المسلة:
2025-10-12@22:14:29 GMT

المفاوضات النووية.. الشيطان في التفاصيل

تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT

المفاوضات النووية.. الشيطان في التفاصيل

25 أبريل، 2025

بغداد/المسلة:
محمد صالح صدقيان

ما لم يطرأ تطورٌ مفاجىءٌ، فإن الجولة الثالثة من المفاوضات الإيرانية الأمريكية، ستلتئم غداً (السبت) في مسقط بعُمان، وذلك على مستوى الخبراء الفنيين، وبحضور وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الرئاسي الأمريكي ستيف ويتكوف، وعلى جدول الأعمال الملف النووي الإيراني بكل تشعباته وأبعاده.

واللافت للانتباه عشية اجتماع الخبراء، ما كشفت عنه صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية بأن الإدارة الأمريكية قرّرت تعيين، مايكل أنطون، مدير تخطيط السياسات في وزراة الخارجية الأمريكية، رئيساً لوفد الخبراء الفنيين الأمريكيين المؤلف من 12 خبيراً يُمثلون مختلف الوكالات الأمريكية. ونقلت الصحيفة عن أحد مسؤولي الإدارة قوله: “إنه الرجل المناسب لهذه المهمة، لما يتمتع به من خبرة وذكاء، والأهم أنه سيتولى تنفيذ رؤية الرئيس (دونالد) ترامب في هذا الملف بشكلٍ دقيق ومدروس”.

والمعروف عن أنطون أنه من أصل لبناني وشغل سابقاً منصباً في مجلس الأمن القومي خلال الولاية الأولى للرئيس ترامب، كما عمل في معهد “كليرمونت” المحافظ.

ومن المقرر أن يتمثل الجانب الإيراني في اجتماع الخبراء بمعاون وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي ومعاون وزير الخارجية للشؤون القانونية غريب أبادي، بالإضافة إلى عدد من المستشارين الفنيين.

وفيما لم تُعرف بعد الظروف التي جعلت سلطنة عُمان تطلب تأجيل اجتماع الخبراء الذي كان مقرراً يوم الأربعاء الماضي إلى يوم غدٍ (السبت) خصوصاً في ضوء التقييم الإيجابي المتبادل لنتائج الجولتين الأولى والثانية، تحدثت مصادر معنية عن عقبات تواجه المفاوضات ربطاً بالنوايا الأمريكية إزاء البرنامج النووي الإيراني، وهو الأمر الذي جعل وزير الخارجية الإيراني يُبادر إلى الاتصال بمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لوضعه في الترتيبات المتصلة باجتماع الخبراء خصوصاً أن غروسي التقی خلال تواجده في واشنطن برئيس الوفد الأمريكي ستيف ويتكوف الذي زار اليوم (الجمعة) موسكو والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك على غرار ما سبق الجولة الأولى من المفاوضات.

وكان رافائيل غروسي قد زار طهران قبيل جولة روما الثانية والتقی الوزير عراقجي وأبدى ترحيبه بمسار المفاوضات آملاً أن تُنهي الخلاف بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وثمة انطباع أن المسألة أكثر تعقيداً مما يتصوّر البعض وأن الخلاف داخل الإدارة الأمريكية ينعكس بشكل أو بآخر علی المفاوضات التي يقودها ويتكوف. وتحدثت مصادر إيرانية غير رسمية عن طلب أمريكي قُدّم لإيران بنقل كمية اليورانيوم المخصب بنسب مرتفعة تصل إلی 60 بالمئة إلی روسيا وتفكيك الصورايخ القادرة علی حمل رؤوس نووية في مقابل أن تقوم الولايات المتحدة برفع الحظر عن بعض أرصدة إيران المجمدة في الخارج ورفع بعض العقوبات عنها.

وما يزيد من تعقيد الموقف الزيارة التي قام بها عباس عراقجي إلی الصين يوم الأربعاء الماضي، وهو اليوم الذي كان مقرراً أن يُعقد فيه اجتماع الخبراء في مسقط قبيل قرار تأجيله. وهذا الأمر يطرح سؤالاً مفاده هل ثمة رابط بين التأجيل وزيارة بكين؟ ربما.. لسبب بسيط وهو أن ترامب يری في الصين عدواً محتملاً وهو لا يريد للصين أن تدخل علی خط المفاوضات الإيرانية الأمريكية كما أنه يريد إبعادها عن منطقة غرب آسيا.

وتريد إيران استنفاد جميع أوراقها ووسائلها الداخلية والإقليمية والدولية في هذه المفاوضات لممارسة الضغوط علی الجانب الأمريكي حتی لا تكون فريسة أمام خصم يتربص بها الدوائر وحتی لا تُلدغ من جحر مرتين.

داخلياً، تعمل إيران في اتجاهين. الأول، عدم جعل الأداء الحكومي برسم نتائج المفاوضات الجارية والعمل علی الاستمرار في خلق الفرص لتنفيذ الخطة الخمسية السابعة التي تهدف إلی تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 8 بالمئة. أما الثاني فيتمثل بالجهوزية العسكرية التي دعا اليها المرشد الإيراني الإمام علي الخامنئي في مواجهة أي اعتداء أميركي – إسرائيلي محتمل.

إقليمياً، رحّبت إيران بالوساطة العمانية بدلاً من الوساطة الأوروبية أو الروسية وهذا يعني سعي إيران لإشراك الاقليم في هذه المفاوضات وهو ما تم الترحيب به من قبل دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلی بقية دول المنطقة. وفي هذا الإطار، سعت وزارة الخارجية الإيرانية إلى وضع كافة دول المنطقة في اطار نتائج المفاوضات ونوايا إيران فيها بما يضمن ازالة القلق لدی دول الاقليم علی عكس ما حدث مع توقيع الاتفاق النووي عام 2015.
دولياً، سعت إيران إلی اشراك أصدقائها الروس والصينيين والأوروبيين من خلال وضعهم في صورة المفاوضات التي تريدها واشنطن بمسار واحد أمريكي – إيراني، أي ليس على طريقة المفاوضات التي سبقت اتفاق العام 2015 وشاركت فيها الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا بالإضافة إلى ألمانيا.

وفي هذا السياق، عقد الإيرانيون اجتماعات مع “الترويكا” الأوروبية لعكس رؤيتهم التفاوضية من جهة وتصوراتهم لحل قضية البرنامج النووي ومآلاته المستقبلية من جهة ثانية، إضافة إلی ذلك سفر الوزير عراقجي إلی موسكو قبل جولة روما لوضع القيادة الروسية في أجواء المفاوضات التي جرت في مسقط، في حين قام هذا الأسبوع بزيارة بكين لوضع القيادة الصينية في الأجواء ذاتها. وفي نهاية المطاف، فإن روسيا والصين أعضاء في مجموعة 4+1 بعد انسحاب الولايات المتحدة وإيران وقعت اتفاقيات مع هاتين الدولتين الصديقتين.

هذه الخطوات الإيرانية قبيل المفاوضات مع الأمريكيين وخلالها هدفها توفير حصانة حتی لا تستفرد واشنطن بالمفاوضات وفق المقاسات التي وضعتها لإيران، وهي في الوقت ذاته تستفيد من تجاربها السابقة مع أمريكا التي انسحبت من اتفاق 2015 وفرضت المزيد من العقوبات عليها.

وثمة اعتقاد سائد في طهران أن إيران مستعدة لإزالة قلق ومخاوف المجتمع الدولي إزاء طبيعة برنامجها النووي لكن ليس بأي ثمن، فهي لا تريد أن تنقل كمية اليورانيوم المخصب بنسب مرتفعة إلی خارج أراضيها لأنها لا تثق بالجانب الآخر، وبالتالي تفضل الإبقاء عليها داخل الأراضي الإيرانية تحت رقابة وإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ربما تقبل بمهلة زمنية لبناء هذه الثقة على أن تقوم بعدها بنقل هذه الكميات إلى خارج أراضيها، إضافة إلی عديد الأفكار التي يُمكن طرحها لإزالة مخاوف البعض من طبيعة البرنامج النووي والتي يُمكن أن نتطرق إليها في مقالات لاحقة.

المهم أن إيران أبدت استعداها لازالة المخاوف وصولاً إلى تعزيز الثقة المتبادلة لكنها تنتظر من الجانب الأمريكي أيضاً أن يسعى إلى تعزير الثقة المفقودة وتحقيق الهدف الإيراني من هذه المفاوضات، وهو إزالة جميع العقوبات المفروضة علی الجمهورية الإسلامية.

ومن المستبعد أن تقبل إيران بإزالة العقوبات جزئياً أو برفع جزئي للحظر علی بعض الأرصدة الإيرانية المجمدة إلا وفق معادلة “إزالة القلق مقابل إزالة جميع العقوبات”؛ وضمن هذه المعادلة يُمكن السير بمعادلة “الخطوة مقابل خطوة”. وفي مقال سابق، قلتُ بوجوب تحليل المسار التفاوضي “مرحلة مرحلة” و”زنكه زنكه” لأنه مسار حافل بالتحديات وفيه الكثير من الشياطين وعلی رأسهم كبيرهم الذي علّمهم السحر بنيامين نتنياهو!

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الخارجیة الإیرانی البرنامج النووی اجتماع الخبراء المفاوضات التی وزیر الخارجیة

إقرأ أيضاً:

بوتين يعلن بدء سباق التسلح النووي العالمي

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، إن هناك بالفعل سباق تسلح نووي عالمي.
عندما سئل عما إذا كانت روسيا ستكون مستعدة لاختبار سلاح نووي إذا فعلت الولايات المتحدة ذلك، قال بوتين إن بعض الدول تدرس إجراء اختبارات لهذه الأسلحة، وإن موسكو ستكون مستعدة لإجراء اختبار أيضا إذا ما فعلت دول أخرى ذلك.
وأكد أن روسيا تصنع أسلحة استراتيجية جديدة مضيفا أن الأمر لن يكون كبيرا بالنسبة لموسكو إذا رفضت الولايات المتحدة تمديد القيود المفروضة على أعداد الرؤوس الحربية بموجب معاهدة للحد من الأسلحة النووية تنتهي العام المقبل.
وأضاف أنه، وبرغم ذلك، سيكون من المؤسف انتهاء قيود التسلح بين البلدين اللذين يمتلكان أكبر ترسانتين نوويتين في العالم بفارق كبير عن غيرهما.
وأكد بوتين، في حديث للصحفيين على هامش قمة في طاجيكستان، أن سباق التسلح قائم بالفعل.
وقالت روسيا إنها مستعدة لتمديد قيود الرؤوس الحربية المنصوص عليها في معاهدة (نيو ستارت)، التي ينتهي أجلها في فبراير المقبل، على أساس طوعي إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لفعل الشيء نفسه. ولم توافق واشنطن رسميا بعد على هذا المقترح.
وقال بوتين "هل ستكون هذه الأشهر القليلة كافية لاتخاذ قرار بشأن التمديد؟ أعتقد أنها ستكون كافية إذا توفرت النوايا الطيبة لتمديد هذه الاتفاقات. وإذا قرر الأميركيون أنهم لا يحتاجون إليها، فالأمر ليس كبيرا بالنسبة لنا".
وأضاف أن روسيا تواصل صنع واختبار أسلحة نووية من الجيل الجديد.
وتابع "نحن مستعدون للتفاوض إذا كان ذلك مقبولا ومفيدا للأميركيين".
وللمرة الثانية خلال أسبوع، أشار بوتين إلى احتمال أن تجري دول أخرى، لم يُسمها، اختبارا نوويا، وهو أمر لم تقدم عليه في هذا القرن سوى كوريا الشمالية. وقال إن روسيا ستجري اختبارا أيضا إذا حدث ذلك.
يقول خبراء أمنيون إن اختبارا تجريه دولة واحدة سيحدث أثرا تتابعيا يدفع قوى نووية أخرى إلى الخطوة نفسها، مما يفاقم التوتر الجيوسياسي المحتدم أصلا.
وقال بوتين "هناك دائما إغراء لاختبار فعالية الوقود نفسه الذي وُضع في الصواريخ لسنوات طويلة جدا. يجري محاكاة كل ذلك على الحواسيب، ويعتقد الخبراء أن هذا كاف، لكن بعض هؤلاء الخبراء أنفسهم يرون أن الاختبارات المتكررة ضرورية".
وأضاف "لذلك، فإن بعض الدول تفكر في الأمر؛ بل إنها على حد علمي تستعد له. ولهذا، قلت إنها إن فعلت ذلك فسنفعل الشيء نفسه".
وقال إن ذلك سيكون جيدا من منظور أمني، لكنه سيكون سيئا فيما يتعلق بكبح سباق التسلح.
وتابع "لكن في السياق نفسه، فإن تمديد معاهدة نيو ستارت لسنة واحدة على الأقل فكرة جيدة".

أخبار ذات صلة ألمانيا تنخرط في "سباق تسلح" المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الإيراني: لا ثقة بإسرائيل وأمريكا في التزامات غزة.. ولا محادثات تتجاوز الملف النووي
  • الخارجية الأمريكية: دعوة إيران وإسبانيا لحضور قمة شرم الشيخ حول غزة
  • العواصم الأوربية الكبرى تريد إحياء المفاوضات النووية مع إيران
  • آية يكرهها الشيطان والجن وتطردهم من المنزل والجسد.. اقرأها الآن
  • 3 دول تؤكد عزمها على إحياء المفاوضات النووية مع إيران
  • إسرائيل تعتقل جواسيس برشاشات مياه وبن غفير يرعب الشيطان
  • الترويكا الأوروبية تعلن عزمها إحياء المفاوضات النووية مع إيران
  • افتتاح مركز للطب النووي جنوبي العراق
  • بوتين يعلن بدء سباق التسلح النووي العالمي
  • مصدر: قائمة الأسرى التي تسلمتها حماس لا تتضمن كبار القادة