قال الصحفي الاستقصائي الفلسطيني وسام أبو مرق، إن المسؤولين الإسرائيليين المتطرفين ينكرون وجود مجاعة في قطاع غزة، ويدفعون باتجاه إجراءات أشد صرامة لمنع وصول الغذاء. 

وأضاف أبو مرق في مقال نشره موقع "إنترسبت" وترجمته "عربي21"، إنه يحزنه بصفته أحد الناجين من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة، أن يرى شعبه يُكافح لإيجاد ما يُشبع جوعه.

 

وأكد أن سياسة التجويع المُتعمّدة التي تنتهجها إسرائيل لا تزال تُضيّق الخناق على القطاع. وقد دقت المنظمات الإنسانية ناقوس الخطر، محذرة من أن غزة على شفا مجاعة شاملة. 

ومنذ أن خرقت إسرائيل وقف إطلاق النار في 18 آذار/ مارس وأحكمت حصارها، حُرم 2.1 مليون فلسطيني في غزة من الغذاء والمساعدات الأساسية. ومع إعلان برنامج الغذاء العالمي والأونروا مؤخرا عن نفاد مخزوناتهما من الدقيق والغذاء، يتزايد خطر المجاعة على نطاق واسع يوما بعد يوم. 
 


وذكر الصحفي في مقاله أنه عاش الموجة الأولى من المجاعة في غزة في الأشهر الأولى من عام 2024، في وقت دفعت فيه القيود الإسرائيلية المفروضة على المساعدات الجوع إلى مستويات كارثية. عانى الجميع في جميع أنحاء القطاع من نقص حاد في الغذاء، وأصبحت الأطباق الفارغة مشهدا يوميا.

وأشار إلى أنه اضطر إلى مغادرة غزة وحده في شباط/ فبراير 2024 والفرار إلى مصر، بعد ما يقرب من خمسة أشهر من القصف والحصار المتواصلين. وفي ذروة المجاعة، فقد من وزنه 16 كيلوغراما. 
وقال إنه منذ ذلك الحين، كرّس نفسه لمحاربة الدعاية الإسرائيلية، والروايات التي تشوّه الحقيقة، وتقلّل من معاناة الفلسطينيين، وتسخر من العذاب الذي يتحمله سكان غزة. 

وأكد أنه بينما يحقق في التضليل الإسرائيلي، فإنه يحمل العبء العاطفي لرؤية ألم عائلته التي لا تزال محاصرة في غزة. ومثل كل أسرة تقريبا هناك، تعاني عائلته من نقص في الطعام والدقيق. وتكشف كل مكالمة فيديو بشكل مؤلم عن تقلص أجسادهم، ونحافتهم بسبب الجوع. 

وأشار إلى أن دراسة أُجريت في أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2024 خلصت إلى أن الشخص العادي في غزة فقد حوالي 18 كيلوغراما بسبب انعدام الأمن الغذائي الشديد خلال الحرب. لقد تفاقم الوضع منذ ذلك الحين. 

المجاعة كسلاح 
وذكر المقال أن الحصار الإسرائيلي الذي بدأ في الثاني من آذار/ مارس أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات غير مسبوقة. فقد أخبره والده الأسبوع الماضي أن كيس الدقيق الذي يزن 25 كيلوغراما أصبح الآن يكلف حوالي 200 دولار أمريكي. وارتفع السعر هذا الأسبوع،  إلى 470 دولارا. 

وقال إنه شاهد مقاطع فيديو لعائلات تطحن المعكرونة والعدس لصنع خبز بديل لأطفالها الجائعين بعد نفاد الدقيق. بالنسبة للكثيرين، خبز العدس ليس خيارا، بل هو الملاذ الأخير في ظل نظام التجويع الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي. 

وأشار إلى أنه بعد عودة عائلته إلى منزلهم الذي تعرض للقصف في شمال قطاع غزة في كانون الثاني/ يناير من هذا العام، بنى أخوه فهمي فرنا بديلا يعمل بالحطب لخبز الخبز لعائلتهم وجيراننا. ومع إغلاق جميع المخابز الرئيسية بسبب نقص الدقيق، أصبحت مقاومته البسيطة شريان حياة حيويا. 

وذكر أن فهمي يخبز منذ أكثر من شهر، ويساعد من حوله. وأنه أخبره الأسبوع الماضي: "أصبح عدد القادمين أقل لأن الدقيق لم يعد متوفرا. أما من لا يزالون يحضرون معهم غالبا دقيقا ملوثا بالحشرات، وهو الشيء الوحيد المتبقي لديهم لإطعام أطفالهم". 

وشدد على أنه مع تزايد ندرة الغذاء في غزة، يعتمد معظم السكان الآن على "التكايا" للحصول على وجبة يومية واحدة. هذه "التكايا"، التي غالبا ما تقتصر على تقديم العدس العادي أو المعكرونة أو الأرز، اضطرت إلى تقليل حصصها بسبب الحصار الإسرائيلي على الغذاء وغاز الطهي. 

وقد حذر أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، من أن العديد من "التكايا" على وشك الإغلاق مع تضاؤل الإمدادات الغذائية. 

وقال إنه يشاهد يوميا لقطات للناس وهم يصطفون ويتدافعون، والأطفال يبكون، للحصول على وجبة صغيرة. هذه المشاهد المؤلمة دليل لا يمكن إنكاره على استخدام إسرائيل للتجويع كسلاح.
 
وبيّن أن هذه "التكايا" القليلة الحيوية لم تسلم من الهجمات الإسرائيلية، فقد أفاد مكتب الإعلام الحكومي في غزة أن الجيش الإسرائيلي استهدف وقصف 29 تكية منذ بدء الحرب. 

ونبّه إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة اضطروا إلى أكل أي حيوان يجدونه للحصول على بعض البروتين. وتُظهر مقاطع فيديو صادمة، تحققت منها هو وزملاؤه في الصحافة، أناسا يستهلكون السلاحف البحرية والخيول وحتى القنافذ للبقاء على قيد الحياة. 

وأشار إلى ان من القصص التي أثرت به بشدة قصة الطفل عمر قنان، الذي قال إنه أكل لحم السلاحف رغم حبه لرافائيل، البطل الخارق من فيلم "سلاحف النينجا". 

فمن المحزن أن نتخيل كيف سيشاهد عمر شخصيته الكرتونية المفضلة مرة أخرى دون أن يتذكر أن الجوع أجبره ذات مرة على أكل حيوان اعتبره صديقا بطوليا. 

"الهاسبارا" الإسرائيلية 
وقال إن المتصيدين الإسرائيليين شنّوا حملة "هاسبارا" (حملة تضليل وتبرير للجرائم) مكثفة، أو دعاية، لإنكار المجاعة التي تعصف بغزة، حتى في ذروتها في شباط/ فبراير 2024. ولا تزال هذه الانكارات مستمرة، على الرغم من التحذيرات المتكررة من المنظمات الدولية بأن غزة تقترب من المجاعة، والأدلة واضحة أمام أعيننا. 

في 20 نيسان/ أبريل، نشر مستخدم معروف بنشره للدعاية الإسرائيلية على موقع "X"، مقطع فيديو لرجل يجلس على شاطئ غزة، زاعما أنه كان يستمتع بوجبة كباب كبيرة خلال الأزمة. تجاهل المستخدم عمدا حقيقة أن الرجل كان يأكل لحم حصان.  


وذكر أن منشورا آخر أذهله: جاء من "غزة وود"، وهي حملة ممنهجة تهدف إلى السخرية من معاناة الفلسطينيين وتشويه سمعتهم وإنكارها. أظهر الفيديو امرأة في غزة تطحن المعكرونة لعمل الخبز لأطفالها. اتهم المروج الإسرائيلي المرأة بافتعال قصتها أمام الكاميرا بدلا من محاولة إطعام أسرتها الجائعة. 

واشار إلى أنه قام في 12 أيار/ مايو 2024، بفضح فيديو انتشر على نطاق واسع بهدف تشويه قضية فادي الزنط، الطفل من غزة الذي كان يعاني من سوء التغذية قبل فراره من القطاع لتلقي علاج طبي عاجل. 

فقد اتهم المتصيدون والدته بتجويعه عمدا لتمثيل مشهد "باليوود". وقد استغل بعض منكري الفظائع مظهرها للتشكيك في معاناة طفلها. 

وأكد الصحفي أن هذه التلميحات الخبيثة تتجاهل الحقيقة الأساسية المتمثلة في أن الأطفال معرضون للخطر بشكل خاص أثناء المجاعة. تضعف أجسادهم بسرعة أكبر ويواجهون خطر الموت بشكل أكبر في أزمات الجوع، كما ذكرت لجنة الإنقاذ الدولية. 

وقال إن الأمم المتحدة أفادت بتشخيص ما يقرب من 3700 طفل بسوء تغذية حاد الشهر الماضي وحده، بزيادة قدرها 82% منذ فبراير. 

وأشار إلى أن مقاطع الفيديو الأخيرة لأطفال يعانون من سوء تغذية حاد، مثل الرضيعة سوار عاشور ورهف عياد البالغة من العمر ١٢ عاما، لا تزال تطارده. 

وأكد أنه بدون إجلاء طبي عاجل، قد لا ينجو هؤلاء الأطفال. وبدون إيصال فوري ومستدام للغذاء والمساعدات، سيقع المزيد من الأطفال ضحايا للجوع ويواجهون عواقب صحية مدى الحياة. 

وبيّن أن المسؤولين الإسرائيليين يكذبون بوقاحة. ففي 24 تموز/ يوليو 2024، وقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأمريكي ودحض دور إسرائيل في عرقلة المساعدات الإنسانية إلى غزة. وعلى الرغم من احتوائه على مزاعم مضللة، إلا أن خطابه قوبل بتصفيق من المشرعين الأمريكيين الذين اختاروا تجاهل الأزمة الإنسانية الكارثية التي تتكشف في غزة. 

وقال إنه تتبع العديد من المنظمات التابعة للحكومة الإسرائيلية التي نشرت بنشاط أخبارا كاذبة وخطاب كراهية خلال الحرب. 

ومن بينها منظمة HonestReporting، وهي منظمة إعلامية تدعي أنها هيئة مراقبة إعلامية تكشف التحيز ضد إسرائيل. 

وأشار إلى أن المجموعة عملت على إنكار المجاعة في غزة وتقويض مصداقية الخبراء المستقلين. ورفضت نتائج تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الذي حذّر من أن المجاعة في غزة وشيكة بحلول منتصف آذار/ مارس 2024. وبدلا من عرض الأدلة، اعتمدت منظمة HonestReporting على أدلة منتقاة بعناية لتشويه استنتاجات التقرير. 

لغة التجويع المتساهلة 
وأكد الصحفي أن المسؤولين الإسرائيليين المتطرفين ينكرون باستمرار وجود مجاعة بين الفلسطينيين في غزة، بينما يواصلون الضغط من أجل اتخاذ تدابير أشد صرامة لمنع وصول الغذاء والمساعدات إلى السكان المحاصرين. 

ورغم تحذير المنظمات الدولية مرارا وتكرارا من خطر المجاعة الوشيك، إلا أن هؤلاء المسؤولين لم يتوقفوا عن التحريض على خطاب الكراهية وتجاهل معاناة سكان غزة. 


وقال الكاتب إن المسؤولين الإسرائيليين يصوّرون المجاعة والحصار، باستخدام لغة متساهلة،  كضرورات استراتيجية. ففي 16 نيسان/ أبريل، صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، قائلا: "لن تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة"، للضغط على مفاوضات وقف إطلاق النار. 

في الوقت نفسه تقريبا، صرّح وزير المالية في حكومة الاحتلال، المتطرف بتسلئيل سموتريش، قائلا: "لن تدخل حبة قمح واحدة إلى غزة". 

وذهب وزير الأمن القومي، المتطرف إيتمار بن غفير، إلى أبعد من ذلك، إذ دعا مؤخرا القوات الإسرائيلية إلى قصف مخازن الأغذية في غزة. 

أصبحت المجاعة في غزة، وفقا المقال، أداة أخرى من أدوات الموت التي تستخدمها إسرائيل: أبطأ سلاح وأكثرها إيلاما. لا تأتي مع دوي الانفجارات؛ بل تُقوّض الحياة بصمت يوما بعد يوم، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية المُزرية أصلا. 

وقال الكاتب إنه بعد أن أرهقته الأخبار وخيبة أمله من دوامة وعود وقف إطلاق النار التي لا تنتهي، تلجأ عائلته في غزة إليه الآن للحصول على آخر المستجدات. 

وأكد أن دوره تحول إلى طمأنة دائمة. يخبرهم بما يريدون سماعه - أن المعابر الحدودية ستُفتح قريبا وأن مئات الشاحنات التي تحمل إمدادات حيوية، بما في ذلك الغذاء والدقيق، في طريقها. "ومع ذلك، في أعماقي، أعلم أن الوضع لا يزال قاتما. كل يوم يمر دون وصول المساعدات إلى غزة يدفع المزيد من العائلات إلى حافة الموت". 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الفلسطيني غزة الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المسؤولین الإسرائیلیین المجاعة فی غزة وأشار إلى أن للحصول على قطاع غزة وقال إنه إلى غزة وقال إن وأکد أن لا تزال

إقرأ أيضاً:

مكتب السكك يطلق حملة توظيف واسعة لمواكبة مشاريع قطارات فائقة السرعة و RER

زنقة 20 | الرباط

علم موقع Rue20 ، أن المكتب الوطني للسكك الحديدية أطلق حملة توظيف واسعة النطاق ، وذلك في إطار مشروع ضخم لتحديث شبكة السكك الحديدية.

الوظائف الـ14 الجديدة ، استراتيجية و مخصصة لمشاريع كبرى مثل تجديد القطارات والابتكار التكنولوجي و الجودة.

و تستهدف حملة التوظيف الجديدة التي أطلقها المكتب، المهندسين ذوي الخبرة منهم مدير مشروع تجديد القطارات ، رئيس قسم الابتكار والبحث والتطوير ، و مدير مشروع تخطيط الجودة والشهادات والاختبار.

بالإضافة إلى مناصب مدير قسم مكتب إدارة المشاريع ، مدير التخطيط/دعم التكاليف ، مدير مشروع قطار RER ، مدير مشروع القطار بين المدن ، مدير مشروع القطار فائق السرعة،
مدير مشروع قاطرة الديزل ، مدير مشروع مشترك ، رئيس قسم مشاريع المعدات المقطورة ، مدير مشروع TM & SM North ، مدير مشروع تكنولوجيا المعلومات في زناتة ، مدير مشروع مركز TM & SM.

مقالات مشابهة

  • جمعت 2 مليون دولار.. مشاركة واسعة في حملة الوفاء لحلب لإعادة الإعمار (شاهد)
  • افرام من معراب: أشكر أهالي كسروان على ثقتهم التي تجلّت في صناديق الإقتراع
  • القوى البحرية في وزارة الدفاع تنفذ حملة واسعة تستهدف مراكب تهريب البشر
  • مقتل شخص في غارات إسرائيلية واسعة على جنوب لبنان
  • مكتب السكك يطلق حملة توظيف واسعة لمواكبة مشاريع قطارات فائقة السرعة و RER
  • غزة في المرحلة الخامسة.. كارثة المجاعة
  • مع تفشي المجاعة .. دقيق البقوليات خط الدفاع الأخير في معركة البقاء بغزة
  • عام على رفح.. المدينة التي محاها القصف وبقيت تنتظر العالم
  • "راح نموت هاي المرة".. خطة إسرائيل تثير ذعر سكان غزة