بعد تسجيل مئات الجرائم الطقسية.. روسيا تعلن الحرب على عبدة الشياطين
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
أصدرت روسيا "تشريعا" لواحد من أكثر الملفات المثيرة للجدل داخل المجتمع عبر إقرار المحكمة العليا تصنيف "حركة الشيطانية الدولية" منظمة متطرفة وحظر أنشطتها في البلاد.
وعقدت جلسة النظر في القضية خلف الأبواب المغلقة ودون ذكر لأسباب اعتبار هذه الحركة متطرفة، حيث لم تُعلن مواد القضية علنا، كما لم يُسمح للصحفيين إلا بحضور إعلان الجلسة الختامية.
وقبل ذلك، كان مجلس الدوما (البرلمان) عقد مائدة مستديرة في أبريل/نيسان الماضي حول انتشار "عبادة الشيطان" وغيرها ممن وصفها بالحركات والأيديولوجيات الهدامة، كاجتماع تمهيدي لفريق العمل المعني الذي وضع تعديلات على التشريعات الروسية في هذا المجال.
كما استبق الادعاء العام جلسة المحكمة العليا بتوضيح مفاده أن "الحركة تقوم على أيديولوجية متطرفة وكراهية وعداء تجاه المذاهب الدينية التقليدية"، مضيفا أن أعضاء الحركة يدعون علنا إلى "تدمير الكنائس الأرثوذكسية وتدنيسها، ويمارسون طقوسا غامضة، بما في ذلك جرائم قتل طقسية ويستندون في مفاهيمهم إلى منشورات تُعتبر متطرفة".
ولفت الادعاء العام كذلك إلى أن عبدة الشيطان "يرتبطون ارتباطا وثيقا بمظاهر القومية المتطرفة والنازية الجديدة".
ورغم القرار، فإن أتباع الحركة ما زالوا نشطين، على الأقل على الإنترنت. فقد انتقلوا من العمل الدعائي على مجموعات تطبيق "فكونتاكتي" إلى "تلغرام"، حيث يواصلون فتح قنوات بديلة للقنوات المحظورة.
وفي إحدى هذه القنوات كتب مستخدم يُلقب بـ"المدنس": "يا عبدة الشيطان، حان وقت التوحد، حان وقت فتح أعينكم بالقوة. كونوا رسل الحقيقة حان وقت الاستيقاظ".
وأضاف أنه يشعر بالغضب من كون منشورات الإعلام الرسمي "مليئة بالتشهير والتجريم والاستفزازات، بالإضافة إلى التقارير الكاذبة عن قداديس السود والقرابين وطقوس القتل".
إعلانويأتي ذلك رغم أن وسائل إعلام روسية، ولدحض هذه الاتهامات، نشرت مقاطع فيديو تُظهر أعمالا انتقامية وحشية ضد حيوانات أليفة، وخاصة القطط، وأظهرت تعليقات لأكثر من 3 مشتركين على شاكلة: "أبحث عن حيوان لأقتله"، و"أحرقت قطة" و"أبحث عن بضاعة للقتل" وغيرها من التعليقات المشابهة.
خطر التفشيالباحث في الدراسات الاجتماعية فلاديمير كوشول قال إن حركة عبدة الشياطين تشكل تهديدا خطيرا للمجتمع، عادة ما يبدأ ممارسة طقوس تبدو بريئة ثم تتحول مع الوقت إلى جرائم قتل وحشية للبشر والحيوانات.
ولفت في حديث مع الجزيرة نت إلى أن عرض الأفلام ذات "التوجه الشيطاني" والترويج للكتب عن الشيطانية لم تكن تثير في البداية اهتمام الغالبية الكبرى من المواطنين ولا حتى الجهات المعنية بمواجهة الأخطار الفكرية داخل المجتمع، قبل أن يتم الكشف عن ارتكاب عبدة الشيطان نحو 300 جريمة قتل طقسية على مدار الـ30 عاما الماضية.
وتابع بأن القضية بدأت تأخذ أبعادا جديدة مع تكاثر محاولات تدمير المعتقدات التقليدية في روسيا، "وتلقي الكثير من المناشدات من المواطنين حول حفلات جنس شيطاني في موسكو والعديد من المدن الروسية، كأحد مظاهر الانحراف عن القيم التقليدية، التي يحاول عبدة الشيطان تدميرها".
كوشول أوضح بأن هذه الحركة "تتبنى أيديولوجية خطيرة مُعادية للبشرية قائمة على تبرير الشر"، مطالبا بأن يتم تعديل قانون حرية الضمير وكذلك على قانون المعلومات لحظر الحركات والمواد المُدمرة، وإعداد تعديلات على قانون التجارة "بحيث لا تُباع السلع التي تحمل هذه الصور المُدمرة، وأن أنباء جرائم القتل الطقسية الدموية قد روعت البلاد مرارا وتكرارا".
وتساءل المتحدث، "إذا كان هؤلاء يرتكبون هذه الجرائم البشعة حتى الآن، فماذا سيحدث إذا وصلوا إلى السلطة؟".
رموز ومؤثراتمن جانبه، قال الكاتب في شؤون الحركات السرية وغير التقليدية أيغور فاسيلييف، بأن لعبادة الشيطان جذورا تاريخية ضاربة في القدم، "وقد بلغ الانبهار بعبادة الشيطان ذروته في منتصف القرن الـ17 في أوساط علمانية رفيعة المستوى، لكن هذه الظاهرة لم تكن وازنة في أي مرحلة من مراحل التاريخ الروسي القديم والمعاصر".
وأضاف للجزيرة نت بأنه "بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وتغلغل المفاهيم الغربية "المنحرفة" وضعف المناعة الاجتماعية لدى المواطنين نتيجة حالة الفوضى وفقدان البوصلة القيمية التي استمرت لسنين، بدأت هذه الحركات بممارسة أنشطتها الخاصة في شكل مجموعات نخبوية سرية، تجند أنصارها بشكل رئيسي في حفلات موسيقى الروك، لا سيما بين محبي الأحاسيس الحادة والمشكوك فيها أخلاقيا" -على حد وصفه-.
وتابع بأن أتباع هذه المجموعات يستخدمون عبارات سرية للتواصل، "على سبيل المثال: عبارة "طريق مرصوف بالطوب الأصفر"، التي لن تعني شيئا لغير المطلعين، لكن الشيطاني سيفهمها فورا، إذ تعني الطريق إلى تحقيق الرغبات".
إعلانفاسيلييف قال إن تمدد هذه الجماعات في روسيا "ترافق مع استخدام المخدرات والمؤثرات العقلية ونشر الأدب الشيطاني على نطاق واسع، ومن خلال تنظيم حفلات موسيقى الروك وأساليب أخرى، وصولا إلى استخدام القرابين الدموية وعمليات القتل المؤلمة الطقسية للبشر والحيوانات".
ووفقا له، فإن هذه الأساليب هي سلسلة متدرجة لا تحمل دلالات واضحة وتبدو في الظاهر ترفيهية ومجرد "لعبة مثيرة" لكنها تهدف إلى تجنيد الأتباع الجدد وجذبهم.
الكاتب في شؤون الحركات السرية وغير التقليدية أورد أمثلة على ذلك، كالترويج للانتحار، والقتل الطقسي، وتقطيع الأوصال، "حيث يُطرح الانتحار كرد فعل على مشاكل الحياة، بينما يعبر القتل عن نوع من الطقوس أو الفعل الذي ينم عن الشجاعة والحماسة التي تؤدي إلى التنفيس عن النفس".
وأشار في السياق إلى أن أغاني "الروك الأسود" التي تشيد بالانتحار، كأغنية "الحل هو الانتحار" و"اقتل نفسك لتعيش" التي عادة ما يترافق الاستماع لها مع تعاطي المخدرات المهلوسة كطريق نحو الانضمام إلى مجموعة شيطانية.
وبحسب فاسيلييف، فإن الحظر التشريعي للحركة في روسيا "لن يوقف نشاطها بشكل تام، لأنها تملك خبرة تاريخية ودولية كبيرة في التخفي والعمل السري، وتعمل ضمن تسلسل هرمي صارم يقسم الأعضاء حسب المهنة إلى متخصصين في السحر، فضلا عن ارتباطها بحركات أجنبية مشابهة، بما في ذلك تلك الخاضعة لسيطرة أجهزة استخبارات أجنبية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات عبدة الشیطان فی روسیا
إقرأ أيضاً: