لجريدة عمان:
2025-06-30@12:05:04 GMT

ترامب والإعلام .. من يكتب الكلمة

تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT

لم يخفِ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عداءه الصريح لبعض وسائل الإعلام الأمريكية، خصوصًا تلك المعارضة لسياسته، بل اتهمها بأنها كاذبة ومضللة و«فاقدة للمصداقية»، ولا تمثل سلطة رابعة كما كانت عليه فـي السابق. تلك الأوصاف خص بها ترامب وسائل الإعلام التقليدية التي لم تتفق مع رؤيته، والتي يرى أنها تخلّت عن حيادها المهني وتحولت إلى أذرع سياسية تعمل ضده مثلما رأينا مواقفه العدائية عندما رفض إجراء مقابلة مع شبكة ABC بحجة أنهم يكذبون باستمرار وأيضا هجومه الحاد على صحيفة wall street journal والتي قال عنها بأنها خسرت كل مصداقيتها ولم تسلم شبكة CNN الإخبارية من لسان ترامب فقد وصفها بأنها «عدو للشعب».

لكن فـي المقابل، كان لترامب رأي مغاير تمامًا فـي الإعلام الجديد، وتحديدًا فـي منصات التواصل الاجتماعي، فقد امتدح مرارًا تأثير هذه المنصات، ورأى فـيها أداة للتحرر من قبضة الإعلام التقليدي، ومنصة مباشرة للوصول إلى الناس دون وسيط؛ فبالنسبة له «تويتر» (قبل أن يتحول إلى X) لم يكن مجرد تطبيق، بل منبر سياسي يبني من خلاله خطابه، ويحشد أنصاره، ويوجه رسائله. حتى عندما تعرّض للحظر، لم يندم على استخدامه، بل أطلق لاحقًا منصته الخاصة «Truth Social» فـي محاولة لبناء إمبراطورية إعلامية موازية تخرج عن سلطة التحرير والتدقيق. ثم جاء الاستحواذ على «تويتر» من قِبل الملياردير إيلون ماسك -أحد الأصوات المحافظة المقربة من فكر ترامب- ليُعيد المنصة إلى الساحة كمنبر حر يتماهى مع خطابه، بل ويعيد له حضورًا غير مباشر فـيها.

وفـي مشهد آخر، لم يُخفِ ترامب إعجابه بتطبيق «تيك توك»، رغم أنه كان قد لوّح سابقًا بحظره، لكنه أدرك لاحقًا أنه أداة فعالة للتأثير على وعي الشباب وتشكيل المزاج الشعبي بعيدًا عن قوالب الإعلام التقليدي.

هذا التباين فـي مواقف ترامب يمكن أن يثير سؤالًا عميقًا هل لا يزال الإعلام التقليدي يتمسك بقيم مهنية عالية فـي الرقابة والمحاسبة ونقل الأحداث بكثير من الحياد والموضوعية، فـي وقت يتساهل فـي تلك القيود والمعايير كثير من منصات الإعلام الحديث التي تحمل شعار «سلطة بلا قيود» وتغري الجمهور بخطاب سريع الانتشار، لا يتطلب أدلة، ولا يخضع للتحرير أو التحقق. أم أن ذلك على الجانب الآخر لا يتعدى سوى محاولة لرفع معدلات المشاهدة والاستماع والقراءة وهذا هو ديدن الإعلام ككل والأمريكي بصفة خاصة الذي يجد فـي كثير من الفضائح مادة مغرية ودسمة له.

سؤال قد يصعب الإجابة عليه بدقة، فالمشهد الإعلامي لم يعد كما كان، فقد تداخل التقليدي بالحديث، وذابت الحدود بين الصحفـي والمغرد، وبين المذيع وصانع المحتوى، وبين الخبر والرأي. ولم نعد نعرف، على وجه اليقين، أي الأجندات تخدمها هذه المنصات، وأين تقف الحقيقة وسط هذا الضجيج المتسارع. فالإعلام اليوم، بمختلف أشكاله، بات ساحة صراع معقّدة، تتقاطع فـيها المصالح السياسية والاقتصادية والتجارية، وتُدار أحيانًا بذكاء يفوق قدرة الجمهور على التمييز. وهنا تكمن خطورته: ليس فـي ما يقوله، بل فـي ما يخفـيه أو يمرره بسلاسة تحت عباءة الترفـيه أو التحليل.

فـي زمن التحولات الإعلامية المتسارعة، لم يعد السؤال عن تأثير الكلمة، بل عمن يكتبها، ولمَن تُوجَّه، وكيف تُصاغ. فقد بات الكل يتسابق على وسائل الإعلام، كلٌ بطريقته الخاصة: دول تؤسس منصاتها الرسمية، ومنظمات تصنع رؤيتها الخاصة، ومؤسسات تروّج لأجنداتها، وأفراد يسعون لأن يكونوا منصات متنقلة تعبّر عن قناعاتهم، أو توجّه الرأي العام وفقًا لمصالحهم. لقد أصبح امتلاك منبر إعلامي -مهما كان حجمه- أداة لا غنى عنها، وسلاحًا فـي معركة الصوت الأعلى، والتأثير الأوسع.

ترامب، نموذجًا، لم يخرج عن هذا الإطار، بل صار أحد أبرز رموزه؛ فها هو يهاجم الإعلام التقليدي بضراوة، ويحتفـي بمنابر جديدة تتيح له تمرير رسائله، والتضييق فـي الوقت نفسه على الأصوات المناوئة له. وهنا، يبرز سؤال جوهري: من يكتب الكلمة اليوم؟ هل هو من يملك المال والجاه والنفوذ، ويستطيع التحكم بخوارزميات النشر والبث؟ أم هو ذلك المؤمن بحرية التعبير، الذي يدافع عن الرأي والرأي الآخر، حتى وإن كان صوته خافتًا وسط هذا الضجيج؟

ربما لم يعد الجواب واضحًا كما كان، فالمعادلة تغيرت، والمعايير اختلطت، لكن الثابت الوحيد أن الكلمة، رغم كل شيء، لا تزال تمتلك قدرة خارقة على الإقناع والتأثير... إذا ما كُتبت بصدق.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإعلام التقلیدی

إقرأ أيضاً:

أحمد موسى: الدولة طورت منظومة السكك الحديدية.. والإعلام المعادي يستغل الحوادث للتشكيك

أكد الإعلامي أحمد موسى أن الدولة المصرية نفذت خطوات جادة لتطوير شبكة السكك الحديدية، بعد سلسلة من الحوادث المؤلمة، أبرزها حادث قطار الصعيد عام 2002، مشيرًا إلى أن مليارات الجنيهات جرى ضخها لإصلاح المنظومة، وتحديثها بما يشمل مشروع القطارات السريعة، وربط قطارات البضائع بالموانئ البحرية، بالإضافة إلى التوسع في شبكة مترو الأنفاق.

أضاف موسى، خلال تقديمه برنامج "على مسئوليتي" على قناة صدى البلد، أن كل حادث يُسلّط الضوء على ثغرات بحاجة إلى الإصلاح، مؤكدًا أن الدولة لا تتوانى في محاسبة المقصرين، والقانون يأخذ مجراه لضمان محاسبة كل من تسبب في أي تقصير، قائلاً: "حق الفتيات شهيدات لقمة العيش لن يضيع".

واتهم موسى بعض الجهات الخارجية والإعلام المعادي بتوظيف الحوادث التي تقع داخل مصر في إطار حملات منظمة تهدف إلى التشكيك والتشويه، مستهدفين بذلك شخصيات مسؤولة مثل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، والفريق كامل الوزير، وزير النقل، تحت شعار "لو حد ناجح لازم ميكملش".

وأكد أن الإعلام المعادي يتغاضى عن أزمات كبرى في دولهم، لكنه يسلط الضوء على مصر فقط، في محاولة لإرباك الرأي العام، مشددًا على أن كل مسؤول في الدولة يعمل بضمير وحرص على سلامة المواطنين، واختتم قائلاً: "أنا شاهد على فترات الخراب اللي مرينا بيها، ومصر مش هتتهز رغم كيد الحاقدين".

طباعة شارك احمد موسى حادث ضحايا الطرق تصفية حسابات

مقالات مشابهة

  • الموضة القبيحة” تكتسح جيل زد: تمرد على الجمال التقليدي أم تعبير عن هوية؟
  • أحمد موسى: الدولة طورت منظومة السكك الحديدية.. والإعلام المعادي يستغل الحوادث للتشكيك
  • البلوشي لـ"الرؤية": يجب تحرير التفكير التقليدي تجاه السياحة.. وارتفاع تكاليف الأنشطة يُضعف تنافسية عُمان
  • البلوشي لـ"الرؤية": يجب تحرير التفكير التقليدي تجاه السياحة.. وارتفاع تكاليف الأنشطة يُضعف تنافسية عُمان إقليميا ودوليا
  • مجلس النواب يعلن دعم كامل لمطالب نقابة الصحفيين ويؤكد أهمية تطوير التشريعات الإعلامية
  • في شمس آرت سبيس.. داسم يكسر حدود الكلمة إلى عالم من الإحساس
  • وداع مهيب لفؤاد الحميري في إسطنبول.. الأديب والشاعر الذي جمع بين الكلمة والموقف
  • ندوة دولية في لندن تناقش الإبادة في غزة.. بين سياسة ترامب وأزمة القانون والإعلام (شاهد)
  • أبحاث جديدة: السجائر الإلكترونية أكثر سمية من التدخين التقليدي
  • في حادثة غريبة.. ترامب يطلب طرد صحفيين كشفوا "فشل" تدمير مواقع إيران النووية