جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-07@12:04:16 GMT

نجاح مُلهِم

تاريخ النشر: 2nd, July 2025 GMT

نجاح مُلهِم

 

 

سعيد بن سالم الكلباني

في عام 2018، وبرعاية الدكتور أحمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات السابق، انطلقت الشركة العُمانية للأبراج ككيان وطني استراتيجي يُعنى بتشييد وإدارة بنية تحتية موحدة لأبراج الاتصالات. كان لهذا التأسيس خطوة اقتصادية وتجسيد واعٍ لرؤية "عُمان 2040"؛ حيث تشكل الاتصالات البنية الفوقية لعصر الاقتصاد الرقمي.

ومُنذ اللحظة الأولى، كانت الرؤية واضحة: على أن تكون الشركة العُمانية الذراع المحايدة والذكية التي تُمكّن مشغلي الاتصالات، وتدير الأصول بأعلى كفاءة تشغيلية ممكنة. ولكن سرّ التميز لم يتجسد في الاستراتيجية فحسب، إنما في قيادة قادرة على تحويل الرؤية إلى ممارسة تنفيذية. وهنا بزغ اسم المهندس ماجد بن عامر الخروصي، الذي قاد الشركة بعقلية مؤسسية واعية، وإرادة صلبة، وثقة تستند إلى الهدوء وعمق في الإدارة وفهم دقيق لمتطلبات المستقبل.

فبين عامي 2019 و2021، شرعت الشركة في تثبيت وجودها عبر سلسلة من الاتفاقيات النوعية مع شركات الاتصالات، أبرزها الشراكة مع عُمانتل، تلتها اتفاقية استراتيجية مع أوريدو، ثم بروتوكول التمكين مع فودافون، الذي مهّد لحقبة جديدة في بناء الأبراج المشتركة. وقد أسهم هذا التحول في خفض التكلفة الرأسمالية على المشغلين، وتسريع وتيرة التغطية في المناطق البعيدة، ومضاعفة فعالية النشر الشبكي وتقليل التكلفة العامة لمثل هذه البنية الأساسية في قطاع الاتصالات.

ومع صعود الشركة في المشهد الوطني، كانت المؤسسة تعيد هندسة ذاتها من الداخل بهدوء. فاعتمدت نظامًا رقميًا متكاملًا لإدارة الوثائق، وفعّلت أدوات الامتثال الذكي، ونالت سلسلة من الشهادات العالمية مثل (ISO 9001) و14001 و45001 و22301، لتُعلن بذلك التزامها الصارم بمعايير الجودة، والبيئة، والسلامة، واستمرارية الأعمال؛ حيث كان هذا التطور إجراءً إداريًا مؤسسيًا لبنية داخلية لا تتهاوى أمام التحديات ولا تتراخى عند المحاسبة؛ لأن هذه المواصفات تعني التزامًا شاملًا ومدروسًا يُلزم اتباع كل الإجراءات بصرامة مُحوكمة تتبع كل التسلسل والاحتياطات التي تتماشى مع جميع متطلبات هذا الامتثال.

وعلى الصعيد الاقتصادي، ساهمت الشركة في تعزيز بيئة الاتصالات عبر إتاحة بنية تحتية محايدة خفضت من الكلفة التشغيلية بنسبة تجاوزت 35%، وساعدت على تسريع انتشار شبكة فودافون بشكل غير مسبوق. كما خلقت فرصًا لتوظيف المهندسين والفنيين بنسبة تعمين تجاوزة 98%، وأعادت تنشيط الدورة الاقتصادية في أكثر من 11 محافظة بالسلطنة، كما إن الشركة طورت نوعًا فريدًا عالميًا من أبراج الاتصالات المزخرفة التي تشمل شاشات عرض في مراكز المدن والمناطق الحظرية والتي بدورها جعلت من التلوث البصري السابق في المدن بسبب الأبراج التقليدية إلى معالم سياحية يشار لها بالبنان كفكرة محدثة وبعقول هندسية عُمانية تبتكر الجديد وتجد الحلول الشاملة على جميع المستويات.

ومع حلول عام 2024، بدأت الأوساط الإقليمية والدولية تُبدي اهتمامًا متزايدًا بأداء الشركة، وبدأت تلوح في الأفق فرصة حقيقية لنقلة نوعية لم تكن متوقعة في هذا التوقيت. وفي عام 2025، تحقق التحول الأكبر: صفقة استراتيجية مع مجموعة بروكفيلد العالمية.

وتُعد Brookfield Asset Management واحدة من أضخم المؤسسات الاستثمارية في العالم، بإدارة أصول تفوق 900 مليار دولار أمريكي إلى واحد بليون دولار أمريكي، واستثمارات واسعة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والعقارات والاتصالات في أكثر من 30 دولة. وهي لا تستثمر إلا في الكيانات التي أثبتت استحقاقها من حيث الحوكمة، والكفاءة، والاستدامة.

لا شك أن انضمام الشركة العُمانية للأبراج إلى مظلة بروكفيلد، هو اعتراف دولي بقدرة الشركة على الوقوف بين عمالقة البنية التحتية في العالم وثقتهم. وأن تحوّل الشركة الشامل في نموذج التشغيل وبناء العمليات وفق مؤشرات ذكية ورقمنة مسارات الصيانة والربط بين مخرجات الميدان ومراكز القرار وإطلاق خطط طويلة الأجل لتعزيز الاستدامة في الأداء والتشغيل والنمو ساهم وعزز هذه الثقة.

وهذا التحوّل غيّر موقع الشركة في السوق العالمي من حيث القيمة والحجم المؤسسية. لقد أصبحت الشركة اليوم أحد أبرز نماذج الحوكمة الذكية والاستثمار المؤسسي في الخليج والشرق الأوسط، وتحظى بثقة الحكومة ومشغلي قطاع الاتصالات النشط الثلاثة، واحترام المستثمر، وتقدير شركاء القطاع الخاص العاملين جنبا الى جنب مع الشركة من أجل تحقيق أحد أهم توجهات العالم التقني اليوم.

وحين يُكتب تاريخ البنية الأساسية الرقمية في عُمان، فإن الشركة العُمانية للأبراج تُمثِّل العنوان الأبرز لمرحلة نضج وطني مع الشركاء الآخرين، والذي جرى فيها تحويل الأحلام إلى مؤسسات، والخطط إلى أرقام، والطموحات إلى صفقات على طاولة الكبار، والتي تحققت بجهد وفكر قيادة إدارية وطنية؛ حيث إن كل قيادة مستنيرة تضع نجاح الرؤية العامة للوطن نصب أعينها، وحتمًا لن تخيب مساعيها، وسوف تُكلَّل بالنجاح، على غرار ما حققته الشركة العُمانية للأبراج الآن، وبات يُسجَّل كنجاح مُلهِم للجميع.

** باحث دكتوراة في الإدارة والقيادة

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الفقر والبطالة ودمار البنية التحتية.. تحديات تواجه الحكومة السورية

يأتي ذلك مع ارتفاع نسبة البطالة وانهيار قيمة العملة المحلية وضعف قوتها الشرائية، ما فاقم الأوضاع المعيشة للأهالي. وتواجه الحكومة السورية في مسعاها لتحسين الأوضاع الاقتصادية تحديات كثيرة، ودمارا كبيرا في البنية الاقتصادية.

تقرير: ميلاد فضل

Published On 6/12/20256/12/2025|آخر تحديث: 15:52 (توقيت مكة)آخر تحديث: 15:52 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • 12 منتجًا تحصل على علامة الجودة العُمانية.. و"التجارة" تدرس طلبات جديدة
  • التجارة والصناعة تمنح 12 منتج جديد علامة الجودة العُمانية
  • الفقر والبطالة ودمار البنية التحتية.. تحديات تواجه الحكومة السورية
  • وزير الاتصالات ومحافظ الدقهلية يتفقدان موقع تنفيذ شبكة الفايبر المعلق بالمنصورة لتعزيز البنية الرقمية
  • رئيس مياه المنوفية يجتمع برؤساء الأفرع لمناقشة استعدادات الشركة لموسم الأمطار
  • المراجع القومي يكشف عن فساد مالي خطير بالمليارات في الشركة السودانية للموارد المعدنية
  • «السياحة»: رفع كفاءة البنية التحتية وخدمات الاتصالات بالفنادق والقرى السياحية بالغردقة
  • رفع كفاءة البنية التحتية وخدمات الاتصالات بالفنادق والقرى السياحية بالغردقة
  • حلقة حوارية ببدية تبحث ضغوط الأسرة العُمانية وتوصي بتفعيل الدعم النفسي والاجتماعي
  • أنظمة آبل تدعم تشغيل الهواتف القابلة للطي.. لماذا تخفيها الشركة؟