دراسة: 99% من أعماق البحار مجهولة ومخخطات تعدينها خطيرة
تاريخ النشر: 15th, May 2025 GMT
تُظهر دراسة جديدة مدى ضآلة معرفة البشر حتى الآن بأعماق البحار، حيث لم تُكتشف سوى مساحة ضئيلة جدا من قاع البحار العميقة، وحذرت الدراسة من أن مخططات التعدين قد تضر بأعماق البحار وتنوعها البيولوجي، وخصوصا بهذه البيئة البحرية غير المكتشفة.
وتقول الدراسة التي نشرت في مجلة "ساينس أدفانسز": تُظهر تقديرات تغطية استكشافنا أن أدواتنا البصرية في أعماق البحار لم ترصد سوى ما بين 0.
ويُشير مصطلح "أعماق البحار" إلى الجزء من المحيط الواقع تحت 200 متر، والذي يبدأ عنده الضوء بالاختفاء. ورغم أن هذه الأعماق تشكل أكثر من 90% من البيئة البحرية للأرض، فإن جزءا كبيرا من النظم البيئية فيها لا يزال موضع تساؤل لدى الباحثين.
ولتحديد مساحة قاع البحر التي استكشفت، استعان الفريق ببيانات من حوالي 44 ألف غوصة في أعماق البحار مع ملاحظات أجريت منذ عام 1958، وتتضمن نسبة 0.001% أيضا افتراضات حول عدد سجلات الغوص الخاصة التي لم يتم تسجيلها علنا.
وحسب الدراسة، يشكل قاع البحر 360 مليون كيلومتر مربع (حوالي 71%) من إجمالي مساحة سطح الأرض (510 ملايين كيلومتر مربع)، وتبلغ نسبة قاع البحر العميق (200 متر على الأقل) حوالي 93% من هذه المساحة المحيطية، مما يُمثل 66% من إجمالي مساحة سطح الأرض.
إعلانوتعتبر هذه المنطقة بالغة الأهمية للحفاظ على مناخنا، إذ تمتص حوالي 90% من الحرارة الزائدة وحوالي 30% من ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الغلاف الجوي نتيجة للأنشطة البشرية.
وتقول كاتي كروف بيل، رئيسة رابطة اكتشاف المحيطات، والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "لو بقي كل ذلك في الغلاف الجوي، لكان من شبه المستحيل وجود حياة على الأرض".
وحسب الدراسة، تعد المنطقة التي استكشفها البشر إلى حد الآن محدودة للغاية، ومتحيزة أيضا بشدة تجاه مناطق معينة، فقد جرت أكثر من 65% من الملاحظات البصرية ضمن نطاق 200 ميل بحري (نحو 320 كيلومترا) من 3 دول، وهي الولايات المتحدة واليابان ونيوزيلندا، مما يعني أن الكثير من الافتراضات حول أعماق البحار مبنية على عينة صغيرة الحجم.
وتقول بيل: "يبدو الأمر كما لو أننا افترضنا جميعا الأنظمة البيئية الأرضية من خلال ملاحظات 0.001% من مساحة الأرض، فإن ذلك يعادل مساحة أصغر من مساحة أرض هيوستن في تكساس".
ونظرا لقلة المعلومات المتوفرة عن هذا النظام البيئي، يخشى العديد من الخبراء أن يُشكل التعدين في أعماق البحار خطرا كبيرا على البيئة. وتحذر الدراسة من خطورة مخططات التعدين البحري التي قد تصبح مثار تنافس دولي.
وفي أواخر أبريل/نيسان، وقّعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يهدف إلى تسريع الموافقة على استخراج المعادن الأساسية من قاع البحار.
وقوبلت هذه الخطوة بإدانة دولية، لا سيما من الخبراء الذين يؤكدون ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث حول الآثار المحتملة لهذه الممارسة على النظم البيئية في أعماق البحار، والتي لا يزال معظمها غير مستكشف.
وكانت 32 دولة قد دعت إلى وقف هذه الممارسة، وتأمل بيل أن تُظهر الدراسة الحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث قبل أن تبدأ الدول ممارسات التعدين الاستخراجية، والتي قد لا يمكن إصلاحها في أعماق البحار.
إعلانوفي هذا السياق، تقول بيل: "نحتاج إلى معرفة نوع التأثيرات التي سنُحدثها على أعماق البحار، وهل ستتعافى من تلك الأنشطة، فما لا نريده هو إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بأعماق المحيطات. لذا، نحن بحاجة ماسة إلى هذه المعلومات الأساسية حول أعماق البحار".
ويتوقع الباحثون أن تتضاعف الآثار السلبية على النظم البيئية في أعماق البحار مع تزايد الاستغلال، وتشمل هذه المخاطر التخلص العشوائي من النفايات والتلوث الكيميائي، واستغلال الموارد البيولوجية والجيولوجية، وتغير المناخ وتحمض المحيطات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات طبيعة وتنوع فی أعماق البحار
إقرأ أيضاً:
علماء من «كاوست» يقدمون دراسة تؤكد جفاف البحر الأحمر قبل 6 ملايين سنة
قدّم علماء من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، دليلًا قاطعًا يُظهر أن البحر الأحمر جفّ بالكامل قبل نحو 6,2 ملايين سنة، قبل أن يُعاد ملؤه فجأة بفيضان كارثي هائل من المحيط الهندي، ونُشرت نتائج الدراسة في المجلة العلمية Communications Earth & Environment، لتضع حدًا زمنيًا دقيقًا لحَدثٍ جيولوجي كبير غيّر بشكل دائم معالم البحر الأحمر.
وباستخدام التصوير الزلزالي وأدلة الأحافير الدقيقة وتقنيات تحديد العمر الجغرافي الكيميائي، أظهر الباحثون في (كاوست) أن هذا التغيّر الهائل حدث في فترة لا تتجاوز مئة ألف عام وهي فترة قصيرة جدًا بالنسبة لحدث جيولوجي ضخم، فقد تحوّل البحر الأحمر من بحرٍ متصل بالبحر الأبيض المتوسط إلى حوضٍ جافٍ مليء بالأملاح، قبل أن يتسبب فيضان ضخم في اختراق الحواجز البركانية وفتح مضيق باب المندب ليُعيد اتصال البحر الأحمر بالمحيطات العالمية.
وقالت الدكتورة الباحثة الرئيسة في (كاوست) تيهانا بنسا: "تكشف نتائجنا أن حوض البحر الأحمر يُسجل أحد أكثر الأحداث البيئية تطرفًا على وجه الأرض، إذ جفّ بالكامل، ثم غُمر فجأة قبل نحو 6,2 ملايين سنة، ولقد غيّر ذلك الفيضان شكل الحوض وأعاد الحياة البحرية إليه، مؤسسًا الاتصال الدائم بين البحر الأحمر والمحيط الهندي".
وأضافت: "في البداية كان البحر الأحمر متصلًا من الشمال بالبحر الأبيض المتوسط عبر حاجز ضحل لكن هذا الاتصال انقطع؛ مما أدى إلى جفاف البحر الأحمر وتحوله إلى صحراء ملحية قاحلة، وفي الجنوب بالقرب من جزر حنيش، كانت سلسلة بركانية تفصل الحوض عن مياه المحيط الهندي، وبعد حوالي 6,2 مليون سنة مضت اندفعت مياه المحيط الهندي عبر هذا الحاجز في فيضان كارثي، نحت خندقًا بحريًا يبلغ طوله نحو 320 كيلومترًا، ما زال مرئيًا حتى اليوم في قاع البحر".
موضحة أنه سرعان ما امتلأ الحوض مجددًا لتغمر المياه السهول الملحية، وتُعيد الظروف البحرية الطبيعية خلال أقل من مئة ألف سنة, وقد حدث ذلك قبل نحو مليون سنة من الفيضان الشهير الذي أعاد ملء البحر الأبيض المتوسط (فيضان زانكلي)، مما يمنح البحر الأحمر قصة فريدة عن ولادته من جديد.
وتكوَّن البحر الأحمر نتيجة انفصال الصفيحة العربية عن الصفيحة الأفريقية قبل نحو 30 مليون سنة، وفي بدايته كان عبارة عن وادي صدعي ضيق مليء بالبحيرات، ثم اتّسع تدريجيًا ليصبح خليجًا واسعًا عندما غمرته مياه البحر الأبيض المتوسط قبل 23 مليون سنة.
وازدهرت الحياة البحرية آنذاك، كما يتضح من الشعاب المرجانية الأحفورية الممتدة على الساحل الشمالي قرب ضبا وأملج، لكن مع مرور الوقت أدت الحرارة العالية وضعف دوران المياه إلى زيادة الملوحة، مما تسبب في انقراض الكائنات البحرية بين 15 و 6 ملايين سنة مضت، وتراكمت في الحوض طبقات سميكة من الملح والجبس إلى أن انتهى الأمر بجفاف البحر تمامًا، ثم جاء الفيضان الهائل من المحيط الهندي ليُعيد الحياة إلى البحر الأحمر، وهي الحياة التي ما زالت مزدهرة في شعابه المرجانية حتى اليوم.
ويُعدّ البحر الأحمر مختبرًا طبيعيًا فريدًا لفهم كيفية نشوء المحيطات، وتراكم الترسبات الملحية العملاقة، وكيفية تفاعل المناخ مع الحركات التكتونية عبر ملايين السنين، وتؤكد هذه الاكتشافات الترابط الوثيق بين تاريخ البحر الأحمر وتغير المحيطات العالمية، كما تُظهر أن المنطقة قد شهدت من قبل ظروفًا بيئية قاسية، لكنها تمكنت في نهاية المطاف من استعادة نظامها البيئي البحري المزدهر.
أخبار السعوديةالمحيط الهنديجامعة الملك عبداللهقد يعجبك أيضاًNo stories found.