في ظل تصاعد الغضب الدولي من المجازر الإسرائيلية المتواصلة علي قطاع غزة، كشفت مصادر دبلوماسية بريطانية عن شكوك متزايدة حيال نية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المضي قدمًا في الاعتراف بدولة فلسطين خلال مؤتمر الأمم المتحدة المرتقب في نيويورك مطلع يونيو المقبل، وهو ما قد يدفع بريطانيا بدورها لتأجيل خطوة مشابهة كانت مرتقبة، وفق تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية اليوم السبت.

وكان ماكرون قد لمح الشهر الماضي إلى أن باريس تدرس الانضمام إلى قائمة الدول الـ148 التي اعترفت بفلسطين رسميًا، إلا أن التحذيرات الإسرائيلية من أن الاعتراف سيفسر على أنه "مكافأة لحركة حماس" دفعت فرنسا إلى محاولة تبرير موقفها عبر تعزيز سلطة فلسطينية "معدلة" يمكنها إدارة غزة، وفقًا لما نقلته صحيفة "الجارديان".

ورغم أن فرنسا تشارك في رئاسة مؤتمر الأمم المتحدة بشأن حل الدولتين بالتعاون مع السعودية، فإن المسؤولين البريطانيين يعتقدون أن باريس قد تتراجع كالعادة في اللحظة الأخيرة، كما فعلت مرارًا منذ عهد الرئيس الأسبق فرانسوا هولاند، متذرعة بـ"غياب التوقيت المناسب" أو "الوفاق الدولي الضروري".

من جانبها، أعلنت الحكومة البريطانية على لسان وزير خارجيتها ديفيد لامي أنها تناقش الأمر مع الجانب الفرنسي، لكنها "لن تدعم مجرد خطوة رمزية لا أثر عملي لها". في المقابل، تواجه الحكومة ضغوطًا متزايدة من نواب حزب العمال ومنظمات حقوقية بسبب استمرار تصدير المعدات العسكرية لإسرائيل رغم تعليق جزئي أُعلن عنه في سبتمبر الماضي.

وكشفت أرقام رسمية أن الحكومة البريطانية صادقت بين أكتوبر وديسمبر 2024 على تصدير معدات عسكرية بقيمة 169 مليون دولار إلى إسرائيل، وهو رقم يتجاوز مجمل ما وافقت عليه الحكومات المحافظة السابقة خلال ثلاث سنوات.

في هذا السياق، اضطر وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني، هاميش فالكونر، للدفاع في البرلمان عن موقف الحكومة، بعد اتهامها بتجاهل الأدلة على الإبادة الجماعية و"الاستهداف المتعمد للنساء والأطفال" في غزة. وانتقد النائب المخضرم إدوارد لي، المقرب من اللوبي الصهيوني، محاولات الالتفاف على المصطلحات القانونية، قائلاً: "متى لا تكون الإبادة الجماعية إبادة؟"

كما تواجه الحكومة البريطانية دعوى قضائية من منظمة حقوقية فلسطينية تطالب بمراجعة قانونية لتورط لندن في تزويد طائرات F-35 بمكونات تستخدم في قصف غزة، رغم أن البرنامج يخضع لإشراف أمريكي مباشر.

التردد الأوروبي بشأن الاعتراف بدولة فلسطين بات ينظر إليه في الأوساط العربية كمظهر صارخ لازدواجية المعايير، حيث تكرس الدول الغربية "حل الدولتين" في خطابها الدبلوماسي، لكنها تمتنع عن الاعتراف بأحد الطرفين، في حين تواصل دعمها العسكري والسياسي لإسرائيل.

ورغم دعم فرنسا في أبريل 2024 لمحاولة فلسطينية للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، فإن شرط ماكرون – كما تشير التسريبات – قد يكون ربط الاعتراف الفلسطيني بتطبيع سعودي مع إسرائيل، وهو احتمال غير واقعي في ظل الموقف الصريح للمملكة الذي يرفض التطبيع قبل إنهاء العدوان وإقامة الدولة الفلسطينية.

وكانت وزارة الخارجية السعودية قد جددت هذا الأسبوع اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، مؤكدة أن التطبيع "خارج أجندتها" طالما استمرت الجرائم بحق الفلسطينيين.

وفي فرنسا، طالب سياسيون ومثقفون في مقال نشرته صحيفة "لوموند" هذا الأسبوع بإنهاء هذا التناقض، معتبرين أن الاعتراف بدولة فلسطين أصبح "واجبًا أخلاقيًا وضرورة استراتيجية"، وهو السبيل الوحيد لتحرير السياسة الخارجية الفرنسية من "المأزق الدبلوماسي" القائم على دعم حل الدولتين نظريًا دون الاعتراف بأحدهما.

طباعة شارك فرنسا بريطانيا فلسطين غزة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فرنسا بريطانيا فلسطين غزة الاعتراف بدولة فلسطین

إقرأ أيضاً:

إلغاء نقل الطاقة بين المغرب وبريطانيا.. مجلس جهة كلميم المعني الأول بالمشروع غير مكترث

زنقة 20 | كلميم

في تطور غير متوقع، أعلنت الحكومة البريطانية تراجعها عن دعم وتمويل المشروع الطاقي العملاق الذي كان من المرتقب أن يربط جهة كلميم وادنون بالمملكة المتحدة عبر تصدير الطاقة الكهربائية المنتجة من مصادر متجددة.

وهو المشروع حسب متتبعين محايين، الذي أثار عند الإعلان عنه موجة من الآمال والطموحات في أوساط ساكنة الجهة،حيث اعتُبر أحد أبرز ركائز الرؤية التنموية المستقبلية للمنطقة، ليتحوّل فجأة إلى مجرد “فرصة ضائعة”، بعد إعلان وقف تنفيذه رسميا.

وذكروا بأنه على الرغم من الأثر الكبير لهذا القرار على حاضر ومستقبل جهة وادنون ، يلفّ صمت غير مفهوم مجلس جهة كلميم وادنون برئاسة مباركة بوعيدة، مجريات هذا الملف حيث لم يُصدر المجلس أي توضيح رسمي إلى حدود اليوم، ما فتح المجال أمام تأويلات عدة وتساؤلات مشروعة حول مدى مسؤولية المجلس في هذا التراجع، وما إذا كان قد قام بدوره كاملاً في تأمين المشروع وضمان استمراريته.

وكانت آمال كبيرة قد عُقدت على هذا الربط الطاقي بين الجنوب المغربي وأوروبا، باعتباره نموذجا رائدا في تصدير الطاقة الخضراء، في إنسجام مع التوجهات الإستراتيجية للمملكة في مجال الطاقات المتجددة، غير ان قرار لندن المفاجئ خلّف حالة من الارتباك، خاصة في ظل غياب أي تفاعل رسمي من الجهات المحلية المعنية.

مقالات مشابهة

  • المصالح الأجنبية تعمّق الحرب في السودان ولا سبيل لإيقافها سوى الدبلوماسية الإقليمية
  • وزير الأوقاف يلتقي وزيرة التجارة والصناعة بدولة الفلبين
  • تمبور: لم نتقدم بمذكرتين لرئيس مجلس السيادة والوساطة بدولة جنوب السودان
  • "مفاوضات غزة" في دائرة مفرغة.. وأمريكا تراوغ لعدم الالتزام بوقف الحرب
  • مفاوضات غزة تدور في دائرة مفرغة.. وأمريكا تراوغ لعدم الالتزام بوقف الحرب
  • الحكومة الفرنسية تواجه تصويتاً بحجب الثقة
  • فى ذكراه.. رحلة كفاح محمد الموجي مهندس الغناء الأصيل
  • رصف وتطوير إمتداد شارع أحمد شوقي المتفرع من مجمع المصالح بالزقازيق
  • إلغاء نقل الطاقة بين المغرب وبريطانيا.. مجلس جهة كلميم المعني الأول بالمشروع غير مكترث
  • إيران توجّه رسالة للأمم المتحدة بعد نهاية الحرب الإسرائيلية والأمريكية