الحوثيون يكررون سيناريو ستوكهولم.. استثمار التهدئة مع أمريكا لتعزيز القدرات العسكرية
تاريخ النشر: 16th, May 2025 GMT
في 6 مايو 2025، أعلن أمريكا بشكلٍ مفاجئ وقف الغارات الجوية التي تشنها منذ مارس الماضي على مواقع ومخابئ ميليشيا الحوثي الإيرانية في اليمن؛ وسط الإعلان عن اتفاق غامض بوساطة عُمانية يقضي بتوقف الميليشيات عن استهداف السفن التجارية والقطع الحربية في البحر الأحمر وخليج عدن.
من الملاحظ أن الميليشيات الحوثية بحثت عن اتفاق عاجل وسريع لإنقاذ ما تبقى لها من مقدرات عسكرية، خاصة وأن الغارات التي نفذتها المقاتلات الأمريكية خلال الفترة الماضية كانت دقيقة واستهدفت مخابئ ومخازن أسلحة سرية حصلت عليها الجماعة من إيران عن طريق التهريب.
كما جرى من اتفاق سريع ومعلن يشابه ما جرى أواخر العام 2018، حيث سارعت الميليشيات الحوثية للتواصل مع الأمم المتحدة والإعلان عن رغبتها في توقيع اتفاق يوقف الانتصارات التي تقودها القوات المشتركة في الساحل الغربي وتمنع تحرير مدينة الحديدة وموانئها الرئيسية.
تكثيف التهريب
واستغلالًا للتهدئة كثفت ميليشيا الحوثي من عمليات تهريب الأسلحة إلى موانئ الحديدة الواقعة سيطرتها وهو مايكشف النوايا الحقيقية وراء المسارعة لإبرام اتفاق مع أمريكا.
خلال الأيام الماضية، تمكنت القوات البحرية اليمنية بمساندة قوة أمريكية تتمركز في البحر الأحمر من إفشال إحدى أكبر عمليات تهريب الأدوات الحربية لصالح الميليشيات الحوثية. حيث تم ضبط سفينتين شراعيتين قادمتين من القرن الأفريقي، إلى مناطق سيطرة الحوثيين، وعلى متنهما أكثر من 3 ملايين صاعق إلى جانب فتائل تفجير، بالإضافة إلى منظومة اتصالات فضائية.
التحقيقات الأولية كشفت أن الشحنتين كانتا في طريقهما إلى ميناء رأس عيسى في الحديدة، وأن الأسلحة والمتفجرات تتبعان ميليشيا الحوثي الإيرانية المسيطرة على الميناء.
ومنذ مطلع العام الجاري، تمكنت القوات الأمنية والعسكرية اليمنية من إحباط وإفشال نحو 10 عمليات تهريب بحرية وبرية. بينها تهريب رادارات بحرية وقطع وأجهزة تحكم بالطائرات المسيّرة، وأجزاء صواريخ مجنحة، ومحركات نفاثة للصواريخ والمسيّرات، وأجهزة اتصالات لا سلكية عسكرية.
مخابئ جديدة
مصادر محلية كشفت لـ"نيوزيمن" عن تحركات تقوم بها الميليشيات لترميم مقدراتها العسكرية التي تضررت واستهدفت من قبل القوات الأمريكية خلال الأسابيع الماضية؛ وأن قيادات ميدانية بارزة ومحدودة تقوم بإعادة ترتيب المخزون المتبقي من الصواريخ والطائرات المسيرة وتفريقها على مخازن متباعدة في عدة محافظات خاضعة لسيطرتهم. موضحة أن الميليشيات كانت بحاجة إلى تهدئة ووقت من أجل إعادة ترتيب أوراقها العسكرية وتغيير أماكن الكثير من المواقع والمخابئ التي استحدثتها خلال السنوات.
وأشارت المصادر إلى أن الجماعة في شكوك مستمر من تسريب معلومات عسكرية حول مخازنها مواقعها الهامة خاصة بعد نجاح استهداف بعضًا خلال الأيام التي سبقت الإعلان عن الاتفاق. فالغارات الجوية التي استهدفت ضواحي صنعاء ومحافظة صعدة- المعقل الرئيسي للميليشيات في اليمن، كانت موجعة ودقيقة وأسفرت عن أضرار كبيرة في القدرات العسكرية التي حصلت عليها من إيران.
الناشط السياسي في حضرموت، محمد الشماسي، يرى أن الاتفاق يشابه اتفاق "ستوكهولهم" واتفاق الحديدة اللذان أبرمان برعاية أممية أواخر 2018 وضغط دولي. فالميليشيات الحوثية سارعت لطلب التوقيع في الوقت الذي كان تحرير الحديدة وموانئها قاب قوسين، ولكن ما حدث تستفيد الميليشيات من الاتفاق حتى اليوم سواء في تهريب الأسلحة والصواريخ عبر المنافذ البحرية الواقعة تحت سيطرتها، إضافى إلى استمرار الانتهاكات ونهب إيرادات الموانئ التي تسخرها لعلملياتها العسكرية.
وأضاف: "الميليشيات الحوثية سوف تستفيد من التهدئة مع واشنطن، وستعمل على تعزيز مواقعها العسكرية إلى جانب تكثيف عمليات تهريب الأسلحة والصواريخ القادمة من القرن الأفريقي، وما تم ضبطه قبل أيام على متن سفينتين قادمتين من القرن الأفريقي تأكيد على أن الميليشيات تحاول استغلال توقف الضربات الأمريكية لتعزيز مخزونها من الأسلحة والصواريخ البعيدة والطائرات المسيرة.
اتفاقات سرية
من جانبه المحلل السعودي واللواء المتقاعد عبدالله غانم القحطاني، عبر حسابه في منصة "إكس"، قال محور المقاومة الذي تغنت به إيران للدفاع عن فلسطين والقدس اليوم أصبحت تجري حوارات ومحادثات سرية وعلنية مع أمريكا لحماية مصالحها وأهدافها.
وكتب: "أين هو محور المقاومة اليوم؟ وأين هو تحرير فلسطين؟ وما هي نتائج هجوم السابع من أكتوبر المشؤوم والفاشل، الذي استغلته كل من إسرائيل وإيران على حساب القضية الفلسطينية والأمن القومي العربي؟ غزة تحتضر، بينما الحوثيون وإيران وحزب الله وحماس يجرون اتصالاتٍ سريّة مع الولايات المتحدة بغرض المصالحة، ولا أثر لوعودهم بشأن القدس وتحرير فلسطين ونصرة المستضعفين!
وقال: أعظم إنجازات الحوثيين اليوم هي تدمير وتعطيل مطار صنعاء الدولي، من خلال استدعاء هجوم إسرائيلي وأميركي عليه، وتدمير ميناء الحديدة..."
مخطط مفضوح
الحكومة اليمنية أكدت أن ما تقوم به الميليشيات الحوثية من إبرام اتفاقات ما هي إلا مخططات مفضوحة تريد من خلالها الميليشيات تعزيز قدراتها العسكرية والقتالية والحصول على وقت إضافي لتهريب مزيدًا من الأسلحة الإيرانية إليها.
وقال وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني الأحد، ما جرى ضبطه قبل أيام في البحر الأحمر يؤكد حقيقة واحدة أن الميليشيات تريد استثمار التهدئة لتهريب مزيدًا الأسلحة، لافتاً إلى أن الشحنتين اللاتي تم ضبطهما قادمتين من ميناء بندر عباس الإيراني، مرورًا بالقرن الأفريقي، كانتا في طريقهما إلى ميليشيا الحوثي عبر موانئ الحديدة".
وذكر في تدوينة على منصة "إكس"، أن هذه الشحنات "تجسيد واضح لاستمرار النظام الإيراني في تزويد ميليشيا الحوثي بالأسلحة والقدرات النوعية، في وقت يُفترض فيه أن يكون منخرطًا في جهود لخفض التوتر، لكن الواقع يثبت أن طهران تتخذ من المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية غطاءً لكسب الوقت، وإعادة بناء منظومة وكلائها بعد الضربات التي تلقوها، وأنها ليست شريكًا جادًّا في أي مسعى لإرساء السلام في المنطقة".
ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم "عبر تشديد الضغوط على النظام الإيراني لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، وتعزيز الرقابة البحرية على طرق التهريب، والعمل على تصنيف الميليشيا كمنظمة إرهابية عالمية، أسوة بالولايات المتحدة وعدد من الدول، باعتبارها خطرًا لا يهدد اليمن وحده، بل الأمن والسلم الدوليين".
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: المیلیشیات الحوثیة میلیشیا الحوثی أن المیلیشیات تهریب الأسلحة عملیات تهریب
إقرأ أيضاً:
مندوبة أمريكا بمجلس الأمن: الحملة العسكرية في اليمن حققت أهدافها باستعادة حرية الملاحة وتوقفت بعد استسلام الحوثيين
أكدت الولايات المتحدة الأمريكية، الأربعاء، أن حملتها العسكرية ضد الحوثيين في اليمن، حققت أهدافها بإستعادة حرية الملاحة البحرية، مشيرة لتوقفها بعد استسلام جماعة الحوثي.
جاء ذلك في كلمة القائمة بأعمال المندوب الأمريكي الدائم لدى الأمم المتحدة؛ دوروثي شيا، أمام اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.
وقالت القائمة بأعمال المندوب الأمريكي الدائم لدى الأمم المتحدة؛ دوروثي شيا: "ستواصل الولايات المتحدة التزامها بتعطيل مصادر توليد الإيرادات غير المشروعة للحوثيين، والميسرين الماليين، والموردين، والتي تمكنهم من تهديد الاستقرار الإقليمي".
وأضافت شيا أن كل من يقدم الدعم المادي أو الموارد للحوثيين سيكون عرضة للعقوبات الأمريكية، وقالت: "نذكّر الدول الأعضاء بأن تقديم الدعم للجماعة المُصنفة من قبل الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية أجنبية، يعد انتهاكاً للقانون الأمريكي، وسنواصل فرض كل العقوبات الممكنة على الأفراد والكيانات المتورطة بذلك".
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، "نفذت عمليات قصف دقيقة ضد مواقع الحوثيين، خلافاً لوصف البعض ومعلوماتهم المضللة، كما أدت إلى تعطيل البنية التحتية التي تسهل استيراد الوقود، الذي يدعم أهدافهم الإرهابية، كما أسفرت عن مقتل المئات من مقاتليهم وعدد كبير من قادتهم. ولن نقبل تهريب الوقود والمواد الحربية بشكل غير مشروع إلى منظمة إرهابية".
ولفتت إلى أن الحملة العسكرية لبلادها، ضد الحوثيين حققت أهدافها في استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة به، وجرى إيقافها بعد استسلام جماعة الحوثي وعدم رغبتها في القتال، وفقا لما قاله الرئيس "ترامب".
وطالبت، مجلس الأمن باتخاذ إجراءات عقابية ضد انتهاك طهران لنظام العقوبات المفروضة على اليمن، مضيفة: "يجب على هذا المجلس ألا يتسامح مع تحدّي قراراته من قبل إيران، التي مكّنت الحوثيين من شنّ هجمات بدعم عسكري ولوجستي واستخباراتي، وعليه فرض عقوبات على منتهكي قرار الحظر رقم (2216)، باستخدام الأدوات المتاحة له".