عاجل- مفاجآت في قانون الإجراءات الجنائية بعد موافقة البرلمان النهائي
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
وافق مجلس النواب المصري، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، خلال جلسته العامة المنعقدة اليوم الثلاثاء 29 أبريل 2025، بشكل نهائي على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وذلك عقب التصويت عليه وقوفًا من الأعضاء، في خطوة تشريعية تعكس توجه الدولة نحو تحديث منظومة العدالة وتحقيق العدالة الناجزة.
نقلة نوعية في كفالة الحقوق وضمانات الدفاعيهدف القانون إلى تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وتوفير حقوق المتقاضين، من خلال إرساء قواعد أكثر صرامة تضمن عدالة منصفة وسرعة الفصل في القضايا، دون الإخلال بحقوق الدفاع.
ويعد المشروع خطوة كبيرة نحو تكريس ضمانات حقوق الإنسان، حيث يعمل على تبسيط الإجراءات القضائية وإنجاز الدعاوى بشكل أكثر كفاءة.
حماية حرمة المنازل وتعويض المحبوسين احتياطيًانص القانون بشكل واضح على قدسية المنازل، حيث يمنع دخولها أو تفتيشها أو مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائي مسبب يحدد التوقيت والمكان والغرض من الإجراء.
كما فرض قيودًا جديدة على مأموري الضبط القضائي في ما يخص إجراءات القبض والتفتيش، مشددًا على أن النيابة العامة تظل صاحبة الاختصاص الأصيل في مباشرة وتحريك الدعوى الجنائية.
وفيما يخص الحبس الاحتياطي، شدد القانون على الطابع الوقائي لهذا الإجراء، مؤكدًا ضرورة تخفيض مدته ووضع حد أقصى لها، واشترط أن تكون جميع قرارات الحبس الاحتياطي مسببة.
وأقر القانون تعويضًا معنويًا وماديًا في حالات الحبس الاحتياطي الخاطئ، عبر إلزام النيابة العامة بنشر أحكام البراءة أو أوامر حفظ الدعوى في صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقة الدولة.
نظام رقمي للإعلانات القضائية وضبط أوامر المنع من السفراستكمالًا لمسار التحول الرقمي، تضمن المشروع تنظيمًا جديدًا لنظام الإعلانات القضائية، من خلال إنشاء مراكز إعلانات هاتفية وإلكترونية داخل كل دائرة محكمة جزئية، تتبع وزارة العدل، وتكون مرتبطة بقاعدة بيانات الأحوال المدنية، وهو ما يُحدث نقلة نوعية في نظم الإعلان القضائي في مصر.
كما يواجه القانون مشكلة تشابه الأسماء، من خلال إلزام مأموري الضبط بإثبات الرقم القومي للمتهمين فور ضبطهم، وإلزام النيابة العامة بتدوين كافة بياناتهم الشخصية مع أول حضور للتحقيق.
وفيما يخص أوامر المنع من السفر والإدراج على قوائم ترقب الوصول، فقد قيد القانون إصدارها ليكون فقط من اختصاص النائب العام أو من يفوضه، أو قاضي التحقيق المختص، على أن تكون مسببة ولمدة محددة، مع تمكين المتضررين من التظلم أمام المحكمة المختصة، التي تُلزم بالفصل فيه خلال مدة لا تتجاوز 15 يومًا.
محاكمة رقمية وضمان محامٍ لكل متهمتضمن مشروع القانون تنظيم إجراءات التحقيق والمحاكمة عن بُعد باستخدام الوسائل التقنية الحديثة، في إطار دعم مسار العدالة الرقمية، مع توفير حماية قانونية فعالة للشهود، والمبلغين، والمتهمين، والمجني عليهم، والخبراء.
وأكد المشروع على مبدأ عدم جواز المحاكمة دون حضور محامٍ، حيث أوجب على جهات التحقيق أو المحاكمة ندب محامٍ للدفاع عن المتهم في حال عدم وجود محامٍ خاص، مع ضمان وجوده خلال كل مراحل القضية.
دعم حقوق المرأة والطفل وذوي الإعاقةاختتم القانون أحكامه بنصوص تؤكد تفعيل الحماية القانونية للفئات الأكثر احتياجًا، ومنها النساء والأطفال وذوي الإعاقة وكبار السن، عبر توفير المساعدة القانونية المجانية لهم خلال مراحل التحقيق والمحاكمة، بما يعزز من مبادئ العدالة الشاملة وعدم التمييز.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: قانون الإجراءات الجنائية مجلس النواب العدالة الناجزة الحبس الاحتياطي المحاكمة عن بعد حماية المنازل النيابة العامة التحول الرقمي حقوق الإنسان المحاماة التشريع المصري
إقرأ أيضاً:
البلاغة والعدالة.. وجهان لعملة واحدة في معرض دمنهور الثامن للكتاب
تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وفي إطار فعاليات معرض دمنهور الثامن للكتاب الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور خالد ابو الليل بمكتبة مصر العامة بدمنهور، عُقدت ندوة فكرية متميزة بعنوان "البلاغة والعدالة"، شارك فيها نخبة من أساتذة جامعة دمنهور والأزهر الشريف، بحضور جمع من المثقفين والباحثين وطلاب الجامعات.
بدأت الندوة بكلمة الدكتور محمد عاشور الذي رحّب بالضيوف، أعقبها الدكتور منصور أبو العدب بكلمة افتتاحية أشاد فيها بهذا اللقاء الفكري الذي يجمع بين تخصصين يبدوان متباعدين في ظاهر الأمر، لكنهما في جوهرهما متكاملان، مؤكدًا أن الحوار بين البلاغة والقانون هو أحد أوجه التفاعل بين الفكر واللغة، وبين العدالة والمنطق.
ثم قدّم الدكتور أحمد الشرقاوي، أستاذ المرافعات ووكيل قطاع المعاهد الأزهرية للتعليم بالأزهر الشريف، مدخلاً تأصيليًا رصينًا عن العلاقة بين البلاغة والعدالة، موضحًا أن البلاغة ليست مجرد تزيين للكلام، بل هي أداة لضبط المعنى وإيضاح الحقائق. وأكد أن العدالة لا تقوم إلا على لغة واضحة دقيقة، وحجة بليغة تضع الأمور في نصابها، مشددًا على أن البلاغة في خدمة العدالة تجعل الحكم القضائي عادلًا في مضمونه ومقنعًا في شكله.
وأضاف الشرقاوي أن الدين الإسلامي شرع ما يحفظ حقوق الناس، وأن القانون جزء من منظومة القيم التي أتى بها الدين لتنظيم حياة البشر دون تمييز. وأوضح أن العدالة في جوهرها موضوعية لا شخصية، لا تعرف المحاباة أو التمييز، وأن القاضي مأمور شرعًا أن يحكم بالعدل، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾.
وأشار إلى أن البلاغة ليست ترفًا لغويًا بل ضرورة قانونية وأخلاقية، إذ إن دقة التعبير تصون الحقوق وتمنع الظلم. واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إنكم تختصمون إليّ... فمن قطعت له من حق أخيه شيئًا فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها"، ليؤكد أن البيان والدقة في اللغة أساس إقامة العدل.
وفي مداخلة ثرية، تحدث الدكتور محمد أبو علي، أستاذ البلاغة والنقد بكلية الآداب جامعة دمنهور، عن التداخل العميق بين القانون والبلاغة، مشيرًا إلى أن الفلاسفة اليونانيين، وعلى رأسهم بروتاغوراس، أدركوا أهمية اللغة في صياغة القانون وإقامة العدالة. وشرح كيف أن البلاغة القانونية هي التي تحفظ الحقوق وتحدد الواجبات، وأن سوء استخدام اللغة أو غموضها قد يؤدي إلى ظلم أو التباس في تفسير النصوص.
كما تناول الجانب الإنساني في مهنة القضاء، مستشهدًا بمشاهد درامية جسّدت رجل القانون وهو يستخدم الكلمة سلاحًا لإظهار الحقيقة، مؤكدًا أن القانون بلا بلاغة جافّ، والبلاغة بلا عدالة خادعة.
وعرض الدكتور أبو علي رؤية بروتاغوراس حول القانون باعتباره فنًا إنسانيًا يقوم على الإقناع، وليس مجرد قواعد جامدة، موضحًا أن نسبية اللغة والمعنى تفرض على القاضي والمحامي والمسؤول القانوني مسؤولية كبيرة في تحري الدقة والموضوعية، حتى لا تتحول البلاغة إلى وسيلة تضليل.
وفي ختام الندوة، قدّم الدكتور أبو اليزيد سلامة فقرة متميزة من الطرائف اللغوية، أبرز من خلالها جمال اللغة العربية ومرونتها ودقتها. وأوضح كيف يمكن لتقديم كلمة أو تأخيرها أو اختلاف حركة واحدة أن يغيّر المعنى القانوني أو الفقهي تغييرًا جذريًا، داعيًا إلى العناية باللغة في النصوص القانونية والشرعية والإدارية على حد سواء.
وفي نهاية اللقاء، وجّه المنظمون خالص الشكر إلى رابطة خريجي الأزهر الشريف العالمية على رعايتها لهذا الحدث الفكري الرفيع، وإلى الأساتذة المشاركين الذين أضاءوا بعلمهم جوانب العلاقة بين البلاغة والعدالة، مؤكدين أن الكلمة والحق وجهان لعملة واحدة، هي عملة الحضارة الإنسانية الراقية، حيث تتجلى العدالة في البيان، ويتجسد البيان في خدمة العدالة.