كيف تستقبل المدارس طلاب المراحل التأسيسية؟
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
من الثابت أن سنوات الدراسة الأولى في حياة الأبناء، تؤثر على مسارهم ومدى قابليتهم للتعليم، كما أن طريقة استقبالهم والبيئة المحفزة واستخدام أدوات حديثة في التعليم باتت اتجاهاً لكثير من المدارس في العالم، وذلك لما لها من تأثير إيجابي على هذه الفئة التي استكشفت وسائل التكنولوجيا وتعاملت معها مبكراً، ما يجعل الكادر التعليمي والمدرسين مطالبين بإبداع وابتكار طرق جديدة لجذب طلاب المراحل الابتدائية وتوفير أجواء تلائم تطلعاتهم.
طفل مختلف
عفاف راضي، تربوية وباحثة دكتوراه في قسم تكنولوجيا التعليم، كلية التربية بجامعة الإسكندرية، تذكر أن خروج الطفل لأول يوم دراسي، ولاسيما إذا لم يسبق له خوض تجربة الحضانات، يُعتبر خطوة مؤثرة نفسياً وتجربة استثنائية يستكشف من خلالها العالم الخارجي الفعلي. وأوضحت أن طفل اليوم القادم إلى المدرسة، ليس كالطفل من 10 سنوات سابقة، حيث إنه مشبع بالتقنيات، ويتوhفر على أدوات الترفيه في المنزل، وهو على دراية بطرق التسلية والتشويق الممتعة، ففي السابق كانت المدارس تستقبل أطفال بداية الحلقة الأولى بأشكال الاحتفال القديمة من حلوى وألعاب كرتونية تثير البهجة والسرور، بينما اليوم يجب التعامل مع الطفل بمستوى أعلى بكثير من المتاح في المنزل لشد انتباهه، والبحث عن طرق إبداعية تجعله يعيش تجربة استثنائية يستكشف من خلالها كل ما هو مبتكر عند الوصول إلى المدرسة.
المعلم التكنولوجي
وترى راضي أن الإدارة المدرسية تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة، من تجهيز الصف المدرسي تقنياً وتأهيل المعلم الذي يجب أن يكون مشبعاً بتكنولوجيا التعليم والأساليب الحديثة وطرق التدريس العصرية التي تتماشى مع عقلية هذا المبتكر الصغير الذي يحتاج إلى قائد يفتح له الطرق ويتابع مجالات الابتكار ومسار الإبداع لديه، بعيداً عن طرق مضى عليها الزمن ولم تعد مجدية مع الجيل الحالي، للتأهيل وغرس حب الاستكشاف لديه. وتشدد على ضرورة إدراج مسار تكنولوجيا التعليم في مختلف كليات التربية، لضمان تأهيل ورفع مهارات المعلمين لمواكبة عقول الجيل الحالي.
التعليم باللعب
من جانبها، ترى وفاء الشامسي، تربوية وصاحبة صفحة «شغف» على إنستجرام الخاصة بتطوير اللغة العربية، أن إبهار بصر الطفل في أول يوم دراسي يعمل على تعلقه بالمجتمع المدرسي، وتوصي بضرورة السماح لولي الأمر بالبقاء مع بعض الطلبة لتعويدهم تدريجياً عن الانفصال عن الوالدين، وتفعيل الطاولات والشاشات الإلكترونية بالألعاب التعليمية في الأيام الأولى، لجذب الطلاب وتحفيز العمل الجماعي، مع إدراج الروح التنافسية وتشجيعهم على تكوين صداقات وتقليل عدد ساعات اليوم الدراسي خلال الأيام الأولى، ما يسمح بدمج الأطفال بشكل تدريجي في عالم المدرسة.
دعم الأهل
انخراط الأطفال في بيئة جديدة مثل المدرسة قد يتسبب لهم بالتوتر أو الخوف، وهذا طبيعي جداً بحسب الشامسي، ولاسيما في مراحل رياض الأطفال أو المرحلة الابتدائيّة الأولى، مؤكدة على أهمية دعم الأهل لأبنائهم نفسياً وتحضيرهم ومنحهم صورة جميلة عن مكانهم الجديد الذي سيتلقون فيه التعليم. وفي إطار جعل تجربة الدراسة في السنوات الأولى من حياة الطفل حدثاً استثنائياً، تؤكد الشامسي على دور المعلّم الأبرز في احتواء الطلاب، بحيث ينعكس ذلك إيجاباً على المستوى الأكاديمي للطلاب، ويرفع مستواهم التحصيلي على مدار الفصول الدراسية ويزيد من ثقتهم في قدراتهم وحجم إنجازاتهم، موضحة أن المعلم لم يعد ذلك الملقن للمعلومة، وإنما أصبح المرشد والموجه للطلاب ليحصلوا على المعلومات، ويقود حبهم للاستكشاف والإبداع.
التعلم باللعب
لطالما بحث التربويون عن وسائل تعليمية جديدة، تمكّن الأطفال، من التعلم بصورة أبسط تشجعهم على حب العلم وفهم المناهج بسهولة، لذلك ظهرت أهمية الألعاب التعليمية والقصص المصورة كوسيلة تسهم بشكل كبير في البحث عن كل جديد، وتفعيل دور المتعلم، بالإضافة إلى دورها في تنمية التفكير والترفيه عن النفس واستكشاف البيئة بخصائصها من خلال مختلف التجارب. ويقول أشرف شوقي، كاتب وصاحب دار نشر، إن كتب الأطفال في مراحل الروضة ومراحل التعليم الأساسي، يجب أن تعتمد على كلمات أو نصوص قصيرة ورسوم كبيرة وواضحة، وترتكز على تعليم مهارات بسيطة مثل حل المشكلات وتعزيز بعض القيم كالصداقة والأمانة بكلمات تتناسب مع الفئة العمرية.
طريقة جاذبة
تؤكد الدراسات أن الأطفال يتعلمون بصورة أفضل عندما تكون عملية التعلم ممتعة، فالألعاب طريقة جاذبة وطبيعية. وتشير اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة، أن الأطفال يشعرون بالقلق والتوتر من المدرسة، لذلك لا بد من تشجيعهم ليستعيدوا شغفهم نحو المدرسة والدراسة عبر الراحة واللعب والثقافة والفنون.
المصدر: صحيفة الاتحاد
إقرأ أيضاً:
فن التفاوض مع الأطفال.. مهارات أساسية يحتاجها الآباء
يرى بعض الآباء أن التفاوض مع الأطفال ليس خيارا مناسبا، خصوصا عندما يقابل الطفل بالرفض التوجيهات التقليدية مثل "افعل! لأنني قلت ذلك". غير أن الخبراء يؤكدون أن التفاوض يُعد مهارة حياتية ضرورية تساعد الطفل على تعلم الحوار واتخاذ القرارات، وينصحون بممارسة التفاوض ضمن ضوابط واضحة، مع الحفاظ على هيبة الوالدين ودورهم في توجيه السلوك وتحديد الحدود.
التفاوض مع الأطفال وأهميتهيعد النقاش للتوصل إلى اتفاقٍ ما يرضي الطرفين هو جوهر التفاوض. لكن التفاوض مع الأطفال أمر غاية الصعوبة، وقد يكون الأطفال أصعب المفاوضين الذين يحتاجون مهارات خاصة عند التفاوض.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2%40 من العاملين في أفغانستان أطفال.. والفتيات يعملن في الخفاءlist 2 of 2كم مرة يجب أن يستحم الرضيع أسبوعيا؟ دليلك لحماية بشرته من الجفاف والتهيجend of listيشرح تقرير على موقع "ماذرلي" مهارات التفاوض في التربية، موضحا أنها قدرة الوالدين على الحوار والتفاهم مع الأطفال للوصول إلى اتفاق يرضي الطرفين، بدلا من فرض الرأي أو التصادم. ويساعد التفاوض مع الطفل على إكسابه عددا من المهارات:
تعزيز العلاقات السليمة. تعلم حل المشكلات. خلق بيئة من التعاون والتعاطف في الأسر. تعزيز الاحترام والثقة بالنفس. الاستماع المتبادل وتقبل وجهات النظر المختلفة. التفاهم وتعلم اتخاذ القرار المشترك. التواصل بشأن رغباتهم واحتياجاتهم بطريقة معقولة. كيفية التواصل والتوصل إلى حلول وسط واتخاذ القرارات المناسبة. المرونة وتنفيذ رغبة الآباء.يحتاج الآباء إلى أساليب للتفاوض مع أبنائهم، وينصح موقع "رايزينغ تشيلدرين" بعدد من الخطوات تساعد في تفاوض ناجح مع الأطفال، منها:
استخدام نبرة صوت هادئة وواضحة لتجنب التوتر والنزاع. الاستماع للطفل دون مقاطعة لفهم مشاعره واحتياجاته. التعبير عن الرأي بوضوح وهدوء، والطلب من الطفل أن يشرح وجهة نظره. طرح أسئلة مفتوحة لتشجيعه على التفكير والحوار. أخذ استراحة إذا تصاعدت الأمور وإعادة المحاولة لاحقا بهدوء. اقتراح حلول وبدائل مرنة، بدلا من الرفض القاطع. إظهار الاستعداد للتنازلات المعقولة، وتشجيع الطفل على إيجاد حل مشترك. توضيح الاتفاق النهائي، حتى يفهم الطفل ما تم التوصل إليه. الاتفاق على العواقب مسبقا في حال خرق الاتفاق. إنهاء المحادثة بإيجابية، حتى لو لم تكن المفاوضات مثالية. الثناء على التزام الطفل بالاتفاق لتشجيع التكرار في المستقبل.من جهتها، ترى سونيا كانغ -الأستاذة المشاركة في قسم الإدارة في جامعة تورنتو مورنينغتون، والمعينة في قسم السلوك التنظيمي وإدارة الموارد البشرية في كلية روتمان للإدارة- أن بعض المناقشات الصعبة التي تجرى مع الأطفال قد تكون عاطفية ومتكررة وغير متوقعة، وقد تجعل الآباء يفقدون الأمل. وعلى موقع جامعة تورنتو، تطرح كانغ عددا من النصائح للآباء عند التفاوض مع الأطفال منها:
إعطاء الأولوية للعلاقة مع الطفل لتوفير الأمان والدعم العاطفي. الحفاظ على علاقة قائمة على التعلق الآمن لبناء شخصية مستقرة وواثقة. تحديد ما هو قابل للتفاوض وما ليس كذلك، والسماح بالمشاركة في اتخاذ بعض القرارات. عدم الدخول في معارك غير ضرورية والتركيز على الهدف الأساسي، لا التفاصيل. تقبُّل جميع مشاعر الطفل حتى مع عدم الاتفاق معها، وتوفير بيئة آمنة للتعبير. مساعدة الطفل على التعرف على مشاعره والتعبير عنها بكلمات. التفاعل مع مشاعره واحتياجاته العاطفية. الحزم بشأن السلوك وتوجيه الطفل نحو التصرف الصحيح. استخدام وصف دقيق للموقف بدلا من إصدار الأحكام. تشجيع الطفل بالتذكير بأفعاله الإيجابية السابقة. منح الطفل وقتا ومساحة للتصرف الصحيح والحازم عند الحاجة. التفاوض ليس دائما الخيار الأمثلرغم أهمية التفاوض بوصفه وسيلة تربوية، فإنه لا يُناسب جميع المواقف. تشير تيري كورتزبيرغ، أستاذة في كلية روتجرز للأعمال في نيوارك، إلى أن هناك حالات يكون فيها الامتناع عن التفاوض هو الخيار الأفضل، إما لأن الموقف لا يستحق الجهد، أو لأنه يتطلب قرارًا حاسمًا لا يحتمل النقاش. وتوضح أن بعض الآباء يعتقدون أن كل خلاف يستوجب حوارا، بينما تكمن الحكمة التربوية في اختيار الأسلوب المناسب في التوقيت المناسب.
إعلانوفي حوار لها على موقع جامعة روتجرز، توضح كورتزبيرغ أن الحزم ضروري في بعض الحالات، مثل ما يتعلق بالأمان أو القيم الأساسية غير القابلة للتفاوض، وفي هذه المواقف قد يكون استخدام عبارات حاسمة مثل "افعل! لأنني قلت ذلك" مبررا. لكنها تحذر من الإفراط في استخدام هذه العبارات، لأنها مع الوقت تفقد تأثيرها، ويتعلم الأطفال تجاهلها وتجاهل من يكررها.
في المقابل، ترى كورتزبيرغ أن التفاوض قد يكون مفيدا في مواقف أخرى، لأنه يوضح للأطفال منطق القرارات ويشعرهم بأنهم جزء من عملية اتخاذها، مما يعزز التزامهم بالقواعد واحترامهم إياها. وتشدّد على أهمية السياق والتوقيت في تحديد متى يكون التفاوض مجديًا، ومتى يجب الابتعاد عنه. وتختم بالقول إن "الذكاء التربوي لا يعني التفاوض الدائم، بل معرفة متى نفتح الحوار ومتى يكون الحسم هو الحل الأنسب".