أكد تعقيدات الملف الأوكراني.. الكرملين: موسكو تتمسك بالهدوء والحوار رغم تصعيد واشنطن
تاريخ النشر: 10th, July 2025 GMT
البلاد (موسكو)
في ظل تصاعد الانتقادات المتبادلة بين واشنطن وموسكو، أعلن الكرملين، أمس (الأربعاء)، أنه يتعامل بهدوء مع التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، التي وجّه فيها انتقادات مباشرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف صرّح بأن موسكو لن تنجر وراء التصعيد اللفظي، مؤكدًا أن بلاده لا تزال متمسكة بمواصلة الحوار مع الولايات المتحدة، رغم التوترات المتزايدة.
التصريحات الروسية جاءت عقب إعلان ترمب عن احتمال فرض عقوبات إضافية على موسكو، وتأكيده أنه غير راضٍ عن أداء بوتين، متهماً إياه بالمماطلة وعدم تقديم أي مبادرة ملموسة لوقف الحرب. كما ألمح الرئيس الأمريكي إلى أن بلاده ستواصل إرسال أسلحة دفاعية لكييف، رغم قرار غير منسق من وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث بتعليق شحنات الأسلحة مؤقتاً، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل دوائر صنع القرار في واشنطن.
وكانت مصادر مطلعة قد كشفت أن هيغسيث لم يُبلغ البيت الأبيض مسبقًا بقرار التعليق؛ ما أدى إلى ارتباك داخل الإدارة الأمريكية، حيث أكدت متحدثة باسم البيت الأبيض لاحقاً أن الرئيس لا يزال ملتزماً بدعم أوكرانيا دفاعيًا، مع تقييم دوري لمستوى المخزون الإستراتيجي من الأسلحة الأميركية، خاصة صواريخ باتريوت.
وبحسب تسريبات إعلامية، فإن قرار تعليق بعض الشحنات العسكرية جاء نتيجة انخفاض مخزونات صواريخ باتريوت إلى مستويات حرجة، بعد استنزافها في دعم العمليات الأمريكية في الشرق الأوسط، إضافة إلى المواجهة الأخيرة مع إيران، التي تطلبت استخدام كميات كبيرة من هذه الصواريخ. وأشارت التقارير إلى أن المسؤولين في البنتاغون أعدّوا مذكرة توصية عاجلة تقترح إعادة توزيع الذخائر وفق الأولويات الإستراتيجية، وهو ما أثّر مؤقتاً على الإمدادات المتجهة إلى أوكرانيا.
ورغم التصريحات الحادة، أكد الكرملين أن القنوات الدبلوماسية بين موسكو وواشنطن ما زالت مفتوحة، مشيراً إلى جولتين سابقتين من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا دون تحقيق تقدم ملموس، مع توقعات بعقد جولة ثالثة قريبًا. كما شدد بيسكوف على أن روسيا لا ترفض المسار السياسي، لكنها تتمسك بتحقيق أهدافها كاملة، بما في ذلك الإبقاء على سيطرتها على المناطق الأربع المتنازع عليها، وشبه جزيرة القرم.
في المقابل، تصر أوكرانيا على انسحاب كامل للقوات الروسية من أراضيها، ورفض أي تسوية تتضمن تنازلات إقليمية، في حين تواصل موسكو التلويح بمزيد من التصعيد ما لم يتم تلبية شروطها الأمنية والسياسية، وعلى رأسها التراجع عن خطط كييف للانضمام إلى حلف الناتو.
الوضع المتأزم على الأرض، والتصريحات النارية بين العاصمتين، يعكسان استمرار التباعد في الرؤى، رغم محاولات متقطعة للتهدئة. ورغم أن الكرملين بدا أكثر بروداً في تعليقه على انتقادات ترامب، فإن تداخل المواقف داخل الإدارة الأمريكية بشأن تسليح أوكرانيا، والتردد بين التصعيد والتهدئة، يشير إلى ارتباك في استراتيجية واشنطن تجاه الملف الأوكراني، في وقت بات فيه النزاع يستنزف موارد الطرفين، ويهدد بتوسّع إقليمي جديد.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
سلام مترنح.. تعقيدات خطة غزة ومخاطرها
تواجه خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قطاع غزة تجاذبات لا يمكن أن يحفظ توازنها سوى قدرة الولايات المتحدة على كبح جماح إسرائيل حتى لا يتم الفشل في تنفيذ مخرجاتها.
ورغم سريان وقف الحرب منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول 2025، فإن الانتهاكات الإسرائيلية تواصلت بوتيرة مرتفعة، إذ أوقعت ما لا يقل عن 250 شهيدا مع بداية نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما فرص نجاح مبادرة الرباعية حول السودان في ظل التصعيد الميداني؟list 2 of 2أبرز ما نشرته مواقع الدراسات والأبحاث في أسبوعend of listواللافت أن هذه الانتهاكات لم تُواجَه بأي رد فعل ملموس من الوسطاء، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة التي يفترض أن تكون الضامن الرئيس لاتفاق وقف النار وتطبيق خطة ترامب.
وقد عبّر ترامب عن تفهّم كامل للموقف الإسرائيلي واعتبر الغارات دفاعا عن النفس، بينما تجنب مسؤولون أميركيون آخرون الإشارة إلى حجم الخسائر البشرية، مؤكدين أن وقف إطلاق النار لا يزال صامدا.
وبشأن الانخراط الأميركي في تنفيذ خطة غزة، وصعوبة الانتقال إلى المرحلة الثانية، والمخاطر التي تنضوي عليها هذه الخطة، نشر مركز الجزيرة للدراسات تقدير موقف يحمل عنوان "سلام مترنح.. تعقيدات خطة غزة ومخاطرها".
الانخراط الأميركي في تنفيذ خطة غزةفي المرحلة الأولى التي تلت وقف إطلاق النار عمل الأميركيون في 3 اتجاهات من أجل تثبيت الاتفاق والانتقال إلى المرحلة الثانية:
الاتجاه الأول: ويتعلّق بتأمين الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين وعملية التبادل مع الأسرى الفلسطينيين خلال الساعات الـ72 التالية على إعلان وقف النار.
ولكن واشنطن تجاهلت، أو قبلت على مضض، الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف النار، وما يترتب عليه من التزامات إسرائيلية.
ولأن ملف الإفراج لا يتطلب زمنا طويلا، فقد عمل الأميركيون على أساس أن الانتقال للمرحلة الثانية سيبدأ ربما في الأسبوع الثاني أو الثالث من سريان وقف النار.
الاتجاه الثاني: ويتعلق بتحرك إدارة الرئيس ترامب للسيطرة الفعلية على تنفيذ الخطة على الأرض.
إعلانوقد فرضت مقتضيات هذا الاتجاه إقامة مركز تنسيق أمني من مهماته التوثق من التزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار.
الاتجاه الثالث: يتمثل في زيارات ميدانية لإسرائيل من قبل المسؤولين الأميركيين، ولم يَخْفَ على الرأي العام والإعلام الإسرائيليين أن الدافع خلف هذه السلسلة من الزيارات المتتابعة كان مخاوف الجانب الأميركي من عدم التزام إسرائيل باتفاقية وقف النار، ومحاولة واشنطن إقناعها بوجهة النظر الأميركية حول قضايا الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة غزة.
ورغم هذه الزيارات والضغوط المتواصلة، فقد بات من الواضح أن مسارات التحرك الأميركي لم تصل إلى كافة أهدافها، إذ إن تل أبيب ما زالت تتعهد مدينة غزة بالقصف والتدمير.
وفي السياق ذاته، لم يلتزم الإسرائيليون بإدخال عدد شاحنات المساعدات المتفق عليه يوميا، والذي حُدّد بـ600 شاحنة.
وحتى أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، لم يتجاوز عدد الشاحنات المسموح بدخولها للقطاع 100 شاحنة في اليوم.
الانتقال الصعب إلى المرحلة الثانيةتعتبر القوة المكلفة بالاستقرار في غزة من أكثر المطبات المطروحة أمام الانتقال إلى المرحلة الثانية، إذ تصر إسرائيل على أنها ستكون صاحبة الكلمة الفصل في تشكيلها ونوعها.
وفي حين يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مشاركة تركيا في القوة المنتظرة، يتردّد أن واشنطن تفضل أن تكون من الدول العربية والإسلامية، كما يريد ترامب أن تكون قطر وتركيا أيضا ضمن الدول المشاركة فيها.
ومن الصعوبات أن الدول التي لم تعلن إسرائيل معارضة لمشاركتها، مثل مصر والأردن وإندونيسيا، تؤكد أنها لن تُقدم على المساهمة في قوة الاستقرار بدون تفويض من مجلس الأمن الدولي، بمعنى أن تعمل قوة الاستقرار كقوة حفظ سلام، كما سماها رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وترى هذه الدول أن تفويض مجلس الأمن سيعطي لوجود قواتها شرعية دولية أممية من الأمم المتحدة، وتؤكد واشنطن أنها تعمل بصورة حثيثة لتأمين صدور قرار من مجلس الأمن بتشكيل قوة الاستقرار.
ويظل الهدف من تشكيل قوة الاستقرار والمهمات الموكلة إليها خارج نطاق التوافق، إذ تريدها الولايات المتحدة أن تكون بديلا عن أمن حركة حماس وحكومة القطاع.
أما الفلسطينيون فإنهم يريدون من القوة المنتظرة أن تقوم بمهمات حفظ الأمن والنظام، وأن تنتشر بصورة أساسية في المحيط الحدودي للقطاع، لتحل محل القوات الإسرائيلية المنسحبة، سواء لتأمين فتح المعابر مع القطاع أو الوقوف في مواجهة أي اعتداءات إسرائيلية على غزة وأهلها.
وفي هذا المنحى، يبرز ملف نزع سلاح المقاومة الذي يمثل العقدة الأصعب في الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق.
كما يبرز ملف الهيئة الإدارية الانتقالية للقطاع بوصفه معضلة إضافية، فالحكومة المصرية دفعت بقائمة أسماء مقترحة، لكن الخلاف بين حماس والسلطة الفلسطينية حول شكل الإدارة والأمن لا يزال قائما، يزيده تدخل إسرائيل التي تريد إدراج شخصيات مقربة منها وقوات محلية متعاونة.
مخاطر على الطريقوقد وصف بعض الكتاب خطة ترامب بأنها تبدو مثل "الزواج البروتستانتي" الذي يحظى عادة بتأييد الجميع، بدون أن يعرف أحد على وجه اليقين كيف يمكن إتمامه.
إعلانوقد بدا أن آراء الجميع متباينة حول الخطة ومساراتها، إذ يخوض كل طرف معركة من أجل أهدافه وما يحفظ له مصالحه، الأمر الذي يجعل طريق التنفيذ تعترضه الكثير من المخاطر.
وإذا كانت خطة الرئيس ترامب قد نجحت حتى الآن في وضع حدٍّ للحرب الشاملة التي عاشها قطاع غزة طوال العامين الماضيين، فإن ما تبقى من الخطة يظل مفتوحا على الاحتمالات، ومحملا بالمخاطر على القطاع وأهله.
وقد صرح بعض المسؤولين الإسرائيليين بأنه إذا لم تسلّم حماس سلاحها فإن جيش الاحتلال سيعمد إلى نزعه بالقوة، وذلك ما يعني بدء الحرب من جديد.
ورغم أن حماس حريصة على سريان اتفاق وقف النار، فإن تجاهل حكومة نتنياهو المستمر للعديد من التزامات اتفاق وقف النار يكشف بصورة واضحة أن إسرائيل قررت العودة إلى الحرب، الأمر الذي يُلقي على كاهل دول مجموعة الثماني العربية الإسلامية عبء العمل على أن يستمر تنفيذ خطة الرئيس ترامب بأقصى سلاسة ممكنة، وأقل ضرر محتمل على أهل القطاع.