قبل أسبوع وبعد ساعات من القصف الليلي الذي أسفر عن مقتل 31 شخصا في كييف وإصابة 159 آخرين صوّت نواب البرلمان الأوكراني بالإجماع على قانون جديد يضمن استقلال المكتب الوطني لمكافحة الفساد والمكتب الخاص للمدعي العام لمكافحة الفساد عن السلطة التنفيذية، وحصد القانون 331 صوتا لصالحه.

وحسب تقرير الكاتب ستيفان سيوهان، والذي نشرته صحيفة ليبراسيون الفرنسية، فإن من المفارقات أن أغلبية هؤلاء النواب قد سبق أن صوتوا في 22 يوليو/تموز الماضي لصالح نص قانون مختلف تماما يضع الوكالتين الرئيسيتين لمكافحة الفساد تحت سلطة المدعي العام لأوكرانيا، والذي هو بدوره تابع مباشرة للرئيس فولوديمير زيلينسكي الذي اضطر هذه المرة إلى التراجع بشكل كبير تحت ضغط الشارع والشركاء الدوليين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ميديا بارت: الشهادات المزورة لمنتخبين تقض مضجع حكام إسبانيا وفرنساlist 2 of 2إعمالا للنزاهة.. الجنائية الدولية تطالب خان بالتنحي عن قضية فنزويلاend of list

وبينما يرى البعض في ذلك شذوذا سياسيا وعادات غريبة يراه آخرون علامة على صحة الديمقراطية في أوكرانيا.

ووفقا للمؤرخ ياروسلاف هريتساك الأستاذ بالجامعة الكاثوليكية في لفيف، فإن "الخبر السيئ أن حكومتنا تميل نحو السلطوية وتفعل ما تشاء، اليوم تمرر قانونا وغدا تصوّت على قانون آخر حسب إرادتها السياسية"، أما الخبر الجيد -على حد تعبيره- فهو أن "لدينا مجتمعا مدنيا يمنع الحكومة من الانزلاق نحو الفساد، وهذا أمر في غاية الأهمية".

ويرى هريتساك أن "هذه القضية تثبت -رغم كل محاولات الفاسدين أو الدكتاتوريين المبتدئين- أنه لن يكون هناك تراجع في أوكرانيا، لن يقبل المجتمع ذلك، ويبدو أن زيلينسكي فهم الرسالة".

زيلينسكي اضطر للتراجع وأقر قانونا يحفظ استقلالية هيئات مكافحة الفساد (وكالات)كاشف الكذب

وفي مواجهة الغضب اضطر الرئيس إلى التراجع وضم مكتب مكافحة الفساد الوطني (نابو) والمكتب الخاص للمدعي العام لمكافحة الفساد (سابو) إلى صياغة النسخة الجديدة من القانون.

واستعاد الاثنان استقلالهما الكامل مع تعديل وحيد يقر بأن جميع موظفيهما الآن يجب أن يخضعوا لاختبار كشف الكذب للتحقق من عدم تأثير قوة أجنبية عليهم.

إعلان

وقد تم احتجاز محققين من مكتب مكافحة الفساد الوطني في 21 يوليو/تموز الماضي، بتهمة التواطؤ مع الأجهزة الروسية على الرغم من أن جهاز الاستخبارات لم يقدم أدلة رسمية.

ويؤكد رئيس المكتب الخاص للمدعي العام لمكافحة الفساد ألكسندر كليمنكو -خلال لقاء مع صحف أجنبية، من بينها صحيفة ليبراسيون- أن "ذلك كان ذريعة فقط"، ولا سيما أن إجراء اختبار كشف الكذب كان معمولا به سابقا.

وبعد فشل ما سماه "الهجوم السريع" يتوقع كليمنكو استمرار الضغوط، لأن "الخطة الأصلية لأولئك الذين بدؤوها لا تزال كما هي"، وهي تقليص استقلال الهيئتين أو تقويض فعاليتهما بإضعاف الموظفين.

ويضم مكتب مكافحة الفساد الوطني اليوم 270 محققا، في حين يضم المكتب الخاص للمدعي العام لمكافحة الفساد 40 مدعيا عاما مستقلا، ولا تُجري الوكالتان تحقيقات إلا في قضايا تتجاوز المصالح فيها 40 ألف دولار.

ويشرح كليمنكو "نحن نعمل فقط على القضايا الكبرى"، لكن محاولة السيطرة التي حصلت خلال الأيام الماضية سببت بالفعل أضرارا في سير العمل.

ويحذّر كليمنكو "خلال أسبوعين توقف المبلغون عن المخالفات عن التعاون معنا، وستكون للعواقب آثار كبيرة".

الأوكرانيون احتجوا بشدة على محاولة تقييد هيئات مكافحة الفساد (أسوشيتد برس)71 نائبا قيد التحقيق

ويقول ألكسندر كليمنكو "خلال 3 سنوات من الحرب وجهنا الاتهام إلى رئيس لجنة مكافحة الفساد، وحققنا مع نائبي رئيس الوزراء ورؤساء المحكمة العليا ونائب في مكتب الرئاسة والعديد من النواب، لقد أثبت المكتب الوطني لمكافحة الفساد والمكتب الخاص للمدعي العام لمكافحة الفساد فعاليتهما، وعملهما له تأثير وقائي كبير على الفساد".

وأوضح أن 71 نائبا في البرلمان الأوكراني يخضعون حاليا لتحقيقات المكتب الوطني لمكافحة الفساد، منهم 31 من البرلمان الحالي.

كما أن المحققين المحتجزين كانا يحققان بالفعل مع مقربين من السلطة، و"أولئك الذين خططوا لقانون 22 يوليو/تموز كانوا دائرة ضيقة جدا من الأشخاص" الذين قد يعاودون المحاولة بطريقة أو بأخرى.

وأشار الكاتب إلى ضرورة مراقبة نتائج الاستطلاعات القادمة عن كثب، لأن زيلينسكي لا يستطيع الهروب من الغضب إلى الأبد.

ويعتقد فاليري بيكار -وهو رائد أعمال وأستاذ في جامعة أكاديمية موهيلا- أن "هناك انفصالا بين زيلينسكي والمجتمع الأوكراني، ففي نظر زيلينسكي غياب الانتقادات والمظاهرات يعني عدم وجود انتقادات".

ووفقا لهذا المختص في تحولات أوكرانيا المعاصرة، "فقد زيلينسكي جزءا من شرعيته في هذه القضية، لا يزال الرئيس الشرعي، لكن الشرعية تتعلق بالانتخابات والأخلاق في السياسة، أما لحكم بلد في زمن حرب فتحتاج إلى شرعية كاملة لتثبيت نفسك قائدا أخلاقيا".

حالة تردد

بدوره، يرى المؤرخ ياروسلاف هريتساك أن "مستوى الفساد انخفض في أوكرانيا، لكن عدم التسامح مع الفساد ازداد في زمن الحرب، ويعتقد الأوكرانيون أن الفساد هو أكبر مشكلة حتى أكثر من الحرب نفسها".

ويخشى هريتساك من أن زيلينسكي وأعضاء دائرته المقربة يتجاهلون الشعور بالظلم الناتج عن التضحيات التي قدمها الشعب ووجود مجموعة من المستفيدين من الحرب.

إعلان

وأضاف "يدرك الناس أن هذه المظاهرات في زمن الحرب خطيرة، وهناك حد معين لا ينبغي تجاوزه"، لكنه يرى أن حكومة زيلينسكي ليست الحكومة التي ستُحدث إصلاحات عميقة في البلاد، وأن مشروعا سياسيا جديدا ومبتكرا سينبع في نهاية المطاف من المجتمع المدني.

ويأتي هذا التردد الداخلي في ظل ضغوط متزايدة من الولايات المتحدة على روسيا.

ويوم الجمعة الماضي أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن شروط "السلام الدائم" لا تزال كما هي، مؤكدا مطلب التنازل الكامل عن 5 مناطق أوكرانية، ووقف الدعم العسكري الغربي لكييف، والامتناع النهائي عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وفي هذا السياق، يدعو العديد من المراقبين وقادة المجتمع المدني الآن زيلينسكي إلى تغيير "المسار السياسي" داخليا، إذ لا يستطيع الرئيس أن يقطع علاقته بأهم وأفضل حليف له من أجل النجاة من تحدي الكرملين، وهو الشعب الأوكراني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات شفافية مکافحة الفساد فی أوکرانیا من الحرب

إقرأ أيضاً:

هيئة مكافحة الفساد تعلن عن تخصيص رقم مجاني لاستقبال البلاغات عن قضايا الفساد

الثورة نت /..

أعلنت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، عن تخصيص الرقم المجاني (8000118) لاستقبال البلاغات عن قضايا الفساد المالي والإداري وحالات الكسب والإثراء غير المشروع.

وأوضحت الهيئة، أن ذلك يأتي في إطار جهود مكافحة الفساد بكافة أشكاله وتعزيز مبادئ النزاهة كمسؤولية دينية ووطنية ومجتمعية مشتركة.

وأشارت إلى أن ذلك يأتي أيضاً، تنفيذاً لأحكام القانون رقم 39 لسنة 2006 بشأن مكافحة الفساد ولائحته التنفيذية، والقانون رقم 30 لسنة 2006 بشأن الإقرار بالذمة المالية والقوانين ذات الصلة، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2022 – 2026، والموجهات العامة لحكومة التغيير والبناء.

ودعت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، المواطنين والموظفين إلى الشراكة الفاعلة في جهود مكافحة الفساد، والإبلاغ عن أي جرائم فساد عبر الرقم المجاني 8000118.

مقالات مشابهة

  • اليوم العالمى لمكافحة الفساد.. جرائم تختص بها هيئة الرقابة الإدارية
  • محافظ الإسكندرية: مكافحة الفساد ركيزة لبناء دولة حديثة تعلي سيادة القانون والانضباط
  • وزير العدل يشيد بالقضاة ويبرز إنجازات الوزارة في مكافحة الفساد وتفعيل التحقيقات
  • وزارة الصحة تناقش مع هيئة مكافحة الفساد تفعيل الخط المجاني وتعزيز النزاهة
  • الإمارات تحتفي باليوم العالمي لمكافحة الفساد
  • وليد المصري: اليوم العالمي لمكافحة الفساد محطة وطنية لتعزيز النزاهة وترسيخ سيادة القانون
  • مناقشة أوجه التعاون بين الشؤون الاجتماعية وهيئة مكافحة الفساد
  • هيئة مكافحة الفساد تطلق خطاً مجانياً لتلقي بلاغات المواطنين
  • هيئة مكافحة الفساد تعلن عن تخصيص رقم مجاني لاستقبال البلاغات عن قضايا الفساد
  • تقرير: أوكرانيا على "حافة الانهيار" وبوتين لن يتراجع