عُمان واستقطاب وتهجير الكفاءات
تاريخ النشر: 16th, August 2025 GMT
خلفان الطوقي
كثير من دول العالم تستقطب الكفاءات، وتشرع بعض السياسات لإنجاح مثل هذه المبادرات، وهناك أمثلة لدول قامت بذلك، أذكر منها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وكندا وغيرها من الدول الأوروبية. وهناك أيضًا دول عربية، بل وخليجية، قامت بالمثل، مثل المملكة العربية السعودية ودولة قطر والإمارات العربية المتحدة.
في عُمان، هناك برنامج "الإقامة الذهبية" شبيه بما هو مطبَّق في بعض الدول، ولكن ما يتم تداوله في بعض الأوساط أن هناك هجرة لبعض الكفاءات من الوافدين لأسباب عديدة. وبعد استطلاع شخصي، فإن هناك من يرى أنهم شعروا بأنهم غير مرحَّب بهم، ولو بطريقة غير مباشرة، من خلال حملة التعمين والتوطين. وهناك من يرى أن فرص النمو وتوسيع تجارته غير واردة، والبعض الآخر يشتكي أن الوقت قد حان للرحيل قبل تطبيق ضريبة الدخل الشخصي عليه. كما ترى فئة أخرى أن هناك حملة تنمُّر ضدهم في وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تجد من يتصدّى لها من الجهات المعنية، معتبرة أن هذه مجرد مؤشرات لما هو أصعب في قادم الوقت.
أيًّا كانت أسباب هذه الهجرة، مقصودة أم غير مقصودة، فإن الكفاءات البشرية الوافدة تظل في غاية الأهمية حيثما وُجدت. وأهم ما يميّزها: نقل الخبرات والمهارات والمعرفة إلى مواردنا البشرية الوطنية، وتعزيز التنافسية لمؤسسات القطاع الخاص ومن ثم على مستوى الدولة، ورفع مستوى الإنتاجية والجودة، وتلاقح الأفكار ووجهات النظر لأجل ديمومة التنافسية والانفتاح، وخلق فرص وآفاق أرحب لصالح المجتمع تمتد على مستوى الدولة. وأخيرًا، أضف إلى ذلك أنهم ينضمون إلى الفئة الوسطى في المجتمع، وهم الأكثر صرفًا ماليًا في حياتهم اليومية، مما يسهم في ضمان استقرار المستوى الاجتماعي للبيئة التي يعيشون فيها.
التعمين والتوطين، وإن كان في جوهره محمودًا وذا نية حسنة، إلّا أن تنفيذه إذا جاء متسرّعًا، غير مدروس في بعض جوانبه، وغير متدرج، أو نتيجة ردّة فعل؛ فإن آثاره ستكون مكلفة ومؤلمة، وسيدفع الجميع ثمنها الباهظ ولو بعد حين. وأيّ معالجات لاحقة قد تعيدنا إلى المربع الأول.
التعمين أو التوطين، مهما كان، ووسط ضغوط مجتمعية، على الحكومة أن تنظر إليه من مختلف الزوايا لا من زاوية واحدة؛ لأنها تملك المعلومات والإحصاءات، ولديها المنظِّرون والمفكرون والباحثون والمشرّعون، الذين يمكنهم دراسة إيجابيات وسلبيات كل قرار، ومعرفة آثاره وعواقبه المستقبلية.
علينا قراءة الواقع بدقة، ويمكننا أن نقارن بين الدول التي استقطبت الكفاءات من كل دول العالم واستفادت منها وتعايشت معها وتطورت معًا، وبين الدول التي تقوقعت على نفسها وتخوّفت من كل شيء، فتسبّبت في رحيل الوافدين عنها بشكل مباشر أو غير مباشر، ثم برّرت انغلاقها لتطمئن نفسها. فأيُّ فئة من الدول نريد أن نكون؟
إن كانت لي حرية الاختيار، فإنني أتمنى أن نكون من فئة الدول التي تحافظ على الكفاءات المؤهلة الموجودة بيننا، وتعمل جنبًا إلى جنب مع الموارد البشرية العُمانية للاستفادة منها. بل وأشجّع بلدي على استقطاب الكفاءات النادرة التي نحتاجها فعليًا بعد القيام بالتشخيص اللازم، والتي ستفتح لنا مزيدًا من الآفاق والفرص الوظيفية والتأهيلية المستقبلية، دون هواجس مبالغ فيها، أو شكوك واهية في كثير من الأحيان، أو تردّد يعطّلنا عن اللحاق بركب التطور، أو مخاوف غير مبرَّرة.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حماس: إعلان سموتريتش عن خطته تمثل مخطط ضم وتهجير ومنع دولة فلسطينية
غزة - صفا
قالت حركة حماس إن إعلان وزير المالية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، المتطرف بتسلئيل سموتريتش، عن خطته الاستيطانية المسماة E1، والتي تتضمن بناء أكثر من (3400) وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "معاليه أدوميم" بالقدس المحتلة، تمثل خطوة خطيرة تهدف إلى قطع التواصل الجغرافي بين مدينتي رام الله وبيت لحم، وعزل القدس عن محيطها الفلسطيني، ضمن مخطط الاحتلال الرامي إلى الضم والتهجير ومنع إمكانية إقامة دولة فلسطينية.
وأضاف بيان للحركة الخميس أن هذه الخطة الإجرامية تكشف عن الوجه الحقيقي للحكومة الصهيونية باعتبارها حكومة احتلال استعمارية متطرفة، لا تفهم إلا لغة القتل والإبادة والتهجير ومصادرة الأراضي، وتؤكد مرة تلو الأخرى استهتارها بالقانون الدولي والقرارات الأممية التي تجرّم الاستيطان.
وأكد بيان الحركة أن مخططات حكومة الاحتلال الفاشية ستفشل أمام صمود شعبنا الفلسطيني وإرادته الراسخة في التمسك بأرضه وحقوقه المشروعة، وأن محاولات فرض الأمر الواقع لن يمنح الاحتلال أي شرعية، وأنه مهما أوغل في بطشه فإنه لن ينال من عزيمة أبناء شعبنا في الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم.
وطالب البيان المجتمع الدولي، بكل هيئاته، وكافة المؤسسات الحقوقية وأحرار العالم، بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية والتحرك الفوري لوقف هذا المخطط الاستعماري الخطير، وفرض عقوبات رادعة على حكومة الاحتلال ووزرائها الإرهابيين.
كما دعت حماس القوى الفلسطينية كافة إلى النفير للتصدي لهذا المخطط الخطير، والتوحُّد خلف خيار المقاومة.