكم، اللي فينا مكفينا".
لنختم بشيء من الفلسفة، فالرواية الرومانسية لن تكون غدا أو بعد عام. من الفلسفة أن نقول كان هذا الانقلاب ضروريا، فهو تمحيص وغربلة وقد صفى وغربل ونخل وقدم صورة شاملة عن النخبة السياسية التونسية، فأسقط أنصاف الزعماء وكل الأدعياء ووضح الطريق لمن يؤمن بالعمل الجماعي لبناء الديمقراطية، وقد صورناه ونواصل رؤيته على المدى البعيد حريق الغابة الذي سيمهد لنبت جديد. وهذا ليس من الشماتة ولا تشفيا في المساجين، ومن يدري فقد يولد منهم في سجونهم مؤمنون بالديمقراطية ويؤسسون من هناك لخطاب جامع.
لنغلق بمشهد تمثيلي؛ أن ينصب من تبقي معارضا للانقلاب خيمته أمام السجن ويقول "اسجنونا معهم أو نعود بهم نحو المستقبل"، ساعتها سيبدأ ربيع عربي ثان من تونس.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه تونس النهضة القضاء الديمقراطية تونس النهضة القضاء ديمقراطية مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی تونس
إقرأ أيضاً:
رجّي بحث مع القائم بالأعمال الفرنسي دعم لبنان والتمديد لليونيفيل
استقبل وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي القائم بأعمال السفارة الفرنسية في لبنان برونو بيريرا دا سيلفا الذي أكد" دعم فرنسا لقرارات الحكومة اللبنانية بشأن حصر السلاح بيد الدولة".
وقدّم التعزية بشهداء الجيش الذين سقطوا بانفجار مخزن السلاح في جنوب لبنان، وجرى البحث في مسألة التمديد لقوات "اليونيفيل" والصعوبات المحتملة التي قد تعترض مسار التمديد هذا العام.
كما استقبل الوزير رجّي سفيرة كندا لدى لبنان ستيفاني ماكولم في زيارة وداعية لمناسبة إنتهاء مهامها، وكانت مناسبة لعرض آخر المستجدات في لبنان والمنطقة، وسبل تطوير العلاقات بين البلدين في المجالات كافة.
وشكر الوزير رجّي السفيرة ماكولم على الدعم الكندي للبنان وعلى الدور الذي اضطلعت به السفيرة خلال فترة وجودها في بيروت لتعزيز العلاقات الثنائية، وتمنى لها "النجاح والتوفيق في مهامها الجديدة".
مواضيع ذات صلة رجي عرض مع لاكروا ولاثارو الأوضاع في الجنوب وعمل "اليونيفيل" Lebanon 24 رجي عرض مع لاكروا ولاثارو الأوضاع في الجنوب وعمل "اليونيفيل" 12/08/2025 12:56:34 12/08/2025 12:56:34 Lebanon 24 Lebanon 24 اتصالات فرنسية للتمديد لليونيفيل وحزب الله: الدفاع عن الأرض لا يحتاج إلى إذن Lebanon 24 اتصالات فرنسية للتمديد لليونيفيل وحزب الله: الدفاع عن الأرض لا يحتاج إلى إذن 12/08/2025 12:56:34 12/08/2025 12:56:34 Lebanon 24 Lebanon 24 تصاعد التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وباريس: استدعاء القائم بالأعمال الفرنسي Lebanon 24 تصاعد التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وباريس: استدعاء القائم بالأعمال الفرنسي 12/08/2025 12:56:34 12/08/2025 12:56:34 Lebanon 24 Lebanon 24 فرح بحث مع اليونيفيل سبل دعم الدفاع المدني Lebanon 24 فرح بحث مع اليونيفيل سبل دعم الدفاع المدني 12/08/2025 12:56:34 12/08/2025 12:56:34 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً إقفال مركز طبيّ بالشمع الأحمر... ماذا ضبطت أمن الدولة في داخله؟ Lebanon 24 إقفال مركز طبيّ بالشمع الأحمر... ماذا ضبطت أمن الدولة في داخله؟ 12:34 | 2025-08-12 12/08/2025 12:34:17 Lebanon 24 Lebanon 24 إلقاء القبض على 4 سوريين في بلدة جنوبيّة... إليكم ما كانوا يقومون به Lebanon 24 إلقاء القبض على 4 سوريين في بلدة جنوبيّة... إليكم ما كانوا يقومون به 12:27 | 2025-08-12 12/08/2025 12:27:58 Lebanon 24 Lebanon 24 عمليات أمنية لـ"حزب الله".. مخاوف من "خلايا نائمة"! Lebanon 24 عمليات أمنية لـ"حزب الله".. مخاوف من "خلايا نائمة"! 12:00 | 2025-08-12 12/08/2025 12:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الكشف على إحدى المؤسسات الصناعية في أعالي التويتة ـ زحلة.. وهذا ما تبين (صور) Lebanon 24 الكشف على إحدى المؤسسات الصناعية في أعالي التويتة ـ زحلة.. وهذا ما تبين (صور) 11:58 | 2025-08-12 12/08/2025 11:58:39 Lebanon 24 Lebanon 24 في بيروت.. سلب سيدتين بقوة السلاح وفرّ بدراجته Lebanon 24 في بيروت.. سلب سيدتين بقوة السلاح وفرّ بدراجته 11:58 | 2025-08-12 12/08/2025 11:58:05 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة خبرٌ أمني.. وهذا ما قيلَ عن الضاحية Lebanon 24 خبرٌ أمني.. وهذا ما قيلَ عن الضاحية 20:43 | 2025-08-11 11/08/2025 08:43:08 Lebanon 24 Lebanon 24 خبرٌ عن الـ5 دولار في لبنان.. ماذا يكشف؟ Lebanon 24 خبرٌ عن الـ5 دولار في لبنان.. ماذا يكشف؟ 22:56 | 2025-08-11 11/08/2025 10:56:08 Lebanon 24 Lebanon 24 توتر في الضاحية.. إنفجار قنبلة وإطلاق نار Lebanon 24 توتر في الضاحية.. إنفجار قنبلة وإطلاق نار 22:09 | 2025-08-11 11/08/2025 10:09:51 Lebanon 24 Lebanon 24 موجة الحر مستمرة حتى السبت ولكن لا تفرحوا كثيراً.. استعدوا لموجة جديدة في هذا الموعد Lebanon 24 موجة الحر مستمرة حتى السبت ولكن لا تفرحوا كثيراً.. استعدوا لموجة جديدة في هذا الموعد 07:40 | 2025-08-12 12/08/2025 07:40:24 Lebanon 24 Lebanon 24 عن الكهرباء.. إليكم آخر تصريح لوزير الطاقة Lebanon 24 عن الكهرباء.. إليكم آخر تصريح لوزير الطاقة 18:15 | 2025-08-11 11/08/2025 06:15:31 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 12:34 | 2025-08-12 إقفال مركز طبيّ بالشمع الأحمر... ماذا ضبطت أمن الدولة في داخله؟ 12:27 | 2025-08-12 إلقاء القبض على 4 سوريين في بلدة جنوبيّة... إليكم ما كانوا يقومون به 12:00 | 2025-08-12 عمليات أمنية لـ"حزب الله".. مخاوف من "خلايا نائمة"! 11:58 | 2025-08-12 الكشف على إحدى المؤسسات الصناعية في أعالي التويتة ـ زحلة.. وهذا ما تبين (صور) 11:58 | 2025-08-12 في بيروت.. سلب سيدتين بقوة السلاح وفرّ بدراجته 11:39 | 2025-08-12 باسيل يعقد مؤتمرا صحافيا الخامسة والنصف بعد الظهر فيديو لا يحمل جواز السفر السوري.. عبد المنعم عمايري يكشف سراً عنه لا يعرفه كثيرون (فيديو) Lebanon 24 لا يحمل جواز السفر السوري.. عبد المنعم عمايري يكشف سراً عنه لا يعرفه كثيرون (فيديو) 09:22 | 2025-08-12 12/08/2025 12:56:34 Lebanon 24 Lebanon 24 وأخيرا شقيق ياسمين عبد العزيز يكشف أسباب خلافه معها.. وهذا ما قاله عن طليقها أحمد العوضي (فيديو) Lebanon 24 وأخيرا شقيق ياسمين عبد العزيز يكشف أسباب خلافه معها.. وهذا ما قاله عن طليقها أحمد العوضي (فيديو) 07:34 | 2025-08-11 12/08/2025 12:56:34 Lebanon 24 Lebanon 24 استشهاد أنس الشريف ومحمد قريقع جرّاء قصف إسرائيلي في غزة (فيديو) Lebanon 24 استشهاد أنس الشريف ومحمد قريقع جرّاء قصف إسرائيلي في غزة (فيديو) 01:28 | 2025-08-11 12/08/2025 12:56:34 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24