أعلن مجلس النواب عن اعتماد قانون الدين العام والذي يقضي بتسوية الدين العام في البلاد، وكان مصرف ليبيا المركزي قد أخطر مجلس النواب أن حجم الدين العام قد بلغ نحو 284 مليار دينار وذلك حتى نهاية شهر مايو 2025م.
المديونية العامة تعود كلها للمصرف المركزي، محملة على الحكومة في شكل سندات وأوذنات، وسلف وقروض، ورصيد الحساب المكشوف لدي المصرف المركزي، مع التنبيه أن الدين تتحمله الحكومتين منذ الانقسام السياسي العام 2014م، والنصيب الأكبر منه راكمته الحكومة في الشرق الليبي.
تعاظم الدين العام خلال السنوات الخمس الماضية يعكس الأزمة ويكشف عن الأثر الكبير والمتعدي للنزاعات والصراعات، فقد بلغ الدين العام 2014م نحو 6.4 مليار دينار ليرتفع إلى 20 مليار العام 2016م، ثم إلى 84 مليار العام 2020م، ليصل إلى 155 مليار العام 2022م، وها هو قد قفز إلى نحو 284 مليار حسب رسالة المركزي لمجلس النواب.
المصرف المركزي تحت إدارته الجديدة وبقيادة المحافظ ناجي عيسى كشف عن أرقام جديدة لحجم المديونية العامة والتي بلغت نحو 220 مليار دينار منها نحو 156 مليار هي الديون على الحكومة التابعة لمجلس النواب في الشرق.
الاتجاه إلى معالجة المديونية الحكومية مؤخرا بدأ بإصدار القانون رقم 30 لسنة 2023م والذي دار حول تكوين احتياطي لسداد الدين العام، وحدد القانون مصادر تمويل الاحتياطي المذكور وهي: نسبة من الإيرادات المقدرة، وحصة الخزانة من أرباح المصرف المركزي، وصافي عائد الاصول الأجنبية، والرسوم المفروضة على بيع النقد الأجنبي. ولم يظهر في تقارير المصرف المركزي وغيرها من التقارير الرسمية أي إشارة إلى إعمال هذه الألية وإذا ما تم تغطية قدر من الدين العام عبر هذا الاحتياطي.
المصرف المركزي تحت إدارته الجديدة وبقيادة المحافظ ناجي عيسى كشف عن أرقام جديدة لحجم المديونية العامة والتي بلغت نحو 220 مليار دينار منها نحو 156 مليار هي الديون على الحكومة التابعة لمجلس النواب في الشرق.ومن الملاحظ أن القانون يفرض عدم استخدام الاحتياطي المشار إليه في القانون رقم 30 لسنة 2023م لسداد الدين العام إلى بعد موافقة وزارة التخطيط والمالية، والمقصود هنا الوزارة التابعة لحكومة أسامة حماد في الشرق، والتي لا يزال المركزي الليبي يتعامل معها بحذر كون الحكومة المعترف بها دوليا هي حكومة الوحدة، والمصرف المركزي يضع هذا في اعتباره في غالب الأحيان.
لم يتم نشر القانون الجديد بخصوص إقفال الدين العام، وما تم الإعلان عنه شحيح، وهو ما جاء على لسان رئيس لجنة المالية في مجلس النواب، النائب عمر تنتوش، الذي ذكر أنه تم بالفعل اعتماد القانون يقضي بتسوية الدين العام المتراكم منذ 2014 حتى نهاية مايو 2025م، وأنه تم استشارة المصرف المركزي والحكومة في هذا الموضوع، والدين المشار إليه يشمل الالتزمات لصالح المصرف المركزي والمصارف التجارية، ومعلوم أن الديون لصالح المصارف التجارية كانت جميعها لصالح حكومات الشرق، حكومة عبدالله الثني وحكومة أسامة حماد.
تنتوش ذكر في تصريحه المقتضب أن القانون يقضي بإعادة تقييم الأصول بناء على التغير الذي وقع في سعر صرف الدينار الليبي الذي تم تخفيضه من نحو 1.3 دولار للدينار إلى 5.6 دولار دينار، وإعادة تقييم الاصول وفقا لهذا التغيير يضاعف من قيمة الأولى مرات ويراكم رصيدا يمكن تغطية الدين العام من خلاله.
الإشكال هو أنه لم يتم النظر إلى الدين العام كمؤشر أساسي لتقييم الأداء الاقتصادي، وأن هناك رابطا بين الدين العام ومظاهر التأزيم في الاقتصاد الليبي والتي من أهمها تراجع قيمة الدينار والتضخم والبطالة والركود وتدني مستوى الخدمات، وبالتالي فإن معالجة الدين تتطلب إصلاحا اقتصاديا عبر تخطيط سليم وتوجيه للموارد بشكل رشيد، وهذا ما لم يقع، حيث لجأ المشرعون إلى الخيار الأسهل من خلال استغلال الفروق المالية التي يحققها تخفيض قيمة الدينار من خلال إعادة تقييم الاصول، والتحدي الحقيقي الذي يكشف خطأ هذه السياسة هو أن الوضع المأزوم سيدفع إلى مراكمة جديدة وسريعة للدين العام، فهل سيكون السبيل هو إعادة تخفيض الدينار مرة أخرى وبالتالي نقل العبئ المالي إلى المواطن في شكل ارتفاع الاسعار، وهو المثقل أصلا بسبب ارتفاع التضخم خلال الأعوام الخمس الماضية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الدين ليبيا الاقتصادي ليبيا اقتصاد رأي دين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المصرف المرکزی الدین العام ملیار دینار فی الشرق
إقرأ أيضاً:
عبد الوهاب: خفض الفائدة أصبح ضرورة لدعم الاستثمار وتقليل أعباء الدين العام
أكد الدكتور محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادي والمستشار المالي، أن التوقعات بشأن اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري المقرر انعقاده اليوم الخميس تشير بقوة إلى اتجاه اللجنة نحو خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس (1%)، معتبرًا أن هذا الخفض هو القرار الأكثر توازنًا في ظل المعطيات الاقتصادية الحالية وتطورات معدلات التضخم خلال الأشهر الماضية.
وقال عبد الوهاب إن قرارات أسعار الفائدة أصبحت المحرك الأهم لقراءة مستقبل الاقتصاد المصري، خاصة مع دخول العام الجديد الذي يشهد تباطؤًا نسبيًا في الضغوط التضخمية، ووضوح أكبر في مسار السياسة النقدية محليًا وعالميًا. وأضاف أن خفض أسعار الفائدة في هذا التوقيت سيعطي دفعة قوية للنشاط الإنتاجي والاستثماري، خصوصًا في القطاعات الصناعية التي تعاني من ارتفاع تكاليف التمويل.
التضخم ودوره في تحديد قرار لجنة السياسة النقدية
وأوضح الخبير الاقتصادي أن معدلات التضخم في مصر شهدت خلال الأشهر الأخيرة تراجعًا واضحًا مقارنة بذروتها في العام الماضي، ورغم تسجيل بعض الارتفاعات الشهر الماضي، فإن هذه الزيادة جاءت نتيجة عوامل موسمية وصدمات عرض تخص بعض السلع الغذائية، ولم تكن انعكاسًا لزيادة حقيقية في الطلب المحلي أو خلل في السيولة النقدية داخل السوق.
وشدد عبد الوهاب على أن البنك المركزي يدرك هذه العوامل جيدًا، ويعلم أن رفع أسعار الفائدة أو حتى تثبيتها لن يعالج جذور التضخم المرتبط بتكلفة الإنتاج أو اضطرابات الإمداد العالمية، وبالتالي فإن خفض الفائدة يعد القرار الأكثر منطقية لدعم استقرار الأسعار على المدى المتوسط مع الحفاظ على نمو الاقتصاد.
قرارات سابقة.. ومسار واضح نحو التيسير النقدي
وأشار عبد الوهاب إلى أن لجنة السياسة النقدية اتخذت خلال العامين الماضيين سلسلة من القرارات الحاسمة، إذ قامت برفع أسعار الفائدة بقوة في مارس 2024 بنحو 600 نقطة أساس لمواجهة ضغوط سعر الصرف وتحقيق استقرار الأسواق. وبعد نجاح هذه السياسة في إعادة الانضباط النقدي وتوفير سيولة دولارية أكبر، بدأ البنك المركزي في التحول التدريجي نحو سياسة التيسير النقدي.
وشمل هذا التحول قرارات متعددة بخفض أسعار الفائدة في أبريل ثم مايو ثم أغسطس، بإجمالي خفض تجاوز 525 نقطة أساس، ثم جاء اجتماع أكتوبر 2025 ليؤكد الاتجاه نحو خفض جديد بمقدار 100 نقطة أساس، ما يعكس قناعة البنك المركزي بأن الظروف أصبحت مواتية لتخفيف القيود النقدية تدريجيًا.
وأضاف أن الناتج المحلي الإجمالي بدأ يظهر تحسنًا في بعض القطاعات الحيوية، مثل السياحة والصادرات والصناعات التحويلية، ما يدعم قدرة الاقتصاد على النمو دون الحاجة للإبقاء على مستويات فائدة مرتفعة تثقل كاهل الشركات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
توقعات البنوك العالمية ودورها في دعم قرار الخفض
وأشار عبد الوهاب إلى أن عددًا كبيرًا من بنوك الاستثمار العالمية، مثل غولدمان ساكس وجي بي مورغان، أكد في تقاريره الأخيرة أن اقتصادات الدول الناشئة أصبحت في وضع أفضل لاتخاذ قرارات بخفض الفائدة تدريجيًا، خاصة مع اتجاه الفيدرالي الأمريكي نحو إبطاء التشديد النقدي وترقب خفض الفائدة في الولايات المتحدة خلال النصف الأول من العام المقبل.
وأشار إلى أن هذه التوقعات تخفف الضغط على الدول النامية التي كانت مضطرة سابقًا للإبقاء على فائدة مرتفعة للحفاظ على جاذبية الاستثمار في أدوات الدين. ومع بدء الهدوء العالمي، يصبح من الممكن لبنك مركزي مثل البنك المركزي المصري أن يتحرك بهامش أكبر وجرأة محسوبة في خفض أسعار الفائدة.
أثر خفض أسعار الفائدة على الاقتصاد المصري
وأكد الدكتور عبد الوهاب أن خفض الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس سيكون له مجموعة من الآثار الإيجابية المباشرة، أهمها:
خفض تكاليف الاقتراض على القطاع الخاص، مما يدعم التوسع في المشروعات الإنتاجية
تقليل فاتورة خدمة الدين العام على الموازنة، مما يخفف الضغوط المالية
تحسين قدرة الشركات على التمويل وزيادة الاستثمار المحلي
تنشيط القوة الشرائية للمستهلكين من خلال تخفيف أعباء التمويل
تحفيز البنوك على زيادة الإقراض للقطاع الصناعي والخدمي
كما أن توافر مصادر النقد الأجنبي وارتفاع إيرادات السياحة وتحسن الصادرات منح البنك المركزي مساحة أكبر للتحرك دون الإضرار بسوق الصرف.
وقال عبد الوهاب : “السيناريو الأقرب في اجتماع لجنة السياسة النقدية اليوم هو خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، هذا القرار هو الأكثر اتساقًا مع بيانات التضخم واستراتيجية البنك المركزي وتحسن موارد النقد الأجنبي. والأرجح أن نشهد مزيدًا من الخفض التدريجي قبل نهاية العام إذا استمرت المؤشرات في التحسن.”