قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن إسرائيل تواصل تنفيذ عملياتها العسكرية في العمق الإيراني بـ"حرية شبه مطلقة"، في ظل غياب أي قدرة حقيقية لدى الدفاعات الجوية الإيرانية على صد الهجمات، معتبرا أن تكرار الضربات الجوية يعكس هشاشة في المنظومات السيادية لطهران.

وأوضح الدويري -في تحليل للمشهد العسكري على خلفية الهجوم الإسرائيلي على إيران- أن نقطة الضعف التاريخية في بنية الجيش الإيراني تتمثل في سلاح الجو، سواء من حيث كفاءة الطائرات أو قدرات منظومة الدفاع الجوي، مما سهّل للطائرات الإسرائيلية تنفيذ هجماتها بأريحية عالية، دون تكبد خسائر بشرية أو مادية تذكر.

ويأتي هذا الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على إيران في إطار عملية عسكرية أطلقت عليها تل أبيب اسم "الأسد الصاعد"، حيث شاركت 200 مقاتلة في قصف نحو 100 هدف داخل إيران، من بينها منشآت نووية ومواقع عسكرية في طهران وتبريز وهمدان ومشهد وبوشهر.

وأكد اللواء الدويري أن الضربة الإسرائيلية الأولى ركزت على شل منظومة القيادة والسيطرة الإيرانية، واستهدفت قادة عسكريين ومراكز ما يعرف اختصارا بـ"سي فور" (القيادة، التحكم، الحوسبة، والاتصالات)، مما مهد لبيئة جوية مفتوحة للطائرات الإسرائيلية لتنفيذ موجات متتالية من الضربات.

إعلان

قدرات ردع جوية

وأشار الدويري إلى أن افتقار إيران لقدرات ردع جوية فاعلة أتاح لإسرائيل هامش مناورة واسعا، إذ لم يتم تسجيل إسقاط أي طائرة أو القبض على طيارين، الأمر الذي شجع إسرائيل على توسيع نطاق الهجمات لتشمل منشآت نووية حساسة كموقعي نطنز وفوردو.

وكانت وكالة فارس قد أعلنت عن مقتل 78 شخصا وإصابة أكثر من 300 آخرين في طهران وحدها، في حين أكدت مصادر إيرانية مقتل عدد من قادة الصف الأول، بينهم قائد الحرس الثوري حسين سلامي ورئيس هيئة الأركان محمد باقري، إلى جانب 6 علماء نوويين.

وعن قدرة طهران على الرد، شكك الدويري في جدية التهديدات التي يطلقها القادة العسكريون الإيرانيون، مؤكدا أن التصريحات التي تتحدث عن "فتح أبواب جهنم" غالبا ما تكون مفرطة في التهويل ولا تُترجم إلى فعل ميداني مؤثر، على الأقل في الوقت الراهن.

وأضاف أن إيران ردت بإطلاق نحو 100 طائرة مسيرة، لكن إسرائيل أعلنت اعتراضها جميعا قبل أن تبلغ أجواءها، مشيرا إلى أن تلك المسيّرات تعد بطيئة ويسهل التعامل معها كما أثبتت التجارب السابقة في الحرب الروسية الأوكرانية.

أذرع الرد الإيراني

في المقابل، أكد الدويري أن إيران تملك أذرعا طويلة للرد، من أبرزها ترسانة صاروخية تضم صواريخ باليستية وفرط صوتية، بالإضافة إلى الطائرات المسيّرة، فضلا عن قوارب الحرس الثوري السريعة التي قد تستخدم لتعطيل الملاحة في مضيق هرمز، لكنها لم تفعّل حتى الآن.

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قد قال إن العملية العسكرية لا تقتصر على استهداف المنشآت النووية، بل تمتد لضرب مواقع الصواريخ الباليستية، مؤكدا "استباق محاولة إيران استخدام هذه الصواريخ ودك منصاتها قبل إطلاقها".

وأشار الدويري إلى أن تل أبيب أعلنت تدمير عشرات من منصات إطلاق الصواريخ ومراكز تخزينها، في حين تقول إيران إن لديها ما تسميها "مدن الصواريخ"، وهي عبارة عن شبكات من الأنفاق تحت الأرض تحتوي على منظومات صاروخية متطورة لم تستخدم بعد.

إعلان

وكانت إيران قد أعلنت عن وقوع انفجارات قرب منشأة فوردو النووية وقاعدة نوجة الجوية ومراكز عسكرية في نهاوند، في حين شُنت لاحقا هجمات جديدة على مطاري مهر آباد وبوشهر، حيث تتمركز مقاتلات الجيش الإيراني.

وبينما أكدت طهران أنها لم تنفذ هجوما حقيقيا بعد توعد القائد الجديد للحرس الثوري أحمد وحيدي بأن الرد "قادم"، في حين شدد المرشد الإيراني علي خامنئي على أن "الكيان الصهيوني سينال عقابا شديدا".

قرار التصعيد

وبحسب اللواء الدويري، فإن طهران لا تزال تمتلك وسائل متعددة للرد، لكنها حتى الآن لم تحسم قرار التصعيد، مرجحا أن يكون هناك تريث في الرد بحكم دقة الحسابات الإستراتيجية وتعقيد الموقف الإقليمي والدولي.

ورجّح أن تبقى المعركة مفتوحة على احتمالات متعددة، مشيرا إلى أن إسرائيل -وفقا لتصريحات مسؤوليها- وضعت "مصيدة محكمة" لقادة الحرس الثوري بعد أن تمكنت من استدراجهم إلى موقع واحد قبل استهدافهم بضربة مركزة.

وكان رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي قد كشف عن خوض قتال داخل إيران، مؤكدا أن العملية ليست مقتصرة على هجمات جوية فقط، بل تشمل أعمالا ميدانية أخرى لم تُعلن تفاصيلها بعد، وقد تستمر لأيام أو حتى أسابيع.

واختتم اللواء الدويري تحليله بالتأكيد على أن مستقبل الرد الإيراني سيعتمد على مدى قدرة طهران على تجاوز الاختراقات الأمنية والعسكرية التي ألحقتها بها إسرائيل، وعلى ما إذا كانت إيران راغبة فعلا في فتح جبهة تصعيد مباشر، أم أنها ستلجأ إلى الرد عبر وكلائها في المنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج فی حین إلى أن

إقرأ أيضاً:

إيران تتوعد إسرائيل بانتقام ساحق بعد الهجوم الدموي.. الشرق الأوسط يترقب انفجار الصراع

في تطور خطير ينذر بانفجار الأوضاع في الشرق الأوسط، أعلنت الحكومة الإيرانية عن بدء اتخاذ إجراءات سياسية وعسكرية وقانونية للرد على الهجوم الإسرائيلي الأخير الذي استهدف العاصمة طهران وخلف عشرات القتلى والجرحى، من بينهم قادة عسكريون وعلماء بارزون. يأتي هذا التصعيد في لحظة حساسة تشهد فيها المنطقة توتراً غير مسبوق بين طهران وتل أبيب، وسط ترقب دولي واسع لمآلات الساعات والأيام المقبلة.

تفاصيل العدوان الإسرائيلي وسقوط الضحايا

فجر الجمعة، نفذت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية استهدفت مواقع داخل العمق الإيراني غرب طهران. وبحسب وكالة "فارس" الإيرانية، أسفر الهجوم عن سقوط 78 قتيلاً وإصابة 329 آخرين في حصيلة أولية. وقد سُمع دوي انفجارات عنيفة في أنحاء واسعة من العاصمة الإيرانية، في حين لم تتضح التفاصيل الدقيقة حول جميع المواقع المستهدفة أو طبيعة الأهداف العسكرية التي طالتها الغارات.

الموقف الإيراني الرسمي.. تهديد صريح وانتقام قادم

عقب الهجوم مباشرة، أصدرت الحكومة الإيرانية بياناً شديد اللهجة وصفت فيه إسرائيل بـ"الكيان الصهيوني اللقيط" الذي بات يستحق "أن يُحرم النوم من عيونه". وأكد البيان أن هذا العدوان يثبت مجدداً أن إسرائيل "كيان غير شرعي يمارس الإرهاب العلني بلا رادع"، متهمة تل أبيب بإشعال الحرب دون أي احترام للقانون الدولي أو حقوق الإنسان.

واعتبر البيان أن استهداف القادة والعلماء الإيرانيين جريمة تثبت "الطبيعة الإرهابية" لإسرائيل، مشيراً إلى أن هذه العملية وقعت في وقت حساس تتواصل فيه المحادثات الدبلوماسية بشأن الملف النووي الإيراني، وهو ما يكشف عن محاولة إسرائيل عرقلة جهود طهران لإقناع المجتمع الدولي بعدم تهديدها للأمن العالمي.

طهران.. لا تراجع عن الدفاع ولن نتردد في الرد

وجّه البيان الإيراني رسائل حاسمة، مؤكداً أن طهران لم تكن يوماً البادئة في أي حرب منذ أكثر من 200 عام، لكنها في المقابل لن تتردد في الدفاع عن نفسها بكل الوسائل المتاحة. وأضافت الحكومة: "الدفاع عن تراب الوطن ومياهه وسمائه وأطفاله وقادته وعلمائه واجب لا تهاون فيه".

وفي لهجة تصعيدية واضحة، شدد البيان على أن "الانتقام قادم، وهو أقرب من حبل الوريد للصهاينة الإرهابيين"، في رسالة تؤكد عزم طهران على الرد الذي قد يغير قواعد اللعبة في المنطقة.

مجلس الأمن في دائرة الاتهام

دعت إيران مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته والوقوف أمام ما وصفته بـ"انهيار النظام الدولي"، لكنها في الوقت نفسه أكدت أنها لن تنتظر تحرك هذه المؤسسات الدولية، وستمارس حقها المشروع في الدفاع والانتقام، معتبرة أن صمت العالم سيمنحها شرعية الرد الحاسم على هذا العدوان.

خيارات الرد الإيراني.. بين التهدئة والتصعيد

وحول تداعيات هذه العملية العسكرية، أكد اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي، أن الساعات القادمة ستكون شديدة الحساسية، حيث يترقب الجميع شكل الرد الإيراني على هذه الضربة غير المسبوقة.


وأوضح السيد أن طهران أمامها عدة سيناريوهات، أولها رد محدود يحفظ ماء الوجه ويحافظ على توازن القوى القائم، وثانيها تصعيد أوسع قد يجر المنطقة بأكملها إلى صراع مفتوح يصعب احتوائه لاحقاً.

وأضاف أن إيران قد تلجأ في البداية إلى توجيه ضربات دقيقة لمواقع عسكرية إسرائيلية أو مصالح حليفة لها في المنطقة دون المساس بالمراكز السكانية الكبرى أو البنية التحتية الحيوية داخل إسرائيل، في محاولة لتجنب اندلاع حرب شاملة لا تستطيع طهران تحمل تكلفتها على المدى الطويل.

الموقف الأمريكي المعقد

في المقابل، أشار اللواء السيد إلى أن الولايات المتحدة تواجه معضلة صعبة في ظل هذا التصعيد. فهي من جهة تظل ملتزمة بدعم إسرائيل كحليف استراتيجي لا غنى عنه في الشرق الأوسط، ومن جهة أخرى تخشى من أن يؤدي تصعيد المواجهة إلى حرب إقليمية واسعة قد تتداخل فيها أطراف دولية كبرى مثل روسيا والصين.

ورجّح الخبير الاستراتيجي أن تقدم واشنطن في المرحلة المقبلة دعماً عسكرياً واستخباراتياً متزايداً لإسرائيل، بالتوازي مع مساعٍ دبلوماسية مكثفة لاحتواء التصعيد ومنع انفجار الوضع إلى صراع شامل يصعب السيطرة عليه.

تداعيات اقتصادية وأمنية على مستقبل المنطقة

وفي ختام حديثه، حذّر اللواء السيد من أن التصعيد الحالي قد يكون بداية لفترة طويلة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي في المنطقة، مع ما يحمله ذلك من آثار مباشرة على الاقتصاد وأسواق الطاقة العالمية، التي قد تشهد اضطرابات حادة بسبب حساسية المنطقة كمصدر رئيسي للطاقة.

مع اشتداد هذا التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، تقف المنطقة والعالم بأسره أمام مفترق طرق خطير، حيث سيحدد الرد الإيراني وشكل التعاطي الدولي مع الأزمة مستقبل الاستقرار في الشرق الأوسط خلال الفترة المقبلة.

طباعة شارك طهران تل أبيب إسرائيل إيران

مقالات مشابهة

  • كيف سينعكس التصعيد الإيراني الإسرائيلي على هجمات الحوثيين؟
  • إيران تتوعد إسرائيل بانتقام ساحق بعد الهجوم الدموي.. الشرق الأوسط يترقب انفجار الصراع
  • عاجل. الرد الإيراني بدأ.. صليات متتالية من الصواريخ تضرب إسرائيل وسقوط جرحى في تل أبيب
  • إيران ترد على إسرائيل بوابل من الصواريخ
  • إيران تبدأ الردّ.. مئات الصواريخ تُطلق على مواقع داخل إسرائيل
  • عاجل| بدء الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي
  • الدويري: 3 أهداف إيرانية ضربتها إسرائيل بعضها لا يمكن تعويضه
  • صحيفة بريطانية تتوقعات سيناريوهات الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي
  • هل تستطيع إسرائيل تدمير منشآت إيران النووية تحت الأرض؟ الدويري يجيب