أين التسهيلات الحكومية؟
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
حمود بن سعيد البطاشي
لطالما سمعنا في السنوات الأخيرة عبارات مثل "تمكين الشباب"، و"دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة"، و"تعزيز الاقتصاد المحلي عبر ريادة الأعمال"، ولكن حين ننزل إلى الواقع، نجد الفجوة شاسعة بين الشعارات والتطبيق، بين ما يُقال في المُؤتمرات وما يُمارس على الأرض.
المواطن العماني، الحالم بمشروع صغير يعتاش منه، لا يطلب المستحيل، بل ينتظر فقط التسهيلات التي وُعِد بها.
المشاريع تُدفن قبل أن تُولد
ببساطة، واقع المشاريع الصغيرة في عُمان اليوم لا يبعث على التفاؤل؛ فالشاب أو الشابة ممن يريدون أن يبدأوا مشروعًا، يجدون أنفسهم في مُواجهة سلسلة من التحديات:
صعوبة الحصول على تمويل دون كفيل أو ضمانات ثقيلة. ارتفاع الرسوم السنوية والضرائب حتى على المشاريع المتعثرة. اشتراطات بلدية وبيئية وتنظيمية متراكمة ومعقدة. قلة السوق وضعف القدرة الشرائية، وغياب الحماية من المنافسة الخارجية.والنتيجة؟ مشاريع تتساقط قبل أن تُكمل عامها الأول، وشباب يحبطون ويغلقون سجلاتهم، ويعودون إلى طوابير الباحثين عن عمل من جديد.
نحن لا نطلب من الحكومة أن تُمطر علينا ذهبًا، بل نطلب واقعية. نطلب تمويلًا ميسّرًا بلا شروط خانقة. نطلب إعفاء ضريبيًا لا يقل عن خمس سنوات للمشاريع الناشئة. نطلب قوانين واضحة، وإجراءات إلكترونية سلسة، وتخفيضًا في الرسوم، لا زيادتها كل عام.
إننا نطلب من المسؤولين أن ينزلوا إلى الميدان، ويستمعوا لأصحاب المشاريع الصغيرة، لا أن يكتبوا خططًا من خلف المكاتب. نطلب أن تكون هناك إرادة حقيقية لدعمنا، لا فقط منشورات إعلامية وأرقام لا تمس الواقع.
التمكين لا يكون بالوعود
لا يُمكَّن المواطن إذا كان خائفًا من الغرامات، ولا يُبنى اقتصاد قوي إذا كانت المشاريع تُعاقب بدل أن تُشجَّع، ولا نخلق بيئة ريادة إذا كانت الشروط تعجيزية، والدعم منقوصاً، والثقة مفقودة.
وإذا كانت الحكومة تُعوّل على القطاع الخاص، فعليها أن تعطيه الأكسجين ليعيش، لا أن تُغرقه في الروتين والضرائب والرسوم.
وأخيرًا.. لقد آن الأوان لأن ننادي بصوت عالٍ: أين التسهيلات التي وُعِدنا بها؟ أين بيئة الأعمال التي قيل إنِّها جاذبة ومحفزة؟ أين الدعم الحقيقي الذي يُخرج المُواطن من دائرة الفقر والبطالة إلى فضاء الإنتاج والاكتفاء؟!
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دعم الشراكات الحكومية
خلفان الطوقي
في كثير من المُناقشات اليومية التي تدور أينما كانت، تجد في سياق الحديث القول إن حكومتنا تحتاج إلى التنسيق والتكامل والتعاون فيما بينها، وأنه في أحيان كثيرة لا يوجد تكامل بين الجهات الحكومية، وأن كل جهة تعمل بمفردها.
ورغم أنه لا يمكن التعميم المطلق بأنه لا يوجد تعاون أو تكامل أو تنسيق، لكن في ذات الوقت لا يمكن القول إنَّ التكامل الحكومي- بين جميع جهاته بنفس الدرجة، وفي كل مواضيعه- مثالي ونموذجي، ولا مجال لتحسينه وتطوير الوضع القائم، وملء الفراغات- قدر الإمكان- أينما وجدت.
وبما أن العمل الحكومي ديناميكي ويتغير يومًا بعد يوم، فعلى الحكومة أن تجد آليات التكامل والتنسيق بشكل مستمر، وهذه الآليات تشمل اللجان المشتركة، واللقاءات الدورية، وتطوير القوانين والتشريعات واللوائح، والحوار المستمر البناء فيما بينهم. وهنا وفي هذا المقال، أطرح هذا المقترح، لعله يُسهم في إضافة مزيد من الفكر التكاملي فيما بين الجهات الحكومية بعضها ببعض.
وتكمن فكرة المقترح في تخصيص موازنة مالية للمشاريع التنموية المشتركة، ويمكن تسميته بـ"صندوق المشاريع الحكومية المشتركة"، على أن تكون آلية الصرف جزئيًا من وزارة المالية. ويمكن أن أذكر مثالًا لتقريب وفهم الفكرة والآلية؛ فعلى سبيل المثال: وزارة التراث والسياحة رأت أن قرية "وَكَان" تحتاج إلى رصف طريق مُعبَّد ومُختصر إلى هذه القرية السياحية، ولديها مبرراتها اللحظية، لكن ليس لديها موازنة مالية كافية، وفي هذه الحالة يمكن لها أن تتقدم بخطة مُشتركة مع وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات ومكتب محافظ جنوب الباطنة إلى وزارة المالية، ولأن المشروع يخص عدة جهات، يُمكن لوزارة المالية ضخ جزء من الموازنة المالية شريطة مشاركة الجهات الحكومية الثلاثة باقي المبلغ، ويمكن تكرار هذه الآلية في كثير من المشاريع غير المرصودة في الخُطط الخمسية، وتيقَّنت بمبررات مُقنِعة، واتفقت الجهات الحكومية على جدواها من جميع النواحي، وأهمية تنفيذها وعدم تأجيلها. على أن تحدد وزارة المالية شروط عديدة أهمها: تنفيذ مشاريع ذات جدوى اقتصادية وعوائد مالية، ولا تحتمل التأجيل، وتخدم أكثر من هدف حكومي، ومقدمة بتبريرات رصينة ومقنعة من أكثر من جهتين حكوميتين، ويتشارك الجميع ممن تقدم بالمشروع من موازنته المالية.
الفكرة إن طُبِّقَت يُمكن لها أن تُحقق مزيدًا من "الشراكات الحكومية- الحكومية"، ومزيدًا من المشاريع التنموية، والاستغلال الأمثل للموارد المالية، وتحقيق أسرع لأكثر من هدف لرؤية "عُمان 2040"، وتنمية المحافظات، وتواصل أكبر بين الوزارات المركزية ومكاتب المحافظات المختلفة.
رابط مختصر