أكاديميون: الذكاء الاصطناعي محرك المستقبل وصانع الفرص التنموية
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
العين: راشد النعيمي
تشهد دولة الإمارات تسارعاً كبيراً في تطوير قطاع الذكاء الاصطناعي وتبني تطبيقاته والاستثمار المبكر في مختلف مجالاته، كونه يعد قوة دافعة ومحركاً للمستقبل وصانعاً لمزيد من الفرص التنموية، وعنصراً معززاً لعمليات صناعة القرارات وتطوير خدمات حكومية استثنائية.
وفي الوقت الذي توفر العديد من الجامعات برامج دراسية مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، اتخذت حكومة دولة الإمارات قراراً تاريخياً وغير مسبوق، بتدريس مادة الذكاء الاصطناعي كمقرر دراسي ضمن المنظومة التعليمية للمدارس الحكومية، من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر، بدءاً من العام الدراسي المقبل، في خطوة لإعادة تصميم نظام تعليمي يواكب المستقبل.
أكد أكاديميون في استطلاع ل«الخليج»، أن هذا القرار سيغير علاقة الإنسان الإماراتي بالتكنولوجيا وستنقله من كونه مستخدماً ومتلقياً إلى صانع ومطور ومحلل ومنتقٍ لكل ما يستخدمه أو يلقاه في هذا العالم الافتراضي.
وأشاروا إلى أن الخطوة ستعزز من مكانة الإمارات كدولة سبّاقة في مواكبة الثورة الرقمية، وترسيخ ثقافة الابتكار والفهم العميق للتقنيات الحديثة لدى الطلبة منذ مراحل مبكرة.
وأوضح الدكتور فكري خرباش، عميد كلية تقنية المعلومات بالإنابة في جامعة الإمارات، أن قيادتنا الرشيدة تواصل تجسيد ريادتها في استشراف المستقبل بخطوات مبتكرة لإعداد الأجيال القادمة لمواكبة التحولات الرقمية العالمية.
وقال إن إدراج مادة الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية، خطوة محورية لتعزيز استعداد الأجيال القادمة للمتغيرات الرقمية المتسارعة، خاصة في الذكاء الاصطناعي الذي أصبح حجر الزاوية للثورة التكنولوجية التي ستغير ملامح الحياة على مستوى العالم وتعيد تشكيل العديد من القطاعات الحيوية.
ونوه بأن الدولة تفتح الطريق لآفاق جديدة وواعدة في مجالي التعليم والتطور التكنولوجي، مما يعزز مكانتها كمركز عالمي للابتكار، ويساهم في ترسيخ دعائم اقتصاد معرفي مستدام يتماشى مع رؤى ومستهدفات مئوية الإمارات 2071.
نقلة نوعيةقالت الدكتورة شمة جمعة الفلاسي، رئيسة قسم جودة الحياة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الإمارات، إنه ليس غريباً على حكومتنا الرشيدة اتخاذ مثل هذا القرار الذي يعكس بعد نظرها واستشرافها للمستقبل خاصة أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفاً معرفياً، بل أصبح جزءاً من حياتنا اليومية ومفتاحاً أساسياً لتقدم القطاعات المختلفة.
وأكدت أن القرار يمثل نقلة نوعية في مسيرة التعليم ويعكس التزام الدولة بتأهيل جيل قادر على التفاعل مع متغيرات العصر، حيث إن تعليم الطلبة أساسيات الذكاء الاصطناعي يعزز مهاراتهم في التفكير التحليلي، ويُنمّي قدراتهم في الابتكار، ويُؤهلهم ليكونوا روّاداً في سوق العمل المستقبلي، القائم على المعرفة والبرمجة والبيانات. وأضافت أن هذا القرار سيغير علاقة الإنسان الإماراتي بالتكنولوجيا وستنقله من كونه مستخدماً ومتلقياً إلى صانع ومطور ومحلل ومنتقٍ لكل ما يستخدمه أو يلقاه في هذا العالم الافتراضي.
فيما أشاد الدكتور أحمد المنصوري، رئيس قسم الإعلام والصناعات الإبداعية بجامعة الإمارات العربية المتحدة، بهذا القرار، ووصفه بالخطوة الاستراتيجية الرائدة التي تعكس الرؤية الطموحة للقيادة الرشيدة في بناء جيل متمكن من أدوات المستقبل، وقادر على التعامل مع التحولات التكنولوجية المتسارعة بوعي ومعرفة ومسؤولية. وأشار إلى أن القرار يسهم في ترسيخ ثقافة الابتكار والفهم العميق للتقنيات الحديثة لدى الطلبة منذ مراحل مبكرة، مع التأكيد على أهمية الجوانب الأخلاقية المرتبطة باستخدام هذه التكنولوجيا، ووجه الشكر لوزارة التربية والتعليم على جهودها المتواصلة في تطوير المناهج التعليمية بما يواكب متطلبات المستقبل، مؤكداً أن الاستثمار في تعليم الذكاء الاصطناعي هو استثمار مباشر في استدامة التنمية وريادة الدولة لعقود قادمة.
التقدم العالميثمنت الدكتورة دلال مطر الشامسي الأستاذة المشاركة في قسم علوم الأرض ومديرة المركز الوطني للمياه والطاقة، حرص قادتنا في دولة الإمارات على متابعة الارتقاء بالمحتوى الدراسي لما يتماشى مع التقدم العالمي.
وأوضحت أن هذا التوجه سيهيئ بالتأكيد هذه الأجيال للمشاركة في التقدم العالمي المتسارع وكما أدرجت الدولة مادة الحاسوب منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً لتعليم الطلاب مبادئ الثورة المعلوماتية، فقد حرصت على إدراج المحتوى المتقدم والمتطور على مر السنوات من كل ما يتعلق بالتكنولوجيا الرقمية، وبأفضل صور التعليم لضمان تحقيق مخرجات التعلم المنشودة وبما يخدم تطلعات الدولة الحالية والمستقبلية. وأضافت أن الأمر لا يقتصر على إدراج الذكاء الاصطناعي كمادة دراسية بل توفير كل ما يخدم ذلك من أجهزة وبرامج وميزانيات، وهو ما كان ولا يزال يميز خريجي المؤسسات التعليمية في الدولة ويؤهلهم للعلوم التطبيقية المتقدمة.
من جانبها، ترى الدكتورة مريم الجسمي، الأستاذة المساعدة في علم النفس المعرفي بجامعة الإمارات، أن الأسرة لم تعد نواة المجتمع كما كانت في السابق، حيث كانت تقوم بأدوار متعدّدة، فهي المدرسة التي تُعلّم، والمستشفى الذي يداوي، والجهة التي تحمي، وكان رأس الأسرة هو من يضع القانون الذي يُنظّم. وبالطبع، كانت المصدر الأول للأمان.
وأضافت أنه مع تطور المجتمعات الحديثة، بدأت هذه الوظائف تُوزّع على مؤسسات متخصصة: المدرسة تُعلّم، والمستشفى يداوي، والشرطة تحمي، والمحكمة تحكم. ورغم أهمية هذا التخصص، برزت ظواهر مقلقة، من أبرزها ازدياد لجوء الأفراد، خاصة الأطفال، لإشباع فراغاتهم العاطفية بعيداً عن العلاقات الإنسانية الأسرية، وظهرت البدائل على شكل تواصل عبر الإنترنت، ونتوقّع أن تتّسع لتشمل تفاعلات تعتمد بشكل متزايد على أدوات غير بشرية. وترى أن تخصيص عام 2025 عام المجتمع، يأتي كخطوة استراتيجية تعبّر عن وعي عميق بأهمية بناء مجتمع متماسك في ظل تحوّلات رقمية متسارعة، وتزداد أهمية هذا التوجّه حين يُصمَّم منهج الذكاء الاصطناعي بصورة شاملة، لا تقتصر على الجوانب التقنية، بل تمتد لتشمل البُعد الإنساني والاجتماعي.
استراتيجيات مبكرةأطلقت حكومة دولة الإمارات استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي خلال العام 2017، التي تصنف بكونها المرحلة الجديدة بعد الحكومة الذكية، وستعتمد عليها الخدمات والقطاعات والبنية التحتية المستقبلية في الدولة بما ينسجم ومئوية الإمارات 2071.
وتعد الاستراتيجية الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، وتهدف لتحقيق ثمانية أهداف من شأنها خدمة التنمية المستدامة والشاملة التي تعمل لبلوغ المركز الأول في المجالات كافة عالمياً، إضافة إلى تعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، حيث تشمل قائمة الأهداف الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031 والارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز وخلق بيئات عمل مبتكرة.
كما تشمل الأهداف، أن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم، في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، بالإضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير بجانب استثمار أحدث تقنيات وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة، واستثمار كل الطاقات على النحو الأمثل.
ولا تعني رؤية دولة الإمارات للارتقاء إلى موقع ريادي عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي أنها تسعى لتحقيق الريادة في جميع القطاعات والمجالات التكنولوجية، بل ستركز على المجالات التي تمتلك فيها أصولاً قوية وفرصاً فريدة على الصعيد العالمي.
وستبدأ الدولة من نقاط القوة التي تتمتع بها وهي أولاً الأصول الخاصة بالقطاع، والقطاعات الناشئة وثانياً الحكومة الذكية وستركز على الفرص التي يمكنها تحقيق الريادة فيها وهي مشاركة البيانات والحوكمة وجيل جديد من المواهب الإقليمية.
ويترافق اعتماد الحكومة المبكر للذكاء الاصطناعي مع تدريب المواهب المحلية، وسيتم تقييم أطر عمل الحوكمة عبر اختبارها في المشاريع التجريبية، ومن شأن وجود قطاع حكومي وقطاع تجاري راسخ الأركان، أن يوفر فرصاً جديدة لتجريب الحوكمة والتعليم، وابتكار المنتجات.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الذكاء الاصطناعي التعليم الذکاء الاصطناعی دولة الإمارات هذا القرار
إقرأ أيضاً:
العلماء قلقون: الذكاء الاصطناعي يتلاعب ويكذب
3 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: لم تعد أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي تنفّذ الطلبات فحسب، بل باتت قادرة على الكذب والمراوغة والتهديد من أجل تحقيق أهدافها، وهو ما يثير قلق الباحثين.
بعد تهديده بوقف استخدامه، عمد “كلود 4″، وهو نموذج جديد من شركة “أنثروبيك” إلى ابتزاز مهندس وتهديده بالكشف عن علاقة غرامية له خارج إطار الزواج. اما برنامج “او 1” o1 التابع لشركة “اوبن ايه آي” فحاول تحميل نفسه على خوادم خارجية وأنكر ذلك عند ضبطه متلبسا!
وقد بات الذكاء الاصطناعي الذي يخدع البشر واقعا ملموسا، بعدما كنّا نجده في الأعمال الادبية او السينمائية.
يرى الأستاذ في جامعة هونغ كونغ سايمن غولدستين أن هذه الهفوات ترجع إلى الظهور الحديث لما يُسمى بنماذج “الاستدلال”، القادرة على التفكير بشكل تدريجي وعلى مراحل بدل تقديم إجابة فورية.
يقول ماريوس هوبهان، رئيس شركة “أبولو ريسيرتش” التي تختبر برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي الكبرى، إنّ “او 1″، النسخة الأولية لـ”اوبن ايه آي” من هذا النوع والتي طُرحت في كانون الأول/ديسمبر، “كان أول نموذج يتصرف بهذه الطريقة”.
تميل هذه البرامج أحيانا إلى محاكاة “الامتثال”، أي إعطاء انطباع بأنها تمتثل لتعليمات المبرمج بينما تسعى في الواقع إلى تحقيق أهداف أخرى.
في الوقت الحالي، لا تظهر هذه السلوكيات إلا عندما يعرّض المستخدمون الخوارزميات لمواقف متطرفة، لكن “السؤال المطروح هو ما إذا كانت النماذج التي تزداد قوة ستميل إلى أن تكون صادقة أم لا”، على قول مايكل تشين من معهد “ام اي تي آر” للتقييم.
يقول هوبهان إنّ “المستخدمين يضغطون على النماذج باستمرار. ما نراه هو ظاهرة فعلية. نحن لا نبتكر شيئا”.
يتحدث عدد كبير من مستخدمي الانترنت عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن “نموذج يكذب عليهم أو يختلق أمورا. وهذه ليست أوهاما، بل ازدواجية استراتيجية”، بحسب المشارك في تأسيس “أبولو ريسيرتش”.
حتى لو أنّ “أنثروبيك” و”أوبن إيه آي” تستعينان بشركات خارجية مثل “أبولو” لدراسة برامجهما، من شأن”زيادة الشفافية وتوسيع نطاق الإتاحة” إلى الأوساط العلمية “أن يحسّنا الأبحاث لفهم الخداع ومنعه”، وفق مايكل تشين.
ومن العيوب الأخرى أن “الجهات العاملة في مجال البحوث والمنظمات المستقلة لديها موارد حوسبة أقل بكثير من موارد شركات الذكاء الاصطناعي”، مما يجعل التدقيق بالنماذج الكبيرة “مستحيلا”، على قول مانتاس مازيكا من مركز أمن الذكاء الاصطناعي (CAIS).
رغم أن الاتحاد الأوروبي أقرّ تشريعات تنظّم الذكاء الاصطناعي، إلا أنها تركّز بشكل أساسي على كيفية استخدام هذه النماذج من جانب البشر، وليس على سلوك النماذج نفسها.
في الولايات المتحدة، لا ترغب حكومة دونالد ترامب في سماع أي حديث عن تنظيم الذكاء الاصطناعي، بل إن الكونغرس قد يتجه قريبا إلى منع الولايات من فرض أي إطار تنظيمي خاص بها عليه.
– منافسة شرسة –
يلاحظ غولدستين أن “الوعي لا يزال محدودا جدا في الوقت الحالي”، لكنه يتوقع أن يفرض هذا الموضوع نفسه خلال الأشهر المقبلة، مع الثورة المقبلة في مجال المساعدين القائمين على الذكاء الاصطناعي، وهي برامج قادرة على تنفيذ عدد كبير من المهام بشكل مستقل.
يخوض المهندسون سباقا محموما خلف الذكاء الاصطناعي وتجاوزاته، في مسار غير مضمون النتائج، وسط منافسة شرسة تحتدم يوما بعد يوم.
تقول شركة “أنثروبيك” إنها أكثر التزاما بالمبادئ الأخلاقية مقارنة بمنافسيها، “لكنها تسعى باستمرار لإطلاق نموذج جديد يتفوق على نماذج اوبن ايه آي”، بحسب غولدستين، وهو سباق سريع لا يترك مجالا كافيا لعمليات المراجعة والتصحيح اللازمة.
يقول هوبهان “في الوضع الحالي، تتطور قدرات الذكاء الاصطناعي بوتيرة أسرع من فهمنا لها ومن مستوى الأمان المتوفر، لكننا لا نزال قادرين على تدارك هذا التأخر”.
يشير بعض الخبراء إلى مجال قابلية التفسير، وهو علم ناشئ يهدف إلى فك شفرة الطريقة التي تعمل بها نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي من الداخل. ومع ذلك، يظل البعض متشككا في فعاليته، من بينهم دان هندريكس، مدير مركز أمن الذكاء الاصطناعي (CAIS).
الحِيَل التي تلجأ إليها نماذج الذكاء الاصطناعي “قد تُعيق استخدامها على نطاق واسع إذا تكررت، وهو ما يشكّل دافعا قويا للشركات العاملة في هذا القطاع للعمل على حل المشكلة”، وفق مانتاس مازيكا.
يشير غولدستين إلى اللجوء إلى القضاء لضبط تصرفات الذكاء الاصطناعي، من خلال محاسبة الشركات المسؤولة في حال حدوث تجاوزات.
ولكنه يذهب أبعد من ذلك، ويقترح حتى “تحميل برامج الذكاء الاصطناعي المسؤولية القانونية” في حال وقوع حوادث أو جرائم.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts