هجوم واستفزاز.. كيف تستقطب القوات النواب الوسطيين؟!
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
كمن يفتح "أكثر من جبهة" في آنٍ واحدة، تبدو "القوات اللبنانية" متأهّبة من كلّ الاتجاهات هذه الأيام، ففي الوقت الذي ترفع فيه السقف إلى أعلى مستوياته في المواجهة مع "حزب الله"، رافضة أيّ حوار "في ظلّ السلاح"، وفق ما يقول المتحدّثون باسمها، تمضي في الهجوم على "التيار الوطني الحر"، وهو هجوم لم يتراجع حتى في ذروة ما سُمّي بـ"التقاطع" على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، والذي يقول "التيار" إنّه لم ينسحب منه بعد.
وبين هذا وذاك، تقاتل "القوات" على "جبهة ثالثة"، فتستهدف بين الفينة والأخرى النواب "الوسطيين"، أو "الرماديّين" كما يحلو للبعض وصفهم، في إشارة إلى أولئك الذين يرفضون الانخراط صراحة في أيّ من المحورين المتقاتلين، أو "الناس الذين في النصف" كما وصفهم النائب "القواتي" جورج عقيص قبل أيام، مطلقًا عليهم نعوتًا قد تبدو "صادمة" للوهلة الأولى، على غرار "المائعين والمرتبكين والمحتارين والمتردّدين والخانعين".
وفي حين يلفت في كلام عقيص دعوته الشعب اللبناني إلى التركيز على هؤلاء النواب، بل "مقتهم ولفظهم كالمياه الفاترة"، وفق تعبيره ووصفه، تُرسَم علامات استفهام بالجملة، فهل هكذا تستقطب "القوات" هؤلاء النواب، وهي التي تدرك أنّها تحتاج إلى أصواتهم لإحداث "الخرق"، ولا سيما أنّها تصرّ على مبدأ "الجلسات المتتالية"، لا الحوار والتوافق، أم أنّها بكل بساطة، فقدت الأمل بالقدرة على جذبهم إلى مربعها، ما يفسّر هذا الخطاب ذات السقف العالي؟!
امتعاض "القوات"
لا شكّ أنّ تغريدة النائب عقيص حول النواب "الرماديين" ليست "معزولة"، ولا يمكن وضعها في خانة "عفوية"، بمعنى أن يكون النائب قد "بالغ" مثلاً في الكلام، أو أنّ التعبير قد "خانه" في مكانٍ ما، لأنّ هذا الهجوم ليس الأول من نوعه، إذ سبق لـ"القوات" بشخص رئيسها سمير جعجع نفسه أن هاجمت في أكثر من مناسبة هؤلاء النواب، كما فعل مثلاً حين انتقد النائبين "التغييريين" إبراهيم منيمنة وحليمة قعقور مثلاً، ولو أنّ عقيص وسّع "البيكار" هذه المرّة.
يقول العارفون إنّ "القوات" توجّه رسالة "امتعاض" واضحة من هؤلاء النواب، الذين وضع جعجع أغلبهم "في جيبه" يوم أعلن "الانتصار الكبير" في ليلة الانتخابات النيابية الأخيرة، وهو "انتصار" لم يجد ترجمة تثبّته على أرض الواقع في أيّ من استحقاقات ما بعد الانتخابات، بعدما كان الاعتقاد لدى "القواتيين" أنّ "الأكثرية الجديدة" ستسمّي هي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، بل حتى رئيس مجلس النواب، كما قال يومها.
وفيما ترفع "القوات" السقف في وجه "حزب الله"، فهي تدرك أنّها لا تستطيع فعل شيء إن لم يضع هؤلاء النواب "مثاليّاتهم" جانبًا، ويكفّوا عن اعتبارها "جزءًا من المنظومة"، شأنها شأن "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، ولا سيما بعدما أضحى واضحًا أنّ "جبهة النواب المعارضين" لا تزيد عن 31 نائبًا، شاملة بعض النواب المستقلين الذين حدّدوا تموضعهم، كما فعل مارك ضو ووضاح الصادق وميشال الدويهي.
"هجوم واستفزاز"
رغم ذلك، يبدو التصعيد الهجومي من جانب "القوات" مثيرًا للاستغراب في بعض الأوساط السياسية، فهل تعتقد "القوات" أنّها بـ"الهجوم والاستفزاز" يمكن أن تستقطب النواب "المتردّدين"، سواء التغييريين منهم، أو "الوسطيين والمعتدلين"، إن جاز التعبير؟ وألا تدرك أنّ مثل هذا الأسلوب قد "يقلب السحر على الساحر"، ويجعل هؤلاء النواب يتمسّكون بموقفهم، بل ربما يختارون الطرف الآخر، علمًا أنّ بينهم من سارع لمطالبتها بـ"الاعتذار"؟!
ولأنّ الإجابات على هذه الأسئلة تدفع إلى التأكيد بأنّ "القوات"، إن كانت تراهن على "استقطاب" هؤلاء النواب، فهي بأسلوبها هذا ارتكبت "خطيئة"، وجعلت ما كان صعبًا حتى الأمس القريب "سابع المستحيلات"، يصبح من المشروع البحث عن احتمالات أخرى تفسّر هذا المنحى الذي أخذت إليه الأمور، ومنها شعور لدى "القوات" بأنّ بعض النواب "الوسطيين" قد يصوّتون لصالح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، وبالتالي يرفعون أسهمهم.
قد لا يكون هذا "الاجتهاد" مُستبعَدًا، وفق بعض المتابعين، خصوصًا أن أحد النواب "المعتدلين" قال صراحةً الأسبوع الماضي، إنّ حظوظ فرنجية ترتفع في ضوء الحوار بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، وإنّ كتلته مع التسوية والتوافق بمعزل عن الأسماء، علمًا أنّ هناك في أوساط هذا الفريق من انتقد ترشيح أزعور سابقًا، باعتبار أنّ الأخير لم يجلس معهم، ولم يشرح لهم ما هو برنامجه وما هو مشروعه، ولا سيما أنه بعيد عن السياسة منذ سنوات.
فقدت "القوات" الأمل بهؤلاء النواب، وهي تدرك أنّهم إن لم يقفوا في صفّ الطرف الآخر، فإنّهم لن يقفوا في صفّها. ثمّة من يعتبر أنّه حتى في حال تبنّت "القوات" مرشحًا للرئاسة مثلاً يؤيده هؤلاء النواب، فإنّهم لن يتردّدوا في "الانقلاب عليها" حتى لا يُسجَّل عليهم أنّهم صوتّوا بوجهة واحدة. لكن، ثمّة من يقول، إنّ الهجوم "مُبالَغ به" حتى في هذه الحالة، خصوصًا أنّ ما تقوله "القوات" بحق نواب وسطيّين لا تقوله بحقّ خصومها أنفسهم! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تحقيق يكشف عدد الضحايا المدنيين اليمنيين الذين قتلوا خلال مراحل الإدارات الأمريكية
ووفقا لتحقيق أجرته منظمة "إيروورز" البريطانية غير الحكومية ونشر في 18 يونيو/حزيران، فإن الحرب الأخيرة التي شنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على اليمن أسفرت عن مقتل عدد من المدنيين في أقل من شهرين يكاد يكون مساوياً لعدد القتلى في آخر 23 عاماً من العمل العسكري لواشنطن في البلاد.
وإكدت الصحيفة أن في الفترة ما بين أول ضربة أمريكية مسجلة في اليمن وبدء حملة ترامب في مارس/آذار، قُتل ما لا يقل عن 258 مدنيًا نتيجةً لعمليات أمريكية..وفي أقل من شهرين من عملية "راف رايدر"، قُتل ما لا يقل عن 224 مدنيًا في اليمن جراء غارات جوية أمريكية، ما يُضاعف تقريبًا عدد الضحايا المدنيين في اليمن نتيجةً لعمليات أمريكية منذ عام 2002، وفقًا للتقرير.
وأفادت أن الغارة الجوية على مركز الاحتجاز، التي وقعت أواخر أبريل/نيسان، أسفرت عن مقتل أكثر من 68 مهاجرًا أفريقيًا.. وكان الهجوم الأمريكي على ميناء رأس عيسى قد وقع قبل ذلك بأكثر من أسبوع، أسفر عن مقتل نحو 80 مدنيًا يمنيًا.
وقالت منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي التحقيق في كلا الهجومين باعتبارهما جريمتي حرب محتملتين..فخلال حملة ترامب، التي أطلق عليها اسم عملية "الراكب الخشن"، وثقت منظمة "إيروارز" "عددًا أكبر من الحوادث مع أعداد أعلى من الضحايا لكل ضربة مقارنة بأي حملة أمريكية أخرى.
وتركزت الحوادث التي قتلت فيها واشنطن مدنيين في العاصمة اليمنية صنعاء ذات الكثافة السكانية العالية وفي صعدة.. وفي السياق ذاته أشارت منظمة "إيروورز" إلى أن "حجم الحملة أدى إلى مستوى غير مسبوق من الضحايا المدنيين لكل حادث.
وأوردت الصحيفة أن أول غارة أمريكية مُعلَنة بطائرة مُسيَّرة على اليمن نفذت عام 2002.. وفي عام 2009، شنَّت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما حملةً بطائرات مُسيَّرة ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.. وقُتل ما لا يقل عن 47 مدنيًا في غارة أمريكية بطائرة مُسيَّرة على اليمن في ديسمبر من ذلك العام.
بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ عدة ضربات قاتلة أخرى في اليمن خلال رئاسة أوباما.. وفي عام 2019، خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، قُتل أكثر من 60 مدنيًا في غارة أمريكية على اليمن.. وخلص البنتاغون إلى أن الهجوم "لم يُشكل انتهاكًا لقواعد الاشتباك العسكرية"، وأنه لا ينبغي محاسبة أي شخص.
وأنهى الرئيس الأمريكي حملته على اليمن في مايو 2025 بعد أن استنفد ذخائر تزيد قيمتها عن مليار دولار، وفشل في إحداث تأثير يُذكر على القوات المسلحة اليمنية.. ولم يتضمن الاتفاق وقف قوات صنعاء لعملياتها ضد إسرائيل..ويتزامن تحقيق "إيروورز" مع توقعات واسعة النطاق بدخول الولايات المتحدة الحرب ضد إيران إلى جانب إسرائيل.