“الضربات الأمريكية والتهدئة الهشّة”.. تداعيات متشابكة على مستقبل اليمن بين التفاوض والتدمير
تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من نواف الحميري
على مدار 52 يومًا، شنّت مقاتلات التحالف الأمريكي ما يزيد عن 1100 غارة جوية على جماعة الحوثي المصنَّفة في قوائم الإرهاب، وذلك بعد استئناف هجماتها على اليمن في 15 مارس/آذار الماضي. جاءت الضربات رغم تحذيرات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للحوثيين بـ”القضاء عليهم” إذا لم يتوقفوا عن استهداف السفن المارة في البحر الأحمر، قبل أن يُعلن عن وقف إطلاق النار بوساطة عُمانية الأربعاء الماضي.
السياق العسكري والسياسي
ينفذ الحوثيون هجمات بالصواريخ والمسيّرات على إسرائيل والسفن المرتبطة بها “دعمًا لغزة” منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ووسّعوا دائرة استهدافهم لتشمل سفنًا أمريكية وبريطانية. وبموجب الاتفاق الأخير، أعلن الحوثيون امتناعهم عن استهداف السفن الأمريكية مقابل توقف الغارات الأمريكية عليهم.
تُفسَّر هذه التهدئة كواحدة من متطلبات تأمين زيارة الرئيس الأمريكي إلى الخليج العربي، وفقًا لخبراء سياسيين، الذين يرون أنها جاءت في سياق المحادثات النووية الأمريكية الإيرانية، ولا تعكس تخلي واشنطن عن خيار القوة، بل إعادة تموضعٍ تمنح إسرائيل “الضوء الأخضر” لمواصلة مهمتها ضد الحوثيين.
تحوّل تكتيكي أم تغيير استراتيجي؟
يُعد قرار الولايات المتحدة بوقف ضرباتها الجوية على الحوثيين تحوّلًا تكتيكيًا يعيد ترتيب الأولويات السياسية والعسكرية، دون أن يُشير إلى تبدّل في الأهداف الاستراتيجية. وقد يُفضي هذا القرار إلى سيناريوهات متعددة، أبرزها عودة الأطراف اليمنية إلى طاولة الحوار.
في هذا التقرير، يناقش “يمن مونيتور” مع محللين سياسيين يمنيين وعرب تداعيات التهدئة الأمريكية على المفاوضات اليمنية، والسيناريوهات المستقبلية، ودور إيران في القرار.
العودة إلى المفاوضات
يرى عادل دشيلة، الباحث في مركز جامعة كولومبيا للدراسات الشرق أوسطية، أن وقف الهجمات الجوية لن يُحدث تغييرًا جذريًا في المفاوضات، موضحًا أن الحوثيين يسعون لفرض مشروعهم عبر القوة العسكرية ويرفضون الشراكة السياسية إلا إذا كانت لصالحهم.
ويشير دشيلة في حديث لـ”يمن مونيتور”، إلى أن السعودية قدّمت خارطة طريق سياسية قوبلت بالرفض الحوثي، رغم تنازلات الحكومة اليمنية والأطراف المنضوية تحتها.
من جانبه، يحذّر د. محمد القباطي، وزير الإعلام السابق، من أن التهدئة منحت الحوثيين فرصة لإعادة التموضع وترسيخ أنفسهم كفاعل إقليمي، مدّعين الانتصار على الولايات المتحدة رغم الخسائر الفادحة.
ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى رفع سقف مطالبهم وتعنتهم في التفاوض، ما يُعقّد احتمالات العودة إلى الحوار.
تداعيات محتملة: بين الأمن النووي والملاحة الدولية
يُرجع د. فارس البيل في حديثه لـ”يمن مونيتورط، قرار التهدئة إلى أسبابٍ أمنية مرتبطة بزيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة، مشيرًا إلى أن الضربات الجوية كانت تهديدًا لسلامة الزيارة. كما يربط القرار بالتقدم في الملف النووي الإيراني، مؤكدًا أن الاتفاق مؤقت ومرهون بنتائج المفاوضات.
بدوره، يرى د. عبد القادر الخلي أن وقف الضربات يُعد مناورة تكتيكية لامتصاص الضغوط الدولية على إدارة ترامب، التي تواجه انتقاداتٍ بسبب فشل التصعيد العسكري في كبح جماح الحوثيين، بل تعقيد الوضع في البحر الأحمر.
ويشير عبد القادر برأيه، إلى أن القرار الأمريكي يهدف إلى تأمين الملاحة البحرية أكثر من كونه خطوة نحو تسوية الأزمة اليمنية.
الدمار المادي وتداعياته السياسية
خلّفت الضربات الأمريكية دمارًا واسعًا في البنية التحتية اليمنية، دون أن تُؤثر بشكل جوهري على القدرات العسكرية للحوثيين.
وفي هذا السياق، يُحذّر دشيلة من أن هذا الدمار يعزز شرعنة الحوثيين كـ”ضحايا عدوان غربي”، مما يرفع شعبيتهم محليًا ويُسهِّل تجنيد المقاتلين.
كما يُعمّق تدمير البنية التحتية الانقسامات المجتمعية، ويدفع اليمن نحو “الصوملة” – أي التفتت إلى كيانات محلية تُدار بأجندات خارجية.
الحوثي وإيران: علاقة المصالح المشتركة
في السياق، يكشف مصطفى النعيمي، الباحث في الشأن الإيراني، أن طهران تستخدم الحوثيين كورقة ضغط في المفاوضات النووية، وتُسرب لهم تفاهماتٍ مع واشنطن لضمان التزامهم بالتوجيهات.
ويشير النعيمي، إلى أن إيران قد تُصعّد عبر الحوثيين إذا تعرّضت مصالحها للتهديد، خاصة في المناطق القريبة من المنشآت النفطية والنووية.
من ناحيته، يوضح أمين بشير، المحلل السياسي اللبناني، أن النفوذ الإيراني على الحوثيين لا يعتمد على الأوامر المباشرة، بل على الدعم التكنولوجي والعسكري الذي يسمح بإدارة مستوى التصعيد. وتستفيد إيران من التهدئة لتخفيف الضغوط الأمريكية في الملف النووي، مع الحفاظ على وجودها الإقليمي.
مسقط واللعبة الإيرانية
في جولة التفاوض الحالية بمسقط، تحاول طهران تسويق نفسها للغرب كـ”ضابطة لسلوك حلفائها” دون تقديم تنازلات ملموسة، وفقًا للمحلل السياسي عبد الواسع الفاتكي، الذي يصف التفاهم بـ”صفقة صمت” غير مكتوبة: الحوثيون يخففون هجماتهم مقابل تخفيف الضغط الأمريكي، بينما تحتفظ إيران بالحق في إعادة تفعيلهم كورقة ضغط مستقبلية.
ويُضيف الفاتكي أن طهران تسعى إلى “إعادة تعريف دور الحوثيين” ليبقوا أداةً مرنة في مفاوضاتها مع القوى الكبرى، خاصةً في ظل غياب مشروع عربي موحد قادر على مواجهة النفوذ الإيراني المتنامي.
السيناريوهات المستقبلية
يطرح عبد القادر الخلي ثلاثة سيناريوهات محتملة هي استمرار التهدئة، عبر التزامات متبادلة، لكنها تبقى هشّة دون إجراءات اقتصادية ملموسة ، والتصعيد المتجدد، في حال استئناف الحوثيين هجماتهم البحرية، ما قد يُعيد الضربات الأمريكية ويُدولّن الصراع، وسيناريو ثالث متمثل في الجمود العسكري، عبر تحوّل الصراع إلى حرب استنزاف سياسية واقتصادية، وهو السيناريو الأرجح على المدى القريب.
في الختام، يشكك المحلل السياسي مصطفى النعيمي في استمرار التهدئة، مستندًا إلى تاريخ الحوثيين في نقض الاتفاقات، ما لم تُبرم صفقة جذرية مع إيران – اللاعب الرئيسي القادر على كبح جماحهم، لان الولايات المتحدة الأمريكية لا تنظر للحوثي الا أداة بيد طهران.
يخلص التقرير إلى أن التطورات الأخيرة تُظهِر أن الأزمة اليمنية باتت رهينة حسابات القوى الإقليمية والدولية، حيث تتداخل الملفات النووية والأمن البحري مع الصراع المحلي، مما يُعقّد آفاق الحل ويُبقي اليمن على حافة الانهيار.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: غزة إيران الأزمة اليمنية الضربات الأمريكية المفاوضات اليمن تداعيات ترامب وساطة مسقط إلى أن
إقرأ أيضاً:
“EVS السعودية 2025”.. مستقبل التنقل الكهربائي يتجسد في قلب المملكة
البلاد – الرياض
شهدت الرياض انطلاق معرض EVS السعودية 2025، الذي يستعرض مجموعة متنوعة من المركبات الكهربائية المتقدمة، بدءًا من السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات (SUV) ووصولًا إلى الطائرات الكهربائية العمودية (eVTOL)، في مؤشر واضح على شهية السوق السعودية المتزايدة للابتكار، ودورها المتصاعد كمركز اختبار عالمي لتقنيات التنقل المستقبلية.
ويتميز المعرض هذا العام بمشاركة عدد كبير من العلامات التجارية العالمية والمحلية، التي قدمت أحدث الطرازات الكهربائية المصممة لتناسب احتياجات السوق السعودية، بينما لفتت طائرة FlyNow الكهربائية الأنظار باعتبارها رمزًا لصعود حلول التنقل العمودي ضمن بيئة المدن الذكية. ويعكس التنوع في المعروضات رؤية الشركات العالمية للمملكة، ليس فقط كسوق استهلاكية، بل كبيئة اختبار وشراكة استراتيجية لتوسيع تقنيات التنقل المستقبلية.
وشهد المعرض تفاعلًا كبيرًا من الشركات التي قدمت نماذج معدّلة لتلبية احتياجات السوق السعودي، بينما حرصت أخرى على مواءمة ابتكاراتها مع أهداف الاستدامة الوطنية.
وبرزت ثلاثة اتجاهات رئيسية خلال الفعالية، في مقدمتها اهتمام كبير من المستهلكين بالمركبات الكهربائية من فئة SUV، وتركيز لافت على حلول التنقل داخل المدن، وتفاعل قوي مع مزودي حلول الطاقة الذكية القابلة للتوسع لتناسب البنية التحتية السعودية. كما شهد المعرض اهتمامًا ملحوظًا بتوطين التقنية من خلال شراكات محلية لتطوير أنظمة البطاريات ومنصات المركبات المتكاملة.
ويعد معرض EVS السعودية منصة معرفية متكاملة، عززت مكانة المملكة كمركز لصياغة السياسات المستقبلية في قطاع التنقل الكهربائي، حيث ناقشت جلسات المنتدى المصاحب بمشاركة نخبة من الخبراء العالميين، من بينهم هايكو سايتز، قائد التنقل العالمي في PwC، ويوخن رودات، مؤسس Electric Ventures، إلى جانب فيصل سلطان، نائب الرئيس والمدير العام لشركة لوسيد موتورز، وموفق السعدي، الشريك المؤسس في Electromin، استراتيجيات انتقال الطاقة ورؤية المملكة لبناء مستقبل مستدام قائم على الابتكار.فيما جمعت جلسة “تبادل الخبرات حول التنقل الحضري – أثر المركبات الكهربائية على المدن الذكية والنقل العام”، شخصيات قيادية من مختلف الشركات المشاركة.
وناقشت جلسات “كهربة الأساطيل” فرص التحول التجاري للمركبات الكهربائية مع عدة شركات، بينما تم تسليط الضوء على التطبيقات اللوجستية للمركبات الكهربائية في الميل الأخير من التوصيل. وشهد المنتدى أيضًا حضورًا مميزًا لشخصيات أكاديمية وقيادات شبابية بارزة مثل الأميرة لُولوة بنت يزيد آل سعود، الدكتورة ريم العثماني، وليندا الفيصل، مما أكد على دور المرأة والشباب في قيادة مستقبل الابتكار بالمملكة.
وأطلق خلال المعرض مسارًا مخصصًا لحلول التنقل الجوي داخل المدن، بمشاركة خبراء من الطيران الموحد وجامعة الأمير سلطان، مما يفتح الباب لدمج الطيران الكهربائي ضمن البنية الحضرية للمملكة.
وأكد المنتدى للمصنّعين والمستثمرين الدوليين، أن السعودية لم تعد سوقًا ناشئة، بل بيئة استثمارية ناضجة وجاهزة لاستقبال الاستثمارات في قطاع التنقل الذكي، وأنه في ظل رؤية 2030، وازدياد الطلب المحلي، باتت المملكة منصة مثالية لبناء قيمة صناعية طويلة الأمد. فيما تشير الشراكات المعلنة خلال المعرض، إلى انفتاح السوق على الحلول المتكاملة والتقنيات الحديثة، ضمن بيئة تنظيمية مرنة وبنية تحتية واعدة، مما يجعل المملكة بيئة جذب مثالية للشركات العالمية.
وتستمر رحلة التحول نحو التنقل الكهربائي في المملكة من خلال النسخة المقبلة من EVS السعودية، والتي ستقام في مركز جدة الدولي للمعارض والمؤتمرات من 3 إلى 5 مايو 202. وسيكون هذا الحدث محطة جديدة لوضع معايير جديدة في الاستدامة والابتكار والريادة الصناعية المنطقة.