16 مايو، 2025

بغداد/المسلة: تمخض النهب الأخير في مديرية كمرك الجنوب عن اختفاء أكثر من عشرة مليارات دينار، لتنكشف فصول اختلاس جديد يُعيد إلى الواجهة سؤالاً مؤجلاً: لماذا لا يزال الفاسدون طلقاء رغم توالي الفضائح؟.

وأعلنت هيئة النزاهة الاتحادية، الخميس 15 أيار 2025، تنفيذ مذكرة القبض على أمين صندوق سابق في مديرية كمرك المنطقة الجنوبية، بعد أن كشفت لجنة تدقيقية نقصاً مالياً تجاوز 10.

2 مليار دينار عراقي في إيرادات مراكز كمركية عدّة، منها الشلامجة، ومطار البصرة، وأم قصر الأوسط، وسفوان.

واستندت الهيئة إلى عمليات تدقيق شملت الأعوام الثلاثة الأخيرة (2022-2024)، حيث أظهرت التحقيقات تورط الموظف المختلس بنقل الأموال إلى حسابات لا تتطابق مع سجلات الإيرادات الرسمية، ما يشير إلى شبكة فساد داخلية متماسكة يصعب اختراقها دون إرادة سياسية واضحة.

واستُخدمت مذكرات قضائية صادرة عن محكمة تحقيق الكرخ الثانية، للإطاحة بالمتهم، الذي وُصف بأنه عمل طيلة سنوات ضمن بيئة تتراخى في الرقابة وتفتقر إلى أدوات تتبع الأمانات والإيرادات، رغم أنها تشكل إحدى البوابات السيادية للاقتصاد العراقي.

وانكشفت هذه الحادثة بعد أسابيع فقط من تقرير ديوان الرقابة المالية في نيسان 2025، الذي حذر من تزايد “المال المفقود” في المراكز الكمركية، والذي قدّر بأكثر من 190 مليار دينار خلال السنوات الخمس الماضية، غالبيتها مرتبطة بجنوب البلاد، حيث تتشابك المصالح بين الموظفين والتجار ومكاتب التخليص الجمركي.

وارتفعت وتيرة السرقات في القطاع الكمركي بعد عام 2020، خاصة بعد تخفيف القيود الرقابية بحجة تشجيع التجارة، ما فتح المجال أمام سلسلة من الاختلاسات شملت موانئ البصرة وأم قصر، وسط صمت سياسي وبرلماني واسع.

وسبق للعراق أن شهد في أيلول 2022 واحدة من أضخم فضائح الاختلاس، حين كشفت وزارة المالية عن “سرقة القرن”، وهي اختفاء 3.7 تريليون دينار من حسابات هيئة الضرائب، عبر تواطؤ بين موظفين وشركات وهمية، دون أن تُسترجع أغلب تلك الأموال حتى اليوم.

واتسمت قضايا الفساد الكبرى في العراق بإفلات معظم المتهمين من العقاب، حيث وثق تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2024 بقاء العراق ضمن الدول الأكثر فساداً، محتلاً المرتبة 162 من أصل 180 دولة.

وانتقد ناشطون ومدونون الأداء في ملاحقة المتورطين، حيث كتب الصحفي أحمد الزبيدي: “من يسرق ملياراً يُكرم بصمت، ومن يكشف السارق يُطارد”، بينما غردت الناشطة شيماء السعدي: “كل المنافذ مفتوحة للنهب، وكل المنافذ مغلقة للعدالة”.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

الزبير: شرارة الاستقلال تُشعل صراع النفوذ في قلب البصرة

15 مايو، 2025

بغداد/المسلة: تتفاقم التوترات في محافظة البصرة مع تصاعد الجدل حول مقترح تحويل قضاء الزبير إلى محافظة مستقلة، وسط انقسامات حادة تهدد وحدة المحافظة واستقرارها السياسي.

ويبرز هذا الخلاف في ظل تحديات اقتصادية وطائفية تعصف بالمنطقة، مما يجعل الزبير مركزاً لصراع النفوذ.

ورفض مجلس محافظة البصرة، بتاريخ 14 مايو 2025، المقترح بالإجماع، مؤكداً عدم وجود مبررات إدارية أو قانونية تدعمه، في جلسة حضرها المحافظ أسعد العيداني، الذي أرسل خطاباً إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، معلناً رفضه للاستحداث، مشيراً إلى أن الزبير تمثل “مركز البصرة التاريخي” وأن تقسيمها سيضعف المدينة.

وأكد العيداني أن تعزيز الخدمات يبقى الحل الأمثل بدلاً من التقسيم.

وأثار القرار جدلاً واسعاً بين الأطراف المحلية، إذ يرى مؤيدو الاستقلال، مستندين إلى تعداد سكاني يقارب 1.2 مليون نسمة حسب تقديرات 2025، أن الزبير تملك المقومات الاقتصادية والجغرافية لتكون محافظة، لا سيما مع احتضانها موانئ وحقول نفطية رئيسية.

ويخشى معارضون، بينهم العيداني، من أن يؤدي ذلك إلى تفتيت النفوذ السياسي وإعادة توزيع إيرادات النفط، التي تشكل 90% من ميزانية العراق.

ويعزز التوتر الطائفي المشهد المعقد، إذ تشتهر الزبير بأغلبيتها السنية الكبيرة، على عكس مركز البصرة ذي الغالبية الشيعية، مما يثير مخاوف من تأجيج الصراعات الطائفية.

ونقلت مصادر محلية عن العيداني قلقه من أن يقوض الاستقلال سيطرته السياسية، لا سيما مع وجود منافسين يسعون لتعزيز نفوذهم في المنطقة.

وتكررت هذه الظاهرة في العراق، كما في تجربة حلبجة، التي أصبحت محافظة في 13 مارس 2014، بعد مطالبات طويلة لتعزيز الحكم المحلي، لكنها واجهت تحديات مالية.

وشهد قضاء تلعفر في 2017 مطالبات مماثلة بعد تحريره من تنظيم داعش، لكنها أخفقت بسبب صراعات سياسية ونقص الموارد.

وأحيت حملة تواقيع نيابية، جمعت 80 توقيعاً في 26 مارس 2025، الآمال باستحداث محافظة الزبير، لكن المعارضة القوية من العيداني ومجلس المحافظة تعرقل الجهود.

ويعكس هذا الصراع تحديات بنيوية في العراق، حيث تصطدم طموحات الاستقلال الإداري بحسابات المركزية والنفوذ.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الزبير: شرارة الاستقلال تُشعل صراع النفوذ في قلب البصرة
  • القمة العربية 2025: بوابة بغداد لجواز سفر عراقي قوي
  • محمد الحداد: التحول الرقمي في المنظومة الضريبية خطوة جوهرية نحو الشفافية وتعزيز مناخ الاستثمار
  • اللجنة الفرعية تتابع مناقشة قانون إصلاح المصارف
  • سعر الدولار أمام الجنيه بالبنوك اليوم 13/5/2025 للبيع والشراء وسط ترقب الأسواق لمستجدات السياسة النقدية
  • شاهد بالفيديو| هدّد اليمن بـ “الجحيم” ثم تراجع.. ما الذي بدّل حسابات ترامب؟
  • بعد «سفاح الجيزة».. أحمد فهمي يعود لـ الأوف سيزون بـ «ابن النادي»
  • زيارة ترامب إلى الخليج.. تريليونات تستثمر و"دبلوماسية المال" تتقدم على السياسة
  • القضاء: استرجاع نحو 12 مليار دينار من تطبيق قانون العفو العام