نقل عجمان تطبق محدد السرعة الذكي بمركبات الأجرة والليموزين
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
نفذت هيئة النقل في عجمان، مشروع تركيب أجهزة محدد السرعة الذكية والديناميكية في مركبات الأجرة والليموزين العاملة في الإمارة، وذلك في إطار جهودها المستمرة لتعزيز السلامة ورفع مستوى الأمان لجميع الركاب.
ويهدف المشروع إلى ضبط سرعة المركبات أثناء التشغيل والحد من السلوكيات الخطرة على الطرق، بما يسهم في جودة الخدمات المقدمة للمتعاملين.
وتُعد إمارة عجمان، الأولى على مستوى الدولة في تطبيق هذا النوع من الأنظمة الذكية، الذي يتميز بتقنية متطورة تضمن دقة أعلى في ضبط السرعات ومرونة في التعامل مع ظروف التشغيل المختلفة.
أخبار ذات صلةوتعمل الأجهزة الجديدة على تخزين بيانات النطاق الجغرافي والسرعات المحددة لكل منطقة، والتعرف مباشرة على موقع المركبة في الوقت الفعلي، ثم مقارنة السرعة المسموح بها في الموقع الحالي ومزامنتها تلقائياً، كما تُرسل البيانات بشكل مباشر إلى نظام القيادة الإلكتروني وتُحدث باستمرار عبر نظام خرائط متكامل يتيح دقة عالية في تحديد السرعات ومواقع التشغيل.
وأكد عمر محمد لوتاه، مدير عام هيئة النقل في عجمان، إنّ تنفيذ المشروع يتماشى مع استراتيجية الهيئة لتعزيز منظومة النقل وفق أعلى معايير السلامة والجودة، مشيراً إلى أن تركيب أجهزة محدد السرعة الذكية والديناميكية يمثل خطوة نوعية نحو رفع كفاءة التشغيل، وتعزيز انضباط السائقين، وضمان الالتزام بالسرعات المحددة بآلية ذكية تتكيف مع الظروف المختلفة.
وقال إنّ الهيئة تحرص على تبني المبادرات الابتكارية التي تعزز سلامة الركاب وتواكب أفضل الممارسات العالمية، مؤكداً أنّ المشروع يسهم في رفع ثقة المتعاملين وتحسين تجربة النقل في عجمان.
وأوضح أن تنفيذ المشروع تم وفق خطة مرحلية مدروسة لضمان فاعلية التطبيق واستدامة النتائج، مشيراً إلى أن الهيئة ستواصل متابعة الأداء الميداني وتقييم مؤشرات السلامة لضمان تحقيق الأهداف المنشودة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
إقرأ أيضاً:
الاستثمار الذكي يبدأ بالإنسان
خالد بن حمد الرواحي
حين تُقاس التنمية بعدد المشاريع لا بعدد العقول التي تديرها، نفقد جوهر الاستثمار الحقيقي… الإنسان.
في كل مدينة جديدة تُقام مشاريع عملاقة، تتلألأ الواجهات الزجاجية وتزدحم الصور الافتتاحية بالتصفيق والوعود. غير أن السؤال الذي يتسلل بهدوء إلى خلف الكواليس هو: من سيُدير كل هذا؟ فالمباني تُشيَّد بالأموال، لكن المؤسسات تُبنى بالعقول. وما لم يُستثمر في الإنسان أولًا، ستبقى المشاريع- مهما اتسعت- مجرد جدران لامعة تخفي وراءها فراغًا إداريًا ومعرفيًا يتسع يومًا بعد يوم.
كثيرٌ من المشاريع يبدأ بميزانيات ضخمة وينتهي بتقارير مثقلة بالأرقام، لكنه يفتقد إلى العنصر الأهم: الإنسان القادر على تحويل تلك الأرقام إلى أثر؛ فالاستثمار في البنية التحتية دون بناء الكفاءات يشبه من يزرع أرضًا خصبة دون أن يُعد من يعتني بها. لا قيمة لجهاز حديث إن لم يُحسن الموظف استخدامه، ولا جدوى من نظام إداري متطور إن ظلت العقلية التي تديره تقليدية. وحين يُهمَّش الإنسان في معادلة التنمية تتراجع الكفاءة ويعلو صوت التبرير على صوت الإنجاز.
الاستثمار في المواطن ليس عبئًا على الموازنة؛ بل هو أعظم وسيلة لترشيدها. فكل ريال يُنفق على تدريب موظف أو تطوير مهارته يعود أضعافًا في صورة إنتاجية أعلى وأخطاء أقل. وعلى العكس، فإن ضعف التأهيل يكلّف المؤسسات أضعاف ما وفّرته من تقليص برامج التطوير. إن كفاءة الإنفاق لا تُقاس بحجم ما يُصرف، بل بما يتحقق من نتائج على الأرض. ولهذا فإن بناء الإنسان المؤهل يُعد الاستثمار الأكثر استدامة؛ لأنه يخلق كفاءة ذاتية في إدارة المال والموارد، ويقلل الحاجة الدائمة إلى الاستعانة بالخبرات الخارجية.
لقد أكدت رؤية "عُمان 2040" أن الإنسان هو الثروة الحقيقية للوطن ومحور كل تنمية مستدامة. فبقدر ما نستثمر في المواطن نضمن استمرارية المؤسسات وقدرتها على التجدد. والرؤية لم تحدد الأهداف بالأرقام فقط؛ بل أرادت نموذجًا إداريًا واقتصاديًا يقوم على التمكين والكفاءة والمسؤولية. إن تنمية لا تنطلق من الإنسان وتنتهي إليه تظل ناقصة مهما تعددت المشاريع؛ وكل خطة تُقصي المواطن عن موقع الفعل أو تؤجل الاستثمار في مهاراته تُضيّع على الدولة عائدًا مضاعفًا من رأس مالها البشري.
وفي عصر التحول المؤسسي لم يعد تطوير الكفاءات خيارًا تكميليًا؛ بل ضرورة استراتيجية. فالمؤسسات التي تستثمر في تدريب موظفيها تُحصّن نفسها من تقلبات السوق وتغير التشريعات. أما تلك التي تكتفي بالتوظيف دون تمكين فإنها تبني نجاحها على أرض رخوة لا تصمد أمام أول اختبار. إن التحول نحو إدارة المواهب يبدأ من فلسفة ترى في الموظف شريكًا في النمو لا مجرد أداة تنفيذ.
ولعل التحدي الأبرز اليوم يتمثل في مواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل. فما لم تتحدث الجامعات بلغة الاقتصاد ستظل تخرّج آلاف الشباب إلى طوابير الانتظار بدلًا من ميادين الإنتاج. فالتنمية لا تقوم على الشهادات وحدها؛ بل على مهارات قادرة على صنع القيمة المضافة. وهنا يبرز دور المؤسسات في تبني برامج تدريب عملية تُعيد وصل التعليم بالحياة والعمل.
إن الاستثمار في الإنسان لا ينجح دون قيادة تؤمن بأن الناس هم الثروة الحقيقية. فالقائد الذي يطوّر فريقه يبني مؤسسة مستدامة، أما من يحتكر القرار والمعرفة فيزرع الخوف ويقتل المبادرة. ولعل أخطر ما تواجهه بعض المؤسسات ليس نقص الموارد؛ بل غياب القائد الذي يُلهم لا الذي يوجّه فقط. القيادة التي تمنح الثقة وتفتح الباب أمام التجريب هي التي تُخرج الطاقات الكامنة وتحوّل العمل من التزام يومي إلى رسالة إنسانية.
ومع تسارع التحول الرقمي يتأكد أن رأس المال الحقيقي في المؤسسات ليس الأجهزة ولا الأنظمة، بل الإنسان القادر على استخدامها بذكاء؛ فالتقنية دون عقل بشري مبدع تبقى أدوات جامدة، بينما الإنسان المؤهل يحولها إلى قوة إنتاجية مضاعفة. لذلك فإن نجاح أي مبادرة رقمية يبدأ من تدريب الموظف وإعداده ذهنيًا ومهاريًا لتبنّي التغيير بثقة وكفاءة.
في نهاية المطاف.. قد تُشيَّد المشاريع طريقًا أو مبنى، لكنها لا تبني وطنًا ما لم يُبنَ الإنسان أولًا. فالعقول هي التي تدير الثروات، لا العكس. وكلما استثمرنا في المواطن، قلّت حاجتنا إلى تصحيح الأخطاء بعد وقوعها. وبناء الإنسان مشروع لا تنتهي مراحله؛ لأنه استثمار في الوعي والانتماء والمسؤولية قبل أن يكون في الوظيفة والمهارة؛ فالمباني بلا إنسان مؤهل تظل جدرانًا صامتة، أما المواطن المُمكَّن الواعي، فهو وحده القادر على أن يجعل من كل مشروعٍ قصةَ نجاحٍ جديدة لعُمان.
رابط مختصر