ماذا يخطط اليمين الصهيوني للمسجد الأقصى وما حوله؟
تاريخ النشر: 6th, August 2025 GMT
بدأت في الأشهر الأخيرة تحركات إسرائيلية مريبة في باحة المسجد الأقصى، والتركيز في هذا التحرك من خلال المسيرات المستمرة أسبوعيا في أماكن المقدسات الإسلامية، من مجموعات من قطعان المستوطنين إلى داخل باحته وما حولها مما يسمونه بالصلوات التي تم استحداثها، والتي تعتبر جزءا من حرم المسجد الأقصى، وكان بين هؤلاء قيادات من الحزب الحاكم اليميني في حزب الليكود، الذي يتزعمه «بنيامين نتنياهو»، بالإضافة إلى الهجمات اليومية على مدن الضفة الغربية من الجيش الإسرائيلي مع هجمات من المستوطنين، والذين يسعون للسيطرة على كل الضفة، والدعوة إلى احتلالها كاملة، وتحويلها إلى مستوطنات أخرى، تضاف إلى المستوطنات التي أقيمت منذ عام 1967وما بعده، وهي بلا شك خطة لتهويد هذه المدينة العربية المقدسة، ومحاولة محو كل ما يمت للمقدسات الإسلامية.
ولا شك أن الحديث عن مدينة القدس عامة، والمسجد الأقصى خاصة له الكثير من الدلالات والمعاني الكبيرة في نفوس كل العرب والمسلمين، وكذلك عند الديانات السماوية، ومنها الديانة المسيحية، باعتبار مدينة القدس، إحدى الركائز التي أسهمت في التكوين الثقافي والفكري والديني للعرب والمسلمين، وعندما انتشر الإسلام أصبحت القدس أحد الأماكن المقدسة التي يحرص المسلمون على زيارتها، والصلاة في مسجدها، والاطلاع على الملامح الحضارية، لهذه المدينة العريقة التي احتلت في 1967، إلى جانب المقدسات المسيحية والآثار الحضارية لهذه المدينة العربية.
ويعيش الأقصى محنة كبيرة من قبل الاحتلال الصهيوني، منذ سنوات منذ واقعة اقتحام المسجد الأقصى وإخراج المعتكفين فيه آنذاك، الذي يتزعمهم الشيخ رائد صلاح وهو من سكان أرض 1948، وأحد المناضلين الفلسطينيين في قضية القدس والمسجد الأقصى، ولا تزال إسرائيل تمارس الخطط والممارسات بين الحين والآخر لتهويد القدس، وقد جاء التهديد بفرض السيادة على الأقصى من قبل نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي سيلفان شالوم، في إحدى الوزارات الإسرائيلية السابقة، الذي قال للإذاعة الإسرائيلية، في تلك الحادثة إن«المعركة بدأت لفرض السيادة على القدس وبشكل خاص على جبل الهيكل». إن الحديث عن تمسكنا بالقدس، ومكانة القدس في العالم الإسلامي، وتاريخنا الناصع البياض في هذه المدينة المقدسة لا يكفي، فهذه الدراسات والبحوث على أهميتها، لا تسهم في إنقاذ هذه المدينة العربية، ولا يحميها من التهويد وطمس معالم ، والقضاء على الكثير من آثارها التاريخية الإسلامية العريقة منذ أكثر من أربعة عقود.
صحيح أننا يجب أن نؤطر تاريخنا بالوثائق والمستجدات بما يسهم في توضيح الحقائق التاريخية وإبراز حقوقنا القانونية والدينية، لكن بهذه الجهود والتحركات بهذه الطريقة كمن يخاطب نفسه، ويسرد الوقائع على ذاته فقط، لكن الذي يجب أن نعمله للقدس كمدينة عربية إسلامية تحت الاحتلال، وتواجه الكثير من الممارسات الخطيرة أن يكون هناك حراك سياسي وثقافي وقانوني في العالم كله، ونخاطب الرأي العام العالمي بالحقائق التاريخية، ونعرض ما لدينا من وثائق من خلال هذه الندوات والمعارض واللقاءات مع مؤسسات المجتمع المدني لفضح ممارسات إسرائيل لطمس معالم هذه المدينة العربية، وإبراز حقوقنا التاريخية من خلال ما نملكه قانونيا وسياديا عليها. لذلك من المهم أن يكون اهتمامنا بالقدس من خلال التحرك الفاعل، لكشف ما تفعله إسرائيل، والمخاطر المحدقة بهوية هذه المدينة وتاريخها ومعالمها الأثرية. ومن المهم أن تبرز الكثير من القضايا الهامة والوثائق الجديرة بالطرح تاريخياً، بما يؤكد على عدم أحقية الإسرائيليين في هذه المدينة سوى ما هو متاح لهم من أماكن للعبادة معروف منذ القدم الخ.
والأخطر الذي يمكن أن يشكل طمس معالم هذه المدينة المقدسة إقامة المستوطنات الإسرائيلية حول المدينة وحصارها والقضاء على الكثير من هذه المعالم، وغيرها من الإجراءات الإسرائيلية العسكرية، منها الاستيلاء على بعض الأملاك الخاصة العربية، ومصادرة الكثير من الأراضي الفلسطينية مع أن تنظيمات لاهاي بشأن الأملاك الخاصة واضحة بموجب المادة « 46» التي تقول «يجب أن تحترم الملكية الخاصة» وأنه «لا يجوز مصادرة الأملاك الخاصة»، لكن إسرائيل كعادتها لا تحترم القوانين والتنظيمات الدولية واعتبرت أن «المادة 46 غير ملزمة لها! وهناك الكثير من الدلائل والقرائن تؤكد أن إسرائيل هدمت ودمرت مئات المنازل في القدس، وأقامت لها مباني أخرى لأغراض متعددة وبعضها لم تعوض لأصحابها، ناهيك عن الإجراءات الإسرائيلية التي قامت بها منذ احتلال القدس من إقامة مئات المستوطنات وتدمير أملاك لأوقاف إسلامية وتجريدها من طابعها الديني، فكل هذه الإجراءات تخالف القوانين الدولية وتنتهكها بصورة صارخة، ومع ذلك فإن الدول الغربية لا تزال تعتبر إسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وتقف إلى جانبها وتعتبر بعض هذه الدول أنها تدافع عن نفسها، مع أنها دولة محتلة غاصبة لأراض أخرى.
لذلك علينا أن نستشعر الخطر المحدق بهذه المدينة المقدسة، وأنه لابد من التحرك السياسي والقانوني والثقافي لحماية هوية المدينة وآثارها وتاريخها من الطمس والإلغاء وقبل ذلك تخليصها من الاحتلال، وهذا لا يتأتى بالمؤتمرات والندوات داخل بلداننا، فنحن نعرف ماذا يجري في القدس. وما يجري فيها؟ إنما الذي نوده أن تقوم النخب السياسية والفكرية والثقافية في العالم العربي وخاصة النخب الفلسطينية صاحبة الحق الأصلي هو التحرك الواسع في العالم كله لشرح ما تقوم به إسرائيل، وما تفعله في هذه المدينة ومخالفاتها القانونية لكل القوانين والأنظمة الدولية، كما إن إسرائيل بدأت معركتها الحقيقية في ظل حكومة نتنياهو المتطرفة، لهدم القدس وتغيير معالمها الإسلامية وهذا ليس تخمينا أو تخيلا، بل هذا التوجه بدأ عمليا والتحركات بدأت من سنوات بالحفر، بعض الأماكن في القدس وخاصة باب (المغاربة)، الذي طالته الحفريات بشكل ممنهج ومن خلال خرائط للوصول إلى هدفهم بتهويد القدس وتغيير المعالم العربية والإسلامية.
ولا شك أن ما يجري اليوم من تحرك لطرد بعض أملاك الفلسطينيين في القدس، والتهويد المستمر فيها على وجه الأخص كما أشرت آنفا، هو نتيجة للخطة المشؤومة (صفقة القرن) التي وضعت في فترة الرئاسة السابقة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالاتفاق مع رئيس وزراء إسرائيل والذي يمثل اليمين الإسرائيلي، والذي يريد كل فلسطين وطرد السكان الفلسطينيين، بالحجج التي تتحرك فيها بعض الجماعات المتطرفة لإحلالها محل سكانها الأصليين، بحجة الذرائع التاريخية، مع أن هؤلاء السكان العرب، هم الذين طردوا وهجروا وأبعدوا عن ديارهم، وهم بالملايين في الأردن، ولبنان وسوريا، ومصر، وبلدان عربية وأجنبية في الحروب السابقة، واعتراف الولايات المتحدة بالقدس الموحدة في هذه الصفقة، وجعلها تحت السيادة الإسرائيلية، وهو الذي أدى إلى طرد بعض السكان العرب من منطقة الشيخ جراح، وبدعم من اليمين الإسرائيلي، بذريعة أن كل المناطق أصبحت تحت السيادة الإسرائيلية بموجب هذه الصفقة! وهذا صعب السكوت عليه من قبل الشعب الفلسطيني، خاصة، بعد كل ما جرى لهم منذ عام 1948 وحتى الآن.
ولا شك أن الولايات المتحدة تتحمل الكثير من المسؤولية، فيما يجري اليوم من حروب ومن انتهاكات، ومن أحداث ضد السكان، فسببه الأساسي صفقة القرن التي رتب لها الرئيس الأمريكي ترامب، في هذه الحرب التي لا نعرف ماذا سيكون مصيرها ونتائجها على الأبرياء في غزة والمدن العربية الأخرى، واللافت أن بيانات البيت الأبيض، وبعض المسؤولين الأمريكيين، في تصريحاتهم الأخيرة، تتحدث عن الأراضي العربية المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، بأنها أرض محتلة، وهذا موقف أو نغمة جديدة تظهر من الإدارة الجديدة من الديمقراطيين، وكذلك الحق العادل للفلسطينيين والإسرائيليين. لكن، أين هو الحق العادل تجاه ما يجري للفلسطينيين في أراض محتلة بموجب اعتراف الولايات المتحدة بهذا الاحتلال، وهو أيضا ضمن القرارات الدولية في عام 1948، وعام 1967، والمذكرات الإيضاحية التي أوضحت الحقوق الثابتة للفلسطينيين، وهذه القرارات الدولية لم تحقق لأصحاب الحق حقوقهم العديدة، كما أنها لم تترك للقرارات الدولية، أن يتم تطبيقها من خلال (حق الفتو)، وللأسف هذه الصلاحية لحق النقض، جعل المنظمة الدولية، لا تسهم في تطبيق القرارات الدولية بعدالة وإنصاف، ولذلك الأزمات والحروب ستستمر وتتفاقم بسبب غياب الطرق والوسائل لكبح المظالم والعداوات التي بلا شك ستبقى مؤرقة للإنسانية جميعها، وفي ظل المعايير والمقاييس المتناقضة في القرارات الدولية.
والإشكال أن البيانات الرسمية الأمريكية، تتحدث عن أحقية إسرائيل في الدفاع عن نفسها! مع أن الولايات معترفة بأن القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة كأراض محتلة، فكيف تحتل أراضي الغير وتكون مطمئنة لذلك؟! وهذا أيضاً غريب أن يتم الاعتراف، ولا يتم محاولة رفض هذا الاحتلال وفي نفس الوقت يتم انتقاد مقاومته! إذن ليس هناك استقرار ولا أمان في ظل الاحتلال، مع انتهاكات وقتل وطرد للسكان، والحروب والصراع سيستمر إذا ما بقيت القضية الفلسطينية دون حلول عادلة ومنصفة منذ 76 عاما من احتلالها، والآن لم يكتف الصهاينة بقضية التقسيم بين القدس الشرقية والقدس الغربية، بل الآن اعتبروها موحدة تحت الاحتلال، ثم يجري محو الآثار وما يمت للمقدسات الإسلامية، في القدس عموما والمسجد الأقصى بشكل خاص.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذه المدینة العربیة القرارات الدولیة الکثیر من فی العالم فی القدس ما یجری من خلال فی هذه
إقرأ أيضاً:
بقائي ينتقد تقاعس المؤسسات الدولية تجاه جرائم الكيان الصهيوني في غزة
الثورة نت/وكالات انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي تقاعس المؤسسات الدولية تجاه جرائم الكيان الصهيوني في قطاع غزة، ووصف استمرار الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة بأنها من أهم القضايا على الساحة الدولية. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اليوم الاثنين بمناسبة يوم الصحفي ،حسبما أفادت وكالة “مهر” الإيرانية للأنباء. ونقلت وكالة “مهر” عن بقائي قوله : “لا يزال استمرار الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة من أهم القضايا المطروحة على الساحة الدولية، وللأسف، لا يزال تقاعس المؤسسات الدولية عن مواجهة هذه الجريمة مستمرًا”. وبشأن زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأخيرة لباكستان، وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية الزيارة بالمهمة، وقال بقائي: “كانت هذه الزيارة بالغة الأهمية وستفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين. كانت إيران أول دولة تعترف بباكستان. خلال هذه الزيارة، تم توقيع 12 وثيقة في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والجمركية والثقافية. وكان تمديد الاتفاقية الثقافية بين البلدين تطورًا مهمًا. وقد لوحظ قرار إبرام اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين. كان موقف باكستان خلال العدوان العسكري على إيران موضع تقديرنا، ويعكس نهجها في سيادة القانون وفهمها لمخاطر التوسع الصهيوني. يمكن للبلدين، بصفتهما مؤسسين لمنظمة التعاون الاقتصادي، أن يلعبا دورًا فعالًا في التنمية الاقتصادية للمنطقة والبلدين”. وأضاف بقائي قائلا : “من المقرر أن يتوجه النائب الأول لرئيس الجمهورية إلى تركمانستان اليوم للمشاركة في قمة الدول النامية غير الساحلية، وهذه هي القمة الثالثة، وتكمن أهمية هذه القمة بالنسبة لنا كإيران في أن من بين 32 دولة غير ساحلية، هناك ثماني دول مرتبطة بإيران، وسبع منها دول أعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي. إن دور إيران كجسر بين الدول غير الساحلية في جوارنا بالغ الأهمية، ومن المقرر وضع خطة تنمية مدتها عشر سنوات للدول غير الساحلية”. بقائي :تعاوننا مع الوكالة مبني على قرار البرلمان وبخصوص الملف النووي الإيراني، وردًا على سؤال بشأن وجود مفتشون تابعون للوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران حاليًا، قال بقائي: “لا يتواجد حاليا أي مفتش من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران”، مبينا: “بطبيعة الحال، يجب تنظيم تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفقًا لأحدث قرار صادر عن مجلس الشورى الإسلامي، وتعتبر الحكومة ووزارة الخارجية نفسيهما مُلزمتين بتنظيم تعاملاتهما مع الوكالة بناءً على هذا القرار”. وأضاف: “لقد عبّرنا مرارًا وتكرارًا عن شكوانا واعتراضاتنا على الأداء المُسيّس للوكالة الدولية للطاقة الذرية”، وأضاف: “ما زلنا طرفًا في معاهدات مثل معاهدة حظر الانتشار النووي، وإيران، كدولة مسؤولة، تلتزم بالوثائق ذات الصلة طالما أنها طرف في هذه المعاهدات”. وختم بقائي بالقول إنه :” ليس للدول الأوروبية الثلاث أي حق قانوني في استخدام ما تسمى بـ”آلية الزناد” او سناب بك لإعادة فرض العقوبات. إساءة استخدام هذه الأداة ستكون لها عواقب. لذا، فإن مايجب فعله واضح”.