جثامين الأسرى تشعل أزمة جديدة وتهدد بتفجير اتفاق غزة
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
تتصاعد التوترات حول عملية تسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، حيث تواجه العملية تعقيدات خطيرة تنذر بانهيار المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي نفس الوقت، يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية التزامه وتمسكه باستعادة جثث جميع الأسرى، محذرا بأن المعركة لم تنته، ومهددا بمواصلة العمل لتحقيق كافة أهداف الحرب دون تنازلات.
وكانت الحرب الإسرائيلية على غزة قد توقفت يوم السبت الماضي، بعد موافقة جميع الأطراف على خطة سلام طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تم الاتفاق بموجبها على وقف إطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية للقطاع، مقابل عمليات تبادل للأسرى الأحياء والأموات.
على الجانب الآخر نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصدر رسمي تأكيده أن تل أبيب لن تبدأ المرحلة الثانية من الاتفاق إلا بعد استعادة جميع الجثث.
يأتي هذا الموقف المتشدد ردا على إعلان كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تسليمها كل ما لديها من جثث معروفة الأماكن، مع إشارتها إلى تعذر إعادة المزيد؛ لعدم معرفة أماكن وجودها أو لأسباب لوجستية تستدعي معدات ثقيلة لإزالة الأنقاض.
وكانت حماس قد سلمت بالفعل يوم الاثنين جميع الأسرى الأحياء لديها، كما سلمت على مدى الأيام الماضية جثامين 9 أسرى من أصل 28 جثمانا.
وفي هذا السياق، يحمّل الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور محمود يزبك الاستخبارات الإسرائيلية مسؤولية الفشل في هذه القضية.
حيث تحدثت الصحافة الإسرائيلية قبل نهاية الحرب عن وجود 19 جثة يمكن تسليمها مباشرة، لكن حماس سلمت تسعا فقط، ما يكشف تضاربا كبيرا في المعلومات الاستخباراتية ويعكس حجم الإخفاق الأمني.
تصاعد الضغوط
وتتصاعد الضغوط الإسرائيلية على المستويات الرسمية والشعبية باتجاه المطالبة باستعادة جميع الجثامين، حيث تشكك تل أبيب في تصريحات القسام، وتعتبر أن قادة الكتائب يعرفون أماكن الجثث الأخرى.
إعلانبينما طالبت هيئة عائلات الأسرى الحكومة الإسرائيلية بوقف فوري لتنفيذ المراحل الأخرى بسبب ما وصفته بانتهاك حماس لالتزاماتها، ونقلت هيئة البث الإسرائيلي عن مسؤول قوله إن الحكومة ستقلص دخول المساعدات بشكل كبير إذا لم تُفرج حماس عن الجثث خلال أيام.
ومن جانب واشنطن، تتبنى الإدارة الأميركية موقفا أكثر براغماتية من الموقف الإسرائيلي المتشدد، وتوضح المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن استخراج جثث الأسرى سيستغرق وقتا ويتطلب معدات متخصصة لوجودها في أماكن عميقة جدا.
وتؤكد واشنطن التزامها الكامل بمساعدة جميع الأطراف، وتكشف أن المبعوثين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر يعملان على ملف قطاع غزة ويتحدثان مع جميع الأطراف لحلحلة الأزمة.
وفيما يتعلق برد الفعل الإسرائيلي، يرصد الأكاديمي والخبير في سياسات الشرق الأوسط الدكتور محجوب الزويري استمرار إسرائيل في التعامل مع غزة بذات النهج السابق للسابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ويرى أن تل أبيب لا تنوي تغيير سياستها نحو القطاع، ولا تبدي تعاونا حقيقيا للعثور على الجثث، بل رفضت المساعدة التركية رغم جاهزية الفرق المتخصصة، ما يكشف عن رغبة في إبقاء حالة الحرب للحفاظ على الضغط والتهديد.
استحالة المهمة
وفي المقابل، يضع المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري إدوارد فرانكو الأزمة في سياق يتفق مع الواقع، ويؤكد أن الجميع كان يعرف منذ البداية استحالة العثور على بعض الجثث.
ويتهم فرانكو إسرائيل بأنها تستغل القضية لفرض ضغوط متواصلة.
ويتفق الباحث والمحلل السياسي الدكتور أسامة أبو ارشيد مع رأي فرانكو، فمن وجهة نظره فإن نتنياهو لعبة سياسية مكشوفة، ويستخدم ورقة الجثث كـ"مسمار جحا" لإعادة صياغة شروط الاتفاق.
ويلفت إلى أن بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية يلعب لعبته المعتادة مع الرؤساء الأميركيين، محاولا وضع الرئيس دونالد ترامب ضمن الإطار المفضل لديه، وإقناعه بأن حماس خرقت الاتفاق، لكن واشنطن تدرك أن المسألة لوجستية فنية لا تتعلق بقرار سياسي.
وتتسع دائرة التعقيدات لتشمل المرحلة الثانية بأكملها، حيث تتضمن التهديدات الإسرائيلية عدم الانتقال إلى هذه المرحلة الحاسمة التي تشمل قضايا جوهرية كنزع سلاح حماس وتشكيل قوة حفظ الاستقرار ومجلس السلام لحكم غزة.
وصُممت المرحلة الثانية -وفقا لأبو ارشيد- بنصوص فضفاضة لإعطاء كل طرف مجالا للمناورة، لكن إسرائيل تنطلق من مقاربة المنتصر بينما تفاوض حماس كطرف لم يُهزم، ما يخلق فجوة عميقة في التوقعات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات المرحلة الثانیة
إقرأ أيضاً:
ترامب يسعى لتشكيل قوة دولية في غزة وبدء الإعمار وسط توتر حول جثامين الأسرى
تعمل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على بلورة خطة لإنشاء قوة أمنية متعددة الجنسيات في قطاع غزة، بالتوازي مع اختيار شخصيات مدنية فلسطينية يمكنها تولي القيادة في المرحلة المقبلة، وبدء الخطوات الأولى لإعادة إعمار القطاع، وفقًا لما كشفه مستشاران بارزان لترامب.
وما يزال مستقبل غزة غامضا من سيحكمها، ومن سيتولى أمنها، ومصير حماس وقوات الاحتلال الإسرائيلي في القطاع وهي أسئلة أساسية تسعى واشنطن إلى معالجتها ضمن المرحلة التالية من عملية السلام.
وقال كل من المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف وصهر الرئيس جاريد كوشنر، إنهما يعملان على دفع الجانبين نحو التقدم في خطة السلام الجديدة، مشيرين إلى أن إعادة إعمار غزة تمثل أولوية رئيسية في هذه المرحلة.
وفي الوقت ذاته، تركز الجهود الأمريكية على منع اندلاع مواجهات جديدة على طول ما يُعرف بـ"الخط الأصفر" الذي يفصل بين غزة والمناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، إضافة إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وضمان إعادة جثث المحتجزين الإسرائيليين الذين لقوا مصرعهم.
وكشف موقع "أكسيوس" الأمريكي أن مسؤولين إسرائيليين حذروا مبعوثي ترامب من احتمال تجميد عملية السلام إذا لم تلتزم حماس بإعادة الجثامين. وبينما تؤكد حماس عدم امتلاكها أي رفات إضافية، أوضحت أن استعادة بعضها تتطلب "معدات وجهودًا خاصة".
من جانبهم، أقر المسؤولون الإسرائيليون بصعوبة تحديد أماكن بعض الجثث، لكنهم رجحوا إمكانية استعادة ما بين 15 و20 جثة في وقت قصير.
وتسود مخاوف لدى واشنطن وتل أبيب من أن يؤدي استغلال هذه القضية من قبل المتشددين في حكومة نتنياهو إلى إفشال المسار الدبلوماسي ودفع الأمور نحو تصعيد جديد في غزة.