خسارة كبرى.. هكذا تقرأ الأوساط الإيرانية مقترح استيراد المواد المخصبة
تاريخ النشر: 25th, April 2025 GMT
طهران- بعد أن اعتبرت طهران التخلي عن تخصيب اليورانيوم "خطا أحمر" غير قابل للتفاوض، أفرزت تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، حول ضرورة استيرادها المواد المخصبة من الخارج، ردود فعل متباينة في الأوساط الإيرانية.
لم تمضِ على مفاوضات روما سوى 3 أيام حيث وصفها الطرفان الإيراني والأميركي بأنها "بناءة وإيجابية"، حتى قال روبيو إن بإمكان طهران امتلاك برنامج نووي مدني سلمي إذا أرادت ذلك عبر استيراد المواد المخصبة وليس بتخصيب اليورانيوم، ملوّحا -في مقابلة مصورة مع موقع "ذا فري برس" نُشرت الأربعاء الماضي- بالخيار العسكري إن أصرت إيران على التخصيب.
وهذا العرض الأميركي لم يكن الأول من نوعه، فقد سبق أن دعا المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، في تصريح لصحيفة وول ستريت جورنال، إلى تفكيك برنامج إيران النووي، قبل أن يكتب في منشور على منصة إكس إنه على إيران "وقف تخصيبها النووي والتخلص منه للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة".
تباين الآراءفي المقابل، ترفض الجمهورية الإسلامية التخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم، وتتفاءل بحذر على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي بشأن المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن "بسبب الرسائل الأميركية المتناقضة في وسائل الإعلام والأخبار"، محذرة من أي "استفزازات أو محاولات تخريب".
إعلانوانطلاقا من التقارير حول انقسام فريق الأمن القومي الأميركي بشأن كيفية التعامل مع ملف طهران ومنعها من امتلاك السلاح النووي، يقرأ طيف من المراقبين الإيرانيين موقف روبيو الأخير في سياق مساعي صقور الحزب الجمهوري، الداعين إلى الخيار العسكري، للتأثير على المسار الدبلوماسي الجاري.
في حين تعدّ شريحة أخرى من الأوساط السياسية الموقف الأميركي، الداعي إلى الوقف الكامل لتخصيب اليورانيوم، "محاولة من وزارة الخارجية الأميركية تعديل موقف ويتكوف الذي فُسر كموافقة من واشنطن على حق إيران في تخصيب اليورانيوم".
من ناحيته، يلمس الباحث السياسي أستاذ الجغرافيا السياسية، عطا تقوي أصل، في موقف روبيو "تراجعا أميركيا عن المطالبة بتفكيك برنامج طهران النووي، واعترافا بحقها في امتلاك برنامج مدني سلمي".
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير تقوي أصل، إلى معارضة "الكيان الإسرائيلي واللوبي الصهيوني" بأميركا للمسار الدبلوماسي الرامي إلى التوصل لاتفاق بشأن برنامج طهران النووي، معتبرا أن ما أسماه تناقضا في المواقف الأميركية على طاولة المحادثات والمحطات الإعلامية، هو للاستهلاك الداخلي ولتحييد الضغوط الصهيونية الرامية إلى إفشال المفاوضات.
وبرأيه، فإن الجانب الأميركي قام بتقسيم الأدوار لكسب أقصى حد من الامتيازات عبر المفاوضات النووية بذريعة وجود انقسام داخل الإدارة الجمهورية حول ملف إيران.
وأوضح أن شريحة من فريق الرئيس دونالد ترامب الأمني، من ضمنها روبيو، تعمل على إخافة طهران "بالموت لترضى بالحمّى"، وبذلك لا يستبعد أن يرفع الفريق الأميركي المفاوض مستوى مطالبه لاحقا بذريعة تعرضه لضغوط في داخل أميركا أو خارجها.
عروض خطيرةفي المقابل، ينظر الباحث في الأمن الدولي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران أبوالفضل بازركان، إلى موقف روبيو على أنه موقف رسمي لابد أن يأخذه الجانب الإيراني على محمل الجد بالرغم من التضارب والتناقض في المواقف الأميركية، خلال الأسبوعين الماضيين، والذي يدل على عدم حسم الجانب الأميركي مطالبه وما سيقبل به على طاولة المفاوضات.
إعلانوفي حديث للجزيرة نت، يحذر بازركان من خطورة مثل هذه المطالب في ظل الحديث عن عدم وجود بند حول "يوم النهاية" في أي اتفاق قد يتمخض عن المفاوضات الجارية، موضحا أن بلاده -وعلى لسان رأس هرم السلطة- قد رفضت جملة وتفصيلا الحديث عن حرمانها من قدراتها وحقها بتخصيب اليورانيوم لا سيما وأن لديها تجارب مرَّة حول عدم وفاء واشنطن بتعهداتها.
ورأى أن الجانب الأميركي يسعى من خلال المفاوضات الجارية لإخراج مخزون طهران من اليورانيوم عالي التخصيب إلى طرف ثالث، ووقف برنامجها للتخصيب عبر تطميعها برفع العقوبات وتمكينها مما تحتاجه من اليورانيوم المخصب لاحقا، متسائلا ماذا لو أحجمت واشنطن عن تزويد إيران باليورانيوم المخصب أو نكثت بتعهداتها؟
كما اعتبر أن المخزون الإيراني من اليورانيوم عالي التخصيب عامل ردع يجعل الأعداء يفكرون ألف مرة قبل أي مغامرة ضد طهران، مضيفا أن بلاده لن تحصل على ضمانات بعدم قيام إسرائيل أو أميركا بمهاجمتها من أجل تدمير منشآتها النووية إن "انتزع الأعداء عصا اليورانيوم المخصب من يدها".
وحسب بازركان، ستجد طهران نفسها في وارد الرد على الرأي العام الإيراني حال موافقتها على وقف تخصيب اليورانيوم واستيراده من الخارج بعد الضريبة الباهظة التي دفعتها من أجل برنامجها النووي.
ورأى أن القبول بهذا العرض سيعني خسارة مدوية للسياسة الإيرانية لا يمكن تعويضها حتى لو رفع الجانب الأميركي جميع العقوبات عن طهران وأفرج عن جميع أصولها المجمدة بالخارج.
أما الخسارة الكبرى لإيران -وفقا له- فقد تتمثل في تفكيك برنامجها النووي وإخراج مخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجات نقاء تبلغ 60%، وحرمان الأجيال المقبلة من حقوقهم في استخدامات التكنولوجيا النووية.
وبرأيه، لا يمكن النظر إلى المطالب الأميركية في خضم المفاوضات النووية في غير إطار الصراع الإسرائيلي الإيراني والتطورات الإقليمية المتواصلة من غزة إلى لبنان ثم سوريا، مرورا بالعراق ووصولا إلى اليمن والتهديدات الإسرائيلية المتواصلة بضرورة خوض المعركة النهائية وتحييد التهديدات الوجودية لكيان الاحتلال، محذرا من تفريط طهران بقدراتها الردعية وعلى رأسها مخزونها من اليورانيوم المخصب.
إعلان سياسة تحريضأما الأكاديمي الباحث في العلاقات الدولية، ياسر شاماني، فينظر إلى العروض الأميركية في إطار سياسة التحريض التي أطلقها الرئيس الأسبق جورج بوش الابن تحت عنوان "حملة صليبية حديثة" ضد العالم الإسلامي، مؤكدا أن المحور "الصهيو-أميركي" يسعى للقضاء على برنامج طهران النووي بعد تدميره المنشآت النووية العراقية والسورية وتفكيك برنامج ليبيا النووي.
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير شاماني إلى أن طهران تمكنت خلال السنوات الماضية من "الوقوف بوجه المخططات الصليبية الرامية إلى اقتتال المسلمين وتجزئة بعض الدول الإسلامية عقب ظهور الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية"، مؤكدا أن هناك قوى غربية تخشى تعزيز قدرات إستراتيجية لدى العالم الإسلامي فتحاول القضاء على برنامج طهران النووي.
ورأى أن واشنطن تعرض بين الفينة والأخرى مخططات على إيران لتقويض برنامجها النووي تمهيدا للقضاء عليه، مؤكدا أن طهران سواء قبلت بالعروض الأميركية أو رفضتها فإنها "لن تجني سوى الخسارة"؛ نظرا للتداعيات المترتبة على الخيارين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات برنامج طهران النووی الیورانیوم المخصب تخصیب الیورانیوم الجانب الأمیرکی من الیورانیوم
إقرأ أيضاً:
مواقف جديدة لإيران بشأن التخصيب النووي: استئناف القتال مع إسرائيل وارد
كرر الوزير الإيراني موقفه الذي كان قد أعلنه لصحيفة "فايننشال تايمز" سابقًا، قائلاً إن "العودة إلى المفاوضات مع واشنطن قد تتطلب تعويضات مالية". اعلان
قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في مقابلة مع وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، إنه لا يوجد اتفاق رسمي لوقف إطلاق النار بين طهران وتل أبيب، وإن جميع الاحتمالات تبقى قائمة بما في ذلك استئناف الأعمال القتالية، وفق ما نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست".
وأوضح عراقجي: "لقد توقفت الاعتداءات، وبالتالي توقف حقنا في الدفاع. هذا كل ما في الأمر. لا يوجد اتفاق لوقف إطلاق النار ولا أي التزامات أخرى. هم أوقفوا العدوان من دون شروط، ونحن أوقفنا الدفاع. عندما لا يوجد عدوان، لا يوجد سبب للدفاع عن النفس. لكن كل شيء يمكن أن يعود مجددًا؛ بإمكانهم استئناف الهجمات وبإمكاننا الرد. ليس إيران وحدها من يجب أن تكون قلقة"، على حد تعبيره.
وفي السياق نفسه، شدد الوزير الإيراني على ضرورة مواصلة تخصيب اليورانيوم، معتبرًا أن قطاع الرعاية الصحية في البلاد يعتمد على تخصيب بنسبة لا تقل عن 20%.
Related الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعود إلى إيران للمرة الأولى منذ "حرب الأيام الـ12"بعد اتهامات غربية بالتحضير لمحاولة قتل واختطاف معارضين.. إيران ترد: اتهامات لا أساس لهااستهدفت "أسطول شمخاني".. عقوبات أميركية على إيران هي الأوسع منذ عام 2018وحول المفاوضات النووية، أشار عراقجي إلى أن بلاده أجرت اتصالات مع مسؤولين أوروبيين بعد فشل المحادثات مع الولايات المتحدة، لكنه تساءل عن جدوى استمرار التفاوض معهم: "لا يمكنهم رفع العقوبات أو إنهاء العدوان أو القيام بأي شيء مؤثر. ورقتهم الوحيدة هي التهديد بتفعيل آلية الزناد، وإذا فعلوا ذلك، فسينتهي دورهم بالكامل في مستقبل المفاوضات النووية الإيرانية".
وكشف عراقجي عن وجود ضغوط داخلية قوية في طهران لوقف أي مسار تفاوضي، معتبرًا أن الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يومًا أثبتت - على حد قوله - عدم جدية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التوصل إلى اتفاق حقيقي.
وكرر الوزير الإيراني موقفه الذي كان قد أعلنه لصحيفة "فايننشال تايمز" سابقًا، قائلاً إن العودة إلى المفاوضات مع واشنطن قد تتطلب تعويضات مالية: "لقد قُتل عدد كبير من مواطنينا في هذه الهجمات، وتعرضت منشآتنا لأضرار جسيمة. لا يمكننا العودة إلى طاولة المفاوضات وكأن شيئًا لم يحدث. هذا واضح. ما جرى يجعل مسار المفاوضات أكثر صعوبة وتعقيدًا، لا أسهل".
وبينما أقرّ بأن عملية الإسرائيلية "ألحقت أضرارًا كبيرة بقدرات إيران النووية"، أكد عراقجي أن بلاده قادرة على إعادة تشغيل منشآتها: "رغم خسارتنا عددًا كبيرًا من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في فوردو ونطنز، ما زلنا قادرين على التخصيب. لدينا المعرفة النظرية والعملية، والتكنولوجيا موجودة، وعلماؤنا وفنيونا جاهزون. المباني يمكن إعادة بنائها، والأجهزة يمكن استبدالها، لكن توقيت وكيفية استئناف التخصيب سيعتمد على الظروف"، بحسب تعبيره.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة