أصبحت البيانات اليوم شريان الحياة لعالمنا المترابط، حيث تقود القرارات وتشكل السياسات وتساهم في تمكين الابتكارات التي لم يكن من الممكن تصورها في السابق، في قلب ثورة البيانات هذه يكمن مفهوم البيانات المفتوحة، وتشير البيانات المفتوحة إلى ممارسة جعل المعلومات غير الحساسة متاحة مجانًا للجمهور لتعزيز الشفافية والتعاون والابتكار.

في عصر يحدده التحول الرقمي واتخاذ القرارات التي تعتمد على البيانات، تقف البيانات المفتوحة كمنارة للابتكار والشفافية، وتعمل كأداة قوية لتمكين الأفراد والمجتمعات بالمعلومات التي يمكن أن تغير حياتهم، فعندما تتيح الحكومات والمنظمات والمؤسسات البيانات للجمهور، فإن ذلك يمهد الطريق لمستقبل يكون فيه التقدم العلمي والحوكمة والنمو الاقتصادي مسؤولية الجميع، ويكتسب المواطنون رؤى ثاقبة في الأمور الحاسمة مثل الرعاية الصحية والتعليم والنقل والبيئة، كما يمكّن الأفراد من اتخاذ قرارات مستنيرة كاختيار أفضل طريق للتنقل اليومي مثلًا أو اتخاذ خيارات الرعاية الصحية المناسبة أو المشاركة في مبادرات مجتمعية، كما أن توافر البيانات المفتوحة يغذي محركات البحث والابتكار، ويدفع الصناعات والتخصصات إلى الأمام، فيُمكن للباحثين والعلماء ورواد الأعمال الوصول إلى مجموعة من البيانات المتنوعة لتطوير الحلول الرائدة، والتحقق من صحة الفرضيات، وإنشاء تقنيات جديدة، بالإضافة إلى تسريع وتيرة الاكتشاف وتعزيز التعاون متعدد التخصصات؛ لذا فإن البيانات المفتوحة توفر المعرفة التي تغذي التغيير الإيجابي ليفتح الأبواب لعالم أكثر ترابطًا. وإيمانًا بالدور المحوري الذي تضطلعه البيانات المفتوحة، دشن مؤخرًا الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية رئيس اللجنة الوزارية لتقنية المعلومات والاتصالات منصة البحرين للبيانات المفتوحة، وهي مبادرة مهمة اتخذتها حكومة مملكة البحرين من أجل دعم الشفافية والمساءلة والابتكار والتزامًا منها بسياسة الحكومة المفتوحة، لطالما كان صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، هو الداعم الأكبر لتعزيز مبادرات التمكين الرقمي في البحرين، وإدراكًا من سموه قدرة البيانات المفتوحة في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتحسين الخدمات العامة والاستجابة الاستباقية، فمن خلال هذه المنصة، تستطيع الحكومة توفير الوصول إلى كمية هائلة من البيانات التي يمكن استخدامها من قبل الباحثين والمحللين والمواطنين لاكتساب رؤى قيمة في مختلف جوانب اقتصاد الدولة والمجتمع والحوكمة. تعد منصة البحرين للبيانات المفتوحة جزء من جهود مملكة البحرين الأوسع لتعزيز البيانات المفتوحة والمشاركة العامة في عمليات صنع القرار، فمن خلال إتاحة البيانات للمواطنين والباحثين والمحللين، تعمل الحكومة على تمكين أصحاب المصلحة من التعامل مع القضايا العامة من أجل دعم الشفافية والمساءلة، لذا من المهم لجميع أصحاب المصلحة دعم هذه المبادرة والعمل على تعزيز فعالية البيانات المفتوحة والحوكمة الرشيدة، ما يؤدي إلى حلول مبتكرة تعالج الفرص والتحديات وتساهم في تنمية المجتمع والاقتصاد البحريني ككل؛ فالبحرين بهذه المبادرة أظهرت نهجًا استشرافيًا يمهد الطريق للابتكار القائم على البيانات لتعزيز ريادتها في المنطقة وضمان بقائها في طليعة الدول التي تناصر التقدم والحوكمة الحديثة والاستخدام المسؤول للبيانات من أجل تحسين المجتمع والالتزام بمستقبل رقمي أكثر إشراقًا. توفيق محمد السباعي باحث في العلوم الإدارية وتحليل الأعمال

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا البیانات المفتوحة

إقرأ أيضاً:

من سقوط نوكيا إلى صعود الشركات الناشئة .. كيف أصبحت فنلندا رائدة في قطاع التكنولوجيا؟

الاقتصاد نيوز - متابعة

نجحت فنلندا، وهي الدولة الإسكندنافية ذات الطقس المتجمد على مدار أغلب أشهر السنة، في تحويل ظروفها المناخية القاسية إلى ميزة تنافسية جعلتها وجهة مفضلة لاستثمارات مراكز البيانات العالمية.

فخلال الـ15 عاماً الماضية، شهدت البلاد توسعاً كبيراً في مراكز البيانات التي تعتمد على المياه الباردة لمنع ارتفاع حرارة خوادمها الضخمة.

ومن بين أبرز المستثمرين، شركة غوغل، التي ضخت أكثر من 4.5 مليار دولار في فنلندا، معظمها في موقع تابع لها على ساحل الجنوب بمدينة هامينا، حيث تم تحويل مطحنة ورق سابقة إلى منشأة بيانات متطورة.

أما مدينة كوفولا الصغيرة الواقعة في الداخل، فستحتضن العام المقبل مركز بيانات جديد تابع لتيك توك، باستثمار يُقدّر بمليار دولار، وفقاً لتقرير FOX Business.

مناخ فنلندا سلاح ذو حدين

وقالت رئيسة بلدية كوفولا ماريتا تويكا: "من منظور مراكز البيانات، لدينا كل ما تحتاجه من خدمات حكومية فعالة، وسرعة في الحصول على تصاريح البناء، ومساحات كبيرة من الأراضي المناسبة للاستخدام الصناعي. نتمتع بمناخ بارد، وطاقة متجددة بأسعار معقولة، ونظام ضريبي تنافسي، إلى جانب مجتمع آمن ومستقر واتصالات لوجستية ممتازة.

وتأتي مراكز البيانات أيضاً بفائدة بيئية للمجتمعات المجاورة، حيث تُستخدم الحرارة الناتجة عنها في أنظمة التدفئة المركزية لتدفئة المنازل خلال الشتاء. فعلى سبيل المثال، يستطيع مركز بيانات جديد لشركة تيليا في العاصمة هلسنكي استرجاع ما يصل إلى 90% من الحرارة التي يولدها، وهي كمية تكفي لتدفئة 14 ألف منزل مزدوج.

من جانبه، قال، مدير الإنتاج لأنظمة التبريد والأتمتة في شركة تيليا، كالي هاسو، في بيان صحفي: "في فنلندا، نمتلك ميزة المناخ البارد وإمكانية التبريد المجاني شبه الدائم على مدار السنة. استخدام الحرارة المهدرة من مراكز البيانات هو مثال ممتاز لحل مستدام وخالٍ من الانبعاثات لإنتاج الحرارة.

رغم أن أبرز شركات التكنولوجيا الفنلندية اشتهرت بمنتجات مثل خاتم "أورا" الذكي القابل للارتداء، والألعاب الإلكترونية الشهيرة مثل "أنغري بيردز" و"كلاش أوف كلانز"، إلا أن فنلندا أصبحت أيضاً مركزاً حيوياً لتطوير التكنولوجيا المالية، والتكنولوجيا الخضراء، والدفاع، والألعاب، والابتكار في مجالات الصحة.

وفي قلب العاصمة الفنلندية هلسنكي، يقع مركز الشركات الناشئة Maria 01، الذي يوفّر مساحة تزيد عن 215 ألف قدم مربع لرواد الأعمال في مجال التكنولوجيا لإطلاق أفكارهم. 

"سقوط نوكيا" بداية الانطلاق

لكن لحظة محورية واحدة في التاريخ الاقتصادي الحديث لفنلندا كان لها تأثير عميق في رسم ملامح مشهد الشركات الناشئة الحالي — وهي سقوط شركة نوكيا.

فشركة الهواتف المحمولة الفنلندية، التي كانت يوماً من أشهر العلامات التجارية في العالم، شهدت تراجعاً سريعاً في أواخر العقد الأول من الألفية الجديدة، بعد فشلها في مواكبة الابتكارات في الهواتف الذكية وأنظمة التشغيل التي قدمتها شركتا أبل وسامسونغ.

من الصعب التقليل من أهمية شركة نوكيا بالنسبة لفنلندا في وقتٍ من الأوقات. فوفقاً لمعهد الأبحاث الاقتصادية الفنلندي "إيتلا" (Etla)، كانت نوكيا تمثل ما يزيد قليلاً عن 4% من الناتج المحلي الإجمالي لفنلندا، و23% من إجمالي صادرات البلاد في عام 1999.

وعندما ساءت الأوضاع، خسر حوالي 60,000 شخص وظائفهم في فنلندا نتيجة لتسريحات نوكيا والصناعات المرتبطة بها، لكن ذلك كان بمثابة نقطة انطلاق لعدد لا يحصى من الشركات التكنولوجية الجديدة.

وقالت الرئيسة التنفيذية لـ Maria 01ساريتا رونيبيرغ إن "نوكيا كانت أمراً عظيماً للبلاد، وسقوطها كان مروعاً، لكن هذا السقوط ساعد على تطوير منظومة الشركات الناشئة لدينا."

وفي أكتوبر تشرين الأول من كل عام، تحتفل العديد من الشركات الناشئة في فنلندا بـ"يوم الفشل"، وهو احتفال فريد من نوعه أسسه طلاب جامعيون لتشجيع رواد الأعمال على اعتبار الفشل السابق جزءاً أساسياً من طريقهم إلى النجاح المستقبلي.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • الهيمص: دليل المعايير البيئية والاجتماعية يعزز الشفافية في جميع القطاعات الاقتصادية
  • من سقوط نوكيا إلى صعود الشركات الناشئة .. كيف أصبحت فنلندا رائدة في قطاع التكنولوجيا؟
  • خطوة لتعزيز الخدمات.. وزير العمل يفتتح مكتبًا حديثًا بمصراتة
  • سامح الحفني: مصر محور إقليمي لمستقبل الطيران في إفريقيا
  • معرض عمان للعطور منصة استراتيجية لتعزيز حضور المؤسسات صغيرة والمتوسطة في الأسواق
  • سوريا توقّع اتفاقا استثماريا ضخما مع تحالف شركات رائدة في مجال الطاقة
  • مفاوضات معقدة لمستقبل رونالدو في المملكة
  • xAI تدفع 300 مليون دولار لتوسيع نفوذ Grok في تيليجرام
  • النائب العام: مصر لديها تجربة رائدة في مكافحة الإرهاب عبر استراتيجية شاملة
  • صوت مصر: توجيهات الرئيس بالتوسع في الرقعة الزراعية خطوة إستراتيجية لتعزيز الإنتاج المحلي