في 15 آب/أغسطس 2021، دخل مقاتلو حركة طالبان العاصمة كابل دون مقاومة تُذكر، معلنين نهاية حكم جمهورية أفغانستان الإسلامية بقيادة الرئيس السابق أشرف غني، المدعومة من الغرب، وهروب الأخير إلى خارج البلاد. 

ومع انسحاب القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة، بدأت مرحلة جديدة في التاريخ الأفغاني، حملت تغييرات جذرية، وتحديات ضخمة أمام الحركة لتحويل نفسها من قوة مسلحة إلى سلطة حاكمة تدير دولة متعددة الأعراق والثقافات، وتواجه أزمات اقتصادية واجتماعية متفاقمة.



اليوم وبعد مرور أربع سنوات على سيطرة طالبان على العاصمة وبقية الأراضي الأفغانية، تتجدد الأسئلة حول مدى نجاح الحركة في تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، ومدى قدرتها على إدارة اقتصاد منهك، وتأمين حقوق المواطنين الأساسية، خصوصاً النساء والفتيات، في ظل عزلة دولية خانقة.

"طالبان تمنع النساء من التحدث مع بعضهن"

تصدر هذا الخبر الكثير من وسائل الإعلام الأمريكية والغربية،

في الوقت نفسه التي تفتح فيه أحد النساء الأفغانيات "مطعمًا" خاصًا للنساء في ولاية #بدخشان

برأيك؛ هل ستجلس النساء في المطعم صامتات؟
أم وسائل الإعلام تحترف الكذب والتضليل ولماذا؟… pic.twitter.com/pDYjjdrySh — أفغانستان بالعربي (@afghanarabc) November 5, 2024
احتفالات الذكرى الرابعة 
أحيت طالبان، أمس الجمعة، الذكرى الرابعة لعودتها إلى السلطة، عبر تنظيم مسيرات في مدن عدة، أبرزها كابل، حيث ألقيت الزهور من مروحيات الحركة، ورفعت أعلام "إمارة أفغانستان الإسلامية" البيضاء والسوداء في شوارع العاصمة. كما تجمّع عناصر من الحركة مساء الخميس الماضي في ساحة قريبة من السفارة الأمريكية المغلقة، رافعين الأعلام ومطلقين الأسهم النارية.

وبرغم الاحتفالات، أُلغي هذا العام العرض العسكري الذي أقيم العام الماضي في قاعدة باغرام الجوية، والتي كانت مقر العمليات الأمريكية، دون تفسير علني. وتمثل هذه الخطوة انعكاسا للواقع السياسي الراهن، الذي يعكس عزلة الحركة الدولية وحذرها من أي استعراض قد يثير الانتقادات خارجية.

من جهة أخرى، أعلنت روسيا أول اعتراف رسمي بحكومة طالبان، وهي خطوة دبلوماسية محدودة تأمل الحركة أن تحذو حذوها دول أخرى، لكنها لم تحقّق اختراقاً واسعاً على صعيد الاعتراف الدولي، إذ ما تزال الولايات المتحدة ودول غربية كبرى ترفض تطبيع العلاقات مع الحكومة الحالية.

قامت القوات الجوية الأفغانية اليوم بنثر الأزهار فوق أهالي العاصمة #كابول، وذلك احتفالا بالذكرى الرابعة لانتصار الشعب الأفغاني على الاحتلال الأمريكي.#اسد۲۴pic.twitter.com/OpqXuFVrXa — خالد أنس الأفغاني (@khalidanas41) August 15, 2025
الشعب الأفغاني في كل ولاية من ولايات #أفغانستان يحتفل اليوم بنصره العظيم على الاحتلال الأمريكي.#اسد۲۴pic.twitter.com/P0Q0lNzr96 — خالد أنس الأفغاني (@khalidanas41) August 15, 2025
الجنائية الدولية تطلب قادة
تواجه حكومة طالبان انتقادات واسعة بسبب سياساتها المتشددة تجاه النساء والفتيات، حيث تُمنع من معظم مراحل التعليم والعمل، والتوجه إلى الحدائق والصالات الرياضية، والسفر دون قيود.

وفي تموز/يوليو الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق اثنين من كبار قادة الحركة، هما زعيمها هبة الله آخوند زاده ورئيس المحكمة العليا السابقة عبد الحكيم حقاني، بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" على خلفية اضطهاد النساء والفتيات.

وأكدت المحكمة أن طالبان فرضت قيوداً صارمة على النساء لأسباب تتعلق بالنوع الاجتماعي، وحرمتهن من حقوقهن الأساسية في التعليم، والحياة الأسرية، والتنقل، والتعبير، والفكر، والدين.

واعتبرت لجنة خبراء مستقلون عينها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن طالبان "تعمل دون شرعية وتفرض نظاماً قمعياً استبدادياً"، داعين المجتمع الدولي إلى رفض تطبيع العلاقات معها.

ومن بين أبرز التحديات التي تواجه الحركة منذ توليها السلطة غياب دستور معتمد يحدد هوية الدولة ويؤطر عمل مؤسساتها، ويحكم النظام السياسي في البلاد.

ويعمل النظام الحالي في إطار "حكومة تصريف أعمال" غير مكتملة، ما يعكس حالة من عدم الاستقرار المؤسسي ويعمّق أزمات الشرعية والفعالية الحكومية. ويعقد هذا الغياب جهود طالبان لرفع الحصار الدولي والحصول على اعتراف دبلوماسي، ويزيد من صعوبة إدارة الدولة بكفاءة.

#موقف_الأحرار ????
إمارة أفغانستان الإسلامية تعلن بشكل رسمي عدم التزامها باتفاقية روما، ولا ترى نفسها مسؤولة أمام قرارات المحكمة الجنائية الدولية. pic.twitter.com/rB1FoAFXtx — خالد أنس الأفغاني (@khalidanas41) February 20, 2025
الاقتصاد المنهك وجمود المساعدات
وعلى الرغم من تصريحات الحركة عن "تحسن ملحوظ" في الاقتصاد، إلا أن الواقع يظهر أزمة نقدية حادة. ففي شباط/فبراير 2024، أكّد نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الملا عبد الغني برادر أن بعض البنوك تواجه مشاكل في السيولة، ودعا مالكيها للعودة لدعم القطاع المالي المحلي.

وأظهر تقرير للبنك الدولي أن إجمالي الودائع في القطاع المصرفي تراجع بنسبة 9% عام 2022، قبل أن يبدأ تعافياً طفيفاً بنسبة 5.2% عام 2023. 

ويزيد من حدة الأزمة تجميد احتياطيات البنك المركزي في الخارج، والتي تبلغ نحو 9.5 مليارات دولار، منذ سيطرة طالبان على الحكم، مما يحد من قدرة الحكومة على ضخ السيولة ودعم المشاريع التنموية.

كما فرضت الحكومة قيوداً على السحب من البنوك، مع تحديد سقوف أسبوعية لحسابات الدولار والعملات المحلية، مما أثر على قدرة المواطنين في الوصول الكامل لأموالهم وزيادة اعتمادهم على التحويلات والدخل غير الرسمي.


ارتفاع الأسعار والأمن الغذائي
وتعاني الأسر الأفغانية من ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والكهرباء والمواد الطبية، مما يفاقم الضغوط على ذوي الدخل المحدود.

ووفق دراسة حديثة من "مركز الدراسات الاقتصادية الأفغاني"، يواجه نحو 60 بالمئة من السكان صعوبة في تأمين الغذاء اليومي، فيما انخفض متوسط الاستهلاك الفردي بنسبة 30 بالمئة منذ 2021.

كما حذر برنامج الأغذية العالمي من أن واحداً من كل خمسة أفغان يعاني من الجوع، وأكد أن نحو 10 ملايين شخص، أي ربع السكان، يواجهون انعداماً شديداً للأمن الغذائي، وأن الأطفال والنساء والعائدون من الدول المجاورة هم الأكثر تضرراً. 

وأضاف البرنامج أن استمرار تدفق العائدين من إيران وباكستان يزيد الضغوط على الموارد المحلية، داعياً لتقديم مساعدات عاجلة بقيمة 25 مليون دولار على الأقل لتلبية الاحتياجات الإنسانية.

ويعاني الشباب الأفغاني من بطالة تصل إلى نحو 16.7%، ويعمل جزء كبير منهم في وظائف غير رسمية أو موسمية. وسعت الحكومة لتخفيف البطالة عبر برامج إرسال العمالة إلى الخارج، خصوصاً إلى قطر، حيث تم تسجيل نحو 1800 عامل أفغاني ضمن 22 فئة وظيفية تشمل الهندسة والكهرباء والصيانة والطهي وخدمات الفنادق.

كما تمركزت جهود الحكومة في توفير فرص عمل للعائدين من إيران وباكستان، لكن العائدين المسنين والنساء يعانون نقصاً في فرص العلاج والعمل، مما ينذر بأزمة صحية واجتماعية متفاقمة.

مشاريع تنموية محدودة
ورغم التحديات، تمكنت طالبان من تمويل بعض مشاريع البنية التحتية من الميزانية الوطنية، مثل سد "باشدان" في ولاية هرات بتكلفة 117 مليون دولار لتوفير المياه والكهرباء لأكثر من 13 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، ومشروع "قناة قوش تيبه" شمالي البلاد لتحويل الأراضي الصحراوية إلى أراضٍ زراعية خصبة. كما أطلقت الحكومة مشاريع لإعادة تأهيل الطرق وتوسيع شبكات الري وتشجيع الاكتفاء الذاتي في الإنتاج الغذائي.

ورغم هذه الجهود، لا تزال البلاد تعتمد على استيراد نحو 80% من احتياجات الكهرباء من الدول المجاورة، بتكلفة سنوية بين 220 و280 مليون دولار، ما يجعل مشاريع الطاقة المتجددة (المائية والشمسية والرياح) حاسمة لتقليل الاعتماد على الخارج.

#هام
???? تم اليوم توقيع اتفاقية بين رئيس مجموعة عزيزي ووزير الطاقة في الإمارة الإسلامية لتوليد 10 آلاف ميغاواط من الكهرباء بتكلفة إجمالية قدرها 10 مليارات دولار.
سيوفر هذا المشروع 150 ألف فرصة عمل للمواطنين الأفغان، ومن المتوقع أن يُستكمل تنفيذ المشروع خلال فترة تتراوح بين 7 و10… https://t.co/5DgGQRXAl2 pic.twitter.com/hwcGSQuYFY — خالد أنس الأفغاني (@khalidanas41) August 2, 2025
العلاقات الخارجية والاعتراف الدولي
وفيما يتعلق بالعلاقات الدولية، لم تعترف سوى روسيا رسمياً بحكومة طالبان، ورفعت الحركة من قائمة المنظمات الإرهابية، فيما تواصل الحكومة محاولات توسيع علاقاتها الدبلوماسية مع دول مثل ألمانيا والهند والنرويج وكازاخستان. 

وأكد وزير الخارجية الملا أمير خان متقي أن الحكومة تعمل على تعزيز العلاقات مع جميع الدول، وأن أفغانستان "جزء من هذا العالم ولا يمكن أن تعيش لوحدها".

وعلى صعيد الجوار، تحاول طالبان تحسين علاقاتها مع باكستان وإيران، رغم تصريحات متباينة حول دعم الحركة للجماعات المسلحة في المنطقة، في حين تركز الحكومة في تصريحات سابقة على الحاجة لأمن واستقرار داخلي يتيح للعلاقات الإقليمية النامية.

ومنذ بداية 2025 حتى تموز/يوليو الماضي، عاد نحو مليون ونصف مليون لاجئ أفغاني من باكستان وإيران، بينهم 1.2 مليون من إيران وحدها، وسط معاناة في تأمين العلاج والعمل والسكن، خصوصاً لكبار السن والنساء، ما يزيد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية على الحكومة والمجتمع المحلي.
بعد مرور أربع سنوات على عودة طالبان، يبرز المشهد الأفغاني مزيجاً من الإنجازات المحدودة والعزلة الدولية المتفاقمة، إلى جانب التحديات الاقتصادية والاجتماعية.

⭕ صورة لرفع علم التوحيد على مبنى السفارة الأفغانية في #موسكو عقب اعتراف روسيا بالإمارة الإسلامية. https://t.co/Gpgld0eakY pic.twitter.com/II8D8p6T8T — خالد أنس الأفغاني (@khalidanas41) July 3, 2025

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية طالبان الاعتراف الدولي الجنائية الدولية افغانستان طالبان الجنائية الدولية الاعتراف الدولي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة pic twitter com

إقرأ أيضاً:

الإمارة الإسلامية التي تُعلِّم الفتيات الانتصار في الحروب

مع الذكرى الرابعة لتحرر أفغانستان الحقيقي من الاحتلال الأجنبي، وجدنا أنفسنا- بعد مرور عام ونصف على آخر زيارة- في أرضها من جديد، بدافع مناسبة خاصة.

وبينما كانت سياراتنا تشق طريقها وسط الفوضى المرورية في شوارع كابل، كان أول ما لفت انتباهنا شبه انعدام إشارات المرور. المركبات تتقاطع في مسارات متقابلة بأقصى سرعة، ثم تنحرف فجأة في اللحظة الأخيرة لتتفادى التصادم، وتواصل سيرها وكأن شيئا لم يكن.

مشهد يصعب على من اعتاد نظام المرور في تركيا أو أوروبا أن يتقبله بسهولة، ولكنه هنا "نظام في قلب الفوضى" يعمل بشكل غريب وفعال.

لكن هذه الملاحظة العارضة قادتنا لاكتشاف آخر؛ إذ علمنا أن "الإمارة الإسلامية"- التي تحكم البلاد للمرة الثانية منذ أربع سنوات- قد وضعت بالفعل قوانين لتنظيم المرور، غير أن هذه القوانين بلا غرامات مالية، لأن العقوبات المالية غير جائزة في الفقه الحنفي، والإمارة ملتزمة بهذا الحكم، فلا تفتح له بابا. أمر يبدو غير قابل للفهم بعقل مشبع بمقاييس العصر الحديث، حيث تُقرأ الأمور دوما بمنطق المنفعة أو المصلحة أو العائد المالي.

لمن اعتاد البحث عن البراغماتية أو حتى الفساد في كل قرار، سيكون من المستحيل تقريبا أن يفهم كيف يمكن التضحية بمصدر دخل كبير لمجرد أنه يخالف قاعدة فقهية.

وهذا، في الحقيقة، مثال نموذجي على ما يمكن تسميته "سياسة المستحيل". فعندما كتب وائل حلاق كتابه الدولة المستحيلة: لماذا لا يمكن قيام دولة إسلامية في العصر الحديث، جادل بأن دولة تقوم على أسس أخلاقية محضة أمر غير ممكن، لكن طالبان- في ظاهر ممارساتها- تبدو وكأنها تسعى لإثبات العكس.

فالدولة الحديثة، بطبيعتها كما يرى حلاق، لا يمكن أن تكون أخلاقية، ولا يمكن تمثيل الإسلام الحقيقي داخل بنيتها، إلا إذا تجاهلت مقاييس الحداثة وموازين القوى والنظام العالمي وأولوياته… وهذا بالضبط ما تفعله طالبان، فهي لا تبالي بشيء من ذلك.

إعلان

خلال زيارتنا، لمسنا في شخصيات الوزراء الذين التقيناهم، وفي أسلوبهم وفلسفتهم، ملامح مشتركة: تواضع بالغ أمام المسلمين، وثقة صارمة أمام الأعداء، وحرص على التأكيد بأن ما يهمهم هو معايير الشريعة وحدها، فهي خط أحمر لا يُتجاوز. ووفقا لنظرتهم، السيادة الحقيقية لله وحده، وشريعته فوق الجميع، ولا يملك أحد- حتى طالبان نفسها- أن يستثني نفسه من أحكامها.

حتى أسبوعين مضيا، لم تكن أي دولة قد اعترفت رسميا بحكم طالبان، حتى جاء اعتراف روسيا مؤخرا. ورغم ذلك، للإمارة علاقات دبلوماسية وتجارية فعلية مع أكثر من مئة دولة.

ويأمل مسؤولوها أن يتبع الاعترافَ الروسي اعترافُ دول أخرى، لكن هذه التطلعات لا تجعلهم مستعدين للمساومة على مواقفهم أو معتقداتهم أو التزاماتهم بالشريعة والأخلاق الإسلامية. ومن أكثر النقاط التي وُجهت لهم فيها الانتقادات: قضية عدم السماح للفتيات بالتعليم في المدارس الثانوية والجامعات.

في إحدى الأمسيات، التقينا وزير التعليم، المولوي حبيب الله آغا، على مائدة عشاء في سطح مدرسة دينية متواضعة، يمتلكها ابن أخيه- وهو أحد قادة طالبان- وتضم مئات الطلاب. جاء الوزير بلا أي مظاهر رسمية أو حراسة لافتة، وجلس بين الحاضرين ببساطة، ثم بدأ، دون أن يسأله أحد، بشرح واقع التعليم الحالي: ملايين الطلبة- ذكورا وإناثا- يتلقون التعليم الأساسي حتى الصف السادس، ومن بعده تواصل الفتيات دراستهن في العلوم الشرعية حتى الصف الثاني عشر، ويشمل ذلك ملايين الطالبات. ثم أضاف أن هناك خططا جاهزة تقريبا لإطلاق برامج جديدة تتيح لهن التعليم الجامعي، سيُعلن عنها قريبا.

أوضح الوزير أن المناهج السابقة- خلال حقبة الاحتلال- خرّجت أجيالا تفكر بعقلية "مستعمَرة"، أما اليوم فهم على وشك إتمام إعداد مناهج جديدة تراعي "أفغانستان حرة"، مشيرا إلى أن بإمكانه تلقي أسئلة الحاضرين.

في مداخلتي، عبّرت أولا عن تقديري لنضالهم الممتد لخمسين عاما ضد قوى الاحتلال الكبرى، والذي انتهى بإجبارها على الرحيل، وهو ما يستحق كل احترام. ثم عرضت رأيا قد يفيد في مسار التعليم: لا ينبغي حصر الطالب- ذكرا أو أنثى- بين خيارين متباينين هما "التعليم الديني" و"التعليم الحديث"، بل يمكن الجمع بينهما.

وضربت مثالا بمدارس "الإمام والخطيب" في تركيا، التي- رغم عيوبها- نجحت في مزج العلوم الحديثة بالعلوم الإسلامية، مما منحها طابعا إسلاميا عاما. وأشرت إلى أن حصر الفتيات في التعليم الشرعي بعد الصف السادس قد يتركهن غير مهيئات للالتحاق بالجامعة إذا فُتح بابها لهن مستقبلا، وهو ما قد يسبب لهن حرمانا أو ظلما.

أصغى الوزير باهتمام كبير، ورد بعبارات لافتة: "نحن اليوم تحت حكم العلماء الذين جعلوا العلم محور حياتهم، فكيف نريد الجهل للنساء أو لغيرهن؟ وكيف يمكن أن نمنع تعليمهن؟ كل ما نقوم به الآن هو إعدادٌ وتجهيز.

نحن نعمل على نظام يمكّن البنات من مواصلة تعليمهن، نحن نريد أن نُعلِّمهم ليكونوا قادرين دائماً على خوض غمار الحياة والانتصار في الحروب، ونستمع باهتمام لنصائح إخواننا المسلمين حول العالم، ونستفيد منها. نموذج الإمام والخطيب الذي ذكرتموه مثير للاهتمام، وقد سمعنا به من قبل، فإذا استطعتم تزويدنا بمناهجه فسندرسه ونستفيد منه".

إعلان

كان جوابه باعثا على السرور ومثيرا للتأمل، إذ يحمل نبرة تتناقض مع الصورة النمطية التي رُسمت لطالبان لسنوات بشأن تعليم البنات. وربما، بهذا التوجه، نكون أمام بداية حل لإحدى أبرز الذرائع التي استُخدمت لعزل أفغانستان عن العالم.

ومع ذلك، يجب التنبه إلى أن الإمارة الإسلامية لا تعالج هذا الملف تلبية لمطالب الغرب، بل وفق رؤيتها والتزامها بمقتضيات الشريعة الإسلامية وحدها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الإمارة الإسلامية التي تُعلِّم الفتيات الانتصار في الحروب
  • قمة «ترامب - بوتين».. لقاء الـ «3» ساعات يتجاوز العزلة دون صفقات
  • في ذكرى السيطرة على أفغانستان.. زعيم طالبان يُحذّر من أن الله سيعاقب بشدّة من ينكرون الحكم الإسلامي
  • ماذا تغير سياسيا وأمنيا بأفغانستان بعد 4 سنوات من حكم طالبان؟
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع سلالًا غذائية بولاية ننجرهار الأفغانيّة
  • في عشر سنوات.. "إكرام مكة" تقدم خدماتها لأكثر من 100 مليون مستفيد
  • الانتقالي الجنوبي يشدد على سرعة تطبيق قرارات الحكومة بشأن الإصلاحات الاقتصادية
  • ألمانيا ترحب بتقرير لجنة التحقيق الدولية حول أحداث الساحل وتشيد بتعاون الحكومة السورية
  • المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك: تقرير تقصي الحقائق الصادر عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا حول أحداث الساحل في آذار، خطوةٌ جادةٌ نحو وضع معايير واضحة وقابلة للتتبع لمسؤولية الحكومة السورية، وشفافيتها وخضوعها للمساءلة، وهذا إنجازٌ