إلغاء سفر متقي للهند.. هل تعرقل واشنطن علاقات طالبان الخارجية؟
تاريخ النشر: 27th, August 2025 GMT
كابل/ واشنطن- قبل ساعات من رفض مجلس الأمن الدولي منح وزير الخارجية الأفغاني بالوكالة أمير خان متقي إعفاء من العقوبات يسمح له بالسفر إلى الهند، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بيانا "عاطفيا" بمناسبة الذكرى الرابعة للتفجير الذي أودى بحياة 13 جنديا أميركيا في مطار كابل الدولي.
وهاجم ترامب سجل إدارة سلفه جو بايدن تجاه أفغانستان قبل الانسحاب منها، وامتدح جهود مكافحة الإرهاب مع حركة طالبان التي نتج عنها تسلم المتهم بالتفجير.
وأظهر بيان البيت الأبيض محورية سياسة ترامب تجاه طالبان والمتمثلة في استغلال أفغانستان للهجوم على إرث بايدن والتركيز على مكافحة الإرهاب. غير أنه في الوقت ذاته، تمثل عرقلة مجلس الأمن لسفر متقي تذكيرا بقدرة واشنطن الواسعة على لعب دور معرقل أو ميِّسر لانفتاح الحركة الحاكمة في كابل على العالم، لا سيما الدول المجاورة لها.
في كابول، التقى اليوم معالي وزير خارجية إمارة أفغانستان الإسلامية، المولوي أمير خان متقي، بنظيره وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية، السيد وانغ يي.
وخلال اللقاء، جرى بحث آفاق توسيع التعاون الثنائي وتعزيز الشراكة بين البلدين في شتى المجالات. pic.twitter.com/TjfFTcKEuG
— ريحان الأفغاني (@RihanAlafghani) August 20, 2025
نفوذ واشنطنيُذكر أن هناك عقوبات دولية مفروضة على قادة طالبان منها ما يتعلق بالسفر للخارج. ويتم منح إعفاءات السفر من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على أساس كل حالة على حدة، ولواشنطن القدرة على التأثير في هذه القرارات.
وتشير تقارير إلى أن إدارة ترامب أرجأت قرار إعفاء وزير خارجية أفغانستان، لعدة أيام، قبل أن تعود لتسمح به لاحقا خلال أسبوع أو اثنين، في رسالة تذكير بحجم نفوذها الدبلوماسي.
وفي ندوة عُقدت مؤخرا بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن، اعتبر دوغلاس لندن، المسؤول الأميركي السابق، والأستاذ المشارك بمركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون، أن "قادة حركة طالبان برغماتيون ويرون أن ترامب يمثل فرصة لهم عليهم استغلالها، إذا تم إقناعه أن واشنطن ستحصل على مكاسب من علاقة قوية مع أفغانستان مثل مواردها المعدنية والمواد النادرة، إضافة لمكانتها الإستراتيجية ولأهميتها في مكافحة الإرهاب، ولمواجهة النفوذ الصيني المتزايد".
إعلانواعتبر لندن أن تغير موقف واشنطن من الرئيس السوري أحمد الشرع يمنح قادة الحركة أملا في التأسيس لعلاقات مختلفة مع إدارة ترامب، بما قد ينتج عنه من رفع جزئي أو كلي للعقوبات، والإفراج عن الودائع الأفغانية في الولايات المتحدة.
من ناحية أخرى، أثار إلغاء زيارة أمير خان متقي إلى الهند موجة من التساؤلات حول قدرة طالبان على إدارة علاقاتها الخارجية في ظل القيود الدولية. فقد أُلغيت الزيارة بعد أن فشلت نيودلهي في الحصول على إعفاء سفر لمتقي المدرج على قائمة العقوبات الأممية منذ 1999، في خطوة تعكس استمرار قدرة واشنطن على التحكم في دبلوماسية طالبان.
ولم تكن هذه المرة الأولى، فقد سبق أن أُلغيت زيارة مماثلة لمتقي إلى باكستان، بينما حصل على إذن للذهاب إلى بكين والإمارات والسعودية، مما يوضح أن أي تحرك دبلوماسي للحركة مرتبط بموافقة الولايات المتحدة.
Voir cette publication sur InstagramUne publication partagée par أفغانستان بالعربي (@afghanarabc)
أداة ضغطتستخدم واشنطن آلية الإعفاءات ضمن مجلس الأمن كأداة ضغط غير مباشرة، حيث يخضع كل تحرك لمسؤولي طالبان لمراجعة دقيقة، بهدف توجيه سياساتها الخارجية دون مواجهة مباشرة، وضبط التوازن بين السماح بانفتاح محدود وفرض قيود تحافظ على مصالحها الإقليمية.
ومنذ سيطرة طالبان على الحكم في 2021، عززت نيودلهي وكابل علاقاتهما الدبلوماسية. وترى الهند من جانبها في أفغانستان فرصة لتعزيز مصالحها الاقتصادية والسياسية، خصوصا في مشاريع البنية التحتية والاستثمار في قطاعات التعدين والطاقة.
كما تسعى للحد من النفوذ الباكستاني في كابل عبر فتح قنوات مع طالبان، لكنها تدرك أن أي تقارب دون موافقة واشنطن قد يثير غضبها ويقيد تحركاتها. ورغم أن الهند لم تعترف بعد بنظام الحركة، فإنها سلمت قنصليات أفغانستان في مدينتي مومباي وحيدر آباد إلى دبلوماسيين منها. وتضغط بعض جماعات حقوق الإنسان على إدارة ترامب ليستمر في لعب دور معوق أمام سلطة الحركة للحصول على اعتراف عالمي.
في هذا السياق، يرى الدبلوماسي الأفغاني السابق شريف غالب -في تصريح للجزيرة نت- أن الولايات المتحدة ما زالت تملك مفاتيح الحركة الدبلوماسية لطالبان عبر مجلس الأمن، وتستخدمها لتقييد أي مسار يمنحها شرعية إقليمية أو دولية "قبل الالتزام بمعايير حقوق الإنسان وحقوق النساء"، وأن إلغاء زيارة متقي تعكس حدود الانفتاح الممكنة للحركة دون تفاهم مع واشنطن.
في الوقت ذاته، تتعرض علاقات الولايات المتحدة والهند لهزات عنيفة خلال الأشهر الأخيرة بعدما كانت إحدى أكبر دول العالم المرحبة بوصول ترامب مرة أخرى للبيت الأبيض، إذ فرض الرئيس الأميركي عليها رسوما جمركية بنسبة 50% بسبب مواقفها المؤيدة لروسيا في عدوانها على أوكرانيا، وسياساتها التجارية الحمائية.
من جانب آخر، تنزعج نيودلهي من التقارب الأميركي مع إسلام آباد، الذي ظهر في حياد واشنطن تجاه جولة الصراع الهندي الباكستاني الأخيرة، وما أعقبها من استضافة ترامب لرئيس أركان الجيش الباكستاني في البيت الأبيض.
رفض أفغانيوعلى الصعيد الإقليمي، يعكس القرار الأميركي توازن القوى بين الهند وباكستان والصين وروسيا، إذ تزيد واشنطن من حساسية منح إعفاءات السفر، في حين قد تغامر بكين وموسكو بدعوة طالبان مع تحمل تكاليف سياسية أقل. أما الحركة، فتعاني من قيود على حضورها الرسمي الدولي، مما يحد من فعاليتها في مشاريع اقتصادية وعلاقات دبلوماسية.
إعلانوسبق أن رفضت طالبان مذكرات توقيف أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق كبار قادة أفغانستان الشهر الماضي على خلفية ما اعتبرتها "جرائم وتمييز ضد النساء والأقليات العرقية".
وقالت المحكمة -في البيان المصاحب لمذكرات الاعتقال- إن "طالبان نفذت سياسة حكومية أسفرت عن انتهاكات جسيمة للحقوق والحريات الأساسية للسكان المدنيين في أفغانستان".
من هنا، يسلط إلغاء زيارات متقي الضوء أيضا على البعد الحقوقي، إذ لم تُجرِ طالبان تغييرات جادة في ملفات حقوق المرأة، مما يعمّق انعدام الثقة الغربية ويقيد أي محاولة لتوسيع التواصل مع جيرانها.
كما يظهر هذا القرار كيف تظل السياسات الأميركية عاملا مؤثرا في ديناميكية علاقات طالبان الخارجية، ويجبر الحركة على موازنة التطلعات الدولية مع القيود الأممية والأميركية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الولایات المتحدة مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
الكونجرس الأمريكي يبحث إلغاء قانون قيصر المفروض على سوريا
أفادت وكالة رويترز للأنباء، بأن الكونجرس الأمريكي يعتزم إلغاء عقوبات قانون قيصر المفروضة على سوريا، حيث ورد الاقتراح في قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2026.
قانون قيصر في سورياكان قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، الذي وُقّع عام 2019، يستهدف أعضاء نظام الرئيس السابق بشار الأسد المتهمين بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان.
أصدر المشرعون النص النهائي لمشروع قانون الدفاع في نهاية الأسبوع، وقد يُطرح التشريع للتصويت في وقت مبكر من هذا الأسبوع.
مع ذلك، يأتي إلغاء العقوبات مشروطًا: فهو يُلزم بمراجعة الوضع في سوريا كل 180 يومًا على مدار أربع سنوات لضمان اتخاذ دمشق الإجراءات المناسبة في مجالات تشمل مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، وإبعاد المقاتلين الأجانب عن المناصب الحكومية، ودعم حقوق الأقليات الدينية والعرقية، من بين أمور أخرى.
إذا وجدت الحكومة الأمريكية أن الحكومة السورية تتخلف عن تحقيق هذه الأهداف، فإن مشروع القانون ينص على أنها تستطيع فرض عقوبات على الأفراد حتى تُعدّل دمشق مسارها.
أطاحت هيئة تحرير الشام المسلحة بنظام الأسد في ديسمبر من العام الماضي، منهيةً عقودًا من حكم أسرة الأسد.
وشهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا تحسنًا منذ ذلك الحين، وتعمل دمشق على ضمان تخفيف العقوبات من واشنطن وحكومات أخرى حول العالم.
خلال زيارته إلى الخليج في مايو، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن واشنطن سترفع العقوبات المفروضة منذ عهد الأسد على البلاد.
في أغسطس، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أنها سترفع سوريا من قائمة عقوباتها وفي يونيو، قدم أعضاء الكونجرس تشريعًا بعد شهر يهدف إلى إلغاء قانون قيصر.
عندما زار الرئيس السوري أحمد الشرع واشنطن الشهر الماضي، أعلنت وزارتا الخزانة والتجارة أن عقوبات قانون قيصر ستُرفع لمدة 180 يومًا، باستثناء المعاملات الخاضعة للعقوبات مع روسيا وإيران وقد جُدد الإعفاء مؤقتًا في 23 مايو.