المسلة:
2025-10-07@22:07:24 GMT

أيُّ شرقٍ أوسط جديد تُريدُه أميركا

تاريخ النشر: 6th, August 2025 GMT

أيُّ شرقٍ أوسط جديد تُريدُه أميركا

6 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة:

أيُّ “شرقٍ أوسط جديد” تُريدُه أميركا.. مأزوماً أم مستقراً؟

محمد صالح صدقيان

خمسون يوماً مرّت علی الاعتداء الذي شنّه الكيان الإسرائيلي علی إيران في 12 يونيو/حزيران الماضي لكن تداعيات هذا الاعتداء ما زالت مستمرة، وسط حالة ترقب لما سيأتي من تطورات إستناداً إلی الدور الذي أوكلته الولايات المتحدة لـ”إسرائيل”، سياسياً وأمنياً، وصولاً إلی “شرق أوسط جديد”، يلوّح به رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في العام 1991 وانتهاء الحرب الباردة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، ارتسمت معالم نظام دولي جديد، أساسه القطبية الأميركية الأحادية، فيما كانت منطقة الشرق الأوسط تشهد تداعيات لهذا التحول الكبير، ولا سيما لجهة ملء الفراغ الذي أحدثه هذا الانهيار.. ومع الوقت تبلورت ثلاثة مشاريع إقليمية:
المشروع التركي،
المشروع الإيراني،
والمشروع الإسرائيلي
في حين سٌجل غياب كامل لأي مشروع عربي في مواجهة هذه المشاريع الإقليمية.

وقد ظهر المشروع التركي بشكل واضح بعد سيطرة حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب اردوغان علی تركيا في العام 2002، وهو مزيج من الطموحات السياسية والاقتصادية والعسكرية وهدفه تعزيز مكانة تركيا كقوة إقليمية رائدة تعتمد علی موقعها الجيوسياسي ومواردها الاقتصادية مثل الطاقة والمياه والزراعة والسياحة والمعادن وإرثها التاريخي بوصفها وريثة الامبراطورية العثمانية التي سيطرت علی مساحات واسعة من الشرق الأوسط والبلقان لقرون من الزمن.

هذا التاريخ الذي استخدم لتبرير دور تركيا كقوة إقليمية وتعزيز علاقاتها مع الدول العربية والاسلامية كدولة علمانية ذات طابع اسلامي معتدل مما جعلها كنموذج جذّابة لدول عربية تتبنی المذهب السني في مواجهة النفوذ الإيراني الشيعي.

أما المشروع الإيراني، فقد اعتمد استراتيجية تقوم على “تشكيل” أو “المساهمة في تشكيل” نظام إقليمي بديل عن النظام السابق تكون لدول الإقليم فيه حظوة وأسبقية علی حساب المصالح الإسرائيلية وبعيداً عن أي نفوذ أميركي وأجنبي في المنطقة، على قاعدة “أهل المنطقة أدرى بشعابها”.

وقد بدأت إيران بالمضي قدماً في هذا المشروع تحديداً بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية عام 1988 لكنها وجدت الظروف مؤاتية أكثر بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق عام 2003 والذي سقط معه النظام الرسمي العربي الذي كان العراق بوابته الشرقية.

هذا الفراغ الذي ولّده الاحتلال الأميركي للعراق جعل لعاب الإيرانيين يسيل، وهم الساعون إلى إعادة تشكيل منظومة أمنهم القومي والإقليمي، غداة حرب الثماني سنوات مع العراق، فوجدوا الفرصة سانحة للتمدد حتى شواطیء البحر الأبيض المتوسط ومن ثم تشكيل ما أسمي “محور المقاومة” في مواجهة “إسرائيل” والتواجد الأجنبي في المنطقة، مستفيدين من موقعهم الجغرافي الاستراتيجي علی “طريق الحرير” وبين المنطقة الخليجية وبحر قزوين لتعزيز نفوذهم الاقتصادي والعسكري في هذه المنطقة.

وإذا كان المشروعان التركي والإيراني هما مشروعان إقليميان، ولكل منهما حساباته الأمنية والسياسية والاقتصادية، سعياً إلى تعزيز نفوذ إقليمي ما، إلا أن تنافسهما لا يُلغي حقيقة دعمهما للشعب الفلسطيني كونه شعب مشرد من أرضه ويكافح لتحريرها، وتعاملهما مع الكيان الإسرائيلي بوصفه كياناً محتلاً لأراض عربية إسلامية ومع الشعب الفلسطيني.

في المقابل، كان المشروع الإسرائيلي يری نفسه متناقضاً مع باقي المشاريع ويحاول الاستفادة من مكانته في حسابات الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة من أجل توسيع احتلاله وتعزيز هيمنته وصولاً إلى “إسرائيل الكبری” التي تمتد “من النيل إلی الفرات”، كما يؤمن ويعمل علی “تجزئة المُجزّأ وتقسيم المُقسم” وهو مفهوم يحمل دلالات دينية وسياسية ويستند الی تفسيرات توراتية وسياسات توسعية تاريخية بعضها دينية مزعومة والأخری سياسية صهيونية.

وخلال الأشهر الماضية، شهدت المنطقة تطورات مهمة انعكست بشكل واضح علی هذه المشاريع الثلاثة في ضوء تراجع النفوذ الإيراني مع سقوط نظام بشار الأسد الحليف لإيران، وما حدث في لبنان من انهيار لقوة الردع التي ظلّلت لبنان طوال ربع قرن واغتيال قادة المقاومة ومحاولة توهين بيئة حزب الله واضعاف دوره السياسي في لبنان.

هذه الأحداث حفّزت المشروعين التركي والإسرائيلي للتمدد ولا سيما بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام” المدعومة سياسياً وأمنياً وعسكرياً من تركيا علی دمشق في الوقت الذي تمددت فيه القوات الإسرائيلية لتحتل ما يزيد عن 600 كلم2 من الأرض السورية والتحكم من خلال جبل الشيخ الاستراتيجي بالعاصمة السورية نفسها وصولاً إلى إعادة صياغة الوضع السوري بما يُحقّق المصالح الإسرائيلية في المنطقة.

في هذا السياق، يُمكن الربط بين أحداث 12 يونيو/حزيران (العدوان الإسرائيلي على إيران) وأحداث تموز/يوليو الماضي السورية (السويداء)، حيث اندفع المشروع الإسرائيلي لغرس أنيابه وأظافره في الجسم الإقليمي لكي يُبشّر بولادة قريبة لما يُسمى “الشرق الأوسط الجديد” بدعم أميركي، وهذه الأحداث زادت منسوب القلق من وقوع أحداث مماثلة علی طول الحدود العراقية السورية، في سياق التمهيد لتنفيذ “ممر داود” .

وهنا ينبغي التذكير بأمر بالغ الأهمية، سبق وأن تناولناه في مقالات سابقة، وهو اعلان الولايات المتحدة عن نقل إسرائيل من نطاق القيادة الأوروبية الأميركية (EUCOM) إلی نطاق القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) في كانون الثاني/يناير 2021. هذه الخطوة صار بالامكان تفسيرها في ضوء التطورات التي شهدتها المنطقة في السنتين الأخيرتين، ولعل سمتها الأبرز هذا الاندراج الأميركي في تعزيز المشروع الإسرائيلي، من خلال دعمه وتعزيز التعاون الاستراتيجي معه في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة ولا سيما “التهديد الإيراني” وبما يُعزّز الهيمنة الأميركية علی المنطقة، على حساب شعوبها ولا سيما الشعب الفلسطيني.

في الخلاصة، من الواضح أن الولايات المتحدة تريد للدولة العبرية أن تتولى بالنيابة عنها إدارة منطقة الشرق الأوسط تمهيداً لنقل الثقل الأميركي إلی بحر الصين، كما تُردّد المصادر الأميركية، والثابت أن تمدد المشروع الإسرائيلي لن يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة بل سيضعها على سكة المزيد من الأزمات وبؤر التوتر التي لا حد لها ولا مخرج، لا بالتطبيع ولا بغيره.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: المشروع الإسرائیلی الولایات المتحدة الشرق الأوسط فی المنطقة فی مواجهة ولا سیما

إقرأ أيضاً:

الإغلاق الحكومي في أميركا مستمر والكونغرس يفشل بإنهائه

دخل الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة أسبوعه الثاني أمس الاثنين بعد فشل مجلس الشيوخ للمرة الخامسة في تمرير حزمة تمويل لإنهائه، دون أي مؤشر إلى قرب التوصل إلى اتفاق بين الديمقراطيين والجمهوريين بقيادة الرئيس دونالد ترامب الذي تباينت تصريحاته بشأن الأزمة.

وفي حوار مع "قناة نيوز ماكس"، قال ترامب "الديمقراطيون خاضعون لسيطرة اليساريين وهذا أمر سخيف وما كان ينبغي أبدا أن يغلقوا الحكومة في واحد من أنجح الاقتصادات التي عرفتها بلادنا على الإطلاق وللأسف هذا أثر على العديد من البرامج والخدمات التي يعتمد عليها الأميركيون وما كان ينبغي أن يحدث ذلك".

ورغم ذلك قال ترامب أيضا "يسعدني العمل مع الديمقراطيين بشأن سياساتهم الفاشلة في مجال الرعاية الصحية أو أي شيء آخر، ويجب على الديمقراطيين أولا السماح لحكومتنا بإعادة فتح أبوابها وأن يكون ذلك الليلة".

وفي وقت سابق صرح ترامب للصحفيين "نجري مفاوضات حاليا مع الديمقراطيين، وقد تؤدي إلى نتائج إيجابية للغاية وأنا أتحدث عن نتائج إيجابية فيما يتعلق بالرعاية الصحية".

تصويت وتباين

وجاءت تعليقات ترامب في الوقت الذي أجرى فيه مجلس الشيوخ تصويتين آخرين غير حاسمين أمس الاثنين، بشأن تمويل الحكومة الفدرالية. ولم يقترب أي من الإجراء الجمهوري أو الاقتراح الديمقراطي من الحصول على الأصوات الـ60 اللازمة للمضي قدما، واستغل كلا الحزبين معظم اليوم لتكثيف الضغط على الآخر لإنهاء الجمود.

ويشترط الديمقراطيون دعمهم لحزمة تمويل قصيرة الأجل بتمديد دعم الرعاية الصحية الذي يقلل من تكلفة الخطط المقدمة بموجب قانون الرعاية الصحية الميسرة، المعروف باسم "أوباما كير".

بينما يريد ترامب الحفاظ على مستويات الإنفاق الحالية ويهدد بإقالة العاملين الاتحاديين بشكل دائم إذا ظلت الحكومة مغلقة.

ترامب يتهم الديمقراطيين بالخضوع لسيطرة اليساريين (الأوروبية)نفي ديمقراطي

ونفى الزعيمان الديمقراطيان في الكونغرس، السيناتور تشاك شومر والنائب حكيم جيفريز، وجود أي مفاوضات مع ترامب.

إعلان

وقال جيفريز إن البيت الأبيض "أغلق أبوابه" منذ اجتماع الأسبوع الماضي. أما شومر فقال "ادعاء ترامب غير صحيح، ولكن إذا أصبح مستعدا أخيرا للعمل مع الديمقراطيين، فسنكون على طاولة المفاوضات".

وأضاف شومر أن فريقه مستعد للعمل مع الجمهوريين "لإعادة فتح الحكومة وإنهاء أزمة الرعاية الصحية التي تواجه عشرات الملايين من الأميركيين لكن الأمر يتطلب طرفين للتفاوض".

وفي وقت سابق أمس تشبث الطرفان بموقفهما. وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون: "لا يوجد ما نتفاوض عليه"، بينما أعلن جيفريز أن "الوقت قد حان" للتوصل إلى اتفاق بشأن الرعاية الصحية.

ويعتبر محللون أميركيون أن "الموقف المتشدد للديمقراطيين لحظة نادرة من النفوذ لحزب المعارضة في فترة يسيطر فيها ترامب وجمهوريون موالون له بشدة على جميع فروع الحكومة، حتى أن ترامب نفسه يُتهم "بالاستبداد لإحكام قبضته على السلطة".

وحسب وكالة أسوشيتد برس، فمن المستبعد أن يعقد مجلس النواب جلساته هذا الأسبوع، مما يجعل الاهتمام يتركز على مجلس الشيوخ ليتولى زمام المبادرة في أي اتفاق في الكونغرس.

وأفادت الوكالة بأنه حتى مع غياب المشرعين في مجلس النواب، يعقد القادة الجمهوريون والديمقراطيون إحاطات شبه يومية لصياغة حججهم والسعي إلى إلقاء اللوم على الآخرين في الإغلاق.

الإغلاق ألقى بظلاله على حركة الطيران في الولايات المتحدة حيث غادر مراقبو الحركة الجوية برج مطار هوليود بوربانك بكاليفورنيا (الفرنسية)اضطرابات اقتصادية

ويأتي هذا الجمود في وقت يشهد حالة من عدم اليقين الاقتصادي المقلق. فبينما استمر الاقتصاد الأميركي في النمو هذا العام، تباطأ التوظيف ولا يزال التضخم مرتفعا، حيث تسببت ضرائب الاستيراد التي فرضها الرئيس الجمهوري في سلسلة من الاضطرابات للشركات وأضرت بالثقة في قيادته.

في الوقت نفسه، هناك إدراك بأن عجز الميزانية السنوي الذي يقارب تريليوني دولار غير مستدام ماليا.

وترى إدارة ترامب في الإغلاق فرصة لممارسة سلطة أكبر على الميزانية، حيث قال العديد من المسؤولين إنهم سيوفرون المال مع تسريح العمال مؤقتا من خلال فرض تخفيضات دائمة في الوظائف على آلاف الموظفين الحكوميين، وهو تكتيك لم يُستخدم من قبل.

وألمح ترامب ليلة الأحد الماضي إلى أن عمليات تسريح العمال جارية بالفعل، لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت قالت إن ترامب كان يتحدث عن تسريحات مؤقتة، مضيفة أن تسريح العمال لا يزال مخططا له إذا استمر الإغلاق، وقد تصاعد الحديث عن تسريح العمال بشكل كبير.

من جهته، قال كيفن هاسيت المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض إنه "لا يزال يرى فرصة لتراجع الديمقراطيين عن موقفهم، مما يجنب الولايات المتحدة إغلاقا حكوميا مكلفا وتسريحا للموظفين، وهو ما هدد به مدير إدارة الميزانية في البيت الأبيض راسل فوت".

ويُرتقب حجب رواتب مئات الآلاف من موظفي القطاع العام ابتداء من يوم الجمعة المقبل، في حين تتوقف رواتب العسكريين اعتبارا من 15 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي.

ومع دخول الشلل في الوكالات الفدرالية أسبوعه الثاني أمس، أفاد عدد من الخبراء الإستراتيجيين الذين ما زالوا يتذكرون خلافات سابقة، بأن أحدث خلاف بين الرئيس دونالد ترامب وخصومه الديمقراطيين سيطول.

إعلان

يذكر أن الولايات المتحدة شهدت أطول فترة إغلاق في تاريخها في ولاية ترامب الأولى بين العامين 2018 و2019 عندما توقفت الوكالات الفدرالية عن العمل لمدة 5 أسابيع، وكلّف الاقتصاد 11 مليار دولار في الأمد القصير، بحسب مكتب الكونغرس للموازنة، ولم يتم استرداد مبلغ قدره 3 مليارات دولار.

ويكثّف ترامب هذه المرة الضغط عبر تهديد أولويات الليبراليين والتوعد بعمليات تسريح كبيرة لموظفي القطاع العام. ويرى المراقبون أن "إدارة ترامب ترى أن لديها تفويضا غير محدود وبالتالي فإنها لا تتنازل بالمجمل".

مقالات مشابهة

  • صحيفة روسية: أميركا تقترب من باكستان وسط برود العلاقات مع الهند
  • التجديد الحضري للحارات القديمة.. دمج الطابع التراثي بالمعايير الحديثة
  • تيليجراف: الجيل الجديد من المقاومة في غزة يتصدى للاحتلال الإسرائيلي
  • بغياب أميركا.. الصين تستحوذ على نفط العراق خلال أيلول
  • الإغلاق الحكومي في أميركا مستمر والكونغرس يفشل بإنهائه
  • عامان على هجوم 7 أكتوبر.. اليوم الذي غيّر وجه المنطقة
  • كم تخسر أميركا بسبب الإغلاق الحكومي؟
  • أمير الشرقية: التقنية جزءاً أساسياً من الحياة ويجب التوعية باستخداماتها الآمنة
  • سقوط قذيفتين أُطلقتا من الجانب الإسرائيلي داخل الريف الغربي لمحافظة درعا
  • سفلتة سوق مودية تتواصل ضمن مشروع تأهيل خط أبين الدولي