:: وصف وجبة غذائية بالطريقة اللبنانية : ( تُغسل حُبيبات البندورة، وتٌقطّع بشكل متناسق مع شرائح البصل، وتُضاف اليها رقائق الذرة والماء تدريجياً حتى تتماسك الخلطة، ويرش عليها القليل من الملح والفلفل الحار، وتُقدم باردة)ُ، وهي ذات الوجبة السودانية المُسماة ( كِسرة بالطماطم)..وهكذا الفرق بين خطابي كامل وحمدوك .
:: والفرق بين خطابي كامل وحمدوك ليس شكلياً فحسب، بل فرق محتوى أيضاً.. كامل يطرح برنامج عمل، هيكلة مؤسسات الدولة، وآليات لمكافحة الفساد، وترشيد الصرف الحكومي، و التخلص من الأجسام الزائد لمكافحة الترهل، وخلق دولة القانون، وبيئة آمنة للمواطن، و نهضة اقتصادية تتكئ على الزراعة و المعادن و الثروة الحيوانية وغيرها من الموارد، وهكذا، فالخطاب برنامج عمل .. بينما حمدوك كان يطرح أحلام اليقظة، سنعبر وسننتصر ..!!
:: وعندما أُقارن بين كامل و حمدوك ليس للتقليل من شأن أحدهما، ولا تشكيكاً في كفاءته، ولكن للتوضيح بأن كامل جاء برؤية للُحكم ومعمتداً على نفسه، بينما جاء حمدوك بلسان حال قائل : ( جاييكم أباطي و النجم)، والمعنى أنه جاء بلا رؤية، معتمداً على حاضنة نُشطاء.. وبعد عام من خُطب أحلام اليقظة، شكى للجالية السودانية بالسعودية : ( قوى الحرية لم تسلمني برنامج المرحلة، ولكن سنعبر و ننتصر)..!!
:: واليوم، ما يُميّز خطاب و برنامج كامل إنه غير مُقيّد بأجندة حاضنة سياسية .. فالشاهد أن نشطاء قوى الحرية كانوا حملاً ثقيلاً على كاهل حمدوك، وهم من أفشلوه حتى غادر تاركاً إياهم في محطة المراهقة السياسية..لم يعدوا له برنامجاً للُحكم، ولم يطرحوا مشروعاً غير الصخب و إبتزازات خالد عجوبا وجوكية صلاح مناع و ىشواكيش عبده خِزن..وكثيراً ما كان العقلاء ينصحونهم بالنُّضج و الوعي و روح المسؤولية، بحيث تكون مصالح الناس والبلد هي العُليا، بدلاً عن خطاب الكراهية و روح الإنتقام والشعارات الصبيانية، ولكنهم كانوا لايسمعون إلا أنفسهم الأمارة بالتهريج ..!!
:: كنا نأمل صادقين بأن تتوحد إرادتهم حول الأهداف الاستراتيجية التي وردت في خطاب كامل، ولكنهم كانوا أعداء أنفسهم و حمدوك في كل القضايا، بما فيها الاستراتيجية..على سبيل المثال، رفضوا التطبيع مع إسرائيل و أرهبوا البرهان وحمدوك حين تقدما خطوة للتطبيع، وهاجموا اتفاقية سلام جوبا وخلقوا عداءً غير مبرر مع أطرافها، وعارضوا الإصلاحات الاقتصادية، بما فيها تحرير الاقتصاد و..و.. فالبلاد كانت بحاجة إلى حكومة كفاءات ذات حاضنة سياسية ناضجة، و ليست تلك الهوجاء ..!!
:: المهم، لم نجتر الماضي إلا ليعتبر به سادة الحاضر و يتعظوا.. وبالمباشرة، وبلا استعراض لغوي أو التمثيل بتعابير الوجه، عرض كامل خارطة طريق حكومته، وقد أسماها بحكومة الأمل المدنية.. وكما تعلمون فإن الأمل يختلف عن الحلم في المعنى، فالحلم هو ما نتمناه، بينما الأمل هو ما نسعى إليه، ثم أن الحلم يطلق العنان لخيالك ليتخيّل الأشياء، بينما الأمل يدفعك إلى العمل لإنجاز الأشياء ..و شعبنا – بإذن الله – قادر بأن يكون كطائر الفينيق، يستفيق من تحت الرماد ثم يُحلّق عالياً بجناحي الأمل و العمل ..!!
الطاهر ساتي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حكومة الأمل وبطء الإيقاع
صحيح أن الوقت لا يزال مبكراً للحكم على أداء حكومة الأمل، لكن الملاحظة التي لا تحتاج إلى كثير تحليل أو تمحيص هي أن الإيقاع بطيء، والمرحلة لا تحتمل هذا البطء، بل تتطلب حركة أسرع، تليق بتحديات ما بعد الحرب، دون أن نقع في فخ الاستعجال غير المحسوب.
منذ إعلان التشكيل الوزاري وحتى اللحظة، لا يزال مقعدا وزير الصحة ووزير الثروة الحيوانية مثار تساؤلات. أين هما؟ لماذا غابا عن المشهد؟
رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس لمح في لقائه الأخير مع الإعلاميين السودانيين بالقاهرة إلى احتمال استبدال وزير الثروة الحيوانية، وهو تصريح صريح، لكنه يفتح باباً مشروعاً للسؤال:
هل نحن بحاجة إلى كل هذا الوقت لاتخاذ قرار واضح؟
في بلد تتراجع فيه سبل الإنتاج، لا يمكن ترك وزارة مثل الثروة الحيوانية معلقة بهذا الشكل. الكفاءات موجودة، والخبرات لا تنقص، والناس تنتظر من يتولى الأمر بشجاعة ويبدأ العمل فوراً.
أما وزارة الصحة، فغياب الوزير عنها يُشبه ترك المريض في غرفة الإنعاش دون طبيب. النظام الصحي في السودان يئن تحت ضربات الحرب، والمستشفيات إما دُمِّرت أو أُغلقت أو تكاد. البلد بحاجة إلى إعادة إعمار صحي، وتدخل عاجل لمكافحة الأمراض، والتخطيط لتطعيم الأطفال، وتأمين الأدوية المنقذة للحياة.
فهل من المقبول أن تمر هذه الأيام الحرجة دون وزير صحة على رأس الوزارة؟
وعلى الطرف المقابل، ومن غير انحياز، أجد أن وزير الداخلية هو الأسرع إيقاعاً بين زملائه. والسبب ربما يعود إلى أنه من أبناء المهنة، يعرف الأرض التي يقف عليها، ومداخل الملفات، فباشر مهامه مباشرة دون تأخير، وهذا بالضبط ما ننتظره من باقي الفريق الوزاري.
السيد رئيس الوزراء قال إنه يعمل 22 ساعة في اليوم، وهذا جهد ضخم لا يُنكره أحد، ويعكس درجة عالية من الالتزام، لكننا يا سيادة الرئيس لا نريد أن تعمل وحدك. نريد حكومة تعمل بكامل طاقتها، وزراء على الأرض، يقودون الملفات من الميدان لا من المكاتب، يتحركون كما تحرك وزير الداخلية، ويمنحون هذا الشعب جرعة أمل حقيقية، لا مجرد اسم لحكومة جديدة.
ولعل ما قاله نابليون بونابرت يصلح أن يكون رسالة لكل من يتردد أو يماطل: “التأجيل يسرق الوقت، والتردد يسرق الانتصارات.”
وكما أوجز توماس جيفرسون: “إذا كان يجب أن تفعل شيئاً، فافعل ذلك الآن.”
هذه ليست شعارات، بل دروس من تجارب أمم عرفت أن لحظة القرار قد تكون هي الفارق بين النجاح والفشل.
هذا شعب صبر كثيراً، وتحمّل ما لا يُحتمل، و ظل واقفاً رغم الانكسارات، لكنه أيضاً شعب يعرف متى ينفد الصبر… فلا تختبروا صبره أكثر من اللازم.
فالإيقاع في العمل الحكومي يشبه إيقاع الموسيقى؛ إن كان بطيئاً حد الملل، فقد المستمعون اهتمامهم، وإن كان سريعاً حد الفوضى، ضاعت النغمة. المطلوب إيقاع ثابت، محسوب، وواعٍ بحساسية اللحظة…
وإن أردنا أن نكسب المعركة، فلنُسرِع الخُطى دون أن نتعثر.
✍️ عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
8 أغسطس 2025م