الجزيرة:
2025-12-09@10:11:02 GMT

كاتب إسرائيلي: العالم كله أصبح ضدنا

تاريخ النشر: 31st, August 2025 GMT

كاتب إسرائيلي: العالم كله أصبح ضدنا

حذر الكاتب والمحلل الإسرائيلي بن درور يميني، في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، من خطورة التدهور المتسارع في صورة إسرائيل على الساحة الدولية، ولا سيما في الولايات المتحدة، إذ أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تحولات عميقة تعكس تراجع الدعم الشعبي والرسمي لها.

ويؤكد يميني أن هذا التراجع لم يعد مجرد "تقدير دبلوماسي متشائم"، بل بات يمثل "خطرا إستراتيجيا وجوديا"، خاصة إذا مضت الحكومة الإسرائيلية نحو التوغل في مدينة غزة.

وأشار إلى أن إسرائيل تمر بمرحلة غير مسبوقة من الانحدار في صورتها أمام الرأي العام الأميركي، وباتت النظرة السلبية تجاهها منتشرة على نطاق واسع، وبلغت مستويات وصفتها بعض الاستطلاعات بأنها "الأسوأ منذ عقود". وأوضح أن مؤتمر الحزب الديمقراطي الأخير في الولايات المتحدة شكّل محطة فارقة، بعدما تراجع عن مشروع قرار يؤيد حل الدولتين.

وبحسب الكاتب، فإن هذا التراجع لم يكن موجها ضد الفلسطينيين، بل العكس، إذ اعتُبر في بعض الأوساط مكافأة لحركة المقامة الإسلامية (حماس)، خاصة أنه جاء في ظل صعود التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي، ولا سيما بين أوساط الشباب الذين يرفضون أي تسوية تشمل حتى الاعتراف بإسرائيل.

ويرى الكاتب أن ما كان يُخشى منه بدأ يتحقق، إذ تحولت الشعارات التي كانت تسمع في الجامعات الأميركية، مثل "من النهر إلى البحر"، إلى مواقف سياسية عملية داخل الحزب الديمقراطي. وأضاف أن الاعتقاد السائد في إسرائيل بأن الشباب الأميركيين سيتجاوزون مع مرور الوقت تأثير ما أسماه "غسيل الدماغ" المناهض لإسرائيل في الجامعات كان وهما.

وأشار إلى أن هؤلاء الشباب باتوا اليوم جزءا من صناعة القرار السياسي، ويمارسون داخل الحزب الديمقراطي ما كانوا يمارسونه سابقا في الأوساط الأكاديمية. وهنا طرح يميني أسئلة عميقة "هل يفكر أحد في إسرائيل في التداعيات بعيدة المدى لهذا التغيير؟ وماذا سيحدث عندما يعود الديمقراطيون إلى البيت الأبيض بأغلبية قوية في الكونغرس؟".

إعلان استطلاعات رأي صادمة

وفي المقابل، يرى يميني أن الحكومة الإسرائيلية تساهم في تعميق عزلتها الدولية، وضرب مثالا على ذلك بالاحتفال الذي أقامه حزب الليكود الأسبوع الماضي بمناسبة الإعلان عن إنشاء 17 مستوطنة جديدة في منطقة بنيامين بالضفة الغربية، وهو ما وصفه بأنه "هدية مجانية" لأعداء إسرائيل في الغرب.

كما اعتبر أن مجرد التصريحات حول التوسع الاستيطاني باتت كافية لزيادة الهوة مع الرأي العام الغربي وإضعاف حجج تل أبيب أمام حلفائها.

واستشهد يميني في هذا السياق باستطلاع أجرته جامعة كوينيبياك الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أظهر أن 60% من الجمهور الأميركي يعارضون إرسال مساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل، مقابل 32% فقط يؤيدون ذلك.

كما بين الاستطلاع أن 75% من الديمقراطيين و37% من الجمهوريين يعارضون تقديم هذه المساعدات، وهو ما يصفه الكاتب بأنه "أعلى مستوى من الرفض وأدنى مستوى من الدعم منذ بدء هذه الاستطلاعات".

وقال الكاتب إن ما يزيد الأمر خطورة أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، المعروف بصداقته لإسرائيل داخل إدارة الرئيس السابق جو بايدن، أعلن مؤخرا تأييده لفرض حظر على تصدير السلاح إليها، في مؤشر إضافي على عمق التغيير في المزاج السياسي الأميركي.

أما على مستوى المواقف الشعبية، فسلط يميني الضوء على الاستطلاعات التي أظهرت أن 50% من الأميركيين يعتقدون أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، في حين رفض 35% فقط هذا الطرح. كما انخفضت نسبة التأييد لإسرائيل في أميركا إلى 36%، مقابل 37% يؤيدون الفلسطينيين، في انعكاس مباشر لما وصفه بـ"التحول التاريخي في الرأي العام الأميركي".

وحذر من أن ما كان يبدو في السابق مجرد شعارات تصدر من الحرم الجامعي أصبحت اليوم مواقفا سياسية مؤثرة داخل الحزب الديمقراطي، بل ويمتد الأمر حتى إلى جزء من قواعد الحزب الجمهوري، إذ أظهر الاستطلاع أن أكثر من ثلث الجمهوريين يتبنون وجهات نظر مشابهة لتلك التي يحملها الجناح التقدمي المناهض لإسرائيل في الحزب الديمقراطي.

العالم كله ضدنا

وفي ختام مقاله، ركز يميني على المخاطر الإستراتيجية لقرار الحكومة الإسرائيلية المضي في عدوان عسكري جديد داخل مدينة غزة، مؤكدا أن التغيرات المتسارعة في الرأي العام الأميركي والغربي تعني أن أي خطوة بهذا الاتجاه ستضاعف من عزلة إسرائيل وتزيد من المخاطر الدبلوماسية والسياسية التي تواجهها.

وأكد أن إسرائيل عاشت في الماضي على أوهام عديدة، لكن لا مجال اليوم لوهم جديد يقوم على الاعتقاد بأن الرأي العام الأميركي لن يؤثر في سياسات قادة المستقبل، سواء كان الرئيس دونالد ترامب أو أي رئيس ديمقراطي قادم.

واختتم مقاله بالقول: "العالم كله أصبح ضدنا"، مضيفا أنه على الرغم من أن إسرائيل لديها حجج قوية ضد ما يصفه بـ"دعاية حماس"، إلا أنها لا تستطيع تجاهل الحقائق الجديدة.

وعلى الرغم من أنه يحاول تخفيف حدة الأمر على إسرائيل بالإشارة إلى الموقف الذي اتخذته الدول الأوروبية الكبرى (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) تجاه إيران، والتي هددت طهران في الأسابيع الأخيرة بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة عليها إذا رفضت العودة إلى المفاوضات، إلا أنه يكرر أن هذه الخطوة تمثل "مكسبا مؤقتا" لإسرائيل في مواجهة التهديد الإيراني، ولكنها لا تعوض عن التدهور الخطير في مكانتها السياسية والأخلاقية في الغرب.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات داخل الحزب الدیمقراطی الرأی العام الأمیرکی لإسرائیل فی أن إسرائیل إسرائیل فی

إقرأ أيضاً:

الرأي العام بين المتاهة الرقمية وهندسة العقول

في وقت يشهد تسارعًا في تطوّر أدوات التواصل الرقمي وتعدد استخداماتها وقدرتها على اختراق العقل البشري والتأثير على التفكير النقدي، وفي وقت ينظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه معيارٌ لتقدم المجتمعات وتطورها التكنولوجي؛ كونها تجعل الأشخاص أكثر حرية في التعبير من أي وقتٍ مضى، رغم تدفق سيل من العمليات المعلوماتية التي تستوجب تحكيم العقل الواعي في فلترتها وتلقّيها بعناية، لكنها واقعيًا تخفي في مضمونها أمرًا بالغ الأهمية متمثلًا بإعادة تشكيل الوعي الجماهيري دون إدراك لذلك، ما يطرح تساؤلًا عن قدرة الأشخاص على مقاومة هذا التأثير والسيطرة على العقول من خلال دغدغة مشاعرهم وعواطفهم في وسائل التواصل الاجتماعي.

بلا شك أنّ التكنولوجيا أصبحت واجهة عبر أدواتها المؤثرة على التفكير النقدي للعقول رغم عدم اتفاق البعض مع هذا الرأي لكنه حقيقة في مضمونه، بل وضعت الرأي العام أمام شتات مستمر بين المتاهة الرقمية التي زُجّ بها البعض دون أن يشعر كنتيجة حتمية للاندفاع غير المبرر ـ حسب رأيي ـ في وسائل التواصل الاجتماعي للتفاعل مع ما يطرح من آراء وتوجهات لصناعة التأثير على مرتاديها؛ بهدف تحريك الجزء اللاواعي من العقل للسيطرة على الجماهير وتوجيهها وربما خداعها دون إدراك لذلك؛ استنادا على نظريات مؤسس علم التحليل النفسي سيغموند فرويد.

والأخطر من ذلك أن يقع الفرد ضحية المتاهة الرقمية لفترة طويلة، ما يصعّب مهمة الإصلاح المجتمعي، لأن ما يقلق البعض أن المتاهات عموما كلما حاول الفرد فهم اللعبة تغيّرت قواعدها.

حقيقة لا أخفيكم قولًا بأنني رغم تشخيص البعض للمشهد العام في وسائل التواصل الاجتماعي وما سببته من عمليات معلوماتية وهندسة العقول بأساليب مهيمنة على التفكير النقدي والطرح الأدبي في خضم المتاهة الرقمية التي تعمقت بتطور أدوات الذكاء الاصطناعي، إلا أنني لا أنظر شخصيا إلى جانب ذكاء الآلة وتطورها إلى ما نشهده اليوم بأنه مؤامرة، لكنه نتاجٌ لتطور الإعلام الرقمي بوضعه الحالي.

ورغم عدم إيماني المطلق بقدرة ذكاء الآلة بوسائلها الرقمية وأدواتها المتطورة على تشكيل الرأي العام، لكنها أسهمت في تكوين قاعدة من العمليات المعلوماتية التي أثرت بطبيعة الحال على العقل اللاواعي لبعض الجماهير في تشكيل الرأي العام الرقمي على أقل تقدير في وسائل التواصل الاجتماعي، والمثير للدهشة أنّه لم يعد التزييف والتحريض الذي يتم دحضه باستمرار هو من يقود العقول وهندستها في العالم الافتراضي، بل ما يخفيه الذكاء الاصطناعي من دقة في هندسة التزييف والتحريف والتحريض وتقديمه على أنه واقع حقيقي.

فوسائل التواصل الاجتماعي لم تكتفِ بصناعة التأثير على التوجهات والآراء المجتمعية، بل أصبحت شريكا مع الإعلام التقليدي في هندسة الإدراك لتشكيل قناعات الجماهير، والمثير للدهشة أن أدوات التواصل الرقمي أسهمت في تحريك الإدراك المجتمعي وتوجيهه نحو واقع مصطنع بهدف إيهام الجماهير على أنه الواقع الحقيقي ويجب التعايش والتفاعل معه، ما يجعلنا أمام صراع فكري في خضم هندسة العقول التي تحاول تقديمها المتاهة الرقمية بأدواتها وتوجهاتها، فنحن اليوم بحاجة إلى مزيدٍ من الجهود الوطنية لصون الأجيال من المتاهة الرقمية وهندسة العقول بما يجعلها مصانة بهويتها الوطنية بعيدة عن ما يؤثر على تماسكه ووحدته.

تابعت خلال الفترة الماضية في وسائل التواصل الاجتماعي تكوّن حالة من الفوضى المعلوماتية مرتبطة بالأرقام والإحصاءات الإيجابية التي تحققت والمراد تحقيقها في الفترة القادمة، هذه الأطروحات تتركز تحديدا في النقاشات المرتبطة بجوانب التخطيط الاقتصادي والمالي مثل خطة التنمية الخمسية الحادية عشرة المقبلة (2026-2030)م، والميزانية العامة للدولة 2026م، وهي في حقيقتها معلومات لم يقدمها الإعلام الوطني بل كان صانعا للتأثير الإيجابي على الجمهور، هذه المغالطات هي نتاج سيلٌ من المعلومات المغلوطة وغير الصحيحة تم هندسة العقول عبر متاهات رقمية يراد بها إضعاف التفكير وتشتيت العقول عن الغاية الأساسية من وضع هذه الخطط ومواصلة التخطيط للخطط المالية والاقتصادية المقبلة.

في رأيي، أرى أنّ صناعة الوعي أو صناعة الرأي العام من العلوم التي ينبغي أن ندرسها جيدا ونستعد للتعامل معها، ونتقنها في فلسفة نقاشاتنا وحوارتنا اليومية، وتكون منهجا في توجهاتنا الوطنية بحيث لا نسمح للوسائل الرقمية بهندسة عقولنا ومن حولنا وفقا لتوجهاتها ومنطلقاتها التي لا تخلو من تغييب الحقائق بل وتزييفها وتحريفها أحيانا، وأن نكون درعا حصينا لمنع تسلسل الأفكار غير الصائبة والآراء والتوجهات الواهية التي تدمر المجتمع وتنال من وحدته وتماسكه، فأسلوب التجهيل والتزوير والتضليل من الأساليب التي تهدف إلى تحقيق مغالطات فكرية وثقافية تنال من العقل البشري في التفكير والتحليل النقدي، وهو نتاج لهندسة العقول لصالح أيدولوجية معينة تحاول تضليل الجمهور وجرهم إلى الحقيقة الناقصة المشوهة التي تعتمد على التضليل والتدليس.

إن ما يتعرض إليه الرأي العام من استغلال وهندسة للعقول لمصالح ذاتية ولأهداف معينة تعد حالة جوهرية تستدعي دراسة شاملة متكاملة، خصوصا مع المتاهة الرقمية التي سببها ذكاء الآلة التي تؤثر على العقول وتؤثر على تفكيرها وكانت عاملًا فاعلًا ومدخلًا لتضليل الرأي العام واستغلاله وإغراقه بالنفايات المعلوماتية التي لا يحتاجها الأفراد، والأصعب من ذلك عندما تتطور الأدوات التواصلية الرقمية، ما يدفع مسيئي استخدامها إلى إجراء استطلاعات واستفتاءات رأي مزيّفة وخاطئة تؤدي إلى التلاعب بالنتائج والمعلومات وتنعكس سلبا على اتخاذ القرارات.

راشد بن عبدالله الشيذاني

باحث ومحلل اقتصادي

مقالات مشابهة

  • شاهد/ مناورة إسرائيل والأسطول الخامس الأميركي انزالات برمائية .. ما علاقتها باليمن؟
  • كاتب بهآرتس: إعلام إسرائيل يستخف بالفلسطينيين ويكرس الأبارتايد
  • نتنياهو يتحدث عن العراق: استهدفنا الميليشيات التي تحركت ضدنا
  • الرأي العام بين المتاهة الرقمية وهندسة العقول
  • من التشتت إلى الثقة المفقودة: صراع الديمقراطي والاتحاد على رئاسة العراق يعمق الانقسام
  • أخطاء خصوم حزب الله تعزز موقعه شيعياً
  • إسرائيل تستعد لـاصطياد الرؤوس الأخيرة لحماس والحزب!
  • خوفًا من استغلال الحزب للعواصف والضباب.. تمرين عسكري إسرائيلي على حدود لبنان
  • نائب وزير التعليم: تعميم تدريس البرمجة والذكاء الاصطناعي في التعليم الفني بدءًا من العام المقبل
  • مقاطعة جديدة للاعب إسرائيلي في بطولة كأس العالم للمبارزة بكندا