تاق برس:
2025-10-19@17:20:06 GMT

السودان: مأزق حصاد الانتصار

تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT

السودان: مأزق حصاد الانتصار

السودان: مأزق حصاد الانتصار

 

وجه الحقيقة

 

كتب: إبراهيم شقلاوي

 

 

 

 

يعيش السودان اليوم واحدة من أكثر لحظاته التاريخية تعقيدًا وازدواجيةً في المسار السياسي والعسكري؛ إذ يقف على حافة الانتصار الوطني من جهة، وعلى تخوم الاستلاب السياسي من جهة أخرى، في لحظة حرجة يمكن وصفها بأنها مأزق حصاد الانتصار.

 

 

 

كان يفترض أن يحصد الشعب السوداني ثمار تضحياته، غير أن الضغوط الدولية والإقليمية تهدّد باختطاف لحظة النصر، كما حدث في محاولات سابقة لاختطاف الدولة عبر دعم انقلاب مليشيا «الدعم السريع» في 15 أبريل 2023، بالتواطؤ مع قوى سياسية محلية سعت لتشكيل المشهد بمعزل عن إرادة الشعب.

 

 

 

 

هذه اللحظة الحاسمة والملتبسة لا يمكن قراءتها في إطار المعارك العسكرية وحدها، بل في سياق سياسي أوسع، يتمثل في محاولات فرض حلول خارجية لتحديد مسار الحرب والتحكم في نهايتها. غير أن المرحلة الوطنية تتطلب رؤية سياسية وطنية خالصة، تنبع من الداخل، وتؤمّن القرار الوطني بعيدًا عن الإملاءات الأجنبية.

 

 

 

 

منذ اندلاع الحرب، واجه السودان تحديات عسكرية كبيرة، حيث يسعى الجيش السوداني لاستعادة السيطرة وبسط الأمن في دارفور وكردفان. غير أن ما يميز الوضع الراهن ليس فقط القتال على الأرض، بل التوازن الحساس بين حفظ استقرار الدولة ومقاومة الضغوط الخارجية التي تسعى لفرض تسويات سياسية تخدم مصالحها الخاصة، بما يشكل تهديدًا حقيقيًا للسيادة الوطنية وحق الشعب في تقرير مصيره.

 

 

 

 

وفي ظل تسارع التحركات الدولية، خصوصًا من اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، بريطانيا، والإمارات)، جاء موقف السودان بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان واضحا : بالأمس خلال تقديم واجب العزاء لأسرة الشهيد المقدم عبد الله ميرغني زروق في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل، الذي استشهد في مدينة الفاشر. “لا وساطة تُقبل إلا إذا استندت إلى الإرادة الوطنية، ولا تسوية تُفرض من الخارج”.

 

 

 

 

السودان اليوم في حاجة ماسّة إلى توحيد صفوفه الداخلية أكثر من أي وقت مضى، في مواجهة الحصار السياسي والاقتصادي من جهة، وضغوط المجتمع الدولي من جهة أخرى. فالتاريخ أثبت أن الجبهة الداخلية الموحدة هي الضمانة الحقيقية لمقاومة أي حلول تُفرض من الخارج، وهي القاعدة الصلبة لبناء عملية سياسية تعبّر عن تطلعات الشعب لا عن مصالح الآخرين.

 

 

 

 

إن الاصطفاف الوطني بين القوى السياسية والحركات والكيانات النقابية ضرورة حتمية. فهو الرد الحاسم على محاولات إجهاض الإرادة السودانية. فبينما تواصل بعض الدول الترويج لمؤتمرات ووساطات خارجية، فإن تمسك السودان بسيادته ورفضه لأي تسوية لا تحترم قراره الوطني يمثل نقطة ارتكاز نحو الحل السوداني – السوداني.

 

وفي هذا السياق، تأتي اجتماعات القوى السياسية في بورتسودان كخطوة مهمة لاستعادة وحدة الصف الوطني. إذ اتفقت القوى المختلفة على أن يكون الحوار الوطني تحت إدارة سودانية مستقلة، يقود إلى رؤية جامعة لمرحلة جديدة من بناء المؤسسات الوطنية.

 

وقد أكد البيان الختامي للاجتماع أمس الأول والذي عبر عن عشرين حزب سياسي وقوي وطنية على أهمية توحيد الرؤى لتحقيق السلام والتحول الديمقراطي، والدعوة إلى مؤتمر حوار شامل بمشاركة جميع الأحزاب دون إقصاء، مع تشكيل لجنة وطنية مستقلة لإدارة الحوار وتهيئة المناخ .

 

إن بناء منبر سوداني خالص، ينبع من داخل الوطن ويجمع الأحزاب والكيانات الاجتماعية والمجتمعية كافة، هو السبيل الأمثل لإنجاز تسوية سياسية حقيقية تُنهي الصراع الداخلي وتؤسس لسلام مستدام.

 

فلا يمكن معالجة الأزمة السودانية خارج حدود الوطن، ولا يمكن لأي وساطة أجنبية أن تفرض نفسها إذا توفرت الإرادة السياسية السودانية لإنجاح الحوار الداخلي.

 

لقد أكدت التجربة أن أي تسوية لا تحترم الإرادة الشعبية ولا تضع السيادة الوطنية في الصدارة ستقود إلى تعقيدات جديدة. لكن في المقابل، فإن الفرص ما تزال قائمة أمام السودان لمقاومة الحلول المفروضة، من خلال:

 

إحكام السيطرة على الأرض: تقدم الجيش في كردفان ودارفور وحصاره لمليشيا الدعم السريع يعزز الموقف العسكري والسياسي للدولة. كذلك تشكيل جبهة داخلية متماسكة: الحوار الوطني يمكن أن يُنتج رؤية موحدة تضع مصالح الشعب فوق كل اعتبار. بالإضافة الي مقاومة الضغوط الخارجية: السودان اليوم أكثر وعيًا وإصرارًا على رفض أي حلول لا تراعي سيادته ومصالحه. إلى جانب ترسيخ العدالة والكرامة الوطنية: فرفض الاتفاقيات التي تكرس المظالم شرط أساسي لأي سلام عادل.

 

ومع ذلك، تبقى التحديات كبيرة في ظل استمرار الحرب وتعقيداتها، مما يستدعي دعمًا من أصدقاء السودان الحقيقيين لتيسير الحوار دون التدخل في تفاصيله أو فرض أجنداتهم الخاصة.

 

في نهاية المطاف، وكما تؤكد #وجه_الحقيقة، فإن المبادرة الوطنية السودانية هي الطريق الوحيد نحو الاستقرار الحقيقي. فإذا نجح السودان في بناء جبهة داخلية موحدة، فسيكون قادرًا على تعزيز موقعه السياسي والعسكري، وفرض إرادته الوطنية، وإرساء أسس سلام دائم يحقق تطلعات شعبه ويحفظ آمنه و كرامته.

 

دمتم بخير وعافية.

الأحد 19 أكتوبر 2025م Shglawi55@gmail.com

الإماراتالبرهانالدعم السريع

المصدر: تاق برس

كلمات دلالية: الإمارات البرهان الدعم السريع من جهة

إقرأ أيضاً:

"العمل" توقع برنامج تعاون مع البنك الوطني العماني لتوظيف الكوادر الوطنية

مسقط - الرؤية

وقعت وزارة العمل، الأحد، برنامج تعاون لتعزيز وتوظيف الكوادر الوطنية المؤهلة من حملة الدبلوم فوق الثانوي مع البنك الوطني العُماني وذلك بمبنى عام الوزارة. وقع البرنامج عن الوزارة سعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي وكيل وزارة العمل لتنمية الموارد البشرية، وعن البنك عبدالله بن زهران الهنائي الرئيس التنفيذي للبنك الوطني العُماني.

ويهدف البرنامج إلى دراسة وحصر الوظائف المتاحة التي يمكن شُغلها عن طريق الباحثين عن عمل، بالإضافة إلى تحديد المهارات والخبرات المطلوبة لشغلها، والإشراف على أداء المستفيدين من المبادرة للتأكد من جودة إنجاز المهام المسندة لهم وقياس مدى استفادتهم منها، وخلق فرص للباحثين عن عمل، وإعداد تقارير دورية تقيس جودة ونجاح المبادرة ورصد التحديات واقتراح خُطط تطويرية لها.

وتهدف هذه البرامج إلى تشجيع الشركات لاستيعاب الكوادر الوطنية من الباحثين عن عمل وإكسابهم المهارات والخبرات الوظيفية والعملية في سوق العمل. ويتيح الإعلان فرصاً وظيفية للمستوفين الشروط من الباحثين عن عمل في مختلف محافظات سلطنة عمان وذلك من خلال موقع الوزارة الإلكتروني.

مقالات مشابهة

  • "العمل" توقع برنامج تعاون مع البنك الوطني العماني لتوظيف الكوادر الوطنية
  • الحرب على مصر
  • السفير ياسر سرور: الوضع في السودان يتطلب التوصل لهدنة إنسانية ووقف إطلاق النار
  • مساعد وزير الخارجية: حل أزمة السودان ورسم مستقبله في يد الشعب
  • فيديو منسوب للبرهان بشأن مفاوضات تسوية النزاع بالسودان.. هذه حقيقته
  • رئيس مجلس النواب يهنئ رئيسة الجمعية الوطنية في أذربيجان بالعيد الوطني
  • قوى سياسية سودانية ترحب بجهود إيقاف الحرب
  • تحركات دولية وضغوط خارجية على البرهان لقبول تسوية صادمة.. أحلام المنكوبين والذين كسروا شوكة المؤامرة على المحك
  • تحركات مصرية أمريكية متسارعة لإنهاء الحرب في السودان ومسعد بولس يتحدث عن تسوية شاملة