حميدتي لأهل شمال السودان :سنغزوكم.. لكن لا تقلقوا
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
بعد مذبحة فضّ اعتصام السودانيين في الخرطوم أمام مباني قيادة الجيش، وأماكن أخرى، في 3 يونيو/ حزيران 2019، أصدر رئيس المجلس العسكري الحاكم وقتها، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قراراً بوقف التفاوض مع قوى الحرية والتغيير، وتشكيل حكومة لمدة انتقالية لتشرف على الانتخابات. لم يخضع الشارع، وواجه قرار الجيش بحكم الفترة الانتقالية رفضاً شعبياً أجبره على العودة الى التفاوض مع القوى السياسية المدنية.
ترى القوى المدنية أن عودتها إلى التفاوض كانت ضرورية، فإن في ذلك حقناً للدماء، لأن الحل الآخر غير قبول التفاوض يعني الدخول في مواجهة مفتوحة مع المجلس العسكري. كما تعرّضت القوى المدنية لضغوط قوية من وسطاء إقليميين ودوليين. لم يكن هذا مقنعاً لكثيرين، خصوصاً القوى الشبابية التي رأت العودة إلى التفاوض وقبول الشراكة مع الجيش لم يعودا مقبوليْن بعد غدر فض الاعتصام. لكن القوى السياسية مضت في طريقها، وخاضت تفاوضاً بدعم دولي.
في تلك الأيام، فوجئ نائب رئيس المجلس العسكري، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بحديثٍ عن دمج قواته في الجيش القومي. لم يفهم قائد المليشيا هذا الأمر! فهو يقود مليشيا خاصة، لكنها مقننة عبر برلمان نظام عمر البشير/ الحركة الإسلامية، ولديها قانون خاص. حتى الرتب العسكرية التي حصل عليها، طلبها من الرئيس السابق قائلاً “نريد رتباً عسكرية مثل التي تمنحها للجنوبيين في شوالات”، مشيراً إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان.
ظلّ حميدتي دائم اللوم للقوى المدنية، ويقول إن أحداً قبلهم لم يقترح أمراً كهذا. ورفض قائد الجيش أيضاً هذه الدعوات. وهاجم مطلقيها، واتهمهم بالنوم في منازلهم آمنين، بينما تحرسهم قوات الدعم السريع! كان لافتاً أن يفخر قائد الجيش بأن مليشيا تحرس المواطنين، لا الجيش الذي يقوده!
كان حميدتي قبل الثورة السودانية قد أعلن بوضوح رؤيته نفسه والدولة. في 2014، انتقد رئيس حزب الأمة الصادق المهدي (آخر رئيس وزراء منتخب قبل انقلاب البشير) وضع قوات الدعم السريع، وجرائمها في دارفور التي ترتكبها باسم النظام الحاكم وبتنسيق مع الجيش. اعتقل المهدي مباشرة عقب هذا التصريح. ووقف حميدتي متفاخراً يقول لجنوده “نحن من نتحكّم في هذا البلد. نقول اعتقلوا الصادق المهدي. يعتقلوا الصادق المهدي. نقول أطلقوا سراحه. يطلقون سراحه”. ثم قال كلمته التي اشتهرت لاحقاً “يوم ما الحكومة تسوي جيش تجي تكلّمنا”. ولأنه ظنّ أن سيده القديم سيبقى إلى الأبد، صرح في يناير/ كانون الثاني 2018 “ترشيح البشير فوق راس أي زول”. أي غصباً عن أي معترض. وفي ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، اكتشف حميدتي أنه راهن على جوادٍ لن يعدو طويلاً. ومثل ما يفعل الجيش السوداني منذ الاستقلال، انقلاب، ثورة شعبية ينحني لها الجيش ويقيل قائدة الدكتاتور، ثم ينقلب مرّة أخرى على السلطة المدنية الجديدة، سارع حميدتي بالتخلي عن رئيسه و”انحاز” مع الجيش للثورة بعزل عمر البشير. كان هذا أقصى ما أراد الجيش والدعم السريع تحقيقه، لكن مطالب الناس كانت أكثر من ذلك.
في جلسات التفاوض التي طرحت فيها مسألة “تعدّد الجيوش”، قال حميدتي إنه سيذهب بقواته إلى الصحراء ويتمرّد. بعدها سيدعوه السياسيون إلى الخرطوم لتوقيع اتفاق سلام معه يمنحه سلطاتٍ أكبر! تحدّثت مع شهودٍ ممن سمعوا ما قال. ولا واحد منهم أحسّ أن الرجل يمزح. بل كان جادّاً. هذه هي الطريقة التي يفهمها للحكم. أثِر مشكلةً، اصمد فترة، تفاوض، احصل على السلطة التي تريد.
من المحزن طبعاً أن هذه ليست طريقة اكتشفها هو. إنما هي طريقة يعرفها الملايين من السودانيين منذ عام 1955.
لم تتغيّر أفكار حميدتي، ولا رؤيته نفسه دائمة الشعور بالظلم، فالرجل يحسب نفسه مهمّشاً، وأنه مظلوم، وغير مرغوب فيه. ويردّ ذلك كله إلى أسباب وأفكار عنصرية، فحتى في الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، لحل الخلافات بين قائد الجيش وقائد المليشيا، والذي اتهم فيه حميدتي البرهان بأنه من دبّر محاولة اغتيال حمدوك بتفجير سيارة عند مرور موكبه، لم يفهم حميدتي لماذا لم ينحز إليه المدنيون، إنما طالبوه والبرهان بالتعقّل وتقدير عواقب الصراع بينهما. غادر حميدتي الاجتماع غاضباً، وكان تفسيره الوحيد لما حدث انحياز المدنيين لخصمه لأسباب عنصرية. بعد أسابيع، كان يشارك مع البرهان في انقلاب عسكري باسم “تصحيح المسار”! واعتقل عبد الله حمدوك وكل من حضروا ذلك الاجتماع.
وحتى خطابه أخيراً، يظهر فيه حميدتي مع بعض جنوده وهو يشكو الظلم والافتراء،
ثم يبشّر مواطني ولاية شمال السودان بأنه سيغزوهم قريباً، لكن لن يكون مع قواته لصوص، لذلك عليهم آلا يقلقوا!
في تقديري، هذه أسوأ رسالة طمأنينة بُعثت منذ ابتدعت البشرية الرسائل.
حمور زيادة حمّور زيادة
العربي الجديد
28 يونيو 2025
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
رئيس الحكومة بحث مع قائد الجيش في الأوضاع الامنية
استقبل رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام بعد ظهر اليوم في السرايا الحكومية، قائد الجيش العماد رودولف هيكل وعرض معه الأوضاع الأمنية في البلاد وشؤون المؤسسة العسكرية . مواضيع ذات صلة سلام بحث مع قائد الجيش في الأوضاع الأمنية والعسكرية الراهنة Lebanon 24 سلام بحث مع قائد الجيش في الأوضاع الأمنية والعسكرية الراهنة 14/08/2025 16:10:35 14/08/2025 16:10:35 Lebanon 24 Lebanon 24 سعد بحث مع قائد منطقة الجنوب في قوى الأمن الأوضاع الأمنية Lebanon 24 سعد بحث مع قائد منطقة الجنوب في قوى الأمن الأوضاع الأمنية
14/08/2025 16:10:35 14/08/2025 16:10:35 Lebanon 24 Lebanon 24 قائد الجيش بحث في الأوضاع مع الصمد وعقيص Lebanon 24 قائد الجيش بحث في الأوضاع مع الصمد وعقيص
14/08/2025 16:10:35 14/08/2025 16:10:35 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير الدفاع بحث مع نواب ودبلوماسيين الأوضاع الأمنية ودور الجيش Lebanon 24 وزير الدفاع بحث مع نواب ودبلوماسيين الأوضاع الأمنية ودور الجيش
14/08/2025 16:10:35 14/08/2025 16:10:35 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً
الزراعة والسياحة تقر استضافة المكتب العربي لريادة الأعمال الزراعية في لبنان
Lebanon 24 الزراعة والسياحة تقر استضافة المكتب العربي لريادة الأعمال الزراعية في لبنان
15:50 | 2025-08-14 14/08/2025 03:50:00 Lebanon 24 Lebanon 24 في مرجعيون... حريق يتمدّد نحو بساتين الزيتون
Lebanon 24 في مرجعيون... حريق يتمدّد نحو بساتين الزيتون
15:46 | 2025-08-14 14/08/2025 03:46:31 Lebanon 24 Lebanon 24 في الذكرى الرابعة... إعتصام لأهالي ضحايا انفجار التليل أمام قصر عدل بيروت
Lebanon 24 في الذكرى الرابعة... إعتصام لأهالي ضحايا انفجار التليل أمام قصر عدل بيروت
15:41 | 2025-08-14 14/08/2025 03:41:33 Lebanon 24 Lebanon 24 سلام يترأس جلسة لمجلس الوزراء
Lebanon 24 سلام يترأس جلسة لمجلس الوزراء
15:37 | 2025-08-14 14/08/2025 03:37:19 Lebanon 24 Lebanon 24 أقرّها مجلس النواب.. 3 قوانين أصدرها عون
Lebanon 24 أقرّها مجلس النواب.. 3 قوانين أصدرها عون
15:33 | 2025-08-14 14/08/2025 03:33:25 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة
بشرى سارّة.. 12 مليون ليرة لهؤلاء شهرياً
Lebanon 24 بشرى سارّة.. 12 مليون ليرة لهؤلاء شهرياً
21:01 | 2025-08-13 13/08/2025 09:01:59 Lebanon 24 Lebanon 24 بسبب عمليات التجميل.. إدارة الـ MTV أوقفت الإعلامية دينا فاخوري عن الهواء إليكم ما كشفته (فيديو)
Lebanon 24 بسبب عمليات التجميل.. إدارة الـ MTV أوقفت الإعلامية دينا فاخوري عن الهواء إليكم ما كشفته (فيديو)
10:31 | 2025-08-14 14/08/2025 10:31:29 Lebanon 24 Lebanon 24 كاميرا ترصده.. شاهدوا ماذا فعل لاريجاني في السرايا
Lebanon 24 كاميرا ترصده.. شاهدوا ماذا فعل لاريجاني في السرايا
21:29 | 2025-08-13 13/08/2025 09:29:47 Lebanon 24 Lebanon 24 باسيل يختم علاقته مع "حزب الله"
Lebanon 24 باسيل يختم علاقته مع "حزب الله"
18:01 | 2025-08-13 13/08/2025 06:01:00 Lebanon 24 Lebanon 24 لاريجاني في لبنان: ممنوع تسليم السلاح.. وهذا ما سيسمعه من عون
Lebanon 24 لاريجاني في لبنان: ممنوع تسليم السلاح.. وهذا ما سيسمعه من عون
17:01 | 2025-08-13 13/08/2025 05:01:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان
15:50 | 2025-08-14 الزراعة والسياحة تقر استضافة المكتب العربي لريادة الأعمال الزراعية في لبنان 15:46 | 2025-08-14 في مرجعيون... حريق يتمدّد نحو بساتين الزيتون 15:41 | 2025-08-14 في الذكرى الرابعة... إعتصام لأهالي ضحايا انفجار التليل أمام قصر عدل بيروت 15:37 | 2025-08-14 سلام يترأس جلسة لمجلس الوزراء 15:33 | 2025-08-14 أقرّها مجلس النواب.. 3 قوانين أصدرها عون 15:29 | 2025-08-14 تدابير سير على طريق "يسوع الملك".. إليكم التفاصيل فيديو بسبب عمليات التجميل.. إدارة الـ MTV أوقفت الإعلامية دينا فاخوري عن الهواء إليكم ما كشفته (فيديو)
Lebanon 24 بسبب عمليات التجميل.. إدارة الـ MTV أوقفت الإعلامية دينا فاخوري عن الهواء إليكم ما كشفته (فيديو)
10:31 | 2025-08-14 14/08/2025 16:10:35 Lebanon 24 Lebanon 24 فيديو مؤثر.. من أمام الكعبة مسن يتهم شقيقه بسرقته وهذا ما قاله له
Lebanon 24 فيديو مؤثر.. من أمام الكعبة مسن يتهم شقيقه بسرقته وهذا ما قاله له
06:54 | 2025-08-14 14/08/2025 16:10:35 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. الحرارة تحرم اللبنانيين من الكهرباء
Lebanon 24 بالفيديو.. الحرارة تحرم اللبنانيين من الكهرباء
23:51 | 2025-08-12 14/08/2025 16:10:35 Lebanon 24 Lebanon 24
Download our application
مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة
Download our application
Follow Us
Download our application
بريد إلكتروني غير صالح Softimpact
Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24