في سلوك يعيد إلى الأذهان ممارسات الإقطاع والجباية التي كانت سائدة في العهد الإمامي، أقدمت مليشيا الحوثي على خطوة جديدة تعكس طبيعة سيطرتها الاقتصادية على المواطنين في مناطق نفوذها، حيث أصدرت تعميمًا رسميًا يمنع المزارعين من بدء عملية الحصاد دون إذن مسبق من الجهات الحوثية. 

ويأتي القرار مع اقتراب موسم الحصاد لعام 2025، في إطار حملة جبايات واسعة تستهدف مصادر الدخل الريفية بعد إنهاك القطاعات التجارية والحضرية بالضرائب والإتاوات.

وكشفت وثيقة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، صادرة عما تسمى بـ"الهيئة العامة للزكاة" التابعة لجماعة الحوثي، عن قرارات جديدة تقيّد حرية المزارعين في جني محاصيلهم، حيث نصّت بوضوح على "منع أي عملية حصاد (صراب) إلا بعد الإبلاغ المسبق والحصول على تصريح من الجهات المختصة".

وبحسب مصادر محلية في محافظات تعز، إب، ذمار الحديدة، بدأ عناصر من لجان الزكاة الحوثية بالنزول الميداني إلى القرى والمزارع، لفرض كشوفات بحصر المحاصيل الزراعية قبل حصادها، بهدف تحديد ما تسميه الجماعة "نسبة الزكاة"، بينما يصفها الأهالي بأنها إتاوات قسرية تتجاوز كل المعايير الشرعية والقانونية.

وأفادت المصادر أن هذه الإجراءات أثارت استياءً واسعًا في أوساط المزارعين، الذين يعتبرونها "نهبًا منظمًا للثمار بعد شهور من التعب والكدّ"، لاسيما في ظل ارتفاع كلفة الزراعة وشحّ المياه وغلاء الأسمدة والبذور.

ويؤكد مزارعون في مناطق إب أن عناصر الحوثي تفرض حضورها في المزارع أثناء الحصاد، وتجبر المزارعين على تسليم نسب كبيرة من المحاصيل، تحت مسمى "الزكاة أو دعم المجهود الحربي"، في حين لا يحصل المواطنون على أي مقابل من الخدمات أو الدعم الزراعي.

ويشير اقتصاديون إلى أن هذا القرار يمثل امتدادًا لسياسة ممنهجة تنتهجها الجماعة لتأميم الاقتصاد المحلي، وتحويله إلى مصدر تمويل مباشر لمجهودها الحربي. فبعد السيطرة على قطاعات الوقود والاتصالات والتجارة، تتجه الآن نحو القطاع الزراعي باعتباره آخر ما تبقى للمواطنين من مورد رزق حرّ.

وتصف مصادر حقوقية هذه الإجراءات بأنها "عودة إلى نظام الجباية الإمامي"، الذي كان يُلزم الفلاحين بتسليم جزء من محاصيلهم للحاكم أو المشرف المحلي مقابل السماح لهم بالزراعة. وتضيف أن الحوثيين يستخدمون اليوم الشعارات الدينية غطاءً لممارسات "نهب اقتصادي مؤسسي" تستهدف السيطرة على موارد المجتمع الريفي.

في المقابل، يواصل الإعلام الحوثي تبرير هذه القرارات بزعم تنظيم الزكاة ومنع التهرب، فيما يراها مراقبون أداة سياسية واقتصادية لتوسيع نفوذ الجماعة وتعزيز شبكة الولاءات التابعة لها في الأرياف، على حساب آلاف المزارعين الذين يعتمدون على مواسم الحصاد لتأمين قوت أسرهم.

ويخشى مزارعون في مناطق سيطرة الجماعة أن تؤدي هذه السياسة إلى عزوف واسع عن الزراعة خلال الأعوام القادمة، في وقت يواجه فيه اليمن أزمة غذاء حادة تهدد ملايين السكان، بحسب تقارير برنامج الأغذية العالمي.


المصدر: نيوزيمن

إقرأ أيضاً:

تقرير حقوقي يوثق 1654 انتهاكاً ارتكبتها كتائب "الزينبيات" الحوثية

‏أعلنت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، توثيقها 1654 واقعة انتهاك ضد النساء في اليمن ارتكبتها ما تسمى بـ(كتائب الزينبيات) الجناح العسكري النسائي لجماعة الحوثي.

 

جاء ذلك في تقرير حديث للشبكة اليمنية للحقوق والحريات، وشملت الفترة من ديسمبر 2021 وحتى 1فبراير 2025م.

 

‏وأوضحت الشبكة أن الانتهاكات التي ارتكبتها "الزينبيات" الحوثيات، شملت (الاعتقال، والاحتجاز التعسفي للنساء، والنهب، والضرب، والتعذيب، وتسهيل عمليات الاغتصاب في مراكز الاحتجاز السرية، وملاحقة عدد من الناشطات اليمنيات، والاعتداء على المعتصمات في بعض المحافظات التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي، وتوزيعهن على نقاط التفتيش في مداخل ومخارج بعض المدن، إضافة إلى التجنيد الإجباري لبعض فتيات المدارس والجامعات).

ووفقاً للتقرير، فقد تورطت كتائب الزينبيات بمقتل 10 نساء، كما تسببت بإصابة 42 امرأة بجروح متفرقة، واعتقال واختطاف نحو 571 امرأة، وإخضاع نحو 62 معتقله ومختطفه ومخفيه قسراً للتعذيب النفسي والجسدي داخل سجون الحوثي تشرف عليها الزينبيات.

 

وأضافت الشبكة أنها وثقت 58 حالة تحرش واغتصاب لنساء تحت الإكراه من فرق الزينبيات، في سجون ومراكز الاحتجاز وفي منازل خاصة لبعض القيادات الحوثية.

 

‏واشار التقرير، إلى قيام الكتائب بتجنيد نحو 4000 امرأة ضمن من تشكيلاتها، وأخضعهن لتدريبات قتالية في صنعاء، وبعضهن في الخارج، في بلدان كلبنان وإيران على يد خبراء من حزب الله والحرس الثوري الإيراني.

 

‏وكشف التقرير أن "الزينبيات" تشكيل من عناصر نسائية مدربة بدرجة عالية لتنفيذ الاقتحامات واعتقال الناشطات من النساء، وفض المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، إضافة إلى مهام خاصة أخرى، كالتجسس والإيقاع بالخصوم، ورصد الآراء وملاحقة الناشطات في الجلسات الخاصة وأماكن العمل.

 

‏ودعت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، المجتمع الدولي إلى التحرك الجاد لحماية النساء اليمنيات، والضغط على المليشيات الحوثية الإرهابية من أجل وقف الانتهاكات والإفراج عن كافة المعتقلات، وإدراج المسؤولين عن هذه الجرائم في قوائم العقوبات الدولية.


مقالات مشابهة

  • تقرير حقوقي يوثق 1654 انتهاكاً ارتكبتها كتائب "الزينبيات" الحوثية
  • "منتدى الإدارة المحلية" يُرسخ نهج اللامركزية في تمكين المحافظات ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية
  • الانتهاكات الحوثية توقف المشاريع الإغاثية باليمن
  • مشعل يدعو لرفض الوصاية وبناء تحالف دولي ضاغط على اسرائيل
  • مشعل: نرفض كل أشكال الوصاية على غزة وسلاح المقاومة خط أحمر
  • شبكة حقوقية: انتهاكات جماعة الحوثي في اليمن تسببت بتوقف المشاريع الإغاثية والإنسانية
  • وزير الإتصالات يصل الدقهلية لتفقد عدد من المشروعات ودفع التحول الرقمي بالمحافظة
  • إسرائيل تريد إخضاع المنطقة - خالد مشعل: نرفض كل أشكال الوصاية على غزة
  • تسابق أجنحة الحوثيين على الشهادات العليا يصل مرحلة الهوس.. التعليم الأكاديمي رهينة شبكات الولاء الحوثية
  • نشرة الحصاد الأسبوعي لرصد أنشطة وزارة التنمية المحلية.. إنفوجراف