في موقف متناقض، أصبحت فيه بخندق واحد مع اليمين الإسرائيلي المتطرف الداعي دوما إلى التصعيد العسكري في غزة، طالبت عائلات الأسرى حكومة بنيامين نتنياهو، بتعطيل اتفاق وقف إطلاق النار، بحجة استعادة جثامين أسرى، ما زال العثور على رفاتهم بحاجة إلى وقت وجهد وإمكانات شحيحة في القطاع المدمر.

وقالت عائلات الأسرى، في بيان، إنها تطالب الحكومة الإسرائيلية "بالتوقف فورا عن تنفيذ المراحل التالية من الاتفاق ما دامت حماس مستمرة في عدم إعادة جميع الجثامين"، وفق زعمها.



ومنذ الاثنين، أطلقت "حماس" الأسرى الإسرائيليين الأحياء العشرين، وسلمت جثامين 10 من بين 28 ، وتقول إنها تحتاج إلى معدات خاصة للبحث واستخراج الجثامين الـ18 المتبقية.

بينما تقول تل أبيب إن أحد الجثامين الـ10 التي تسلمتها لا تتطابق مع أي من الأسرى بالقطاع.

بالمقابل، أطلقت إسرائيل 250 أسيرا فلسطينيا محكومين بالسجن المؤبد، و1718 آخرين اعتقلتهم من قطاع غزة بعد 8 تشرين الأول / أكتوبر 2023، ولا يزال في سجونها أكثر من 10 آلاف فلسطيني.


وزعمت العائلات أن "حماس ما زالت تحتجز (جثامين) 19 مختطفا"، مدعية أن الحركة "تنتهك الاتفاق".

وتابعت: "بالتالي، لا مجال لأي تقدم أحادي الجانب من قبل إسرائيل، وأي خطوة سياسية أو أمنية لا تضمن عودتهم الفورية تعد تخليا عن مواطني إسرائيل".

وشددت العائلات على أن "مسؤولية استعادة جميع المختطفين، أحياء أو قتلى، تقع بالدرجة الأولى على الحكومة الإسرائيلية".

واعتبرت أن "أي خطوة تخفف الضغط عن حماس أو تسمح باستمرار الاتفاق دون إعادة المختطفين تشكل فشلا أخلاقيا وقياديا خطيرا".

صعوبات الملف

على عكس المزاعم الإسرائيلية، أكدت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة حماس، الأربعاء، أنها تبذل جهدا كبيرا لإغلاق ملف الجثامين المتبقية.

وأوضحت أنها تحتاج إلى معدات وتقنيات خاصة للبحث تحت الأنقاض وانتشال ما تبقى من جثامين الأسرى الإسرائيليين.

وخلاف حركة حماس، يتناقض الموقف الجديد لعائلات الأسرى الإسرائيليين مع موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من قضية الجثامين المفقودة.

والأربعاء، قال ترامب، إن "حماس" تبحث بالتأكيد عن جثث الأسرى الإسرائيليين المتبقين في قطاع غزة وإن بعضها مدفون منذ وقت طويل وبعضها تحت الأنقاض، وإن الأمر "سيسير بشكل جيد".

وفي نفس اليوم، قال مسؤولون إسرائيليون إن المفاوضات الخاصة بتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس لم تبدأ بعد، رغم تصريحات ترامب، الثلاثاء، أكد فيها بدأها.

ونقلت قناة "إسرائيل 24" عن مسؤولين إسرائيليين لم تسمهم، قولهم: "خلافا للتقارير، لم تبدأ مفاوضات المرحلة الثانية بعد، ولن تبدأ إلا بعد اكتمال المرحلة الأولى بإعادة جميع جثث الرهائن".

ويستند الاتفاق بين "حماس" وإسرائيل إلى خطة طرحها الرئيس الأمريكي الذي دعمت بلاده حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 8 أكتوبر 2023.


وقتلت إسرائيل خلال الإبادة 67 ألفا و938 فلسطينيا وأصابت 170 ألفا و169 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، وتسببت في مجاعة أزهقت أرواح 463 فلسطينيا بينهم 157 طفلا.

مطالب اليمين المتطرف

مطالبة عائلات الأسرى بوقف تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، وضعها لأول مرة منذ بدء الإبادة الجماعية في الثامن من تشرين الأول / أكتوبر 2023، في خانة اليمن الإسرائيلي المتطرف.

ومنذ إقرار اتفاق غزة الحالي، ما زال أبرز مسؤولي اليمين التطرف أمثال وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، يواصلون تحريضهم ضد الاتفاق، داعين إلى مواصلة الحرب.

بن غفير، اتهم مساء الثلاثاء، بحسابه على منصة شركة "إكس"، حركة حماس بتأخير إعادة جثامين الأسرى المتبقين.

وأضاف أن الحركة "ما زالت حية وباقية وأن مهمة تدميرها لم تُنجز بعد، ويجب أن تُنجز في أقرب وقت كجزء من أهداف الحرب".

كما كتب سموتريتش، على المنصة ذاتها: "الضغط العسكري فقط هو الذي يعيد المختطفين" في إشارة لرفضه وقف الحرب وفق خطة ترامب.

حماس أم نتنياهو؟

وطيلة عامي الإبادة، ظلت عائلات الأسرى الإسرائيليين تتهم نتنياهو، بالتخلي عن أبنائهم في غزة بالإصرار على عرقلة كل جهود "حماس" ومواصلة الحرب، بل واتهامه بتعريض ذويهم الأحياء للقتل والأموات باختفاء جثامينهم.

وفي 21 آب / أغسطس الماضي، قالت عائلات الأسرى إن "حماس" وافقت على اتفاق تبادل ووقف إطلاق النار لكن مكتب نتنياهو "يعمل على إفشاله، الأمر الذي سيحكم على المختطفين الأحياء بالموت والموتى بالاختفاء".

وخلال بيان في 13 أيلول / سبتمبر المنصرم، علقت العائلات على تدوينة لنتنياهو، اتهم فيها "قادة حماس في قطر بعرقلة جميع محاولات وقف إطلاق النار لإطالة أمد الحرب إلى ما لا نهاية".


وذكر البيان، أن نتنياهو طرح سببا جديدا "بشأن عدم إعادة المختطفين"، وهو أن "قادة حماس في قطر يعرقلون أي اتفاق"، مؤكدة أنه "ثبت بشكل قاطع أن هناك عقبة واحدة أمام عودة المختطفين الـ48 وإنهاء الحرب، وهي نتنياهو".

وقبيل بدء تنفيذ الاتفاق الأخير في 4 تشرين الأول / أكتوبر الجاري، قالت العائلات، عبر بيان، إنه "بينما يواجه المختطفون الأحياء خطر الموت، وقد يختفي الموتى إلى الأبد على أرض غزة، اختار نتنياهو توسيع نطاق القتال ونسف الاتفاق لإعادتهم".

اتفاق مسبق

وتتناقض دعوات وقف تنفيذ اتفاق غزة بحجة عدم إعادة جميع جثامين الأسرى، مع وثيقة الاتفاق التي وافقت عليها الحكومة الإسرائيلية، والتي أقرت فيها بصعوبة ملف الجثامين.

وسبق أن نشرت هيئة البث العبرية الرسمية فحوى وثيقة الاتفاق التي أشارت إلى أن على حركة "حماس" تسليم جميع المعلومات التي بحوزتها حول القتلى الإسرائيليين إلى آلية مشتركة سيتم إنشاؤها بمشاركة قطر ومصر وتركيا واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

ووقتها، نقلت الهيئة عن مصادر مطّلعة (لم تسمها) أن بعض الجثث الإسرائيلية ما زال مكانها غير معروف، وأن عملية البحث عنها ستُدار من خلال آلية إسرائيلية-فلسطينية-مصرية-قطرية-تركية مشتركة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة حماس حماس غزة الاحتلال عائلات الاسري المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأسرى الإسرائیلیین وقف إطلاق النار عائلات الأسرى

إقرأ أيضاً:

إحباط داخل إسرائيل.. حكومة نتنياهو لا تملك السيطرة على تنفيذ اتفاق غزة

بينما تعتقد قطاعات واسعة من الاسرائيليين أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب تقدم فرصةً برزت بعد عامين منها، عندما أدرك الاحتلال وحماس أن الاتفاق أفضل من الجمود الدموي، بجانب إطلاق سراح الرهائن، لكن الخطة ذاتها تحمل في طياتها نقاط ضعف قد تعيق تنفيذها بالكامل، وبالتالي فقد تُصبح هذه الفرصة النادرة إخفاقًا تاريخيًا آخر أمام الاحتلال.

البروفيسور إيلي فوديه أستاذ الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية، وعضو المجلس التنفيذي لمنظمة "ميتافيم"، وعضو تحالف الأمن الإقليمي، ذكر أنه "بعد عامين من هجوم حماس، وُقّع اتفاق قد يُبشر ببداية عهد جديد، وقد جاء نتيجة اجتماع مسألتين: أولاهما ضغوط هائلة مارسها ترامب ومساعدوه، ومن خلال حلفائه، مصر وقطر وتركيا، على حماس، وثانيهما أن الاحتلال وحماس وصلتا نقطة تُسمى في العلاقات الدولية "الجمود المؤلم للطرفين"، حيث أدركا أن الاتفاق أفضل من الوضع الحالي".


وأضاف في مقال نشرته القناة 12العبرية، وترجمته "عربي21" أن "حماس التي تعرضت لضربات عسكرية قاسية، وتم القضاء على معظم قياداتها في غزة، حصلت على ضمانات بعدم تجدد القتال، وإلا لما وافقت مُسبقًا على التخلي عن ورقة الرهائن، وهذا يُبقيها عاملًا مهمًا في المفاوضات حول مستقبل القطاع والقضية الفلسطينية عمومًا، ويُقدم انتصارًا على مستوى الوعي، بصمودها في المعركة، رغم كل الصعاب، بل وإعادتها القضية الفلسطينية لمركز الاهتمام الإعلامي".

وأشار أن "الاحتلال حقق إنجازات عسكرية على جبهات متعددة، وألحق أضرارًا بالغة بحماس، لكنه لم يُقضَ عليها بعد، ونجا قادتها من محاولة الاغتيال في الدوحة، وبعد عامين من الحرب، أدرك الجيش، الذي يعتمد بشكل كبير على جنود الاحتياط، أنه يُجرّ إلى حرب استنزاف في غزة، قد تستغرق وقتًا طويلًا، وتُسفر عن سقوط العديد من الخسائر، كما أدى إرهاق المجتمع الاسرائيلي من الحرب، والضغط المستمر من المظاهرات من أجل المخطوفين، إلى شعور بالإرهاق من التحرك العسكري، وإدراك أن الوقت لا يعمل لصالح المخطوفين".

وأوضح أن "خطة ترامب تتيح فرصة عظيمة للحل، ومن خلال في بحثي حول إخفاقات الصراع العربي الإسرائيلي، اكتشفت أن المشكلة تكمن في أن كل فرصة مثالية لا تُستغل فعليًا، وهناك أمثلة كثيرة على الإخفاقات: خطة ريغان 1982؛ مبادرة السلام العربية 2002، خارطة الطريق 2003، وغيرها، وتكمن مشكلة خطة ترامب المكونة من 20نقطة في أنها عبارة عن عدة خطط أو خطة واحدة بمراحل متعددة، دون جدول زمني مفصل، وشروط الانتقال من مرحلة لأخرى".

وأشار أنه "يجري حاليًا إنجاز المرحلة الأولى، وتشمل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، وتقديم المساعدات الإنسانية، وقد أُدخلت بالفعل تغييرات على خطة ترامب الأصلية في هذه المرحلة، سواءً فيما يتعلق بعدد الأسرى المفرج عنهم، أو بخط انسحاب الجيش، ويرجّح أن تنتهي هذه المرحلة بنجاح، لأن شروطها مقبولة من جميع الأطراف منذ البداية، ولكن بجانب الفرحة التي سادت نهاية الحرب وإطلاق سراح الرهائن، فإن استمرار المفاوضات بشأن المراحل التالية يطرح مشاكل معقدة".

وأضاف أن "القضايا الرئيسية التي تنتظر الأطراف هي إنشاء إدارة مؤقتة لحكم غزة مسؤولة عن تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية، وقد طُرحت أسماء لقيادتها مثل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي يثير العداء لدى الجانبين العربي والإسلامي، وصولا لتفكيك حماس، ونزع سلاح القطاع، وانسحاب الجيش، ودخول قوة عربية/دولية.

وبالتالي والكلام للكاتب، فإن هذه هي المرحلة الحاسمة التي ستُختبر فيها جدية جميع الأطراف في الالتزام بالاتفاق، ويُحتمل أن تُشكل كل قضية بؤرة لتأخير المفاوضات، وربما حتى انفجارها، مع أن حماس تقدّم الاتفاق كوصفة لتعزيز شرعيتها في المجتمع الفلسطيني".


وختم بالقول إن "تأثير الاتفاق على السياسة الداخلية في دولة الاحتلال كبير جدا، فقد خلق تنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب الشقوق الأولى في الحكومة اليمينية، ومن المفترض أنه مع تقدم المفاوضات، ستزداد معارضة اليمين، مما يهدد بقاء الحكومة، ومن المنطقي افتراض أن انتهاء الحرب وعودة المختطفين سيؤديان لتعزيز المطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، وهذه المطالب، بجانب استمرار المفاوضات، ستؤدي للتقدم في الانتخابات".

وتشير هذه القراءة الاستشرافية لمآلات الاتفاق في غزة أن الرؤية الإسرائيلية تعتمد الإصرار على مواصلة المفاوضات الفورية بوساطة أمريكية ومصرية، وربط مراحلها المختلفة، مما يعتبر الوصفة الأمثل لنجاح خطة ترامب، رغم أن تنفيذها يعتمد على عوامل عديدة خارجة عن سيطرة الاحتلال، وهنا قد يكشف حجم الإخفاق الذي مني به منذ اللحظة الأولى التي شنّ فيها حرب الإبادة على غزة، حتى نهايتها.

مقالات مشابهة

  • منسق شؤون الأسرى الإسرائيليين: سنواصل العمل بكل عزم وحزم لإعادة جميع رهائننا
  • جثامين الأسرى تشعل أزمة جديدة وتهدد بتفجير اتفاق غزة
  • حماس ترد على تهديدات نتنياهو.. هذا الجديد بشأن جثامين الأسرى
  • منتدى عائلات الرهائن يطلب تأخير المراحل التالية من اتفاق غزة
  • نتنياهو: سنعمل على تحقيق كل أهداف الحرب ونعيد جثامين جميع المختطفين
  • القسام: التزمنا بتسليم الأسرى الإسرائيليين ونبذل جهدًا كبيرًا لإغلاق الملف
  • إحباط داخل إسرائيل.. حكومة نتنياهو لا تملك السيطرة على تنفيذ اتفاق غزة
  • مكتب نتنياهو: ملتزمون بإعادة جميع الأسرى لدى حماس
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: جيشنا قتل جنديا في أسر "حماس"