طمئنونا.. إن كنتم على قيد الحياة!
تاريخ النشر: 13th, August 2025 GMT
محفوظ بن راشد الشبلي
يسألني دائمًا شخص عندما أُقابله عن أحوال شخصٍ آخر ويوصيني بالسلام عليه، عِلمًا بأنني أعي أن ذلكم الشخصين كانت تربطهما صداقة قوية ويبدو أنهما أصبحا لا يلتقيان، وفي آخر مرة عند لقائي به سألني هل ذلك الشخص لا زال على قيد الحياة، فاستوقفني سؤاله هذه المرّة عن أسئلته السابقة، وحَملني السؤال نفسه عن كثير من البشر الذين أصبحنا لا نعي إن كانوا فعلًا على قيد الحياة أم أنهم رحلوا.
أشخاص غادروا حيّهم القديم وسكنوا في أحياء أُخرى ولا نعي عنهم شيئاً، ولا حتى يزورون قريتهم وناسهم ومكان مولدهم ولا يسألون عن ساكنيها وعن جيرانهم وعن صحبهم السابقين، وأشخاص هجروا أماكن كانوا يُداومون ارتيادها ويلتقون فيها بأصحابهم وغادروها وأصبحوا لا يسألون عنها وعن ناسها، وأشخاص تقاعدوا من عملهم ولا تجد لهم حضورا ولا تسمع لهم صوتًا ولا تعي عنهم خبرا، وأشخاص كانوا يُصلّون في مسجد اعتادوا عليه يلتقون فيه بالمصلين ويتبادلون معهم السلام وأحوال الدنيا فيها فغادروا تلك المساجد ولا أحد يعي عنهم خبرا، وآخرون غادروا مجموعات في مواقع التواصل الاجتماعي ولا يُعرف عنهم شيء وكما قيل لا حسٍ ولا خبر، ويبقى السؤال نفسه يُراود الفكر هل أولئك الأشخاص لا زالوا أحياء أم أنهم رحلوا.
علامات الاستفهام وغرابة غياب بعض البشر تدعو للتساؤل عنهم، هل هي عِزلة عن الناس أم هي انتكاسات صحية لديهم منعتهم من الزيارة أو حتى عن السؤال، هل هو عُلو وتكبّر على الغير، أم هو مرض نفسي ينتاب البعض ليصل بهم لتلك العزلة التي تدعو للتساؤل عنهم بحجم تلك الأسئلة.
يسألني البعض: لِما لا تسألون عَمّن غاب؟ والجواب يأتيك على لسان كثير ممن طرحنا عليهم السؤال نفسه بالتردد للأماكن التي يعرفونها عنهم، وبالزيارات والوصاية لهم، ولكن لا يجدونهم ولا يعاودون التواصل مع من تواصل معهم رغم وضع وصاية على رد السؤال للاطمئنان عليهم، مع العِلم أنه لا يوجد خلاف بينهم وبين الآخرين عندما تحرّينا الأمر إن كان حدث بقصد أو بدون قصد.
إذن.. الأمر غريب ومُبهم في عِزلة بعض البشر وانطواءهم الغير مفهوم؛ بل إن علماء النفس يصنفون تلك الفئة بأنهم انعزاليين نفسيًا لأسباب متعددة، منها دخولهم في عالم غير عالمهم المعتادين عليه والذي وجدوا فيه ميول لغرائز نفسية ساقتهم له أنفسهم وساعدوهم به ناسٍ آخرين غير ناسهم السابقين وبسببه يتوارون عن أقرانهم كي لا يكتشفون تغيرهم وبه يسلكون دروب العزلة عن البشر، ويعود الأمر للبعض منهم حبهم لتغيير أقرانهم وأماكنهم السابقة ليعيشوا في عالم آخر يجدونه مناسبًا لهم، وبعضهم ينساق لأمور لا نفهمها ولا نعلمها ولأسباب لا يفقهها سواهم.
ونستخلص من هذا الأمر هو أن الإنسان يكون أحيان مجهول الهوية حتى في داخل نفسه ولا يعلم كيف تسوقه أحداث الحياة ومتغيراتها لتُشكّله وتُبدله لإنسان آخر غير الذي اعتادوا عليه الناس، وينسى نفسه وناسه وأماكنه وأرضه السابقة عندما يجد له بيئة حاضنة له ولانسياقاته الفكرية والحِسّية داخله، وتبقى عودته لوضعه السابق خارج اهتمامه حتى بمجرد السؤال عن الغير، ويبقى غيابهم يُراود ذهن من عاشروهم وعاشوا معهم وربطتهم بهم ذكريات جميلة، ومن حبهم لهم يسألون عنهم دائمًا كلما لاحت ذكراهم، ويبقى كما قيل حجة الغائب معه، وإن كانوا بخير فذلك ما نرجوه، ويبقى السؤال نفسه يراودنا: طمئنونا إن كنتم على قيد الحياة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ضبط 192 ألف قرص مهلوس وإنقاذ 562 شخصا كانوا على متن قوارب تقليدية
أوقف الجيش الوطني الشعبي، في إطار محاربة الجريمة المنظمة 51 تاجر مخدرات وإحباط محاولات إدخال 4 قناطير و7 كيلوغرام من الكيف المعالج عبر الحدود مع المغرب. وضبط 2.52 كيلوغرام من مادة الكوكايين و192057 قرص مهلوس. كما تم توقيف 306 أشخاص وضبط 33 مركبة و 172 مولدا كهربائيا و 96 مطرقة ضغط. بالإضافة إلى كميات من خليط خام الذهب والحجارة وتجهيزات تستعمل في عمليات التنقيب غير المشروع عن الذهب. بكل من تمنراست وبرج باجي مختار وإن صالح و إن قزام وإليزي. ومن جهة ثانية، تم توقيف 13 شخصا آخر وضبط 3 بنادق صيد و 16005 لتر من الوقود، بالإضافة إلى 16 قنطار من مادة التبغ. وهذا خلال عمليات متفرقة. إحباط حراس السواحل لمحاولات هجرة غير شرعية بالسواحل الوطنية وإنقاذ 562 شخصا كانوا على متن قوارب تقليدية الصنع. توقيف 718 مهاجر غير شرعي من جنسيات مختلفة عبر التراب الوطني.