لم تكن ثورة الإمام زيد بن علي عليهما السلام مجرّد موقف سياسي عابر أو حركة احتجاجية آنية، بل كانت نهضة قرآنية أصيلة انطلقت من قلب الوعي الإسلامي، مستندة إلى قيم الحق والعدل، ومرتبطة بروح الإسلام المحمدي الأصيل،  الإمام زيد، حفيد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام، لم يخرج طمعًا في دنيا أو سعيًا إلى سلطان، وإنما خرج لأمرٍ عظيم، حيث حمل زيدُ لواء الثورة امتدادًا لكربلاء، ووقف موقف الشرف والتحدي في وجه الانحراف والظلم، مجسدًا بذلك قيم الإسلام في أرقى معانيها.

يمانيون / تقرير / طارق الحمامي

 

في اليمن، لم تكن صلة أهل الإيمان والحكمة بالإمام زيد عليه السلام ، مجرّد علاقة عاطفية أو مذهبية، بل كانت علاقة التزامٍ بمنهج، ووفاءٍ لمشروع نهضوي قرآني، تجذر في وعي الأمة اليمنية منذ قرون،  حمل اليمنيون لواء الإمام زيد، واعتنقوا مدرسته الفكرية والجهادية، واحتضنوا تراثه قولًا وفعلاً، حتى أصبح نهج الإمام زيد يمثل لهم هوية ثقافية وروحية، ودليلًا عمليًا في مواجهة التحديات والظلم عبر العصور.

وفي العصر الراهن، جاءت المسيرة القرآنية المباركة لتجدد هذا النهج، وتعيد بعث مدرسة الإمام زيد في الواقع اليمني بروحٍ عملية معاصرة، لتجعل من الثورة الزيدية منبرًا لصياغة مشروع تحرري نهضوي يعيد للأمة وعيها وكرامتها.

 

 الإمام زيد بن علي عليه السلام ونهضته القرآنية

الإمام زيد كان حاملًا لمشروع قرآني متكامل، رأى أن لا حياة كريمة للأمة إلا بالعودة إلى القرآن، ومواجهة الانحراف السياسي والديني ، وثورته لم تكن معزولة عن مبادئ الإسلام، بل كانت تطبيقًا عمليًا لقوله تعالى: “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر” ، ورفض الإمام زيد مبدأ “الرضا بالأمر الواقع”، ودعا إلى التغيير من منطلقات قرآنية لا مساومة فيها على الحق والعدالة.

 ثورة الإمام زيد امتداد حي لثورة الإمام الحسين عليهما السلام

استلهم الإمام زيد من جده الحسين عليه السلام روح التضحية، وورث منه روح التحدي والثبات أمام الظلم ، فكانت كربلاء الحافز الوجداني والفكري لثورة الإمام زيد، حيث صاغ خطابه السياسي والديني استنادًا إلى المبادئ التي استشهد من أجلها الحسين ، كما جسّد الحسين موقف “هيهات منا الذلة”، جاء الإمام زيد ليؤكد أن “السكوت على الظلم خيانة لله ولرسوله”.

الإمام زيد في وجدان اليمنيين

تبنى اليمنيون الفكر الزيدي منذ وقت مبكر، فوجدوا فيه منهجًا واضحًا للحياة والعدل والحكم ، وتحول الإمام زيد إلى رمز تحرري في الثقافة اليمنية، وتوارثت الأجيال اليمنية حبّه ومبادئه حتى أصبحت جزءًا من الهوية الوطنية والدينية ، ولم يكن الإمام زيد مجرد إمامٍ فقهي أو شخصية تاريخية، بل كان مشروعًا نهضويًا يعيش في ضمير اليمنيين، وحافظ اليمنيون على نهج الإمام زيد  عليه السلام عبر المدارس الدينية، والمناهج الفقهية، والحركات الجهادية، وعلى روح الثورة الزيدية ، كما قام العلماء والمجاهدون في اليمن عبر العصور بنقل تراث الإمام زيد وتفسير خطابه في ضوء المتغيرات الاجتماعية والسياسية ، وكذلك الثورات اليمنية ضد الاستعمار والاستبداد كانت تستلهم من الإمام زيد مقولته الخالدة: “والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت”.

 المسيرة القرآنية وتجديد نهج الإمام زيد في الواقع المعاصر

جاء المشروع القرآني بقيادة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ليجدد نهج الإمام زيد، ويبعثه من جديد كمنهج حياة ومقاومة ، وأعادت المسيرة القرآنية ترتيب الأولويات في ضوء الرؤية الزيدية الثورية، وربطت العمل السياسي والاجتماعي بالجهاد القرآني الواعي ، في كل الجبهات ، الإعلامية، التربوية، السياسية، العسكرية ، كانت روح زيد الإمام حاضرة، وكان خطابه المبدئي هو المرجعية ، كما دعا الإمام زيد إلى نصرة المستضعفين، جاء المشروع القرآني ليصوغ رؤية شاملة لنهضة الأمة وفق منطلقات زيدية قرآنية.

 

خاتمة

إن الإمام زيد بن علي عليهم السلام ليس مجرّد صفحة في كتاب التاريخ، بل هو روحٌ ثائرة تسري في عروق الأمة الحيّة، ومشروعٌ قرآنيٌ خالدٌ لا يموت،  واليمن، التي حملت هذا المشروع منذ قرون، تواصل اليوم السير على دربه، عبر المسيرة القرآنية التي بعثت مبادئه من جديد، وجعلت من الثورة الزيدية منارةً في درب الأمة نحو الحرية والعزة والاستقلال.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المسیرة القرآنیة علیه السلام بن علی علیه

إقرأ أيضاً:

غزة .. كربلاء العصر

 

 

غزة الجرح النازف في جسد الأمة العربية والإسلامية، غزة الوجع الواسع المدى، الذي وصل صدى أنينها لكل أرجاء المعمورة، غزة المظلومية التي نسفت وفضحت أدعياء الحقوق والحريات، غزة الصمود الذي أذهل العالم، غزة الثبات الذي بات مضرب المثل وبات ملهما لكل أحرار العالم في مختلف القارات، غزة الشموخ والإباء، والتي تمثل اليوم كربلاء عصرها قياسا على حجم الإجرام والتوحش الذي تعرضت وما تزال تتعرض له حتى هذه اللحظة على يد كيان العدو الصهيوني .
نفس النزعة الإجرامية العدوانية الأموية اليزيدية التي أظهرها ومارسها الطاغية المجرم يزيد وزبانيته تجاه الإمام الحسين بن علي -عليهما السلام- وأصحابه وأهل بيته في مأساة كربلاء في العاشر من محرم الحرام من العام 16هجرية، هي ذاتها التي يمارس القاتل السفاح الصهيوني النتن ياهو وحكومته اليمينية المتطرفة وجيشه المتوحش بحق أطفال ونساء قطاع غزة، مع اختلاف أدوات القتل والحصار، القتل العمد والاستهداف الممنهج للأرواح البشرية مع سبق الإصرار والترصد، الحصار المطبق على المواطنين ومنع دخول المساعدات الغذائية والإيوائية الضرورية، استهداف الأطفال والنساء بشكل مباشر، والتنكيل بجثث الشهداء وتركها في الشوارع ومنع طواقم الإسعاف والفرق الطبية من رفعها، وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها، والحيلولة دون تمكين الهلال والصليب الأحمر وفرق الإنقاذ من انتشالها من تحت الأنقاض، والإيغال في الدم الفلسطيني .
أراد يزيد الفاجر وطواغيته من خلال استهداف الإمام الحسين -عليه السلام- وأهل بيته محو ذكر آل بيت النبي وفصل الأمة وعزلها عن كتاب الله والعترة المطهرة، ليسود حكم الطغيان والاستبداد، وتتحول الولاية إلى وراثة يتوارثها الأبناء عن الآباء، كما أراد “النتن ياهو” ومن خلفه بايدن وتلاه ترامب من خلال العدوان والحصار على قطاع غزة القضاء على المقاومة الفلسطينية، وتهجير أهالي غزة إلى سيناء، وتحويل غزة إلى مستعمرة صهيونية من أجل تنفيذ قناة بن غوريون، والذهاب لإحكام السيطرة على الضفة الغربية، والانتقال إلى ما هو أخطر وهو تدمير المسجد الأقصى ومن ثم التمدد باتجاه لبنان وسوريا والأردن ومصر تحت يافطة إقامة دولة إسرائيل الكبرى .
وعلى الرغم من النزعة الصهيونية الإجرامية المتوحشة التي حصدت أرواح أكثر من 75 ألف شهيد غالبيتهم من الأطفال والنساء ومئات الآلاف من الجرحى والمعاقين والمفقودين؛ إلا أن الصهاينة تفاجأوا وانصدموا ببأس وشجاعة وإقدام وثبات وصمود أهالي غزة، الذي أفشل كل رهاناتهم، ووجدوا أنفسهم في مأزق خطير وهم يتلقون الضربات الموجعة الواحدة تلو الأخرى على أيدي كتائب القسام وسرايا القدس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية، والتي تحصد أرواح جنودهم في كمائن محكمة وعمليات نوعية مخطط لها ومدروسة بكل دقة، في تأكيد على المضي في درب النضال ومقارعة الطغيان الصهيوني، على خطى الإمام الحسين الذي شكلت ثورته ملهمة لكل الشرفاء الأحرار على امتداد المعمورة .
بالمختصر المفيد، كربلاء غزة اليوم، هي امتداد لكربلاء الحسين بن علي -عليهما السلام- ومن ناصروا الإمام الحسين وأهل بيته بالأمس البعيد في كربلاء العراق، هم اليوم من ناصر أحفادهم غزة العزة وأهلها في مواجهة العدوان والحصار والطغيان الصهيوني الأمريكي، وهم اليوم الذين يخوضون معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس ضد هذا الطغيان، وهم من يدفعون ثمن هذه المواقف التي تبعث على العزة والشموخ، المواقف الإيمانية الأخوية الإنسانية الأخلاقية التي افتقر إليها يزيد وأتباعه، وترامب و”النتن ياهو” وحكومته ومن دار في فلكهم من المرتزقة العملاء الخونة المنافقين .

مقالات مشابهة

  • تعلن محكمة الزيدية بأن على المدعى عليه/ قاسم علي الاهدل الحضور إلى المحكمة
  • غزة .. كربلاء العصر
  • صندوق النظافة بإب يُحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • فعالية نسائية في المراوعة بذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • فعالية وأمسية في سنحان وخولان بذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • فعالية خطابية لقطاعي التربية والتعليم الفني في حجة بذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • قطاع الاتصالات في إب ينظم فعالية خصابية بذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • فعالية خطابية في الضحي بذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • قطاع الاتصالات بالحديدة يُحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام