بين أميركا وإسرائيل.. أحداث رفح تكشف "التنسيق المسبق"
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
شنت إسرائيل غارات جوية على قطاع غزة، الأحد، في تصعيد يعد وفق مراقبين، أخطر تصعيد ميداني منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وتحاول إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب منع اندلاع مواجهات جديدة قد تهدد بانهيار الاتفاق.
وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية لموقع "أكسيوس: "كنا نعلم أن الأمور تتجه نحو التصعيد، فكلما سمح للطرفين بالاشتباك أكثر، ازداد احتمال استمرار المواجهات".
تفاصيل الهجوم الإسرائيلي
وذكر الجيش الإسرائيلي أن الحادث وقع صباح الأحد حين خرج عناصر من "حماس" من نفق في منطقة رفح — التي ما زالت بمعظمها تحت سيطرة القوات الإسرائيلية — وأطلقوا صاروخاً مضاداً للدروع على مركبة تابعة للجيش.
وردّت إسرائيل بسلسلة غارات جوية بلغت نحو 20 غارة استهدفت مواقع تابعة لـ"حماس" في رفح ومناطق أخرى من القطاع.
وأكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن "حماس انتهكت الهدنة"، متوعداً برد قوي.
نفي من حماس
في المقابل، نفت كتائب القسام، الجناح العسكري لـ"حماس"، أي علاقة لها بالحادث في رفح، مؤكدة أنها "ملتزمة بالكامل بالهدنة".
وقالت في بيان: "لا علم لنا بأي اشتباكات أو حوادث في منطقة رفح، فهي مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية، ولا يوجد تواصل مع المجموعات المتبقية هناك".
تنسيق أميركي – إسرائيلي مسبق
وأفادت مصادر أميركية وإسرائيلية بأن تل أبيب أبلغت واشنطن مسبقاً بالهجمات عبر مركز القيادة الأميركي المشرف على الهدنة.
وأجرى مبعوثا ترامب ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر اتصالاً مع الوزير الإسرائيلي رون ديرمر ومسؤولين آخرين للتنسيق بشأن الخطوات التالية.
ونقلت "أكسيوس" عن مسؤول أميركي أن واشنطن حثّت إسرائيل على الرد بشكل "متناسب" مع ضبط النفس، موضحة أن الهدف هو عزل "حماس" عن المشهد لا استئناف الحرب.
"لا أحد يريد العودة إلى حرب شاملة،" قال المسؤول، مضيفاً أن إسرائيل تسعى لإيصال رسالة لـ"حماس" مفادها بأن "هناك عواقب" دون تقويض اتفاق السلام.
الولايات المتحدة تزيد إشرافها على تنفيذ الاتفاق
ترى إدارة ترامب أن اتفاق إنهاء الحرب في غزة يمثل إنجازاً دبلوماسياً كبيراً، لكنها تعتبر الوضع هشاً للغاية ويتطلب رقابة صارمة للحفاظ على السلام الهش.
وقال مسؤول أميركي: "الأيام الثلاثون المقبلة ستكون حاسمة... نحن من يدير ما يجري في غزة الآن من حيث تنفيذ الاتفاق".
وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن هذه الاشتباكات كانت متوقعة خلال الفترة الانتقالية الحالية، موضحين أن حماس بدأت بإعادة تنظيم صفوفها وشن عمليات ضد خصومها في القطاع، فيما أطلقت إسرائيل تهديدات بتعليق تنفيذ الاتفاق بسبب تأخر تسليم جثث الرهائن.
الخطوات المقبلة
من المقرر أن يصل نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس إلى إسرائيل هذا الأسبوع برفقة ويتكوف وكوشنر للدفع باتجاه تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق السلام، والتي تشمل:
تثبيت وقف إطلاق النار والانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق. مواصلة إعادة جثث الرهائن المحتجزين في غزة. تنظيم إدخال المساعدات الإنسانية وضمان عدم سيطرة حماس عليها. تأسيس قوة دولية لتثبيت الاستقرار والمساعدة في حفظ الأمن داخل القطاع. إطلاق مشروع إعادة إعمار "رفح الجديدة" كنموذج لغزة دون حماس، إلى جانب خطة نزع سلاح الحركة.وفي السياق، حذر مسؤول أميركي من أنه إذا واصلت حماس انتهاك الهدنة، فقد تدعم واشنطن إجراءات إسرائيلية لاستعادة السيطرة على أجزاء من غزة، بما يتيح "توسيع المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحركة" داخل القطاع.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات دونالد ترامب حماس تل أبيب إسرائيل جي دي فانس رفح غزة إسرائيل دونالد ترامب حماس تل أبيب إسرائيل جي دي فانس شرق أوسط
إقرأ أيضاً:
أفريكا ريبورت: اتفاق الكونغو ورواندا موقَّع بالأيدي لا بالقلوب
في تعليقها على اتفاق السلام الذي وقّعه رئيسا الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي ورواندا بول كاغامي في واشنطن يوم 4 ديسمبر/كانون الأول 2025 برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قالت مجلة أفريكا ريبورت إن لغة الجسد بين الزعيمين عكست انعدام ثقة عميقا، إذ تجنّبا المصافحة وتبادل النظرات، ما كشف أن الاتفاق "موقّع بالأيدي لا بالقلوب".
أجواء مشحونة رغم البروتوكولأوضحت المجلة أن مراسم التوقيع في معهد السلام الأميركي بدت في ظاهرها احتفالية، حيث جلس الرئيسان إلى جانب ترامب وسط حضور دبلوماسي وإعلامي واسع، لكن خلف الابتسامات الرسمية والخطابات المنمقة ظلّت الانقسامات قائمة.
فقد ظهر تشيسيكيدي متوترا، كتفاه مرفوعتان ونظره ثابت، بينما بدا كاغامي أكثر جمودا، وهو ما علّق عليه دبلوماسيون ومتابعون عبر شبكات التواصل باعتباره دليلاً على رفض أي تنازلات حقيقية.
خلفية الاتفاقالاتفاق المعروف بـ"اتفاقيات واشنطن" جاء بعد وساطات أميركية وقطرية بدأت منذ يونيو/حزيران 2025، حين وضع وزراء خارجية البلدين إطارا لوقف دائم لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية واستعادة سلطة الدولة في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون.
لكن هذه الجهود لم تكن الأولى، إذ سبقتها محادثات في نيروبي ولواندا انهارت تحت وطأة الاتهامات المتبادلة.
وتتهم كينشاسا رواندا بدعم متمردي حركة إم 23 وتحالف نهر الكونغو، في حين تتهم كيغالي جارتها بإيواء "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا"، وهي بقايا مليشيات الهوتو التي شاركت في الإبادة برواندا عام 1994.
ورغم توقيع إعلان مبادئ في الدوحة يوليو/تموز الماضي، تجدد القتال في شرق الكونغو مع تقدم سريع للمتمردين في جنوب كيفو.
ترامب يبحث عن "معجزة"بحسب أفريكا ريبورت، فإن ترامب سعى من خلال هذا الاتفاق إلى تحقيق انتصار دبلوماسي يعزز صورته كصانع سلام عالمي، بعد محاولات سابقة في الشرق الأوسط.
فقد وصف الرئيس الأميركي الاتفاق بأنه "معجزة عظيمة"، مؤكدا أن نتائجه ستكون فورية، في حين قدّم وعودا بحوافز اقتصادية للطرفين، بينها إطار للتكامل الاقتصادي الإقليمي مع الولايات المتحدة، وتعاون في مجالات الكهرباء والبنية التحتية ومكافحة تهريب الأسلحة والمعادن.
إعلانلكن المجلة شددت على أن هذه الوعود الاقتصادية لن تكون كافية إذا لم تُترجم إلى خطوات ملموسة على الأرض، مثل نزع سلاح المتمردين أو تحييد مليشيات "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا".
انقسامات في الخطابالخطابات التي سبقت التوقيع زادت من وضوح الانقسام، إذ دعا تشيسيكيدي بحذر إلى "احترام روح الاتفاق"، موجها حديثه مباشرة إلى كاغامي، بينما شدد الأخير على أن المسؤولية تقع على عاتق الطرفين وليس على الوسيط الأميركي، محذرا من أن أي فشل سيكون نتيجة غياب الالتزام الصادق.
وفي الكواليس، لم يتردد أعضاء الوفدين في التعبير عن شكاوى بلدانهم، فقد قال المتحدث باسم حكومة الكونغو باتريك مويايا إن تقدم متمردي إم 23 يثبت أن رواندا لا تريد السلام، بينما انتقد وزير الخارجية الرواندي أوليفييه ندهونغيريهي دعوة الرئيس البوروندي للمشاركة في القمة، معتبرا أن قوات بوروندي "تعمل كمعرقل للعملية".
رهانات اقتصادية وسياسيةترى أفريكا ريبورت أن الاتفاق يحمل رهانات اقتصادية واضحة، إذ تسعى واشنطن إلى ضمان وصول شركاتها إلى المعادن النادرة في الكونغو مقابل دعم سياسي ودبلوماسي.
لكن المحللين يحذرون من أن بيئة الأعمال في البلاد تعاني من فساد وفوضى إدارية، ما يجعل تحويل التعهدات إلى مشاريع فعلية أمرا بالغ الصعوبة.
كما أن استمرار القتال في شرق الكونغو، حيث اندلعت اشتباكات بين مليشيا "وازاليندو" والمتمردين في بلدة كامانيولا الحدودية عشية التوقيع، يبرز هشاشة الاتفاق ويؤكد أن السلام لا يزال بعيد المنال.
اتفاق هش ومكسب دبلوماسيخلصت المجلة إلى أن الاتفاق يمثل مكسبا دبلوماسيا لترامب، لكنه بالنسبة لتشيسيكيدي وكاغامي مجرد هدنة مؤقتة وسط انقسامات عميقة.
فبينما يروّج الرئيس الكونغولي للاتفاق باعتباره "نقطة تحول"، يرى مراقبون أن غياب المصافحة وتجنب التواصل البصري بينه وبين نظيره الرواندي يختصر حقيقة الموقف بأنه اتفاق موقّع بالأيدي لا بالقلوب.
وفي شرق الكونغو، حيث لا تزال أصوات الرصاص تتردد، يبقى السؤال الأهم هو ما إذا كان هذا الاتفاق سيصمد أمام اختبار الواقع، أم أنه سينضم إلى سلسلة طويلة من المبادرات التي انهارت تحت ضغط الحرب والاتهامات المتبادلة؟