الوجود التركي بلا مبرر في الهيمنة على الشمال العراقي بعد القضاء على الإرهاب
تاريخ النشر: 7th, September 2025 GMT
7 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: أثارت دعوة عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، لتفكيك الحزب وإلقاء السلاح تساؤلات حول شرعية استمرار الوجود العسكري التركي في شمال العراق.
فمع تراجع التهديد الأمني الذي كان يبرر تواجد أنقرة، يرى محللون أن القواعد التركية تحولت إلى أداة لتعزيز النفوذ الإقليمي بدلاً من مكافحة الإرهاب.
هذا التحول يعكس استراتيجية تركية أوسع لتحصين حدودها الجنوبية، وسط ديناميكيات إقليمية معقدة تشمل تداخل مصالح دولية وإقليمية في المنطقة.
اتفاقيات أمنية: تعاون أم تعقيد؟
ووقّعت بغداد وأنقرة مذكرة تفاهم أمنية في أغسطس 2024، تهدف إلى تعزيز التنسيق في مكافحة الإرهاب وضبط الحدود.
لكن هذه الاتفاقية، رغم طابعها التعاوني، قد تعيق انسحاب القوات التركية، إذ تفرض التزامات مشتركة تجعل التنسيق الأمني مبرراً لاستمرار التواجد العسكري.
ويحذر خبراء من أن هذا الإطار قد يرسخ وجوداً تركياً طويل الأمد، خاصة مع غياب جدول زمني واضح للانسحاب، مما يثير مخاوف من تحوله إلى شكل من أشكال الهيمنة الإقليمية.تصاعد المطالبات الشعبية والسياسية.
وتتزايد الضغوط الداخلية في العراق لإنهاء الوجود العسكري التركي، الذي يراه الكثيرون انتهاكاً للسيادة الوطنية.
وتتصاعد هذه المطالبات في ظل انحسار مبررات أنقرة الأمنية، بعد إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه.
لكن غياب هذا الملف عن أجندة المباحثات الرسمية، كما لوحظ خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى أنقرة، يعكس تهاوناً حكومياً قد يؤجج التوترات الداخلية ويعزز الشعور بالإحباط بين الشارع العراقي.تداعيات إقليمية ومستقبل العلاقات
وتشير ديناميكيات المنطقة إلى أن استمرار الوجود التركي قد يعرقل التعاون الاقتصادي والسياسي بين بغداد وأنقرة.
ويتطلب الحل مفاوضات عالية المستوى ترتكز على ضمانات متبادلة، تشمل انسحاباً تدريجياً للقوات التركية مقابل تعزيز الأمن الحدودي العراقي. دون تسوية سياسية شاملة، سيظل هذا الملف عقبة أمام استقرار العلاقات الثنائية وتحقيق السيادة العراقية الكاملة.
وتعقد مذكرة التفاهم الأمنية الموقعة في أغسطس 2024 مسار الانسحاب الكامل للقوات التركية، إذ تربط التعاون المشترك في مكافحة الإرهاب بآليات تنسيق طويلة الأمد.
ويبرز هذا الإطار الجديد تناقضاً بين الالتزامات السياسية والضغوط الداخلية، حيث يرى السياسيون العراقيون أنها تحول التواجد إلى واقع دائم، مما يهدد بتعزيز التوترات العرقية في الشمال.
وفي سياق إقليمي، قد يعزز هذا الوضع من نفوذ أنقرة على موارد كردستان العراق، خاصة النفطية، مقابل ضمانات أمنية مشروطة.الضغوط الشعبية ومخاطر الاستقرار الداخلي
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
رأي.. الرئيس العراقي عبداللطيف جمال رشيد يكتب لـCNN: بغداد تقود الجهود لإغلاق مخيم الهول ويحذر من تجاهل المجتمع الدولي
هذا المقال بقلم دكتور عبداللطيف جمال رشيد رئيس جمهورية العراق والآراء الواردة أدناه، تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
في نهاية الأسبوع الماضي، عقد العراق مؤتمرًا رفيع المستوى بشأن مخيم الهول، وذلك على هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. لم يكن هذا المؤتمر مجرد إجراء بروتوكولي، بل مثّل نداءً عاجلًا لتحمّل المسؤولية المشتركة في مواجهة واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية والأمنية التي أهملها العالم طويلًا.
لا يزال مخيم الهول في شمال شرق سوريا يمثل بيئة هشة وعالية الخطورة، إذ يضم ما يقارب 10 آلاف متطرف مع عائلاتهم ينحدرون من أكثر من 60 دولة. إنه بؤرة خصبة للتطرف، وكارثة إنسانية متجددة، وصورة حية لفشل المجتمع الدولي في معالجة ما خلّفته الحروب والإرهاب والنزوح.
يعرف العراق هذه الحقائق جيداً، فما زالت جراح الاحتلال الوحشي لداعش ماثلة في الذاكرة. ففي الفترة ما بين عامي 2014 و2017، قُتل ما يُقدَّر بنحو 95 ألفاً إلى 115 ألف شخص في العراق، من مدنيين ومقاتلين. ورغم إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي في عام 2017 تحقيق النصر العسكري على داعش، غير أن المجتمعات التي أنهكها النزاع بقيت فريسة سهلة للتطرف، بينما تواصل الحكومة مساعيها الحثيثة لسد فجوات الخدمات وبناء استقرار راسخ يعيد الأمل إلى الناس.
لقد علّمنا التاريخ أن الأزمات حين تُترك دون حلول تتحول إلى تهديدات دائمة. من معسكرات النازحين بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا، إلى أزمات اللاجئين في رواندا وزائير، كانت النتيجة واحدة: الإهمال الدولي يحوّل النزوح المؤقت إلى قنبلة موقوتة.
من هنا، لم ينتظر العراق تحرك الآخرين، بل تحمّل مسؤوليته بالكامل. اتخذنا خطوات صعبة وحاسمة لإعادة مواطنينا من مخيم الهول، عبر عملية منسقة شملت الأبعاد الأمنية والإنسانية والقانونية. وحتى اليوم، أعاد العراق 4915 عائلة (18,830 فردًا) إلى مركز الأمل داخل البلاد، من بينهم 3407 عائلات (12,557 فردًا) تم دمجهم بالفعل في مجتمعاتهم المحلية. كما استقبل العراق 3206 محتجزين من عهدة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وذلك في إطار جهد وطني مكثف لإغلاق هذا الفصل المؤلم وفتح صفحة جديدة قائمة على الأمن والاستقرار.
وراء هذه الأرقام قصص بشرية حيّة. كل فرد أعيد من المخيم هو حياة مزقتها الحروب واليوم تدخل مسار إعادة التأهيل والاندماج. لقد وضعنا خطة وطنية شاملة تتضمن الدعم النفسي، التعليم، التدريب المهني والمصالحة المجتمعية، تنفذها أربع مجموعات فنية تضم مؤسسات عراقية وشركاء دوليين. هذا النموذج يشكل إطارًا عمليًا قابلًا للتطبيق أمام دول أخرى تواجه التحديات نفسها. كما أن العراق لا يكتفي بجهوده الوطنية، بل يدعم أيضًا اللوجستيات الخاصة بعمليات الإعادة في دول أخرى، ويؤكد استعداده لمساعدة أي دولة تسعى لإدارة هذا الملف المعقد.