عربي21:
2025-06-21@15:28:16 GMT

ماذا يكون بعد أن حكم القضاء في تونس؟

تاريخ النشر: 25th, April 2025 GMT

لن يكون شيء، فاذهب أيها القارئ العابر إلى مقال آخر قد تجد فائدة، فهذا الموقع غني بالأقلام الجادة. تونس لم تعد مصدرا لأي حدث جميل، عجبا أهذه تونس نبع الربيع العربي ومصدر الإلهام الديمقراطي؟ نعم، لقد وصلت تونس إلى حالة من عدم التأثير في ما حولها، بل هي تأكل نفسها مثل نار نفد حطبها. ذلك الحلم الجميل أغلق، لكن لماذا تطرح السؤال في العنوان؟ إن ذلك العنوان هو الجملة التي يطرحها على نفسه كل تونسي حمل ذلك الحلم ثم رآه يتلاشى، وقد يصل الأمر ببعض الناس إلى السير في الشوارع يكلمون أنفسهم كالزومبي.

من أوصل البلد إلى هذه الحالة؟ وكيف يمكن أن يخرج مما هو فيه من بؤس سياسي؟

تحميل المسؤوليات

الجميع يبرئ نفسه ويتهم الآخرين، هذه رياضة وطنية في تونس.. الآخرون هم السبب. من هنا بدأت الأزمة التي توجتها الأحكام الجائرة في حق النخبة السياسية باختلاف الأسماء والتوجهات السياسية. انقسم الشارع الافتراضي الذي لا يزال مفتوحا؛ إلى مواقف متضادة يمكن تلخيصها في ما يلي:

- موقف الشامتين في المحكوم عليهم، يكتبه وينشره قوم من المعارضة يعيشون خيبة أمل كبيرة في النخب، ويرون أن المحكومين كانوا سببا في ما حصل وليسوا أبرياء مما أصابهم. فقد ساهموا بدرجات في ترذيل الوضع السياسي قبل الانقلاب ولم يبنوا عملهم السياسي ضمن مشروع ديمقراطي جامع، بل تحركوا بمنطق التكايد السياسي خاصة ضد حزب النهضة منذ الثورة، بل كان بعضهم مساندا ومبررا للانقلاب حتى انقلب على الجميع. وهذا الموقف ينتهي عند الشماتة المُرة ولا يبلغ مبلغ التفكير في ما بعدها، وغالبا يختم قوله بجملة محبطة "خليها تخرب على الجميع". هذا الموقف هو قمة اليأس السياسي وهو موقف واسع، ويضم كل مساكين حزب النهضة وكثير من الحالمين الذين أعادت لهم الثورة أرواحهم بعد موات وخيبت النخب آمالهم.

- موقف الحائرين الذين لا يختلفون في تحليل الوضع عن الشامتين، لكنهم يبحثون عن حل فيه ربع أمل في أن تتحول الأحكام الجائرة إلى محرض على اجتماع سياسي يمهد لوضع بديل. وهذا ما يُسمع في صفوف جبهة الخلاص أو ما تبقى منها يقف في الشارع وقفات خجولة ومترددة أو غير مؤمنة إيمانا كاملا بالمستقبل، ولكنها تقترب من رفع العتب ولا تنتج خطة فعالة للتجميع.

- موقف المتشفين من المحكوم عليهم، وهذا موقف أنصار النظام ويضم فصائل يسارية وقومية يرون في ما يجري فتح طريق لتملك السلطة زمنا طويلا ويرون في المرحلة مرحلة تنظيف. وهم غير مهتمين بالسؤال: ماذا بعد؟ فما يجري هو خطتهم، فهم السلطة. وتصدر عن هذا الموقف تهديدات بالسحل لمن يشكك في القضاء الشامخ.

وينتشر حول هذه المواقف خطاب التخلي الشامل عن كل طموح. ففئة واسعة من التونسيين ودّعت أحلامها وقالت ننتظر حكم الطبيعة، فالطبيعة لا تنسى مهماتها. ويعقبون حتى بعد حكم الطبيعة: سنجد أنفسنا في نفس الوضع القديم، فالنخب لم تقرأ درس الديمقراطية عند معلم جاد.

ألا يوجد حل؟

بلى يوجد لكنه حل روائي لنقل يوجد حل مثالي، يقوم على مراجعات جادة من قبل الجميع باستثناء المتشفين من أنصار السلطة، لكن هذه الرواية تقوم على شجاعة استثنائية لذلك فهي غير واقعية.

تحديد قائمة الأخطاء في حق المسار الديمقراطي الذي راكم تراثا لم يندثر من النفوس ومن الورق، فهناك دستور يمكن البدء منه. لم يكن "دستور الخوانجية" بل دستورا تونسيا بُذل فيه جهد واجتهاد كبير. هذه خطوة مؤسسة ومنها يستعاد العمل السياسي الجماعي بهدف واضح اسمه استعادة الديمقراطية.

هناك باب للعمل الفعلي (الميداني)، أن تؤجل الأسئلة المتعلقة بمن أخطأ أكثر من الآخرين في حق المسار، وهذا يعني أن يوقف نزيف الاتهامات بين فرقاء كثر. فكثير من الأخطاء سيردمها الفعل البنّاء إذا انطلق، وسيكون من العيب العودة إليها إذا فتح صندوق الانتخابات. فالمحاسبات تتم في وضع ديمقراطي، حينها يكون لها تأثير إيجابي، أما الآن فهي مواصلة لعملية التخريب التي تصب في مصلحة الانقلاب. من سيتجاوز أولا إلى مبدأ العمل الجماعي؟ بعد أسبوع من صدور الأحكام لم نسمع من يقول بالتجاوز وبدء العمل من الصفر.

هنا تظهر مهمة أخرى نضالية بامتياز، قطع الأمل من وصول نجدة خارجية متعاطفة مع الديمقراطية في تونس، هذه النجدة لن تأتي أبدا. "حك جلدك بظفرك"، هذا عنوان رئيسي في كل جهد قادم للخروج من الوضع البائس. لقد تخلى العالم (الديمقراطي) عن تونس، والحقيقة أنه لم يكن أبدا مع الديمقراطية في تونس أو في غيرها. فالتونسيون الذين لهم عقول يذكرون جيدا وزيرة خارجية فرنسا تعرض المساعدة العسكرية على نظام بن علي حتى الدقيقة الأخيرة قبل ركوبه الطائرة هاربا.

التونسيون عاشوا حرب الطوفان ورأوا الغرب (المُنْجِد) يدمر شعبا في غزة ويجد اللغة الكافية لتبرير فعله. وإذا صحت الأخبار عن بدء حملة دولية لتدمير الحواضن الشعبية العربية للمقاومة، فإن مرحلة جديدة من التدمير السياسي توشك أن تحل على الرؤوس. وعندنا علم بتونسيين تحسسوا الموقف الأمريكي من الانقلاب منذ عهد بايدن، فقيل لهم "حلوا مشاكلكم بأنفسكم، اللي فينا مكفينا".

لنختم بشيء من الفلسفة، فالرواية الرومانسية لن تكون غدا أو بعد عام. من الفلسفة أن نقول كان هذا الانقلاب ضروريا، فهو تمحيص وغربلة وقد صفى وغربل ونخل وقدم صورة شاملة عن النخبة السياسية التونسية، فأسقط أنصاف الزعماء وكل الأدعياء ووضح الطريق لمن يؤمن بالعمل الجماعي لبناء الديمقراطية، وقد صورناه ونواصل رؤيته على المدى البعيد حريق الغابة الذي سيمهد لنبت جديد. وهذا ليس من الشماتة ولا تشفيا في المساجين، ومن يدري فقد يولد منهم في سجونهم مؤمنون بالديمقراطية ويؤسسون من هناك لخطاب جامع.

لنغلق بمشهد تمثيلي؛ أن ينصب من تبقي معارضا للانقلاب خيمته أمام السجن ويقول "اسجنونا معهم أو نعود بهم نحو المستقبل"، ساعتها سيبدأ ربيع عربي ثان من تونس.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه تونس النهضة القضاء الديمقراطية تونس النهضة القضاء ديمقراطية مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی تونس

إقرأ أيضاً:

جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا توقعان مسودة اتفاق سلام

يونيو 19, 2025آخر تحديث: يونيو 19, 2025

المستقلة/- وقّعت جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا اتفاقًا مؤقتًا يهدف إلى وقف الصراع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفقًا لبيان مشترك صادر عن البلدين ووزارة الخارجية الأمريكية.

جاء هذا التطور، الذي صدر في وقت متأخر من يوم الأربعاء في واشنطن العاصمة، بعد “ثلاثة أيام من الحوار البناء حول المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية”، وفقًا للبيان.

يتضمن مشروع الاتفاق أحكامًا بشأن قضايا تشمل نزع السلاح، ودمج الجماعات المسلحة غير الحكومية، وعودة اللاجئين والنازحين داخليًا.

يشهد شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية صراعًا منذ عقود، حيث تتنافس الجماعات المسلحة على الوصول إلى الموارد الطبيعية. تصاعد القتال في المنطقة في يناير/كانون الثاني عندما استولت جماعة إم23 المتمردة المدعومة من رواندا على غوما، أكبر مدينة في المنطقة الغنية بالمعادن. وبعد بضعة أسابيع، استولت الجماعة على مدينة بوكافو الاستراتيجية. وتنفي رواندا دعم المتمردين.

قُتل آلاف الأشخاص في المنطقة ونزح مئات الآلاف منذ اشتداد الصراع في وقت سابق من هذا العام.

اتُهمت عدة أطراف في النزاع بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

في تقرير نُشر في مايو/أيار، اتهمت منظمة العفو الدولية حركة إم23 بتعذيب وقتل المدنيين.

وقالت منظمة العفو الدولية آنذاك: “هذه الأفعال تنتهك القانون الإنساني الدولي وقد ترقى إلى جرائم حرب”.

يوم الاثنين، صرّح فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، بأن المتمردين وقوات جمهورية الكونغو الديمقراطية والجماعات المسلحة المتحالفة معها ارتكبوا جميعًا انتهاكات لحقوق الإنسان.

ودعا تورك جميع الأطراف إلى “الالتزام الفوري بوقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات، واحترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان”.

تأمل الولايات المتحدة في إنهاء القتال وإطلاق استثمارات غربية بمليارات الدولارات في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تضم احتياطيات معدنية ضخمة، بما في ذلك الكوبالت والنحاس والذهب والليثيوم.

وصف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الهدفين المزدوجين المتمثلين في السلام والاستثمار بأنهما “مربحان للجانبين”.

في إطار الجهود الدبلوماسية، سافر مسعد بولس، المبعوث الأمريكي إلى أفريقيا، إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا في أبريل/نيسان. خلال زيارته، حثّ كيغالي على إنهاء دعمها لمتمردي حركة 23 مارس.

ورغم أن الدول الأفريقية وافقت على ست هدنات على الأقل منذ عام 2021، إلا أن أياً منها لم يصمد.

وانسحبت أنغولا في مارس/آذار من دورها كوسيط، بينما تقود الولايات المتحدة وقطر حالياً جهوداً لإحلال السلام في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.

ومن المقرر أن يوقع وزراء من جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا على مسودة الاتفاق رسمياً في 27 يونيو/حزيران بحضور روبيو.

مقالات مشابهة

  • عاجل : اليمن يرفع سقف الموقف الشعبي في وجه العدوان الصهيوأمريكي وهذا ما تم الإعلان عنه في كل المجافظات
  • أوباما يحذر .. الديمقراطية الأميركية على حافة التحول إلى استبداد
  • معركة الديمقراطية والتحرير.. تلازم الشروط والنتائج
  • ماذا لو انفجر مفاعل ديمونا هل يكون الأردن خارج منطقة الخطر؟
  • جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا توقعان مسودة اتفاق سلام
  • موقف محرج لرئيس وزراء بريطانيا مع مترجم ورئيس كوريا الجنوبية.. فيديو
  • مدير المركز الفرنسي:موقف باريس من حرب إيران وإسرائيل تحذيريٌّ متوازن.. وماكرون لا يربط أمن إسرائيل بقمع الفلسطينيين
  • الزمالك: كل الملفات ستحسم قريبا.. وهذا موقف أحمد حمدي
  • ماذا سيحدث في إيران حال اغتيال المرشد أو تغيبه عن المشهد السياسي؟ فيديو
  • الموقف من الحرب ضد إيران